الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الإخوان يطمعون في كل السلطات والناس في بلدي كالسائرين نياماً

الإخوان يطمعون في كل السلطات والناس في بلدي كالسائرين نياماً
الإخوان يطمعون في كل السلطات والناس في بلدي كالسائرين نياماً


هذا مقال لوجه الله والدين والوطن..
«الإخوان المسلمون» - ولنتذكر أن لهم تنظيمات دولية - يزحمون الساحة بشعار براق «الإسلام هو الحل».. يرفعونه في مواعظهم ولافتاتهم ومنشوراتهم الانتخابية.. والناس مطحونون بالمعيشة الضنك!! وينظرون إلي هذا الشعار علي أنه الملجأ والملاذ، والمنقذ من الداءات والعلل.
وأصحاب الشعار لم يبينوا لنا محتواه ومضمونه.. واكتفوا بذكر كلمة «الإسلام» لتكون نقطة الجذب، فمجرد ذكرها يبث في النفوس الثقة بأن المحتوي هو الخير كل الخير، والمضمون هو الصلاح والفلاح.
 
بيد أن للمسألة وجهاً آخر أراه مهما وخطيرا!!
لقد أخبر الرسول «صلي الله عليه وسلم» بأن الدين سيدخل فيه ما ليس منه من تحريف، وانتحال، وتأويل.. وتلك هي الرواية الواردة في هذا الشأن:
«يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه: تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
 
ثم جاء بعد النبي «ص» الأئمة والعلماء ليقرروا الواقع:
فها هو الإمام «محمد عبده» يقول: «إن ما يطبقه المسلمون ليس هو إسلام القرآن والسنة، وإنما إسلام المؤرخين والمتكلمين والفقهاء».
 
وها هو الشيخ «محمد الغزالي» يقول: «المسلمون تركوا الكتاب للسنة.. ثم تركوا السنة لأقوال الأئمة.. فأصبح التراث حاجزا يحول بين المسلمين وبين مصادرهم الأساسية».
تلك هي القضية التي ربما يجهلها منا الكثيرون، أقدمها «للإخوان المسلمين» وغيرهم، وهي أن القوم هجروا كتابهم، والنص القرآني يؤكد ذلك بما يقوله النبي «ص» يوم القيامة: «يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا».. هجروه واتبعوا السبل فتفرقت بهم عن سبيله.
وكانت سبلا ثلاثة، حسب الرواية سالفة الذكر:
1- تحريف الضالين «للتاريخ والسيرة».
2- وانتحال المبطلين «للأحاديث».
3- وتأويل الجاهلين «لبعض آيات القرآن الكريم».
وإلي تأويل القرآن الكريم:
لقد أصدر «مجمع البحوث الإسلامية» بالأزهر الشريف عام 1984 كتابا عنوانه: «الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير» للدكتور «محمد بن محمد أبو شهبة» عميد كلية أصول الدين - يقول في مقدمته: «أعلم شدة حاجة المسلمين إلي مثل هذا المؤلف الذي يذب عن كتاب الله - تعالي - ما علق بتفسيره من الأباطيل والخرافات والأكاذيب التي كادت تطغي علي التفسير الصحيح لكتاب الله - تعالي - وتخفي الكثير من جلاله وجماله وهدايته التي هي أقوم الهدايات.. وتظهر الإسلام في عصر تقدم العلوم الكونية بمظهر الدين الذي يشتمل علي الخرافات والترهات.. فهذه تفاسيره فيها الكثير مما يخالف حقائق العلم وسنة الله الكونية».
 
