الأحد 3 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحبس الاحتياطى فى مرمى الحوار الوطنى.. محقق معه على ذمة التحقيق وليس مدانًا!

الحبس الاحتياطى فى مرمى الحوار الوطنى.. محقق معه على ذمة التحقيق وليس مدانًا!

«الحبس الاحتياطى» هو إجراء قانونى يستخدم لضمان سلامة التحقيقات من خلال وضع متهم «يشتبه فى ارتكابه جريمة» تحت تصرف المحقق من خلال احتجازه أثناء جلسات محاكمته، ويعتبر هذا الإجراء وسيلة لضمان عدم هروب المتهم الموقوف أو تعطيله لسير التحقيقات. وفى الوقت نفسه، يثير الحبس الاحتياطى جدلًا كبيرًا بسبب تأثيره على حقوق الإنسان واحتمالية إساءة استخدامه.



يعد ملف الحبس الاحتياطى واحدًا من أبرز القضايا التى كانت ضمن أولويات النقاش فى الحوار الوطنى.. باعتباره قضية سياسية وطنية ذات أبعاد دولية.

تأتى أهمية ملف الحبس الاحتياطى باعتباره من الإجراءات المتبعة فى العديد من الدساتير والتشريعات الدولية من خلال مواد ونصوص تقيد أى انحراف عنه، وفى الوقت نفسه تمنع إساءة استخدامه، فضلًا عن تحرك السلطة القضائية فيه تحت الرقابة والمحاسبة والمراجعة طبقًا لدرجات التقاضى المتعددة. وذلك بهدف الخشية من الهرب، أو التأثير على اعترافات الشهود، أو العبث بالأدلة. 

والملاحظ  أن العديد من الفقهاء والقانونيين قد اعتبروا أن الحبس الاحتياطى هو إجراء بغيض ومرفوض بسبب مساسه بالحرية الشخصية، وما يمكن أن ينتج عن انحراف تطبيقه فى الزج بالبعض كمتهمين على ذمة قضايا دون أدلة كافية على نسبة الاتهام. وقبل ذلك إصدار أوامر الحبس الاحتياطى عن جهات غالبًا ما تجمع بين سلطة الاتهام والتحقيق فى وقت واحد.

>انتقاد قانونى وإنسانى

ظل ملف الحبس الاحتياطى محل نقد شديد سواء من المفكرين والمثقفين أو من منظمات المجتمع المدنى وجمعياته الحقوقية أو من العديد من الجهات الدولية سواء الحكومية أو من غير الحكومية التى اتخذته سبيلًا لممارسة أنواع متعددة من الضغوط الرسمية وغيرها. وهو ما جعل الحوار الوطنى يضعه فى مقدمة أولوياته باعتباره قضية سياسية ووطنية مرتبطة بمنظومة حقوق الإنسان وكرامة المواطن المصرى.

الجدير بالذكر، أن الحبس الاحتياطى فى التشريعات المصرية الحديثة قد مر بمراحل مهمة حتى يضمن أن يحقق التوازن بين مصلحة التحقيق وحرية الموجه له الاتهام خاصة فى التنقل. بداية من قانون التحقيقات الجنائية الصادر فى 13 نوفمبر سنة 1883 وتعديلاته، ومرورًا بقانون التحقيقات الجنائية الصادر سنة 1904، وصولًا إلى صدور قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950. فضلًا عن تعديل القانون رقم 145 لسنة 2006. 

حسم ملف الحبس الاحتياطى..  يكمن فى وجود ضمانات عادلة لحق المحقق معه «المتهم» على ذمة التحقيق فى حريته الشخصية كمبدأ دستورى.. مستمد من قاعدة أن (الأصل فى المتهم البراءة).. لكى لا يتحول إلى اعتداء مستمر على الحريات المحمية دستوريًا. خاصة أن الحبس الاحتياطى فى التشريع المصرى.. يعد بمثابة عقوبة تصدر عن سلطة التحقيق، وليست المحكمة، وما يمكن أن ينتج من أذى للمتهم فى شخصه وسمعته.

