السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

زخم انتخابات الرئاسة 2024 يمهد الطريق.. معارضة «بناءة» «الظل» الحقيقى للدولة

لن تكون هناك فرصة أفضل من انتخابات الرئاسة 2024، التى تدور مراحلها حاليًا بزخم وحراك نشط؛ للوصول إلى معارضة فعالة وبنّاءة قوية بعيدًا عن التى عرفها الشارع السياسى خلال العقود الماضية، والتى يراها الكثيرون «لا تُسمن ولا تُغنى من جوع»، فى ظل وظائف بعض منابرها ما بين «الصراخ» وتبادل الاتهامات دون تقديم حلول تساهم فى حل المشكلات والأزمات، كتحقيق جزء أصيل من وظيفة «المعارضة» بثقة الشعب فيها، وأن تكون حاضرة مساهمة فى بناء الوطن وتجاوز الأزمات وتكون «الظل» الحقيقى للدولة.



كثيرًا مما كان ما يطلق عليه «المعارضة»، والأمْرُ هنا ليس للتعميم ولكن الغالبية، كان يتم استغلاله لصالح دوائر قد يكون ولاؤها لأغراض لا تقف عند المصلحة الشخصية، وهذا أمْرٌ «كارثيته» لا تقارن نهائيًا بخُطط دوائر وصلت فى أحيان عدة إلى مساعٍ هدفها هدم الدولة ومؤسّساتها، ولنا فى ذلك عبرة بما ظهر جليًا منذ 2011 إلى تحقيق ثورة يونيو 2013 أهدافها.

 

ويطرح وسط تلك الأجواء، مستقبل «الحركة المدنية» التى يرى سياسيون ومندمجون فى الحياة الحزبية، أنها تعيش مرحلة ما وصفوه بـ «حلاوة روح» بعد انحراف المسار على حد قولهم. مشيرين إلى أن هناك حالة انتظار لبزوغ تيارات سياسية جديدة، منها معارضة «حقيقية بنّاءة» من الزخم القائم فى إطار انتخابات الرئاسة. متوقعين أن يكون النشاط الأساسى لهذه التيارات هو التشاركية وتقديم الحلول وإلا تكون إعادة إنتاج لـ «ظواهر صوتية» فى ظاهرها أحزاب.

 

ما يحدث عَبْرَ المؤتمرات الشعبية لمرشحى الانتخابات الرئاسية والتى تشهد كثافة فى المتابعة والحضور والمشاركة من رجل الشارع العادى فى المحافظات، ودخول أحزاب سياسية بثقلها وإمكانياتها فى السعى لتكون جزءًا أساسيًا من هذا الحراك واستغلال تلك الحالة؛ يؤكد بحسب سياسيين وأكاديميين، أن الشارع السياسى سيحمل «معارضة» فعّالة ناتجة عن الحراك القائم تكون أكثر قوة وترتيبًا لخدمة المصلحة الوطنية فى 2024.

 

وفى هذا الصدد، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د.حسن سلامة: إنه من المأمول أن تؤدى الظروف الحالية والبيئة المحيطة فى الشارع أمام المواطن، سواء كانت اقتصادية أو ما يتعلق بتحديات محيطه بالأمن القومى إلى إعادة التفكير فى معنى وقيمة المعارضة التى لم نعرفها بشكل عام من قبل، معارضة بنّاءة حقيقية تقدم حلولاً وبدائل للمشكلات والتحديات التى تواجه الدولة والمجتمع وليست معارضة للهدم أو التربص أو الاستهداف، وأن يتم العمل على بناء معارضة فى سياق استراتيچية عامّة لتعزيز الانتماء الوطنى وألا تكون ممارسة هذه المعارضة مقتصرة على المصالح الشخصية، وأن يفهم كل كيان دوره الذى يكمن فى إطار أن المعارضة وعملها يدور فى إيجاد حلول للمشاكل وكيفية التعامل مع المخاطر وليس التربص بالحكومة أو الأشخاص على سبيل المثال.

 

ويوضّح «سلامة»، أنه مع مرور الانتخابات الرئاسية الحالية فى ظل أجواء مرحلة الدعاية؛ نكتشف أن الأخطار التى تحيط بالدولة متعددة ونفاذ هذه الأخطار يأتى من الانقسام الداخلى، أى أن هذه الانتخابات قد تؤدى بنا إلى الاصطفاف الوطنى رغم اختلاف التوجهات، وإيجاد مساحة مشتركة بين الجميع تختلف فيها الوسائل؛ ولكن تتفق فيها الأهداف.

