الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كاتبات يتألقن بأعمالهن الإبداعية وينشرن الوعى الثقافى فى معرض ساقية الصاوى للكتاب

وجدن غاياتهن فى الكتابة وسرد القصص، ورسم الشخصيات.. تتنوع حكاياتهن بين الفانتازيا الممزوجة بالرومانسية، والسفر عبر الأزمنة المختلفة، والغوص فى أسباب النفس البشرية، والمغامرة، والترقب، وطرح العديد من التساؤلات الفلسفية، ويشاركن بتلك الأعمال من خلال معرض ساقية الصاوى للكتاب عام 2024، وعلى هامش فعالياته يتحدثن لـ«روزاليوسف» عن ملامح مؤلفاتهن الحديثة، ويكشفن عن كواليس تأليفها، وكيف اكتشفن شغفهن للكتابة.



 نِفْــرِت

تخرجت «منى خالد» فى كلية السياحة والفنادق بجامعة المنيا، ودرست الماجستير فى نفس التخصص، وحاليًا تدرس مجال تطوير الويب وبرمجة المواقع. تقول لنا منى خالد: «عملت كمُعدة برامج وكاتبة حرة لفترة طويلة وكتبت مقالات بالعديد من الجرائد الورقية والإلكترونية.. لا أعلم منذ متى بدأ شغفى بالكتابة فعليًّا؛ لأننى أكتب منذ صغرى».

وتتابع: ظهرت بذرة الكتابة من موضوعات التعبير التى كنا نكتبها بمادة اللغة العربية؛ حيث كان يثنى علىَّ أساتذتى دومًا بكل المراحل الدراسية، وكنت حينها أكتب قصصًا وحوارات مُتخيلة.. «لم يكن لتلك القصص أى أبعاد وقتها؛ لكننى كنت أسعد بها كثيرًا، وتوسع ذلك معى حين كبرت ونضجت أفكارى».

وتذكر أن ما ساعدها فى ذلك انخراطها بدوائر ثقافية عديدة؛ فأثر على مستوى كتابتها والنتاج الذى تقدمه؛ فكانت تتأنّى كثيرًا فى النصوص التى تقدمها لتخرج بجودة عالية، وكانت ترى فى الخواطر النثرية أداة للتفريغ عن مشاعرها ولأى حدث أو تجربة مريرة، فرأت أن كل اهتماماتها تصب فى الكتابة منذ مرحلة مبكرة.

وتؤكد على أهمية الكتابة والأدب والقراءة عمومًا.. «أرى أنها مَهرب ومُتنفس لمشاكل كثيرة كنت وما زلت أواجهها؛ فهى غيّرتنى بشكل كبير، وجعلتنى أتطلع لزوايا وجوانب مختلفة لم أكن أعرفها فى شخصيتى، كما أنها تخلق مساحة من البَوح والاستشفاء وسماع الصوت الداخلى؛ لذا فأنا ممتنة لها كثيرًا ولمساعدتى فى العمل بحُرية وبقوة أكبر».

واستطردت قائلة إن «الجَمِيعُ يَستَطِّيعُ النَّظَرَ إلى العَالَم، الكَون، إن أراد هو ذلك، غَيرُ أنَّ القَلِيلَ فَقَط من يَستَطِيعَ إدرَاكَ العَالَم وفِهمَهُ.. مَا هُوَ الوُجُود؟».. تِلكَ الكَلِمَاتِ التى تُرَدّدُ داخِلُنا ونَحنُ نرتَشِفُ القَهوَةَ بَعدَ الثَّانِيةَ عَشرةَ صَبَاحًا، فى ليالى الشِّتَاءِ البَارِدَة، لِنَسأَل أنفُسَنَا.. «هل الزَمن يُشَّكِل أَسرَارًا لا يُمكِنُنَا فِهمَهَا؟ أمْ أنَّه مُفتَاح لِفِهمٍ كَامِلٍ لِحَقِيقَتِنا كَبَشرٍ؟».. دُونت تلك الكلمات بغلاف رواية نِفرت.

