الأربعاء 21 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

عرائس الفوضى الأمريكية

عرائس الفوضى الأمريكية
عرائس الفوضى الأمريكية


تطورات الأزمة الأوكرانية والورطة القطرية تعيد للأذهان قصة عرائس الماريونيت الأمريكية التى تحركها فى أى دولة تريدها، والبطل دائمًا فى تلك المسرحية الهزلية أكذوبتهم «الديموقراطية»، واللاعب الرئيسى فى كل ما يحدث فى تلك الدول هو سرجى بوبوفيتش، مؤسس حركة أوتبور الصربية- التى لعبت دورًا فى إسقاط الديكتاتور الصربى، سلوبودان ميلوسيفيتش- ورئيس مركز استراتيجيات وأعمال اللاعنف التطبيقية التى لعبت دورًا فى إسقاط الأنظمة العربية فى كل من مصر وتونس وليبيا.
 
ككل المراقبين، فقد شبهت صحيفة ناشيونال انترست الأمريكية ما يحدث فى أوكرانيا بما حدث فى مصر.
 
وأوضحت الصحيفة أن أوكرانيا تعانى من الديون الكبيرة والفواتير المعلقة والتى يجب دفعها، والتى تبلغ 17 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى عدم حصول المواطنين على مرتباتهم، وكانت دعت الصحيفة الشعب الأوكرانى إلى التفكير جيدًا، قبل الاستمرار فى التصعيد فى أزمتهم حتى لا يقع فى الفخ الذى وقعت فيه مصر.
 
 
وقالت شبكة «سى إن إن» الأمريكية، إن هناك حربًا باردة جديدة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بدأت فى سوريا ثم انتقلت إلى مصر ثم إلى أوكرانيا، ولا يعلم أحد ما هى المحطة الرابعة بعد ذلك.
 
معركة أوكرانيا تبدو كأنها أعظم نماذج حروب الجيل الرابع، حيث تدور حرب باردة جديدة، يتطلع الغرب من خلالها إلى الهيمنة على النطاق السوفيتى السابق ووضع موسكو تحت قبضته، فيما تتطلع روسيا إلى استعادة مجالها الحيوى فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق، والاحتفاظ بمنفذ بحرى لأسطولها فى البحر الأسود عبر أوكرانيا.
 
 
وعودة إلى «الأوتبوريين» اكتشفنا أحد الفيديوهات المنشورة على شبكة الإنترنت به حوار مع بوبوفيتش فى مارس عام 2013 والذى أعلنها صراحة قائلاً خططنا لإسقاط الرؤساء مبارك، بن على، والقذافى، وقال «بوبوفيتش: لقد قمنا بثورات فى 37 دولة، وقد نجحنا فى 5 دول حتى الآن بعد الثورة الصربية، وأقصد بها: «جورجيا وأوكرانيا ولبنان وجزر المالاديف».. ثم مصر وتونس وتطول قائمة الدول بعدهما.
 
 
وأشار بوبوفيتش إلى وجود عناصر مشتركة يستخدمها الشباب الذين تلقوا تدريبات بمركز «كانفاس» بصربيا أثناء القيام بثورات ببلادهم، ومنها: رمز «القبضة» الذى استخدمته الحركات التى قامت بالثورات فى 12 دولة حتى الآن كشعار لها، ومن تلك البلاد: كامارا، جورجيا، أبرونا فى روسيا، ثم فنزويللا، ثم إيران»، وأخيرًا فى مصر من خلال حركة «6 إبريل».
 
 
وفجر «بوبوفيتش» الحقيقة التى يحاول أن ينكرها البعض وهى أن الثورة التى استمرت لمدة 18 يوما بمصر لم تكن أبدًا عفوية، وقال «بوبوفيتش»: «إن إحدى الحيل التى يستخدمونها خلال إشعال الثورات هى جعل الجميع مشغولين، فحين يصبح المرء مشغولا، لا يكون عنده وقت للخوف، وهذه نفس السيكولوجية التى يستخدمونها فى التدريبات العسكرية.
ومن الحيل الأخرى: استخدام الإحساس بالمشاركة الجماعية، من خلال تقارب الكتف بجوار الآخر فى المظاهرات، ومن خلال الغناء أو ارتداء ملابس متشابهة معا، وهذا يحقق التلاحم والمتعة التى هى جزء مهم فى عملية الثورات والتى تبدو وقتها كمحفل للتآخى والترابط، وقد اتبع المصريون فى ثوراتهم هذه القواعد بحذافيرها.
 
