الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

5 ملايين دولار ثمن رأس البطل إبراهيم الرفاعى

5 ملايين دولار ثمن رأس البطل إبراهيم الرفاعى
5 ملايين دولار ثمن رأس البطل إبراهيم الرفاعى


سجلات تاريخنا المعاصر مزدحمة بأحرف من النور وعندما تطل علينا ذكرى حرب أكتوبر المجيدة لابد أن نذهب «لأمير الشهداء» ورأس النمر «إبراهيم الرفاعى» قائد المجموعة 39 قتال، وعمل هو ورفاقه تحت قيادة رئيس الأركان الأسبق الفريق عبدالمنعم رياض حتى استشهاده على الجبهة فى 9 مارس ومن بعده عملوا تحت القيادة المباشرة  للرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومن بعده الرئيس الراحل أنور السادات إلى أن قامت الحرب المجيدة وفيها استشهد البطل الذى نال ما  يبحث عنه طيلة 17عاما من أول حرب العدوان الثلاثى عام 56 إلى حرب أكتوبر المجيدة.

التحق إبراهيم الرفاعى بالكلية الحربية عام 1951 وتخرج 1954 وانضم عقب تخرجه إلى سلاح المشاة وكان ضمن أول فرقة صاعقة مصرية فى منطقة «أبو عجيلة» ولفت الأنظار بشدة إليه خلال مراحل التدريب لشجاعته وجرأته منقطعة النظير.
وتم تعيينه مدرسا بمدرسة الصاعقة وشارك فى بناء أول قوة للصاعقة المصرية وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر 1956 شارك فى الدفاع عن مدينة بورسعيد.
وتعد معارك المدينة الباسلة من أهم مراحل حياة البطل إبراهيم الرفاعى، إذ عرف مكانه تماما فى القتال خلف خطوط العدو، وقد كان لدى البطل اقتناع تام بأنه لن يستطيع أن يتقدم ما لم يتعلم فواصل السير على طريق اكتساب الخبرات وتنمية إمكانياته فالتحق بفرقة بمدرسة المظلات ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة للعمل كرئيس عمليات.
وجاءت حرب اليمن لتزيد خبرات ومهارات البطل أضعافا، حيث تولى خلالها منصب قائد كتيبة صاعقة بفضل مجهوده والدور الكبير الذى قام به خلال المعارك، حتى إن التقارير التى أعقبت الحرب ذكرت أنه «ضابط مقاتل من الطراز الأول جرىء وشجاع ويعتمد عليه، يميل إلى التشبث برأيه، محارب ينتظره مستقبل باهر».
وخلال عام 1965 صدر قرار بترقيته ترقية استثنائية تقديرًا للأعمال البطولية التى قام بها فى الميدان اليمنى.
وبعد معارك 1967بدأت قيادة القوات المسلحة فى تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة فى سيناء، كمحاولة من القيادة لاستعادة القوات المسلحة ثقتها بنفسها والقضاء على إحساس العدو الإسرائيلى بالأمن، ولقد وقع الاختيار على البطل إبراهيم الرفاعى لقيادة هذه المجموعة، فبدأ على الفور فى اختيار العناصر الصالحة للتعاون معه.
وكانت أول عمليات هذه المجموعة نسف قطار للعدو فى «الشيخ زويد» ثم نسف مخازن الذخيرة التى تركتها قواتنا عند انسحابها من معارك 1967وبعد هاتين العمليتين الناجحتين، وصل لإبراهيم الرفاعى خطاب شكر من وزير الحربية على المجهود الذى بذله فى قيادة المجموعة.
