صناع السعادة الحقيقيون خلف الكواليس

علياء أبوشهبة
على امتداد شواطئ الساحل الشمالى، وبين صخب الحفلات ورفاهية المنتجعات،هناك أبطال حقيقيون يصنعون البهجة فى الصيف دون أضواء أو صخب.من بائع الفريسكا الذى يجوب الشاطئ والمنقذ الذى يراقب الأمواج إلى عمال الشاطئ الذين يساعدون الرواد القرى والمنتجعات والعمالة المؤقتة فى المطاعم والمقاهى والسوبر ماركت..هؤلاء جميعً هم صناع السعادة الحقيقيون. هم الوجوه التى يراها الزائر كل يوم وتمتد له بزجاجة مياه أو تنقذه من موجة غادرة..وجوه لا تظهر فى صور إنستجرام ولا لايفات تيك توك لكنها تصنع السعادة ولا يمكن تخيل المصيف بدونهم.
6 سنوات من الفريسكا
«معايا الفريسكا» عبارة يكررها الشاب العشرينى أشرف جابر بدوى والذى يحمل صندوق حلوى الفريسكا الشهيرة والمرتبطة بشاطئ البحر. يقول أشرف الحاصل على دبلوم الصنايع : «لم أعد أشعر بثقل الصندوق ولا بأى مجهود نتيجة المشى فوق الرمال فقد أصبح أمرًا معتادًا أقوم به منذ 6 سنوات».وفى فصل الشتاء يبيع أشرف سلعا أخرى مثل الذرة المشوية.
يبدأ أشرف عمله فى الثانية عشرة ظهرًا ويمتد حتى الثامنة مساءً، ويشمل قرى محددة.وبحسب بائع الفريسكا يبدأ الموسم مع بداية شهر يونيو لكن البداية الفعلية تأتى مع انتهاء امتحانات الثانوية العامة.
وعن أسعار الفريسكا فتتراوح - وفقًا لأشرف - ما بين 50 و60 جنيهًا فى القرى القديمة وما بين 80 إلى 150 جنيهًا . ويشير بائع الفريسكا إلى أن سكان القرى القديمة أو الساحل الطيب يفاوضون فى الأسعار بينما سكان المنتجعات الفخمة فلا يناقشونه فى سعر المنتجات التى يبيعها.
عين لا تغفل
بينما يستمتع المصيفون بالبحر ويلعبون بين أمواجه المتلاطمة، تبقى عينه مع فريق العمل من أفراد الإنقاذ تتابع بغير ملل ليطلق صافرته فى الوقت المناسب، لا تشغله أشعة الشمس التى صبغت جسده باللون الأسمر، وأصبح معتادًا على حروقها فالمهم لديه هو متابعة المصطافين فى البحر لاسيما الأطفال.
«عبدالرحمن» 26 سنة حاصل على دبلوم صنايع وهو قائد فريق الإنقاذ فى إحدى قرى الساحل الشمالى القديم قال لـ«روزاليوسف» إنه بدأ العمل فى هذه المهنة قبل 3 سنوات.ويبدأ موسم العمل فى الصيف من نهاية شهر مايو وحتى الأسبوع الأول من شهر أكتوبر. أما باقى السنة فيحاول عبدالرحمن، وهو من أبناء محافظة الإسكندرية، البحث عن فرصة عمل من خلال الموتوسيكل الذى يملكه.
يبدأ المنقذ فى الساحل عمله فى التاسعة صباحًا ويستمر حتى الثامنة مساء بعد الاطمئنان على خروج جميع السابحين من البحر، ليعود وفريق العمل إلى السكن ويعدون وجبة العشاء لينام الجميع فى الثانية عشرة صباحًا. وبينما يضع عبدالرحمن نظامًا صارمًا للعاملين معه،يحاول فى الوقت نفسه تشجيعهم على الالتزام حبًا فى مهنتهم وتقديرًا للمسئولية وليس فقط لتنفيذ تعليماته.
