إلى متى تصبر «إمارة مــوزة»على «وثيقة الرياض»

صبحى شبانة
حالة من الشك تتزايد فى أروقة الدوائر الخليجية الفاعلة، حول مدى التزام قطر بالوثيقة التى وقع على بنودها وزير خارجيتها، خالد العطية ومبعث الشكوك أن قطر اعتادت على عدم الوفاء بأية التزامات مشابهة، فلقد سبق لأمير قطر وفتاها الأول «الشيخ تميم بن حمد» أن وقع على اتفاق مشابه فى نوفمبر من العام الماضى أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباحئأميرئدولةئالكويت، فهل تلتزم قطر باتفاق وقع عليه وزير خارجيتها، وهى التى لم تلتزم بما وقع عليه أميرها؟ دواوين التاريخ تثبت أن أصحاب قطر من «آل ثانى» لا عهد لهم ولا ميثاق.
قطر التى تعيش مأزقا حقيقيا، تراهن فى الخروج منه على تدخلات القدر، ومفاجآت المستقبل، ودعوات القرضاوى، والغيبيات، وانتظارا لحدث جسيم قد يقع فى الخليج ظنا منها أن المعادلة ربما قد تتغير، مما يخفف من الطوق الخانق حولها.
أبلغ الظن أن حكام قطر الذين عاشوا الأضواء، ووجدوا أنفسهم يمارسون أدوار الكبار، يتبوءون المشهد الإقليمى، دون كاريزما، أو خبرة سياسية أو ثقل دولى، لن يتراجعوا بسهولة، وينكمشوا ويكتفوا بالمشاهدة من على مقاعد قصور الدوحة الوثيرة، لن يتخلى أصحاب دويلة قطر من «آل ثانى» و«آل المسند» عن تحالفاتهم وتناقضاتهم الإقليمية التى تضم إسرائيل وإيران وتركيا وحماس ودولة عمر البشير فى شمال السودان وتنظيم القاعدة، وجماعة الإخوان الإرهابية.
قطر اضطرت مرغمة للتوقيع على بنود اتفاقية الرياض فى محاولة منها لكسب مزيد من الوقت، ومد فترة التهدئة بغرض إعادة ترتيب أوراقها، وأولوياتها فى ظل تراجع أمريكى وغربى واضح من ثورة 30 يونيو بعدما خطت مصر خطوات واسعة فى تنفيذ خارطة الطريق، كما أن قطر تدرك الآن أكثر من أى وقت مضى، وهذا فى تقديرى هو الأهم ، أن مصر بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، واعتلاء عبدالفتاح السيسى سدة الحكم، سوف تشكل مع السعودية، والإمارات، والبحرين قوة رادعة لكل دولة طفيلية، تفكر فى التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة، أى أن عودة الاستقرار إلى مصر الدولة العربية الكبرى سوف تستقيم معه منظومة الأمن القومى العربى، الأمر الذى يجعل أشباه الدول مثل قطر تتوارى، وتتسربل فى قزميتها داخل حدودها التى تقل فى مساحتها عن أصغر مدينة مصرية.
ضاقت الأرض على قطر والإخوان بما رحبت، بعد أن ضاقت عليهم أنفسهم، قطر أدركت أنها إن لم تلتزم بوثيقة الرياض فإنها سوف تحاصر داخل حدودها، وجماعة الإخوان تتجرع مرارة التيه فى الأرض، حيث لا ملجأ ولا مأوى، ولن تفيدهم اللقاءات المكوكية التى يقوم بها راشد الغنوشى بين قطر وتركيا، والتى كان آخرها لقاؤه برئيس الوزراء التركى طيب أردوغان فى أنقرة بغرض بحث وترتيب ملاذات آمنة لعدد من قادة الجماعة، بعدما تزايد رفض الشعب التونسى لفكرة استضافة عدد من قادة الجماعة على أراضيه، وهو الذى يعانى من أزمات اقتصادية خانقة، ويتطلع إلى الدعم الخليجى، كما أن الموقف الإيجابى الذى اتخذته السعودية تجاه الحكومة الموريتانية بعدما حظرت جماعة الإخوان، حدا بتونس أن تتريث بل وتتراجع وتحصر مساهمتها فقط فى إيجاد مأوى للإخوان، لكن بشرط أن يكون خارج أراضيها، كما جاء رفض الرئيس السودانى عمر البشير للعرض القطرى الذى حمله الشيخ تميم بترحيل قيادات الإخوان المقيمين فى الدوحة الى الخرطوم خوفا من معاداة مصر والسعودية والإمارات، ليزيد من الأزمة الخانقة التى يعانى منها الإخوان وقطر معا، الأمر فيما يبدو الذى فرض على قطر المهددة بالحصار الخليجى البرى والجوى أن تتراجع وتوقع مكرهة بنود وثيقة الرياض، لكن هل ستنفذ آلياتها؟ وهل ستلتزم بالجدول الزمنى لبنودها؟ أشك، كما يشك كثيرون هنا، عموما الأيام القادمة سوف تكشف، هل سيلتزم حكام قطر ولو لمرة واحدة، أم لا؟، أيضا فيما يتعلق بجماعة الإخوان، فكل الطرق أوصدت فى وجوههم الأمر الذى سوف يدفعهم صاغرين إلى طلب العفو والصفح من الدولة المصرية، ولكنها سوف تواجه حتما برفض قاطع من الشعب المصرى الذى يتجرع إرهابهم على مدار الساعة فى الشوراع والحوارى والأزقة والميادين.
الأيام القادمة ليست فى صالح قطر والإخوان اللذين راهنا على موقف دولى يتسم بالتغير والبحث عن مصالحه، ومواطن القوة التى تغريه وتجذبه، قطر تعانى من تهديد حقيقى يعجل بإنهاء حكم «آل ثانى» إذا استمروا فى غطرستهم، لعلهم يدركون قبل فوات الأوان أن أمريكا لا تحارب نيابة عن أحد، لعل أصحاب قطر يستفيقون من أحلام اليقظة التى بثها فى رءوسهم الفارغة شيمون بيريز، وهيأتها لهم وزيرة خارجية إسرائيل تسيبى ليفنى أن بمقدور قطر أن تشكل قوة إقليمية مسلحة بالمال والإعلام والدور، وتناسوا جميعا أن للتاريخ والجغرافيا أحكامهما، فهل يعقل حكام قطر قبل فوات الأوان؟