 

وتابع: «ولكن هذا لا يتم بين ليلة وضُحاها، نستطيع أن نعتبر أن انتخابات الرئاسة 2024؛ نقطة انطلاق يمكن البناء عليها فى ضوء اعتبارات مهمة للغاية».

 

وشدّد «سلامة»، على أن من ضمن هذه الاعتبارات، وجود استراتيچية واضحة لتعزيز الانتماء الوطنى، فى وقت يتحدث فيه العالم الخارجى بشكل طبيعى عن كيفية صناعة الانتماء. مشيرًا إلى أن جزءًا من الانتماء يكون فطريًا وجزءًا آخر يكون مكتسبًا.

 

واستكمل «سلامة» حديثه عن تلك الاعتبارات بالحاجة إلى استراتيچية أخرَى لتوزيع الأدوار بين الكيانات المختلفة وفهم أعمق للوظائف المطلوبة، بمعنى وضوح وظيفة أحزاب المعارضة، والوقوف على نقاط عبارة عن تساؤلات تحتاج إلى إجابات، منها هل تقدم هذه الأحزاب المشاكل أَمْ الكوادر؟!، وهل تهلل فقط أَمْ تقدم حلولاً حقيقية وواقعية؟! ومن هنا تكون خطوة أولى لبناء معارضة حقيقة تتجاوز «الظاهرة الصوتية»، وبداية طريق طويل فى ظل عدم اعتيادنا على المعارضة البنّاءة. لافتًا إلى أن المعارضة فى الذهن الجمعى، ارتبطت بأفكار الهدم وليس البناء، وهذا يحتاج إلى وقت لتغيير تلك الأفكار وإيجاد فهم صحيح لمعنى المعارضة وقيمتها.

 

وأراد «سلامة» فى هذا الصدد، أن يوضح نوعًا من أنواع المعارضة البنّاءة، ضاربًا مثلاً ببريطانيا التى يكون لديها ما يُعرَف بـ«حكومة الظل» التى تتشكل من الحزب المُعارض الذى يكون وجوده ليس التربص بالحكومة؛ ولكن أن يقدم البديل للمشاكل.

 

ونحن فى الحقيقة نحتاج فى إطار سعينا للمعارضة البنّاءة أن نتخذ «حكومة الظل» نموذجًا حتى يكون هناك «كيانات» تقدم حلولاً وأفكارًا وكوادر بديلة، وهنا تكون المعارضة البنّاءة؛ لأن المشكلة تكمن بشكل كبير فى وضع المعارضة الحالى، وهى أن كل شخص يتعامل بالتربص بالآخر، وهناك تنافر فى حين أننا فى حاجة لحالة من حالات التجاذب.

 

وحول إمكانية أن ينتج عن الزخم والحراك الذى يشهده الشارع السياسى فى ضوء الإعداد للانتخابات الرئاسية 2024، معارضة بنّاءة أكثر قوة مما هى عليه الآن، يرى رئيس حزب المصريين الأحرار، د.عصام خليل، أن المعارضة الحقيقية الفعالة هى التى تَبنى ولا تَهدم بما معناه أنه عندما تعارض لا بُدّ أن يكون لديك حلول قابلة للتنفيذ، وحتى يكون هناك معارضة فعالة يجب أن يكون هناك تصحيح فى المفاهيم السياسية وحياة حزبية حقيقية منطلقة من أحزاب ينتمى لها رجل الشارع بناءً على دراسته أيديولوچيات وأهداف وبرامج الحزب الذى يراه متفقًا مع أفكاره وأولوياته.

 

وأوضح «خليل»، أنه حتى يكون هناك معارضة حقيقية فعالة لا بُدّ من إصلاح المنظومة الحزبية ليس باستغلال زخم الانتخابات الرئاسية فقط؛ ولكن من المهم تقديم منظومة «المعارضة» بالشكل الحقيقى الذى يعكس مصلحة الدولة وبالتالى المواطن.