>تاريخ وإجراءات

تعامل قانون الإجراءات الجنائية المصرى مع الحبس الاحتياطى عبر قانون تحقيق الجنايات الأهلى الصادر سنة 1883 ليطبق على المحاكم الأهلية، وتعديله الذى تم سنة 1904. وعقب إلغاء الامتيازات الأجنبية بموجب معاهدة سنة 1936 صدر قانون تحقيق الجنايات سنة 1949، والذى تضمن تنظيم الحبس الاحتياطى حيث منح سلطة إصدار الأمر بالحبس الاحتياطى لقاضى التحقيق المنوط به مباشرة التحقيق لمدة شهر. وذلك إذا كانت الجريمة التى يحقق فيها يعاقب عليها بالحبس دون وضع حد أدنى لمدة الحبس أو عقاب آخر أشد من الحبس.

وفى حالة مد الحبس الاحتياطى، تعرض الأوراق قبل انقضاء مدة الشهر على غرفة المشورة دون إلزام قاضى التحقيق بتسبيب الأمر بالحبس الاحتياطى. ولغرفة المشورة سلطة تمديد الحبس شهرًا فشهرًا حتى الانتهاء من التحقيق، على أن تختص محكمة الموضوع سواء الجنح أو الجنايات بأمر الحبس الاحتياطى دون التقيد بحد أقصى.

ثم صدر قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950، والذى فرض العديد من الضمانات على الإجراءات المنظمة للحبس الاحتياطى. كما تمت إضافة مزيد من الضمانات إلى الحبس الاحتياطى فى دستور سنة 1971، والتى تتمثل فى مبرراته ووجوب توقيته. وظلت غير مطبقة حتى صدر القانون رقم 145 لسنة 2006 بشأن تعديل قانون الإجراءات الجنائية.. فيما يخص الحبس الاحتياطى.

يقع ملف «الحبس الاحتياطى» تحت طائلة أكثر من قانون، فى مقدمتها قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وتعديله الأخير الصادر فى 5 سبتمبر سنة 2020، وقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958. 

أوكلت جميع تلك القوانين فى غالبية الأحوال.. سلطة الحبس الاحتياطى لغير القضاة الجالسين ممثلين فى النيابة العامة وقضاة التحقيق، وظلت أمثلة قليلة هى التى خضعت للأحكام القضائية. وهو ما حول الحبس الاحتياطى من اجراء احترازى إلى عقوبة.. تسببت فى وقوع الظلم والأذى على العديد من المتهمين. وذلك رغم أن الأصل هو صدور الأحكام القضائية بما تحمله من ضمانات متعددة.

تتحدد مدة الحبس الاحتياطى من 4 أيام إلى سنتين بحد أقصى فى المؤبد أو الإعدام، وذلك حسب نوع الجريمة إن كانت جنحة أم جناية. ولم يمنع ما سبق من صدور قرارات بالحبس الاحتياطى.. تجاوزت مدة السنتين فى قضايا جنائية لا علاقة لها بالمؤبد والإعدام.

>مرجعية الحبس الاحتياطى

لم تتناول التشريعات المصرية.. الحبس الاحتياطى بشكل مباشر، ولكنها وضعت القواعد المنظمة له، حيث حددت أسبابه، ومبرراته، والجهة التى تصدره، ومدته، والرقابة عليه والتظلم منه وذلك باعتباره إجراء قضائيًا من إجراءات التحقيق، سواء كان التحقيق ابتدائيًا، أو كان التحقيق نهائيًا تباشره المحكمة المختصة.

ويظل النص الدستورى المرجعى الحاكم للتعامل مع ملف الحبس الاحتياطى هو المادة 54 من الدستور المصرى التى تنص على (الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورًا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدِب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة، وفقًا للإجراءات المقررة فى القانون. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فورًا. وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطى، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه. وفى جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو منتدب). والتى تتسق مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية.

ويظل النص الحاكم للتعامل مع ملف الحبس الاحتياطى هو ما نصت عليه التعليمات العامة للنيابات فى المادة رقم 381 من تعريف الحبس الاحتياطى بأنه: (إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائى من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجنى عليه، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة).