وإليكم مثالا: في تفسير قول الله تعالي: «الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام» (السجدة -4)، ورد بكتب التفسير أن هذه الستة أيام هي أيام: الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، أما يوم السبت فلم يقع فيه خلق.. ومازال الوعاظ يرددون هذا التفسير إلي اليوم.. وإذا سأل سائل: ولماذا في ستة أيام والله قادر علي خلقها في لحظة بكلمة «كن»، أليس هو القائل:«إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون»؟ يرد القائم بالوعظ: «لكي يعلمنا التأني والصبر في أعمالنا»!! وهو تعليل سقيم وغير مقنع لأنه مخالف للعلم الحديث!!
وللأسف الشديد أن الذي أنصف القرآن من أهله هو عالم فرنسي اسمه «موريس بوكاي» مؤلف كتاب «القرآن والتوراة والإنجيل والعلم».. وبعد أن تدبر كتاب الله، وهذه الآية، وما بعدها كتب: «القرآن يقول بامتداد عملية الخلق علي مدة ستة أيام لكنه لا يقول بأنها من أيام الأسبوع، بل يورد ما يشير إلي أن كلمة «يوم» تعني فترة زمنية طويلة: «في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون» «في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة». وهكذا نري دقة المعلومة القرآنية في حالة مقارنتها بمعطيات العلم الحديث الذي أثبت بشكل قاطع أن خلق العالم حدث في فترات زمنية طويلة جدا تتضاءل إلي جانبها الأيام كما نفهمها وتصبح شيئا تافها.
إننا لو تتبعنا المواضع التي جاءت فيها التفاسير عن حقيقة النص فسنجدها كثيرة. وربما قد أحاط بها كتاب «مجمع البحوث الإسلامية» سالف الذكر.. لكنها مازالت هي الشائعة بين المسلمين.
 
ثم «أسباب النزول» و«الناسخ والمنسوخ» التي كان لها تأثير بالغ علي التفسير، مثال علي ذلك قول الله تعالي: «وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله» (البقرة - 284).. والمعني أن الله يحاسب علي ما تضمره النفس من مشاعر الشر، كما يحاسب علي الأفعال والأقوال.
لكنك تقرأ أن هذه الآية - نسخت بآية أخري هي: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» (البقرة -286). مع رواية تقول «إن الله تجاوز للناس ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا.. أي أنه - سبحانه - سوف يحاسب علي معاصي الجوارح ولا يحاسب علي معاصي القلوب. وكأن الرواية تقول للناس: لتمتلئ قلوبكم بالبغضاء والحقد والحسد، فإن الله ليس بمحاسبكم عليها، وإنما سوف يحاسبكم فقط علي ما تعملون أو تتكلمون!!.. وهو ما يخالف قوله تعالي: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم»، و«القلب السليم» هو الخالي من المشاعر الشريرة والآفات الخلقية.. و«المشاعر» - بالطبع - ليست أفعالا وأقوالا.
وكم أعجبني قول الشيخ «محمد الغزالي»: «معاصي القلوب أخطر من معاصي الجوارح، فهذه المعاصي سرطان يأتي علي الإيمان من القواعد».
 
أما النازلة الكبري فتتمثل فيما ورد بأن آية واحدة من سورة «التوبة» يسمونها «آية السيف» نسخت 124 آية هي كل آيات: السلام والبر والقسط مع غير المسلمين!!.. وأن سورة التوبة أو «براءة» غيرت مجري الحرب في الإسلام وجعلت من الحتم مبادرتهم بالحرب والقتل!! - «ولعلك سمعت هذه التأويلات الضارة في أحاديث «بن لادن» وأقرانه»!
ولقد أسعدني أن سمعت أخيرا الشيخ «يوسف القرضاوي» ينكر هذا «النسخ» في برنامج «الشريعة والحياة» بقناة «الجزيرة». لكن الأمر يحتاج إلي صوت جميع العلماء.
كذلك قرأت للشيخ «محمد الغزالي» كلاما نفيسا حول سورة «التوبة» قال فيه: «المؤسف أن بعض الناس جاء إلي الوحي النازل وشرع يتعسف في تفسيره، فهو يقتسم الجملة قسمين يأخذ بأولها وينسي آخرها. مستدلا بقوله تعالي: «وقاتلوا المشركين كافة» وناسيا بقيتها: «كما يقاتلونكم كافة».. فالمعني واضح وهو عدم البدء بالقتال.. وعند متابعة السياق نري أن الحرب كانت ضد قوم معينين ما كانوا أهل سلام ولا وفاء.. ولا نري في السياق أية إشارة لهجوم علي قوم آمنين أو تعرض لطوائف من المسالمين.
 
الحق أن وصف سورة «التوبة» بأنها غيرت مجري الحرب في الإسلام جهل كبير!!.
«تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل»
ونكتفي بهذا المدي علي السبيل الأول «تأويل الجاهلين».
ويجب أن نضع نصب أعيننا أن هذا الذي نقدمه يدخل ضمن محتوي الشعار الذي يرفعه الإخوان بحماس: «الإسلام هو الحل»!
وإذا كان الإخوان يقولون: «لنحتكم إلي صناديق الانتخابات».. فليس من العدل ولا من الحكمة ولا من المصلحة أن يترك «الناخبون» جاهلين بمثل هذا المحتوي!!