الأربعاء 21 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

رغم تردى الأوضاع الإنسانية والمعيشية فى القطاع: المرأة الفلسطينية أسطورة تحكى تاريخًا طويلاً من النضال والعزة والقوة والكرامة

28 يومًا مرّت على حرب الإبادة الجماعية التى تنتهجها إسرائيل فى قطاع غزة واستهدافها عشرات الآلاف من الأطفال والسيدات، ولقد أظهرت هذه الحرب بسالة المرأة الفلسطينية التى وقفت بكل شجاعة تقاوم الاحتلال الغاشم، فهى أسطورة تحكى تاريخًا طويلاً من النضال والعزة والقوة والكرامة.. فلا تتعجب كثيرًا من كونها المرأة الأقوَى رغم ظروف الحياة الصعبة التى تحياها وسط الاحتلال الغاشم..



 

 فقد عاشت ولا تزال تعانى ويلات الحياة إلا أنها صابرة وقوية الجأش.. يموت زوجها فهى الرجل من بعده.. ويموت وليدها وفلذة كبدها فيشتد عودها.. وتقوى شوكتها.. ولا يزيدها الأمْرُ إلا عزمًا وقوة.. ويُهدم بيتها فتعيش فوق أنقاضه وأطلاله.. لتقوم ببنائه حَجَرًا حَجرًا.. لا تهاب الموت وتواجه مصاعب ومتاعب الحياة بلا هوادة، فهى بمثابة وزيرة اقتصاد تدير شئون بيتها بأقل القليل وقد تعيش على قليل من الطعام لسنوات عدة.. ولا تمد يدها لأحد؛ فهى مَدرسة بكل المقاييس.. فقد تم تصنيفها كأم وأب مقاتلة ووزيرة للاقتصاد والمالية.. ومُعلمة فى أمور الحياة.. امرأة تحمل صفات عديدة يصعب على أى امرأة فى العالم أن تحاكيها أو تقارعها أو أن تتقلد تلك المناصب التى تمارسها تلك المرأة الحديدية.. تلك السيدة القوية التى قد تدفن أبناءها جميعهم بيدها ولا يزيدها هذا الأمْرُ إلا قوة وصلابة.. فقد تفقد زوجها وإخوتها وتعيش وتتقلد هى دور الزوج والأخ بين العَشيرة.. فإن كانت للحياة فى فلسطين عزة وكرامة.. فكرامتها وعزتها هى فى نسائها.. فهن مصانع الرجال.

تحذيرات كبيرة

هذا ما جعل هناك تحذيرات كبيرة من عواقب ما تتعرض له السيدات فى غزة الآن؛ حيث حذرت سارة هندريكس نائبة المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، من تأثير التصعيد من قوات الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، قائلة إن ما يحدث «أزمة عميقة» لم تشهدها المنطقة منذ عقود.. مشددة على أهمية إدراك وتحديد «الاحتياجات ونقاط الضعف الخاصة والمُلحة للنساء ومعالجتها».

وقالت: إن النساء فى غزة يعشن فى وقت مظلم وصعب للغاية.. معربة عن قلق الأمم المتحدة للمرأة إزاء تأثير ذلك على حياة النساء والفتيات.. مشددة على ضمان حماية النساء والفتيات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، والوقف الفورى لإطلاق النار لأغراض إنسانية.

وأضافت: «لقد أصدرنا تقييمًا جديدًا، وهو عبارة عن تقييم سريع واستجابة إنسانية للوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. ويهدف هذا التقييم إلى تسليط الضوء على التأثير العميق للصراع المستمر على الناس فى غزة، بمن فيهم النساء والفتيات بشكل خاص.. مشيرة إلى أن القصف المروع على غزة قد خلف أكثر من ثمانية آلاف شهيد منذ 7 أكتوبر، أغلبهم من الأطفال والنساء.. مشيرة إلى أن الأعمال العدائية المستمرة وعواقبها الإنسانية الخطيرة للغاية تؤدى إلى خلق مَخاطر خاصة ونقاط ضعف لدى النساء فى قطاع غزة.