ونذكر هنا أيضًا تعريف بعض الفقهاء للحبس الاحتياطى، مثل د. أحمد فتحى سرور (إن الحبس الاحتياطى لا يخرج عن كونه إجراء من إجراءات التحقيق فى جميع الأحوال، وأنه بهذه الصفة ليس عقوبة كما أنه ينبغى ألا يتحول إلى تدبير احترازى يجعله فى مصاف العقوبات).

وتعريف د. عبدالرؤوف مهدى (الحبس هو سلب حرية المتهم فترة من الزمن بإيداعه أحد السجون والأصل فيه أنه عقوبة، وبالتالى يجب ألا يوقع إلا بحكم قضائى بعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمتهم ضمانات الدفاع عن نفسه، وذلك إعمالًا لأصل عام من أصول المحاكمات الجنائية - بل هو حق من حقوق الإنسان - هو أن الأصل فى المتهم البراءة، ومع ذلك أجازه المشرع للمحقق فى التحقيق الابتدائى بمجرد أن يبدأ التحقيق أو أثناء سيره، فالحبس الاحتياطى إجراء من إجراءات التحقيق يتعارض مع أصل البراءة المفترض فى الانسان).

>أسباب الحبس الاحتياطى

1 - منع الهروب: وهو أحد الأسباب الأساسية للحبس الاحتياطى.. كضمان عدم هروب المتهم قبل موعد المحاكمة، ويتيح هذا الإجراء للسلطات القضائية التأكد من حضور المتهم لجميع جلسات المحكمة.

2 - حماية الأدلة: يستهدف الحبس الاحتياطى حماية الأدلة ومنع المتهم/ الموقوف من إتلافها أو التلاعب بها، ويمكن أن يكون هذا الأمر حاسمًا فى الجرائم التى تعتمد على الأدلة المادية والشهادات.

3 - حماية الشهود: قد يكون هناك أحيانًا خوف من أن يقوم الموجه له الاتهام بتهديد أو إلحاق الأذى بالشهود، ولذا يستهدف الحبس الاحتياطى.. حماية الشهود وضمان سلامتهم.

4 - منع تكرار الجريمة: الحبس الاحتياطى هنا هو وسيلة لمنع أى احتمال بأن يقوم الموجه له الاتهام بارتكاب نفس الجريمة مرة أخرى.

>انحراف المبررات

حددت المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية دواعى الحبس الاحتياطى ومبرراته بحصرها فى أربع حالات:

1 - إذا كانت الجريمة فى حالة تلبس، ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره.

2 - الخشية من هروب المتهم.

3 - خشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجنى عليه أو الشهود، أو بالعبث فى الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باقى الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها.

4 - توقى الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذى قد يترتب على جسامة الجريمة.

توسعت المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية فى الهدف من الحبس الاحتياطى بالشكل الذى جعله ينحرف عن الغرض الذى شرع من أجله بالانتقاص من حق المتهم فى الحرية الشخصية وتدحض قرينة البراءة، فتنحرف تلك المبررات عن الغرض الذى شرع من أجله الحبس الاحتياطى وهو مصلحة التحقيق.

الطبيعى أنه لا يجوز التوسع فى الهدف من الحبس الاحتياطى، واعتباره تدبيرًا احترازيًا، لأن ذلك يجعله فى مصاف العقوبات، الأمر الذى يتعارض مع طبيعته المؤقتة - أما مراعاة الشعور العام للناس بسبب جسامة الجريمة فلا يجوز مواجهته بحبس الأبرياء، والخوف من هروب المتهم عند الحكم عليه لا يجوز أن يكون سندًا لحبسه وإلا كان ذلك مصادرة على المطلوب، وهو التأكد من إدانته، ما يتعارض تمامًا مع أصل البراءة.