 

مشيرًا إلى أن أفضل تجربة تكون ببناء معارضة جديدة على طريقة ما حدث من جانب الدولة فى السنوات الأخيرة بالتعامل مع أزمة العشوائيات والمناطق غير الآمنة. مفسرًا فكرته بالقول إن الدولة لم تقم بإصلاح العشوائيات وترميمها؛ ولكنها قامت ببناء مُدن جديدة على أسُس متطورة تم نقل سكان العشوائيات إليها، وتم حل المشكلة بشكل جذرى وبات هناك حياة آدمية لهم وتحقق الهدف.

 

واستكمل: «نحن لدينا فى الحقيقية عشوائية سياسية وألفاظ مختلطة ما بين معارضة وأغلبية وأكثرية، والحزب الحقيقى يجب أن يكون له برامج وأهداف وأن يكون مَدرسة أكاديمية لتخريج رجال سياسة ودولة، حينها سنجد معارضة حقيقة».

 

ويتطرق «خليل» فى هذا الصدد إلى مستقبل «الحركة المدنية»، مشيرًا إلى أنها خلال الفترة القادمة ستتفتت وستتخللها انشقاقات لتنقسم إلى بعض من الحركات، وكل سيخرج عن الآخر، ولن تستمر لأنها ليست مبنية على أيديولوچية واحدة وجمعت أطيافًا مختلفة.

 

ولفت «خليل» إلى أن «الحركة المدنية» تكونت لتجميع قوى سياسية قديمة للغاية تستخدم أساليب عتيقة عفى عليها الزمن وشعارات رنانة حفظها رجل الشارع ولا يجد فيها جدوى بالتجربة، مبنية على المعارضة لمجرد المعارضة وشعارات تقدم بصوتٍ عالٍ.

ودلّل «خليل» على ذلك بما قاله إن متوسط العمر فى «الحركة المدنية» مرتفع للغاية ولم تستطع استقطاب أجيال من الشباب لأنها تستخدم أساليب عتيقة وجُمَل مكررة، ومنذ أن نشأت حتى الآن تردد نفس الجُمل والشعارات حتى لو تغيرت المواقف، ولكنها جُمل محفوظة ليست فعالة ولا تقدم أى حلول عملية.

 

ويتفق معه رئيس حزب المستقلين الجُدُد، د.هشام عنانى، بالقول: إن الحجم الحقيقى لـ«الحركة المدنية» ظهر جليًا فى ظل ما تعانيه من انقسامات وانشقاقات، وباتت فى مأزق كبير أمام الرأى العام. متوقعًا أنه بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية لن يتم التعويل على هذه الحركة من جانب أعضائها بعد أن وجدوا عدم القدرة فى تقديم أى رؤى فى المراحل الماضية.

 

وتوقع «عنانى» أن يكون من نتائج الانتخابات الرئاسية المنتظرة؛ ظهور كتل وتيارات وتحالفات على الساحة تكون فعالة وبنّاءة فى ظل ما يكفله الدستور والقانون بأن الأحزاب ذات الاتجاه الواحد من الممكن أن يكون لها تحالفات أو كتل سياسية جديدة سواء مستقلين أو أحزابًا، وهى فرصة مهمة يجب استغلالها، لاسيما أنه كلما كان هناك تنوع ورؤى سياسية جديدة لمختلف القضايا كلما يصب لصالح المواطن، وتكون أيضًا قادرة ومؤهلة لخوض انتخابات البرلمان 2025.

وشدّد «عنانى» على ضرورة أن يستغل كل الأحزاب «موالاة» أو «معارضة» هذا الزخم المصاحب لانتخابات الرئاسة؛ لأن الفرصة سانحة والمساحة متوافرة بأن كل حزب يعرض برنامجه، لاسيما أن هناك 3 مرشحين حزبيين، منهم الوفد المحسوب على الليبرالى، والمصرى الديمقراطى، بالإضافة إلى الشعب الجمهورى، فى حين أن المرشح الرئاسى السيد عبدالفتاح السيسى «مستقل» لا ينتمى لأى حزب سياسى.

وقال «عنانى»: إن هناك فرصة كبرى للأحزاب المحسوبة على المعارضة أن تُعَبّر عن نفسها أمام الشارع وتقدم برامجها، ولديهم مساحة كبرى من حرية التحرك فى الشارع واستغلال وسائل التواصل الاجتماعى وأيضًا الظهور الإعلامى؛ لتخرج هذه الأحزاب بعد تلك الانتخابات إذا استثمرت هذه الفرصة لتكون لبنة حقيقة للمعارضة بالمشاركة بالرأى والمشورة وتقديم الحلول.