وأشارت إلى أنه حتى قبل الأزمة والتصعيد الأخير فى غزة، كان الوضع فى غزة سيئًا قائلة: «لقد كان الأمر فظيعًا للغاية وقد تدهور هذا الوضع الآن بشكل كبير».

 أكثر من 500 ألف امرأة وفتاة فى هذه المرحلة نزحن من منازلهن فى غزة وقالت سارة هندريكس: «هناك أكثر من 500 ألف امرأة وفتاة فى هذه المرحلة نزحن من منازلهن فى غزة، بالإضافة إلى ذلك، تشير تقديراتنا إلى أن العنف قد أنتج ما يقرب من 900 أسرة جديدة تعيلها نساء بعد مقتل أزواجهن، والأرقام فى زيادة.. مشيرة إلى أنه حتى قبل اندلاع العنف، أفاد تقرير الاحتياجات الإنسانية لعام 2023 بأن 668 ألف شخص؛ لا سيما النساء والفتيات، أى ما يقرب من ٪30 من السكان، كانوا بحاجة إلى الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعى.

وأضافت: ما نحتاج إليه هو وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية الآن مع إمكانية الوصول دون عوائق للمساعدات الإنسانية التى تشمل أشياء بالغة الأهمية لكل أسرة، ولكل حياة، بما فيها الغذاء والماء والإمدادات الصحية؛ وبخاصة الوقود الذى يُعتبر بالغ الأهمية لبقاء النساء والفتيات فى قطاع غزة على قيد الحياة.

علاوة على ذلك، يُقدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك 540 ألف امرأة فى سن الإنجاب فى غزة، بينهن ما يقرب من 50 ألف امرأة حامل حاليًا. ومن المتوقع أن تلد 5522 من هؤلاء النساء فى الشهر المقبل فقط، ولذلك فمن المهم جدًا أن يحصلن على الخدمات الصحية والرعاية الصحية الإنجابية الآمنة. 

ويخشى 98 فى المائة من النساء على سلامتهن، ولكن مستويات الاكتئاب كانت كبيرة جدًا بين النساء والرجال على حد سواء. لقد كان لديهم شعور باليأس، ويرجع ذلك جزئيًا إلى البَطالة الجماعية. 

وقالت: إن هيئة الأمم المتحدة للمرأة تدعم المرأة الفلسطينية منذ عام 1997 لنيل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ولدينا فريق على الأرض، وفى محادثاتى المباشرة مع أعضاء الفريق، أعربوا لى عن أن الأمور قد انقلبت، وأن النساء الموجودات على الأرض فى غزة، اللاتى شاركن فى قيادة العمل الإنسانى المستجيب للنوع الاجتماعى، يجدن أنفسهن الآن يتلقين ذلك العمل الإنسانى.

وهن أنفسهن يجدن أن احتياجاتهن واحتياجات أسرهن تعتمد على إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية. وهذا وضع لا مثيل له.

 وطالبت بضرورة حماية النساء والفتيات بوقف فورى لإطلاق النار لأغراض إنسانية. والإفراج الفورى عن الرهائن وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وهذا أمْرٌ بالغ الأهمية لبقاء النساء والفتيات فى قطاع غزة فى الوقت الحالى على قيد الحياة.

وتعد المستلزمات المنقذة للحياة بما فيها المياه والصرف الصحى والغذاء والرعاية الصحية، أمورًا بالغة الأهمية لبقاء النساء والفتيات ورفاههن، فضلاً عن الوقود.

واستطردت قائلة إنه من الضرورى أيضًا أن يقترن هذا بدعم النساء والفتيات للوصول إلى المأوى الآمن، والحصول على دعم الحماية والرعاية الصحية للأمهات. 

