الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

تضخم الحاجز النفسى بين فقراء الأقباط والبابا تواضروس

تضخم الحاجز النفسى بين فقراء الأقباط والبابا تواضروس
تضخم الحاجز النفسى بين فقراء الأقباط والبابا تواضروس


فى البداية لا بد أن نعترف بأن أى بطريرك يجلس على الكرسى خلفا للبابا شنودة وبعد 40 عاما سوف يتعرض لظلم كبير لعدة أسباب على رأسها الشخصية الكاريزمية وزعامة البابا شنودة بما يمتلكه من مواهب  متعددة فى الوعظ وإلقاء الشعر والفكاهة وسرعة البديهة - خلطة متميزة للشخصية التاريخية كما هى مرسومة فى الكتب - وأسباب أخرى تعود للظروف التاريخية التى تعرض لها البابا شنودة وحولته إلى بطل عند الأقباط، أهمها تحدى الرئيس السادات واعتقاله فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون - والتى أطلق عليها سنوات التحفظ - هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هناك أمور تتعلق بشخصية البابا تواضروس الثانى والذى لم تتكون صورته العامة حتى الآن، إلا أنه فى موضوع الوعظ مثلا يسير عكس البابا شنودة تماما أو لا يمتلك هذه الموهبة.

 فالبابا تواضروس يلقى محاضرة ولا يعظ وهناك فرق واضح بين أن تحاضر وأن تعظ، فالمحاضرات تخاطب الأقباط مثقفى الطبقة الوسطى واللغة المستخدمة لاتناسب فقراء الأقباط والذى كان ينتظر عظة البابا ليستمع إلى حكاية أو قصة أو نكتة وهى أدوات فى الوعظ لا يستخدمها البابا تواضروس ولا يعول عليها، وبالتالى تسببت فى نفور هذه الفئة من الأقباط من عظة الأربعاء، بعد أن كانت تنتظر عظة البابا شنودة باشتياق ولهفة  لأنه يستخدم مبدأ  (خاطبوا الناس على قدر عقولهم) كما أن جزءا كبيرا منهم كان يذهب من الساعة الثالثة عصرا، أى قبل بدء العظة بنحو أربع ساعات لمجرد رؤية البابا، وهناك كنائس فى الصعيد كانت تضع عظة الأربعاء ضمن جدول رحلاتها لزيارة كنائس القاهرة ورؤية البابا شنودة !! ولكن اهتمام البابا تواضروس بالإطار الأكاديمى للمحاضرة والبعد عن العظة يجعلنا نتساءل عن المسئولية الرعوية عن الفئة الأمية التى هى أيضا من رعيته وتحتاج إلى خطاب قريب إلى عقولها وفهم مستوى تعليمها، مما قد يؤدى إلى انسحابها من عظة الأربعاء إلى البحث عن وعاظ شعبيين ووعاظ تليفزيونيين  أصبحوا يقلدون البابا شنودة سواء فى فقرة الأسئلة التى ألغاها البابا تواضروس وتحولت عظة الأربعاء إلى برنامج سخيف تجمع فيه الأسئلة المتشابهة يسبقه تحضير يظهر على طريقة إلقاء المذيعين للأسئلة على عكس فكرة طرح السؤال مباشرة والتى أصبحت سمة عامة قى المحاضرات والندوات، ولكنها كانت تظهر الشخصية الموسوعية الثقافية واللاهوتية والعقائدية التى كان يتمتع بها البابا شنودة حتى وهو يهرب من إجابة أحد الأسئلة ببيت شعر أو نكتة، وبالطبع لا يمكن أن يكون البابا تواضروس نسخة كربونية من البابا شنودة، فقداسته ما زال وقد اقترب من عامين على جلوسه على سدة مارمرقس فى مرحلة رسم صورته الخاصة به ونحن فقط نحاول أن نضع بعض الخطوط الحمراء والملاحظات فى مرحلة انسلاخ الكنيسة من أسلوب زعيم إلى أسلوب مؤسسة، وعلى المستوى الشخصى يروق لى كثيرا أسلوب محاضرة البابا تواضروس ولا أقبل أبدا إلقاء النكت أثناء الوعظ بالآيات المقدسة وانتقدت تجميع نكت البابا شنودة فى شريط كاسيت صدر بعنوان (اضحك مع البابا شنودة) ولن يكون هذا هو الحل لجذب المزيد من المستمعين للعظة، فقد يكون الحل استخدام القصص والأمثال واللغة العامية  كثيرا. وفى إطار الملاحظات يبدو البابا تواضروس للبعض وكأنه ضعيف أمام أساقفة من الحرس القديم على الرغم من رفض الأقباط لهم، وأعمالهم المستفزة دون أخذ إجراء حازم وحاسم مثل الأنبا بولا الذى كشفنا عن حفلته الساهرة والمكلفة لآلاف الجنيهات من أموال الكنيسة فى عيده الـ 25 ومخالفاته العديدة والمثبتة فى قضايا الزواج والطلاق، وتلونه الواضح.