يميل الفقهاء والدستوريون إلى أنه إذا تبينت محكمة الموضوع عدم توافر الدلائل الكافية على الاتهام لتبرير الأمر بحبس المتهم احتياطيًا.. كان هذا الأمر باطلًا، ويتعين بطلان ما يترتب عليه من إجراءات، واستبعاد الدليل المستمد منها، وحيث أن الأمر بالحبس الاحتياطى فى غاية الخطورة لذلك يجب أن تكون هناك أدلة واضحة.

>توصيات

بتعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 الخاصة بالحبس الاحتياطى، كما يلى:

•    تعديل نص المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية لتكون: (يجوز لقاض التحقيق، بعد استجواب المتهم، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبًا عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، والأدلة عليها كافية، أن يصدر أمرًا بحبس المتهم احتياطيًا، وذلك إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعى الآتية: خشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجنى عليه أو الشهود، أو بالعبث فى الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باق الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها).

• تعديل نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية لتكون: (يجب على قاضى التحقيق قبل أن يصدر أمرًا بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم. ويجب أن يشتمل أمر الحبس، على بيان الجريمة المسندة إلى المتهم والعقوبة المقررة لها، والأسباب التى بنى عليها الأمر. ويسرى حكم هذه المادة على الأوامر التى تصدر بمد الحبس الاحتياطى، وفقًا لأحكام هذا القانون. ويترتب البطلان على كل أمر يصدر مخالفًا لما سبق).

• تعديل نص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية لتكون: (إذا لم ينته التحقيق ورأى القاضى مد الحبس الاحتياطى زيادة على ما هو مقرر فى المادة السابقة، وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر إحالة الأوراق إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم بمد الحبس مددًا متعاقبة لا تزيد كل منها على خمسة وأربعين يومًا إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو الإفراج عن المتهم بكفالة أو بغير كفالة. ومع ذلك يتعين عرض الأمر على النائب العام إذا انقضى على حبس المتهم احتياطيًا ثلاثة شهور وذلك لاتخاذ الإجراءات التى يراها كفيلة للانتهاء من التحقيق. ولا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطى على ثلاثة أشهر، ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة فى هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة وفقًا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 151 من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم. فإذا كانت التهمة المنسوبة إليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطى على خمسة شهور إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وإلا وجب الإفراج عن المتهم. وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطى فى مرحلة التحقيق الابتدائى وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تتجاوز ستة أشهر فى الجنح وسنة فى الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام. وإلا وجب الإفراج عن المتهم).

•    تعديل المادة 206 مكرر بحذف الفقرة الثانية منها لتكون: (يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضى التحقيق فى تحقيق الجنايات المنصوص عليها فى الأبواب: الأول والثانى والثانى مكررًا والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضى التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطى المنصوص عليها فى المادة 142 من هذا القانون، وذلك فى تحقيق الجنايات المنصوص عليها فى الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات).

• تعديل المادة 43 من قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 بحذف النص الخاص بمنح النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة السلطات المقررة لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة لتصبح: (تكون للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، أثناء التحقيق فى جريمة إرهابية، بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها قانونيًا، السلطات المقررة لقاضى التحقيق، وذلك وفقًا لنفس الاختصاصات والقيود والمدد المنصوص عليها بالمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية).

ويتطلب استكمال ما سبق، إضافة مادة بطلان وسقوط الحبس الاحتياطى.. إذا جاوز المدة المنصوص عليها قانونًا، والإفراج الفورى عنه. وإضافة مادة أخرى.. تقضى بالتعويض عن فترات الحبس الاحتياطى.

>بدائل قانونية إنسانية

استحدث القانون رقم 145 لسنة 2006 تعديلا لبعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص بدائل الحبس الاحتياطى فى الفقرة الثانية من المادة 201 إجراءات. والتى تنص على: (يجوز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطى أن تصدر بدلًا منه أمرًا بأحد التدابير). وذلك بعد تأكيد بعض الثوابت، منها: 

- تحديد سلطة إصدار قرار الحبس الاحتياطى بناء على حكم قاضٍ مستقل، وليس من قضاة التحقيق أو النيابة العامة.