وتحكى عن الرواية، أنها تخص عوالم مختلفة تتناولها بشكل فيه فانتازيا ممزوجة برومانسية. فكرة تناسق الأرواح والسفر عبر الزمن وتقديمها من خلال حقبتين تاريخيتين مختلفتين، ما بين العصر الفرعونى والعصر الحالى؛ ومن هنا جاء اختيار الاسم «نِفرت» وهى أميرة مصرية عاشت فى مصر القديمة وتعنى الجميلة، وهذا اسم بطلة الرواية التى تدور الأحداث حولها، وكيفية تقبُّل البشر للأقدار وتناولهم واستساغتهم لفكرة الموت، وتدوين ما يخص الماورائيات أو الغيبيات فى الأساطير القديمة بالتاريخ الفرعونى.

 عالمٌ يطنُّ فى أُذنى

أمّا «مروة مجدى» باحثة دكتوراه، وشاعرة وقاصة، وهى أيضًا عضو فى النقابة العامة لاتحاد كُتّاب مصر، ومدربة ورش كتابة إبداعية للأطفال. صدر لها ديوان «زهرة محاربة» عام 2018، وديوان «ربع قرن لاقتناص تنهيدة» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2020، وديوان «طيف عابر يحاول أن يشب» عن الهيئة العامة للكتاب عام 2023، والمجموعة القصصية «عالمٌ يطنُّ فى أُذنى» التى تشارك بها فى معرض ساقية الصاوى. وتقول مروة مجدى، إنها تكتب بشكل حُر بالمواقع العربية، كما نشرت أعمالها الإبداعية ودراساتها النقدية فى جرائد مصرية وعربية مثل أخبار الأدب، مجلة عالم الكتاب، الأهرام، الثقافة الجديدة، جريدة القبس الكويتية، مجلة صوت الجيل الأردنية وغيرها. واُختير ديوانها «ربع قرن لاقتناص تنهيدة» فى بحث أكاديمى بعنوان «قراءة فى مشهد شعر الفصحى بالغربية» بكلية آداب جامعة طنطا. وكُرمت عن مشاركتها كناقدة فى مؤتمر السرد السكندرى الذى نظمه مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، وكُرمت من جهات ثقافية مختلفة. 

وتضيف.. إن الفضل فى غرس حبها للكتابة فى قلبها يرجع إلى جدها.. «بدأ الأمر منذ الطفولة.. كان يشترى لى جدى قصص وحكايات المكتبة الخضراء، فهو مَن عرّفنى على علاء الدين وسندريلا والأميرة الحسناء وعقلة الإصبع وميكى وماجد.. علمنى كيف تُكتب موضوعات التعبير.. كان يجلس مرتديًا نظارته البنية الكبيرة، وأراه كجراح عالمى فور ارتدائها، أشعر بأهمية وقيمة ما نحن مُقبلون عليه، وهو الكتابة».

وتستكمل: كان معمل الكتابة الخاص بنا على السرير، نجلس مقرفصين ووراءنا مخدتان صغيرتان، والقلم الرصاص مع الورق الصغير الملون. نقسّم الموضوع إلى عناصر، ثم نكتب تحت كل عنصر فقرة أو فقرتين، نُكوّن الجُمل ونلعب بالكلمات. لم أنتبه لطقوس كتابتى بعدما كبرت إلا بعد وفاته، فهى أيضًا تتضمن ورقًا صغيرًا ملونًا أدوّن فيه ملاحظات، تفاصيل، أشياء عابرة، والتى تصبح بعد ذلك عناصر لقصص وقصائد، شخصيات ومقالات.

وتخبرنا أن أعمالها الأربعة، ثلاثة منها دواوين شعريّة، والأحدث هو مجموعتها القصصية «عالمٌ يطنُّ فى أُذنى»، التى صدرت عام 2024.. «لقد عملت عليها لمدة سبع سنوات؛ حيث بدأت كتابتها عام 2016 بالتوازى مع أول ديوان لى. تأخر صدورها بسبب شعورى المستمر بأن شيئًا ما ينقصها، قصة معينة لم تكن موجودة لتكمل الدائرة. فبالنسبة لى، رغم تنوع موضوعاتها؛ فإنها تتمحور حول البحث عن الذات، وكان عليّ العثور على ذلك الشىء المفقود للوصول إليها». 