ورغم ذلك أصر البابا أن يمثل الكنيسة فى لجنة دستور .2014 وهناك الأنبا أرميا الذى ما زال يصول ويجول سياسيا بين محطته التى تذيع إعلانات لا تليق عن المصايف والشواطئ وبرامج سياسية ومجلته (مصر الحلوة) ومركزه الثقافى، وأيضا إصراره على الاحتفاظ  بالسكرتير القروى (القس أنجيلوس إسحق) الذى اشتكى منه الكثيرون لتصرفاته غير اللائقة  بعد أن أصبح سكرتير البطريرك ومنها غلق  التليفون فى وجه المتصلين من صحفيين ودبلوماسيين ؟!
وشكواه المستمرة  من كثرة العمل والإرهاق الذى يصيبه لكونه سكرتير البابا وهو الألم الذى نتمنى أن يريحه البابا منه ويعيده لكنيسته يصلى ويرتاح من المعاناة خاصة أنه قد شبع من التصوير الإعلامى ونشر صورته، فنتيجة للجهل بقواعد البروتوكول، حشر نفسه للتصوير فى كل صورة للبطريرك مع كل الزائرين فى الداخل والخارج، وأمور أخرى تم إبلاغ البابا بها، وأما المكتب الإعلامى السيئ الذى يديره قس فلا علاقة له بالإعلام، ويعشق الصمت. ويقوم بتشويه الصور المرسلة للصحفيين.
ويرسل كلمتين عن لقاء البابا مع سفير أى دولة فقط، معتبرًا أن هذا هو الخبر بعيدًا عن تفاصيل اللقاء، أو أن البابا قام بصلاة الشكر، أو أن الكنيسة هى البابا، الأمر الذى جعل الأقباط يخرجون عن شعورهم ويهاجمون الكنيسة والبابا بأعلى الصوت على صفحة هذا المتحدث الإعلامى ويصححون أخطاءه اللغوية والنحوية والتعبيرية؟ فمثلاً مشاكل البابا مع الأنبا مايكل بعد عدم تنصيبه أسقفًا على إيبارشيته تسربت إلى الصحف فى ظل صمت المتحدث، بل ولم يقدم هذا المتحدث أى تعليق على ما حدث فى نيوجرسى، وكأن هذا الأمر لا يتبع الكنيسة على الإطلاق، الأمر الذى استفز الأقباط من وجود الشرطة داخل صحن الكنيسة وسط صلاة القداس، وبعد تكرار خبر الزيارات المتتالية على نيافة الأنبا باخوميوس فى لندن، تساءل أحباء الأسقف عن الأموال التى صرفها الأساقفة والكهنة على هذه السفريات المستفزة جدًا فى وقت يشكو فيه الأقباط ضيق ذات اليد؟ فإذا كانت هناك حرب كبرى على قداسة البابا تواضروس، وهذا متوقع ولا جدال فيه، فإن قداسته مسئول عن فريقه وعن أسلوبه وعن طريقته، وعليه أن يعتبر الصحافة الإصلاحية شموعًا من نور تضىء له الطريق، أما القضية الأكثر إلحاحًا فهى سفر البابا المتكرر إلى الخارج والذى يراه الكثير من الأقباط أمرًا مستفزًا خاصة السفر إلى بلاد لا يوجد عدد كبير من الأقباط بها مثل فنلندا والدول الإسكندنافية، والغياب لمدة شهر فى كندا على الرغم من وجود أساقفة مرسومين هناك- وهو الآن فى روسيا- الأمر الذى يزيد من تعقيد القصة، أن البابا لم يصل بالفعل إلى أقباط الداخل، والغريب أنه لا يهتم بطباعة كتبه بشكل شعبى كما كان يفعل البابا شنودة الثالث- أى يوفرها بسعر متاح رغم