ويجب أن تحصل الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعى على الخدمات الأساسية لدعم مقدمى الخدمات فى ظل تصاعد العنف.

وأخيرًا؛ بينما يستجيب المجتمع الدولى لهذه الأزمة، نحتاج إلى الدعم والاستثمار بكل إخلاص فى المنظمات التى تقودها النساء التى تقف على الخطوط الأمامية للاستجابة الإنسانية، والتى تعزز المشاركة الهادفة للمرأة فى الاستجابة الإنسانية والسياسية. 

وقالت إن هناك حاجة أكثر من أى وقت مضى لتوفير شرايين الحياة- مثل صندوق المرأة للسلام والعمل الإنسانى- التى توفر الموارد بصورة مباشرة للمنظمات النسائية فى الخطوط الأمامية.

 المرأة الفلسطينية: نضال لا ينتهى

ومن جهتها أكدت مى عجلان الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيچية فى دراسة بعنوان «المرأة الفلسطينية»: نضال لا ينتهى التحديات الرئيسية التى تواجه المرأة الفلسطينية فى السياسات التى تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلية، فأكثر من عُشر المنازل فى فلسطين تعيلها النساء اللاتى تعلمن تقديم الدعم النفسى والعاطفى لأطفالهن الذين يعانون من العنف والضغوط النفسية الناتجة عن الاعتقالات والترهيب المستمر، كما أن النساء اللواتى هدمت إسرائيل منازلهن منذ احتلال القدس فى عام 1967 يتعرضن لضغوط إضافية؛ حيث يتطلب ذلك منهن القيام بالعديد من الأدوار، بما فى ذلك رعاية أطفالهن والتأكد من سلامتهم وأمانهم، إلى جانب مواجهة الناشطات والمدافعات لظروف الاعتقالات العشوائية وتقوّض حقهن فى لم شملهن مع عائلاتهن.

 أكثر من 17000 امرأة فى السجون الإسرائيلية

فمنذ عام 1967، تم احتجاز أكثر من 17000 امرأة فى السجون الإسرائيلية، وحدث أكبر عدد من الاعتقالات فى الانتفاضة الأولى (1987-1993)، التى تم خلالها اعتقال 3000 امرأة، وفى الانتفاضة الثانية (2000-2005) حيث تم اعتقال نحو 1000 امرأة، وفى عام 2019 اعتقلت سُلطات الاحتلال الإسرائيلى نحو 1600 فلسطينى بينهم 230 طفلاً و40 امرأة، وفى عام 2021 هناك 35 امرأة فلسطينية فى السجون الإسرائيلية، يتعرضن وغيرهن من الأسيرات الفلسطينيات بشكل دائم للتعذيب وسوء المعاملة من قِبَل قوات الاحتلال الإسرائيلى منذ لحظة اعتقالهن مما تسبب فى تدهور أوضاعهن وحرمانهن من الزيارات العائلية أو حتى المكالمات الهاتفية، وتعرضن لمراقبة مكثفة تنتهك خصوصيتهن، وتحرمهن من التعليم، ويُحتجزن فى ظروف غير صحية، ويتم منعهن من الوصول إلى المرافق الصحية. كما تتعرض الفتيات اللواتى يسافرن من منازلهن إلى الجامعة للمضايقات عند نقاط التفتيش التابعة للجيش الإسرائيلى، ونتيجة لذلك بدأ العديد من الآباء فى إبقاء بناتهم فى المنزل، وحتى تزويجهن فى سن مبكرة. ومع تدهور الوضع الاقتصادى كانت فرص عمل المرأة أقل، كما ارتفعت حالات الإصابة بالأمراض العقلية، بالإضافة إلى أن عدم الاستقرار الأمنى والاقتصادى هو التحدى الأكبر بسبب التضييق على مجالات الحياة بشكل عام، والحدّ من الحركة والضرائب المفروضة والحياة المعيشية المرتفعة الثمَن مقارنةً مع الدخل للأفراد.