ومع الوقت كبرت المجموعة التى يقودها البطل وصار الانضمام إليها شرفا يسعى إليه الكثيرون من أبناء القوات المسلحة، وزادت العمليات الناجحة ووطأت أقدام جنود المجموعة الباسلة مناطق كثيرة داخل سيناء، فصار اختيار اسم لهذه المجموعة أمراً ضرورياً، وبالفعل أُطلق على المجموعة اسم «المجموعة 39 قتال»، واختار الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى شعار رأس النمر كرمز للمجموعة، وهو نفس الشعار الذى اتخذه الشهيد أحمد عبدالعزيز خلال معارك 1948 كانت نيران المجموعة أول نيران مصرية تطلق فى سيناء بعد نكسة 1967 وأصبحت عملياتها مصدرا للرعب والهول والدمار على العدو الإسرائيلى أفرادا ومعدات، ومع نهاية كل عملية كان إبراهيم يبدو سعيدا كالعصفور تواقا لعملية جديدة، يبث بها الرعب فى نفوس العدو.
واستمرت عمليات الصاعقة بعد هذا وتم تدمير بعض مطارات العدو الإسرائيلى كمطار الطور ورأس سدر وكانت لعملية رأس لسان التمساح دوى هائل على الصهاينة فقد كانت لهم نقطة حصينة فى بحيرة التمساح وكان فى هذا الوقت الفريق عبدالمنعم رياض فى الإسماعيلية يتفقد الجنود وتم رصد موكبه للأسف من قبل نقطة لسان التمساح واستشهد الفريق عبدالمنعم رياض.
وفى 22  مارس 1969 قام أحد أفراد المجموعة القناصة مجند أحمد نوار برصد هليكوبتر عسكرية تحاول الهبوط وبحاسته المدربة ومن مسافة تجاوزت الكيلو متر ونصف الكيلو اقتنص رأس أحدهم وكان القائد الإسرائيلى العام لقطاع سيناء.
وهنا استنجدت جولدا مائير بأمريكا لوقف حرب الاستنزاف التى شنها جنودنا البواسل على الصهاينة وفعلا فى 8 أغسطس 1970 توقف القتال بين الجبهتين فى مرحلة اللا سلم واللا حرب فى مبادرة عرفت باسم «مبادرة روجرز» لوقف إطلاق النار، وكانت فرصة لالتقاط الأنفاس واستكمال حائط الصد الصاروخى المصرى فى دفاعنا الجوى.
ولقد تناقلت أخبار الرفاعى ومجموعته الرهيبة وحدات القوات المسلحة، ولم يكن عبوره هو الخبر إنما عودته دائما هى ما كانت المفاجأة، فبعد كل إغارة ناجحة لمجموعته تلتقط أجهزة التصنت المصرية صرخات العدو واستغاثات جنوده، وفى إحدى المرات أثناء عودته من إغارة جديدة قدم له ضابط مخابرات هدية عبارة عن شريط تسجيل ممتلئ باستغاثات العدو وصرخات جنوده كالنساء.
∎ 5 ملايين دولار لقتله
وأكد اللواء وئام سالم أحد ضباط المجموعة 39 أن العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعى كان قائد الكتيبة إبان حرب الاستنزاف وعبر القناة أكثر من 100 مرة وهو أول من أحضر أسيرًا إسرائيليًا إبان حرب الاستنزاف وأن القيادة طلبت منه صورًا ومعلومات حول 3 صواريخ إسرائيلية فقام الرفاعى بكل جرأة وبسالة باقتحام موقع الصواريخ وعاد محملا بالصواريخ إلى القيادة.
وأضاف وئام سالم: إن الرفاعى تمكن من دخول إسرائيل أكثر من 30 مرة وكان يسمى قلب الأسد ولا يخشى الموت وكانت إسرائيل تنزعج منه بشدة.
وأضاف: إن جولدا مائير رصدت وقتها 5 ملايين دولار لرأس الرفاعى وقالت بالحرف «لن نتقدم خطوة مادام إبراهيم الرفاعى حيا».
