السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عاشت سينما مصر «المستقلة»

عاشت سينما مصر «المستقلة»
عاشت سينما مصر «المستقلة»


الأفلام المستقلة التى يقدمها الشباب أنقذت السينما المصرية، وكان بعضها سفيراً لمصر فى المهرجانات الدولية وحصد العديد من الجوائز وصنفت كأفضل أفلام من الناحية الفنية مثل فيلم الشتا اللى فات، ميكروفون، هرج ومرج، عشم، فرش وغطا، فيلا 69 والشتا إللى فات.
 
هذه السينما دافعت عن سمعة مصر فى الوقت الذى تخلت فيه الدولة عن دعم هذه الصناعة المهمة التى تعد إحدى أدوات القوة الناعمة للدولة المصرية.
 
 
عودة الدولة لإحكام قبضتها على السينما أصبحت مطلباً ضرورياً لاستعادة هذه الصناعة ليس لكونها فقط منبراً للفن الذى يعكس حضارة مصر وإبداعها عبر سنوات من تاريخها ولكن لأنها أيضا صناعة استراتيجية مهمة تدر دخلاً وتعد أحد أهم ركائز الأمن القومى المصرى، لذلك تعالت الأصوات مؤخرا، بعد أن تفاقمت مشاكلها.
 
فى هذا التحقيق نرصد عدداً من آراء السينمائيين الذين يطالبون بدعم الإنتاج ومساندة شباب السينما المستقلة التى حفظت وجه مصر فى المهرجانات الدولية.
 
المخرج السينمائى أحمد عاطف الذى أكد على أن الدولة تركت الفن السينمائى يقع تحت قبضة شركات الإنتاج السينمائى الكبرى التى احتكرت المجال لنفسها - على حد وصفه - يشيد بدور زملائه من صناع السينما المستقلين الذين نجحوا خلال فترة وجيزة فى تمثيل مصر فى المهرجانات الدولية وحصد جوائز عديدة بتقديمهم لنوع من السينما الاجتماعية التى تقدم رؤى نقدية للمجتمع.
 
 
ويقول: رغم انشغال الجمهور عن السينما وعزوفه بمتابعة الأخبار السياسية بعد الثورة، إلا أن عامى 2013 و2014 قد شهدا تطوراً فى طبيعة الأعمال السينمائية المطروحة وتقديم مضامين جديرة بالاحترام كان التركيز فيها على موضوعات تمس المجتمع بشكل كبير ويرجع الفضل فى ذلك لهذه النوعية من الأفلام «المستقلة» التى أصبح لها وجود ومشاركة فى الساحة السينمائية داخل مصر وخارجها.
 
وعن اتهام بعض النقاد لصناع هذه الأفلام بتقديم أنماط سلبية عن المجتمع المصرى دافع عاطف قائلا: هناك فارق بين سينما الابتذال والسينما الاجتماعية، فالأخيرة تيار من السينما معروف فى الغرب بأنه يتحدث عن سلبيات المجتمع من منطلق الإحساس بالمسئولية فيقول: بالعكس أجد أن هذه الأفلام تخدم السينما بشكل خاص والبلد بشكل عام لأنها تتحدث عن قضايا اجتماعية ملحة برؤية نقدية كمثيلاتها فى أوروبا، بالإضافة إلى أن هذه الأفلام تتطرق إلى موضوعات وأفكار أكثر طموحاً وصدقاً مما تقدمه السينما السائدة حالياً.
 
وألقى المخرج سامح عبدالعزيز باللوم على الدولة فيما يتعلق بالحالة التى وصلت لها صناعة السينما فى مصر مؤخرا قائلا: يجب أن تقوم وزارة الثقافة بدورها فى الإشراف على صناعة السينما بدلاً من أن تتخلى الدولة عن دعم السينما ويصبح الدور الذى تلعبه الوزارة هو «صفر».
 
ويضيف: حتى تعود السينما لعصرها الذهبى نحتاج إلى دعم قوى وجاد من قبل الدولة وأن تعود وزارة الثقافة لتكون حاضرة بقوة فى المشهد السينمائى المصرى.
 
