المشروع التنموى الأكبر فى العالم يغير حياة 58 مليون مواطن إلى الأفضل من التهميش إلى حياة كريمة.. حصاد الريف المصرى فى 10 سنوات

يعد المشروع القومى لتطوير قرى الريف المصرى «حياة كريمة» حلم الجمهورية الجديدة الذى أحدث نقلة نوعية بالارتقاء بالريف المصرى الذى طالما عانى من انعدام المقومات الأساسية؛ فقد أنهت «حياة كريمة» عصور التهميش فى جميع قرى مصر التى ظلت على مدى عقود طى النسيان والإهمال، ولكن فى الجمهورية الجديدة بعد ثورة 30 يونيو، حظى الريف المصرى باهتمام بالغ، فكان على أجندة اهتمام الدولة المصرية.
تستهدف مبادرة «حياة كريمة» تغيير حياة أكثر من 58 مليون مواطن فى الريف المصرى إلى الأفضل؛ وتغطى فى مرحلتها الأولى أكثر من 4500 قرية، بإجمالى 175 مركزًا فى 20 محافظة، من إحداث طفرة شاملة للبنية التحتية، والخدمات الأساسية، والارتقاء بجودة حياة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإحداث تغيير إيجابى فى مستوى معيشتهم، وخلق واقع جديد من التنمية الشاملة المستدامة لهذه التجمعات الريفية المحلية.
ماهية القيام بمبادرة حياة كريمة
إصلاح لعوار تاريخى كانت هذه هى إجابة السؤال لماذا قامت الدولة المصرية بمبادرة حياة كريمة؟ فى المقال المنشور على موقع المركز المصرى لكاتبه «الدكتور جمال عبد الجواد» الذى لخص فيه أين كنا وكيف انتقلنا بفضل مبادرة حياة كريمة، حيث ذكر نشأة «العزب» نتيجة تطورات القرن التاسع عشر، حيث رفض أعضاء طبقة كبار ملاك الأرض، التى تكونت فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، العيش فى القرية المزدحمة فوق التل، واختاروا العيش وسط مزارعهم، وجذبت بيوتهم وملكياتهم الزراعية أسر الفلاحين التى عملت فى أرض المالك الثرى، وفى رعاية بيته الكبير المقام خارج القرية.
حدث هذا تلقائيًا، ودون أى تخطيط مسبق، ودون أى محاولة للمواءمة بين متغيرات الاقتصاد والمجتمع والثقافة والعمران، فكان التغير يحدث بمبادرات فردية تخدم المصالح الخاصة، حتى لو كان فى هذا تعارض مع مصالح المجموع الريفى والوطنى. تغير التركيب الاجتماعى للريف، واختفى كبار الملاك من الريف المصرى بعد قوانين الإصلاح الزراعى، وبعد أن تولت المواريث تفتيت ما تبقى من ملكيات كبيرة، وانتشرت الملكيات القزمية بين سكان الريف الذين تضاعف عددهم عدة مرات، لكن «العزب» ظلت قائمة، وهى التى تعد الآن توابع للقرى.
المستهدف من مبادرة حياة كريمة
- التخفيف عن كاهل المواطنين بالتجمعات الأكثر احتياجًا فى الريف والمناطق العشوائية فى الحضر.
- التنمية الشاملة للتجمعات الريفية الأكثر احتياجًا؛ بهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد.
- الارتقاء بالمستوى الاجتماعى والاقتصادى والبيئى للأسر المستهدفة وتحسين مستوى معيشتهم.
- إشعار المجتمع المحلى بفارق إيجابى فى مستوى معيشتهم.
- توفير فرص عمل لتدعيم استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى معيشتهم.
- الاستثمار فى تنمية الإنسان المصرى.
- سد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى وتوابعها.
- إحياء قيم المسئولية المشتركة بين جميع الجهات الشريكة لتوحيد التدخلات التنموية فى المراكز والقرى وتوابعها.
- تنظيم صفوف المجتمع المدنى.
حياة كريمة فى أرقام
أطلق الرئيس السيسى مبادرة «حياة كريمة» فى يناير 2019، وتغطى المبادرة فى مرحلتها الأولى 4500 قرية، بإجمالى 175 مركزًا فى 20 محافظة. وتتضمن المبادرة ثلاث مراحل: الأولى؛ تشمل القرى ذات نسب فقر تتجاوز 70 % وهى الأكثر احتياجًا وتحتاج إلى تدخلات عاجلة، والثانية؛ القرى ذات نسب الفقر التى تتراوح بين 50 % إلى 70 %، والثالثة؛ القرى ذات نسب الفقر أقل من 50 %.
وإذا تحدثنا بلغة الأرقام؛ نجد أنه خلال عام 2022 بلغ فى جميع أنحاء الجمهورية عدد مجمعات الخدمات الحكومية 333 مجمعًا، وعدد مجمعات الخدمات الزراعية 330 مجمعًا، وعدد أعمدة الإنارة 217247 عامودًا، والطرق المرصوفة 1149 كم. أما عن الوحدات السكنية، فأُنشئت 3828 وحدة سكنية متطورة، إلى جانب رفع كفاءة 1486 وحدة سكنية. وفى نطاق محطات المياه، أُنشئت 256 محطة مياه، و1547 محطة معالجة، وحفر 249 من الآبار.