- عدم توقيف المفرج عنهم بعد استنفاد مدة حبسهم الاحتياطى عند الإفراج عنهم بدعوى الاشتباه أو على ذمة قضايا أخرى.

- تعديل المادة 54 من الدستور المصرى لتكون أكثر وضوحًا وتفصيلًا فى حسم ما هو مختلف عليه فى سبيل الحفاظ على الحرية الشخصية للمواطن المصرى. 

ولذا يمكن حصر وطرح عدة بدائل للحبس الاحتياطى.. استنادًا إلى بعض التجارب الدولية، وذلك على غرار:

- إلزام الموقوف بعدم مبارحة مسكنه.. مع الرقابة عليه عبر الإسورة الإلكترونية.

- حظر ارتياد الموقوف احتياطيًا لأماكن محددة.

ويحبس الموقوف احتياطيًا.. إذا خالف الالتزامات التى تفرضها التدابير السابقة. ويسرى فى شأن مدة التدبير أو مدها والحد الأقصى لها واستئنافها نفس القواعد المقررة بالنسبة إلى الحبس الاحتياطى.

إن النص على (إلزام الموقوف بعدم مبارحة مسكنه.. مع الرقابة عليه عبر الإسورة الإلكترونية) يتواكب مع التطور التكنولوجى واستخدام نظام الرقابة القضائية الإلكترونية من جهة، ومع تطور التدابير التى أصبحت غير مقبولة الآن مثل أن يسلم الموقوف نفسه لقسم الشرطة فى أوقات محددة من جهة أخرى.

>محددات مواجهة مشاكل الحبس الاحتياطى

يمكن تحديد محددات مواجهة المشاكل القانونية للحبس الاحتياطى من خلال:

تحديد مدة الحبس الاحتياطى: أن تنص القوانين على وجود حدود زمنية قصوى واضحة للحبس الاحتياطى دون محاكمة لوقف الاحتجاز التعسفى ومنعه. 

المراجعة القضائية: بتمتع الشخص المحتجز بالحق فى مراجعة قضائية دورية لحالته الشخصية، وإعادة نظر القضاة فى مبررات استمرار الحبس الاحتياطى بانتظام.

استخدام بدائل الحبس الاحتياطى: يمكن استخدام بدائل، على غرار الإفراج بكفالة، أو الإقامة الجبرية.. كوسيلة لضمان حضور المتهم للمحاكمة دون الحاجة إلى حبسه.

التعويض عن الحبس غير المبرر: وجود نظام لتعويض الأفراد الذين يحتجزون دون مبرر قانونى لفترات طويلة.. بحيث يشمل تعويضًا ماليًا وإعادة الاعتبار.

توفير المحاكمة العادلة والسريعة: بضمان عدم إساءة استخدام الحبس الاحتياطى.. بحيث يتمتع المحتجز بحقه فى محاكمة عادلة وسريعة، ومعالجة التأخيرات غير المبررة فى المحاكمة بصرامة.

التوعية والتدريب: تدريبات متقدمة لأعضاء السلطات القضائية والأمنية على استخدام الحبس الاحتياطى بطريقة قانونية وأخلاقية لتجنب أى إساءة فى استخدام هذه الأداة القانونية.. مما يسهم تدريجيًا فى تقليل حالات الحبس الاحتياطى.

> نقطة ومن أول السطر

فى نهاية الأمر، الحبس الاحتياطى هو وسيلة قانونية هامة لضمان سير العدالة، وما يجب معالجته سريعًا هو مجابهة ما يحمله فى طياته من مخاطر بسبب الانحراف عن استخدامه بشكل صحيح.. من خلال تحديد مدة الحبس، وإجراء مراجعات قضائية دورية، واستخدام بدائل للحبس، وتوفير محاكمات عادلة وسريعة.. ضمانًا لتحقيق العدالة وحماية حقوق المواطنين..

إعادة النظر فى ملف الحبس الاحتياطى هو تأكيد على تطبيق منظومة المواطنة المصرية، وهى السبيل لتحقيق الدولة المدنية المصرية.. دولة العدل والمساواة ونفاذ القانون وقوة تطبيق أحكامه.