وجود مطبعة الأنبا رويس- ولم يطبع من كتبه سوى كتاب صغير بعنوان «هذا إيمانى» على الرغم من وجود سلسلة مهمة له بعنوان «مفاتيح العهد الجديد» يقدم فيها تفسيرًا مبدعًا للكتاب المقدس، ولم يسافر إلى إيبارشيات الداخل ويمكث بها كثيرًا، ويقال إن هذا يرجع إلى الحفاظ على أمنه الشخصى خاصة أن هناك خطورة على حياته ترجع لظهوره فى الصورة يوم بيان 3 يوليو بعد ثورة 30 يونيو العظيمة، وبعد أن تم حرق نحو 86 كنيسة ومنشأة مسيحية، الأمر الذى اعتبره بعض الأقباط مع حوادث الخطف والاعتداء على الأراضى خاصة فى محافظتى المنيا وأسيوط عددًا ضخمًا فى مدة قصيرة- مقارنة بوقوع 167 حادثًا طائفيًا فى عهد البابا شنودة الثالث الذى جلس على الكرسى 40 عامًا- وهنا تمنى البعض عدم مشاركة البابا تواضروس فى نشاط سياسى بحجة أنه أمر وطنى لأن الانتقام يدفع ثمنه الأقباط، لكن عدداً آخر من الأقباط يرون أن القادم أسوأ على الكنيسة والأقباط لأن الكنيسة خالفت قوانين الرسل واختارت أسقفًا بطريركًا لها وكلما حدث ذلك وقعت البلايا عليها، والواضح أنه عندما يتم اختيار راهب كما حدث فى عصر البابا كيرلس السادس تعيش الكنيسة فى سلام، ويتبنى هذا الاتجاه كثيرون منهم الدكتور مينا بديع عبدالملك الذى يشير دائمًا إلى شهادة المؤرخة السيدة العظيمة إيريس المصرى، والتى سبقت الجميع بهذه النبوءة فيقول الدكتور مينا عالم الرياضيات الشهير والمؤرخ الكنسى: ما حدث بالكنيسة بمنطقة نيو جرسى من خلافات ومشاجرات بين الأسقف والكهنة والشعب استدعى إحضار البوليس داخل الكنيسة والقبض على بعض المصلين وإصابة آخرين، هو بالضبط ما حدث عام 1975 (فى حبرية البابا شنودة الثالث) بكنيسة مُار مرقس بمونتريال كندا فى وجود أبونا روفائيل يونان نخلة (ثالث كاهن أقامه البابا كيرلس السادس على المهجر) ثم فى وجود أبونا ويصا السريانى (الخورى أبسكوبوس باسم الأنبا إيساك)، نفس التفاصيل ونفس السيناريو.
هل علمتم السبب وراء ذلك كله؟ هو المخالفة فى إقامة أسقف الإسكندرية، كل مرة الكنيسة تقيم أسقف الإسكندرية (الذى هو البابا البطريرك) من الأساقفة، تقع فى مشاكل جمة، وهذا ما نبهنا إليه وقت الترشح ولم يسمع أحد هذا الكلام.
وكما ذكرت المؤرخة الراحلة إيريس المصرى فى أحد الأجزاء من سلسلة كتبها بعنوان «قصة الكنيسة القبطية» (أنه فى كل مرة يعتلى السدة المرقسية أحد الآباء الأساقفة كانت تتوالى النكبات على الكنيسة القبطية).
يا سادة.. مارمرقس حزين على كرسيه!! متى يعود كرسى مارمرقس لمجده القديم؟ اتركوا حكاية زيادة الكنائس وزيادة الأنشطة، هذا ليس له قيمة بجانب النفس البشرية الغالية، الله غير موجود فى الكنيسة التى تركت قوانينها وتقاليدها وطقوسها وخالفت تسليم الآباء.. الله يرحمنا.∎