ولم تتمكن من ذلك طيلة السنوات السبع، حتى سافرت إلى الطبيعة، وهناك وجدت ما كانت تبحث عنه فأنهت المجموعة التى تحاول فيها التعبير عن ألمها تجاه أحوال العالم وقضاياه المعقدة. تتأمل التفاصيل الصغيرة بحساسية، وتعيد خَلقها فى قصص إنسانية مُشبعة بالروحانية. تطرح تساؤلات مثل: ماذا يعنى ذوبان القلب؟ هل للذكريات رائحة؟ كيف يؤثر التحرش على الهوية الجنسية؟ هل تعكس ظواهر الناس بواطنهم؟ ما هو الإنسان؟ وما الدليل على وجوده؟ ما هى الحرية؟ ماذا لو كُشفت أعماق البشر بقوة سحرية؟ ما هى الروح؟ هل يمكن للإنسان السفر عبرها؟ ما هى النفس؟ لماذا وُلدنا؟ وما الذى نبحث عنه؟ كيف ينفصل الإنسان عن ذاته وكيف يتوحد معها؟ ماذا يعنى الخوف المَرضى الذى يعوق الحياة؟ وما هى الحياة ذاتها؟ ما هو الموت؟.. من خلال هذه التساؤلات، تغوص فى النفس البشرية بفلسفة تأملية.

 للروح شظايا 

هى ابنة محافظة الإسماعيلية، تحديدًا مركز التل الكبير، تخرّجت فى كلية التجارة شعبة اللغة الإنجليزية، تكتب عن ما يُلامس الواقع ويُلامس أرواحنا. تقول «مروة أشرف»، إنها اكتشفت ولعها بالكتابة حينما كانت ترى صورًا على هيئة عمل فنى فتسرح فيها وتعبر عنها بالكلمات التى تتناسق معها وتلمس روح مَن يقرأها؛ وجاء على إثر ذلك كلمات بعض الأصدقاء على شكل دعم وتشجيع لها كى تكمل طريقها فى عالم الكتابة. 

وتستطرد: لقد اخترت اسم كتابى «للروح شظايا» حتى يكون مُعبِّرًا عن مضمون الكتاب؛ وتُعنى الجروح التى لا تلتئم، وبأن روحك فقدت أجزاءً منها، وتظل تبحث عنها دائمًا؛ ففى كثير من الأحيان تشعر بأنك مُنفصِل عن نفسك وعن العالم من كثرة ما تعرضت له من خيباتٍ متتالية فى حياتك؛ مما يجعلك تخبئ روحك، وتبقى وحيدًا عن هذا العالم. 

مضيفةً: إن جميعنا لا نستطيع أن ننسى الأشياء السيئة التى حدثت معنا، وكل خذلان نتعرض له ما هو إلا آهات تُترَك على أرواحنا، ولا نقدر على تجاوزها أو تناسيها مما ينتج عنها تشظى للروح وفقدها، والشعور بأنك عالق فيما حدث فى الماضى، وما يحدث فى الوقت الحاضر.

وتشير إلى أن فكرة عمل هذا الكتاب جاءتها حينما كانت تكتب كتابات بسيطة فى البداية على نظام رسائل، ففكرت أن تصوغها كلها فى كتاب واحد يحمل اسم يُعبِّر عن محتواها.. «رسالتى للكُتَّاب المبتدئين بأن يكون لديهم يقين أن كتاباتهم سوف تظهر للنور، وأن يكونوا واثقين من أنفسهم ومؤمنين بموهبتهم مَهما تعرضوا لمعوقات، وبأن يستمروا ولا يجعلوا لليأس طريقًا لهم أبدًا».