 
ولمن لايعرف فإن سرجى بوبوفيتش هو مدرب شباب الثورات العربية (6 أبريل، 20 فبراير، 17 فبراير) والذى تعاون مع الاستخبارات الأمريكية السى أى إيه فى العديد من دول العالم التقنيات المضللة لتعبئة الجماهير من أجل إسقاط الحكومات،بقوله: «لقد تم خداعكم عن الثورة الناجحة العفوية غير السلمية، عندما ترى شبابًا يخرجون للشوارع يحاولون التودد للبوليس أو العسكر، كان أحدهم يخطط لهذا مسبقًا».
 
 
ويقدم بوبوفيتش فى الفيديو وهو يحاضر بجامعة هارفارد عن التخطيط المقرر لثورات الربيع العربى، بثقة: إنه قبل الخامس من أكتوبر 2011 سيتم إسقاط كل من الرؤساء مبارك، بن على، والقذافى، وسيتم إخضاع الرئيس اليمنى عبدالله صالح، أما الرئيس السورى بشار الأسد فسيواجه تحديات كبرى، والتقرير يحتوى على وثيقة مهمة عبارة عن فيديو مصور للناشطة أسماء محفوظ مساء يوم 24 يناير، وكيف أنها ومجموعة حركتها 6 إبريل الذين تدربوا فى كانفاس منتظرين بشوق ولهفة مجىء صباح يوم 25 يناير الذى خططوا له طويلاً لكى يقوموا فيه بالثورة، ويتحدث التقرير على أنه إذا فشلت الخطة أ، فى تغيير الأنظمة بالمقاومة السلمية، يتم الاتجاه إلى الخطة ب، ألا وهى المقاومة المسلحة كما حدث فى ليبيا.
 
 
وكان من قصر النظر أن سمحت حكومتا روسيا وأوكرانيا لعدد من المنظمات التى تمولها أمريكا بالعمل بحرية فى أراضيهما كوكيلة لها تحت غطاء مسميات (حقوق الإنسان) و(بناء الديمقراطية)، ولكن الهدف الحقيقى كان وضع روسيا بوتين فى موقف صعب ووضع الشبهة والاتهام. وتلعب وسائل الإعلام الأمريكية دور وزارة الدعاية والترويج لمصلحة حكومة أمريكا والمؤسسات التى تساعدها على رسم صورة سلبية لروسيا بألوان سيئة.
 
 
 وفى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون، سمحت الحكومة لخمسة تكتلات إعلامية عملاقة بالتركيز على إضعاف وسائل الإعلام المستقلة أو استمالتها إليها أو ضمان عدم توجيه نشاطها ضد الحكومة. ولا يدير هذه التكتلات والشركات العملاقة صحفيون كما هو مفترض، وإنما مسئولون حكوميون أمريكيون سابقون وخبراء فى الترويج والدعاية والإعلان بأسلوب لا يركز على الخبر أو المعلومات الصحيحة، وإنما على عائدات الإعلانات التجارية والترويج.
 
 
 كما تستغل الحكومة الأمريكية الإعلام لتهيئة الشعب  الأمريكى للدخول فى مواجهة وحالة عداء مع روسيا، والتأثير فى شعبها وعلى الشعوب الأخرى فى العالم، وتأليبها ضد بوتين.
 
ولا تخفى واشنطن رغبتها فى وجود قيادة أكثر ضعفا ومرونة من بوتين وعلى رأس روسيا، بحيث يمكنها التلاعب بها. وقد جرب الروس حكم الشيوعيين وحالة الفوضى التى أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتى، لكن قسما كبيرا منهم مازال يتسم بالسذاجة ويعتقد أن أمريكا هى أفضل بلد فى العالم يمكن تصديقها والثقة بما تفعله وتقوله. كما انتقل هذا الاعتقاد الساذج وغير الذكى إلى أوكرانيا التى تتعرض للفوضى بتحريك وتحريض من الأمريكيين الذين يحاولون استغلال ذلك لتقويض استقرار روسيا التى هى باختصار وبساطة تحت الهجوم من أمريكا.
 