∎ نجمة الشرف
وتقديرا لما قام به إبراهيم الرفاعى من تضحية وشجاعة وفداء فى ميدان القتال وللدور الكبير الذى لعبه فى حرب الاستنزاف تم منحه وسام النجمة العسكرية خلال هذه الفترة ثلاث مرات وقد تم تتويج جهوده وشجاعته منقطعة النظير بمنحه أيضا نجمة الشرف العسكرية عام 71 وهو تكريم من النادر أن يحصل عليه سواه.
وتتوالى عمليات المجموعة 39 بقيادة الرفاعى خلال حرب أكتوبر ومنها ضرب منطقة رأس محمد بالصواريخ فى العاشر من أكتوبر وكذا ضرب منطقة البترول فى العاشر من أكتوبر فى شلاطيم والإغارة على منطقة الطور فى 15 أكتوبر والهجوم على مطار الطور فى 17 من الشهر ذاته بالصواريخ الثقيلة مما كبد الجانب الإسرائيلى خسائر فادحة خاصة فى الأفراد والطائرات، وفى ليلة الخميس 18 أكتوبر استدعى إبراهيم الرفاعى لغرفة العمليات وتم تكليفه ومجموعته بالذهاب للإسماعيلية واختراق مواقع العدو للوصول للمعبر الذى تمكن العدو من إقامته فى الدفرسوار والقيام بتدمير ذلك المعبر، وبعد أن تحركت المجموعة 39 لتنفيذ المهمة تم إلغاؤها وتكليفها بصد وتدمير قوات ومدرعات العدو ومنعها من التقدم فى اتجاه طريق القاهرة «الإسماعيلية»، ورغم أن تشكيل المجموعة وتسليحها لايتيح لها تلك المهمة إلا أن الرفاعى ومجموعته تحركوا لتنفيذ المهمة مع باقى وحدات الجيش الموجودة بالمنطقة لإيقاف مدرعات العدو وقام الرفاعى ومعه أطقم قواذف خفيفة مضادة للدبابات باحتلال تبة يقع عليها أحد مواقع صواريخ الدفاع الجوى وخلال قصف العدو لهذه التبة طلب الرفاعى إخطار قيادة الجيش الثانى لتقوم بقصف الدبابات المعادية، ثم عاد وطلب قصف المعبر الموجود عند الدفرسوار بالمدفعية والطيران لوجود تجمعات كبيرة لمدرعات العدو على هذا المعبر، ولم يتم تنفيذ طلبات الرفاعى لظروف المعارك مما اضطره للاشتباك مع العدو بالأسلحة المضادة للدبابات المنتشرة معه لإحباط محاولة العدو وتدمير مواقع الصواريخ.
وعلى ضوء التطورات الجديدة بدأ البطل فى التحرك بفرقته، ووصل  فى صباح اليوم التالى، إلى جسر «المحسمة» حيث قسم قواته إلى ثلاث مجموعات، احتلت مجموعتان إحدى التبات وكانت تكليفات المجموعة الثالثة تنظيم مجموعة من الكمائن على طول الطريق من جسر «المحسمة» إلى قرية «نفيشة» لتحقيق الشق الدفاعى لمواقعها الجديدة.
وعندما وصلت مدرعات العدو انهالت عليها قذائف الـ آربى جى لتثنيها عن التقدم، ويرفض بطلنا إبراهيم الرفاعى هذا النصر السريع ويأمر رجاله بمطاردة مدرعات العدو لتكبيده أكبر الخسائر فى الأرواح والمعدات.
وبينما يخوض رجال المجموعة قتالاً ضاريا مع مدرعات العدو، وبينما يتعالى صوت الأذان من مسجد قرية «المحسمة» القريب، سقطت إحدى دانات مدفعية العدو بالقرب من موقع البطل، لتصيبه إحدى شظاياها المتناثرة، ويسقط الرجل الأسطورى جريحًا فيسرع إليه رجاله فى محاولة لإنقاذه، ولكنه يطلب منهم الاستمرار فى معركتهم ومعركة الوطن ويلفظ البطل أنفاسه وينضم إلى طابور الشهداء، عليهم جميعا رحمة الله.