بائع الجندوفلى
«جندوفلى وأم الخلول وبلح البحر وترمس» هذه هى البضاعة التى يروج لها الطفل ياسين من سوهاج وعمره 13 سنة، وللعام الثانى يقضى إجازة الصيف فى الساحل الشمالى ولكن ليس للاستمتاع بمياه البحر والشمس بين أفراد أسرته ولكن لحمل طاولة تضم أطباقا بلاستيكية مغلفة يبيع فيها ما يعرف بفاكهة البحر، وعند سؤاله إذا كانت الطاولة تتعبه فى حملها مع أشعة الشمس والمشى وسط الرمال رد بأن هذا عمله وقد تعود عليه، لافتًا إلى أن إخوته الأكبر منه يدرسون فى المرحلة الثانوية وفى الجامعة وقد جاءوا جميعًا من سوهاج للعمل فى الساحل الشمالى.
الزبون دائمًا على حق
الصبر والهدوء والسرعة فى تلبية طلبات العميل هى أهم النصائح التى تلقاها إسماعيل وعمره 17 عاما درس دبلوم الصنايع وهو من سوهاج وحضر خصيصًا للساحل الشمالى منذ بداية الموسم فى شهر يونيو لكى يعمل فى تقديم الطلبات فى أحد مطاعم الكباب، يقول إنه جاء للادخار من أجل مصروفاته الدراسية وهو العام الرابع له وكان يعمل فى مهن أخرى منها تنظيف حمامات السباحة والشواطئ ودورات المياه، وكان قشر اللب هو أكثر ما يزعجه أثناء التنظيف.
أشار إسماعيل إلى أن ساعات الذروة تبدأ فى نهاية النهار قبل غروب الشمس بحوالى ساعة بعد الانتهاء من تقضية اليوم على البحر وتزداد بعد غروب الشمس وحتى الفجر، وأهم التعليمات التى يتلقاها هى السرعة فى تلبية طلب الزبون ومحاولة إرضائه بشكل دائم ويشير إلى اعتماده الأساسى على الإكراميات أو «البقشيش» لتحقيق الدخل الإضافى.
يزيح التراب والديون أيضًا
يجتهد بدر العامل العشرينى الحاصل على دبلوم التجارة فى العمل فى النظافة يزيح أكوام التراب من الوحدات السكنية لعلها تساعده فى سداد ديونه بينما يعمل فى الصيد بمحافظة البحيرة خلال فصل الشتاء.
يستغل فترة الصيف أيضًا أحمد البائع فى أحد محلات السوبر ماركت والذى يدرس فى كلية الآداب قسم الجغرافيا، ويقول إنه يدخر المال الذى يساعده فى دراسته ويساعد أسرته عبر العمل فى موسم الصيف بداية من شهر يونيو، ويعمل برفقة أقاربه وتعلم فك وتغيير أنابيب البوتاجاز.
موسم الصيف يحدد موعد الزفاف
حرص صالح على أن يكون فرح ابنه قبل بداية الصيف إذ يساعده ابنه فى العمل بإحدى قرى الساحل الشمالى.أما عمل صالح الذى جاء من مدينة الحمام فهو صيانة الوحدات السكنية علاوة على صيانة الوحدات الخدمية.وبعد انتهاء موسم الساحل، يتفرغ الثنائى لصيد الطيور المهاجرة فى موسم الصيد والذى ينتهى مع بداية فصل الشتاء.
شواطئ للسيدات فقط
ظهر هذا النوع من الشواطئ لأول مرة عام 2005 وأشهرها «لافام» و«يشمك». تعمل سمية فى نظافة أحد شواطئ السيدات فقط، وهى مطلقة ولديها أربعة أبناء أصغرهم عمره سبع سنوات ويقيمون مع جدتهم، بينما تعمل هى طوال فترة الصيف فى تنظيف الشاطئ.وفى منتصف شهر أكتوبر تعاود سمية عملها كعاملة نظافة فى إحدى الحضانات بالإسكندرية.
جهد كبير تبذله العمالة المؤقتة سواء منقذين،عمال نظافة أو صيانة إلى غير ذلك لتصبح تجربة الساحل أفضل وأكثر راحة فهم بحق الجنود المجهولون الذين يجعلون من المصيف لحظات ممتعة وذكريات رائعة.