مشيراً إلى أن استمرار تبوؤ الفيلم المصرى مقدمة المشهد السينمائى العربى يرجع الفضل فيه لعدد من الأعمال الجيدة التى قدمها جيل المخرجين من الشباب فى السنوات الأخيرة والتى رفعت من أسهم السينما ويقول إن عام 2013 شهد عرض 27 فيلماً مصرياً طويلة جديدة، منها 26 فيلماً روائية، لكن المخرج والمؤلف د. عصام الشماع يرى أن تخلى الدولة عن السينما المصرية جعلها تعيش أزمة شديدة لم يخرجها منها سوى شباب المنتجين والأفلام المستقلة رغم تواضع ميزانية إنتاجها.
 
فيقول: تراجعت السينما المصرية مع انسحاب دور الدولة ورحيل جيل المنتجين العظماء المعروفين بحبهم وغرامهم للسينما وحدث ذلك تدريجياً حتى أصبحت السينما الآن تخاطب نوعاً معيناً من الجمهور، وهذا النوع هو الذى يذهب لشراء التذكرة وبالتالى أصبحت الموضوعات التى تطرحها الأفلام تعتمد على ظروف هذا الجمهور وقوته الشرائية وكنتيجة للتجريف الثقافى جفت الأفكار وأصبح كل ما يشغل القائمين على صناعة السينما هو الربح على حساب المضمون الفنى.
 
كما أدى هذا التراجع فى المحتوى الثقافى والفنى لانهيار صناعة السينما مع غياب تام لدور الدولة وترك أمرها للمنتجين الذين حولوا المسألة لعملية تجارية بحتة.
 
ويضيف: وعلى الرغم من ذلك كانت هناك محاولات سينمائية جيدة لا يمكن وصفها بالتيار لأنها محاولات فردية «أفلام مستقلة» لكنها ناقشت قضايا اجتماعية مهمة وكان هدف صناعها الاهتمام بقضايا وطنهم، وبالفعل حققت نسبة مشاهدة وانتبه لها الجمهور.
 
وشدد الشماع على ضرورة عودة الدولة لاحتضان هذه الصناعة من خلال وزارة الثقافة وإنشاء مؤسسة مستقلة لرعاية السينما وإنتاج عدد لا بأس به من الأفلام الجيدة بحيث تقوم بمهام التنقيح الفنى «تحسن مستوى الإنتاج السينمائى» وتتحمل جزءاً من الخسائر كما فعلت الدولة مع فيلم الأرض الذى يعد من أعظم ما أنتجته السينما من أفلام رغم ما تحملته من خسائر قائلا: لا عودة للسينما الجيدة والمعبرة عن المجتمع وعن همومه وأحلامه إلا برجوع صناعة السينما للدولة وبخلاف ذلك لا توجد حلول حقيقية.
 
بينما يطالب المنتج محمد فوزى بإزالة القيود التى تقف حائلا أمام تصوير الأفلام العالمية فى مصر وتيسير دخول المعدات والآلات اللازمة للتصوير، من أجل تشجيع شركات الإنتاج السينمائى العالمية على تصوير أفلامها بمصر، حتى يسهم ذلك فى دعم صناعة السينما كما سيلقى الضوء على ما تتمتع به مصر من أماكن طبيعية تصلح لتصوير الأفلام العالمية.
 
ويتحدث المخرج أحمد عبدالله عن تجربة السينما المستقلة: لم نكن نتوقع أنا وزملائى المخرجون الذين قاموا بتقديم هذه النوعية من الأفلام، والتى أطلق عليها النقاد فيما بعد عدة مسميات «السينما المستقلة» أو «الموجة جديدة» أو «السينما بديلة»، بأن يقبل الجمهور على هذا النوع الجديد من الأفلام وكنا واقعين تحت تأثير أساليب التصوير والإخراج المعروفة للسينما التجارية التى اعتاد عليها الجمهور المصرى وكان مسموحاً لنا بأن نضع أفلامنا فى عدد محدود من دور العرض، ولكن فوجئنا أن الجمهور يريد أن يشاهد هذه الأفلام وكان على عكس كل توقعاتنا لمسنا أن الجمهور يميل لمتابعة أفلامنا وهذا ما لمسته فى معظم الأفلام «هليوبلس» و«فرش وغطا» خاصة أنها حازت إعجاب وتقدير الجمهور. وأضاف: إن معظم أفلام السينما المستقلة تخرج طاقات الممثل الفنية لأن بها مساحات واسعة من الإبداع كما أنها نالت جوائز عالمية لاتسامها بالصدق وابتكار أساليب فنية غير معتادة من قبل.