 
ومن ناحية أخرى ففى 5 أكتوبر 2011 ألقى سيرجى بوبو فيتش وسلوبودان جينفويتش محاضرة فى كلية كينيدى بجامعة هارفارد الأمريكية، وفيها أعلنا صراحة أن منظمة أوتبور تستهدف سوريا منذ عام .2003 لم تكن المعلومة جديدة على متابعى أوتبور، ولكن الجديد كان الإعلان الصريح لأول مرة عن خطة أوتبور طويلة الأمد لاستهداف سوريا من قبل قادة الحركة.
 
 
 سيرجى بوبوفتيش وسلوبودان جينفوفيتش هما من مؤسسى حركة أوتبور الصربية، ويملكان حاليا معهد كانفاس لتدريس طرق النضال السلمى. وتأسست أوتبور فى صربيا فى أكتوبر عام 1998 وكانت القوة الدافعة خلف إسقاط نظام سلوبدان ميلسوفيتش المعادى للهيمنة الأوروبية والأمريكية على أوروبا الشرقية، قامت هذه الحركة بالتعاون مع الإعلام الغربى بشن حملة إعلامية هائلة ومليئة بالأكاذيب عن ميلوسوفيتش، وأثارت ضده الرأى العام فى صربيا، وفى حين كان الناتو يقصف صربيا محاولا إسقاط ميلوسوفيتش عسكريا كانت أوتبور تحشد الناس وتستعد لاجتياح الشارع. بعد أن فشلت حملة الناتو العسكرية، وفى 5 أكتوبر 2000 نجحت أوتبور بتنظيم مظاهرة كبيرة أمام قصر ميلوسوفيتش، فأعلن تنحيه استجابة لطلبات شعبه.
 
 
 فى عام 2003 أسس قائدا أوتبور سلوبدان جينفويتش وسيرجى بوبوفتيش معهد كانفاس للتدريب على تطبيقات النضال اللاعنفى. يزعم المعهد أنه لا يتلقى تمويلا أجنبيا، ولكنه يقر بتدريب آلاف الناشطين حول العالم، وقد صرح بوبوفيتش فى فيلم وثائقى أنهم يتعاملون مع ناشطين فى 30 دولة حول العالم. هذا المعهد هو حاليا واجهة التنظيم الأوتبورى العالمى.
 
 
وحصلوا فى عام 2006 على منحة من المعهد الأمريكى للحرية، وهو مؤسسة تابعة للكونجرس الأمريكى، لإعادة إنتاج المنهاج المعتمد فى إسقاط الأنظمة مع التركيز على الشعوب والثقافة الإسلامية، ولديهم حاليا منهاج ترديبى لإسقاط الأنظمة باللغة العربية.
وقد مولت مؤسسات أمريكية وأوروبية متعددة دراسة عدد كبير من الناشطين التونسيين والمصريين فى المعهد.
 
 
الأوتبوريون هم أداة تنفيذ الفوضى الخلافة التى أنشأتها كونداليزا رايس ويتبعون سياسيا لوزارة الخارجية الأمريكية، ويتكامل عملهم مع عمل تنظيم القاعدة الذى يتبع وزارة الدفاع الأمريكية.
 
 
وأوكرانيا كمثال ملح تأسست فيها حركة بورا وتعنى حان الوقت عام 2004 من قبل 10 ناشطين أوكرانيين خضعوا لتدريب مكثف فى منظمة أوتبور الصربية فى مدينة نوفيساد، واستخدمت فى شعارها اللون البرتقالى المستخدم من قبل أحد الأحزاب السياسية الأوكرانية. وحركة بورا ارتبطت بعلاقات وثيقة مع حركة كمارا الجورجية التى تلقت تمويلا كبيرا جدا من المنظمات الأمريكية لإسقاط نظام الرئيس شيفاردنادزه.