لم تغفل «حياة كريمة» عن بناء الإنسان، فأُجرى 215 حوارًا مجتمعيًا لأهالى قرى مبادرة حياة كريمة، و154 ندوة طلابية فى الجامعات المصرية، مع توفير 100 جولة ميدانية لزيارة مشروعات حياة كريمة. وفى المجال الطبي؛ أُنشئت 1101 وحدة طبية، وأُجريت 701 قافلة طبية، إلى جانب إنشاء 221 وحدة بيطرية، والقيام بـ 83 قافلة بيطرية. ولم تغفل حياة كريمة عن القيام بندوات لتوعية الفلاحين والمزارعين والتى وصل عددها 98 ندوة، هذا إضافةً إلى 353 نقطة إسعاف. أما عن خدمة الأسرة والنشء؛ فأُنشئ 213 مركزًا للأسرة والطفل، و31 حضانة، و62 مكتبة، إلى جانب إنشاء 990 مركز شباب.
وإذا تحدثنا عن المبادرات التى أطلقتها مؤسسة حياة كريمة إحدى المؤسسات البارزة للتحالف الوطنى للعمل الأهلى، والتى استفاد منها ملايين من المواطنين الأكثر فقرًا واحتياجًا نجد منها: مبادرة «وصل الخير» والتى بلغ عدد المستفيدين منها 1.5 مليون، ومبادرة «راجعين نتعلم» والتى بلغ عدد المستفيدين منها 40000 طالب وطالبة، وأيضًا مبادرة «التعليم حياة» التى استفاد منها 24000، ومبادرة «أنت الحياة» - وهى قافلة شاملة توعوية اجتماعية صحية ثقافية بيئية- والتى استفاد منها 52000 مواطن، ومبادرة «يدوم الفرح» والتى هدفت إلى الإرشاد الأسرى للمقبلين على الزواج، بالإضافة إلى تجهيز الفتيات المقبلات على الزواج وقد استفاد من المبادرة 800 فتاة.
هذا إلى جانب مبادرة «قطار الخير»، ومبادرة «ستر وعافية» والتى استفاد منها 320 ألف مواطن، ومبادرة «كتف فى كتف» والتى استفاد منها بصناديق غذائية أكثر من 4 ملايين أسرة، إضافة إلى إنشاء مطابخ على مستوى المحافظات لتوفير الوجبات الساخنة للمواطنين ضمن مبادرة «خيرك سابق» والتى تستهدف إطعام 5 ملايين مواطن من خلال الوجبات الساخنة.
ومن الناحية التعليمية؛ فقد أُنشئت 834 مدرسة، إلى جانب تطوير 1519 مدرسة.
نماذج نجاح لحياة كريمة
المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» شملت جميع ربوع الجمهورية، من القاهرة والوجه البحرى والوجه القبلى والمحافظات الحدودية، وسعت ولا تزال إلى تحقيق التنمية والارتقاء بالمستوى الاجتماعى والاقتصادى والبيئى للقرى الأكثر فقرًا واحتياجًا؛ لكى تحصل على جميع مقومات الحياة الأساسية والثانوية لكى تحيا حياة كريمة، ففى:
أولًا: فى الوجه القبلي- سوهاج نموذجًا:
استحوذت محافظات الصعيد جميعها على 96.8 % من جملة الاعتمادات المنفذة بمبادرة حياة كريمة، وقد وصلت نسبة تنفيذ مشروعات الصرف الصحى 97.3 %، أما عن القطاع الطبى فقد وصلت نسبة تنفيذ الوحدات الصحية 90.2 %، وفى المجال التعليمى وصلت نسبة إنشاء المدارس 48.8 %، وفى مجال الطرق وصلت نسبة تنفيذ الرصف ورفع كفاءة الطرق 85.2 %، وفى مجال الرى تم تنفيذ 247 مشروعًا، إلى جانب تأهيل ترع بأطوال 2470 كيلومترًا وبتكلفة وصلت 8.60 مليارات جنيه، فضلًا عن إنشاء وإحلال وتجديد 4179 منشأة صناعية على المجارى المائية، وتطوير الرى فى الأراضى القديمة فى زمام 60 ألف فدان، وإنشاء وإحلال شبكات الصرف المغطى وتوسعة المصارف المكشوفة، وأيضًا تنفيذ مشروع إنشاء قناطر ديروط الجديدة لخدمة 1.60 مليون فدان.
- فى مجال الصرف الصحى: بلغ عدد مشروعات الصرف الصحى بالمبادرة 460 مشروعًا: منها 140 مشروع شبكات انحدار بنسبة تنفيذ 73.7 %؛ و156 محطة رفع؛ و156 خط طرد بنسبة تنفيذ 71.8 %؛ و8 محطات معالجة.
- فى مجال مياه الشرب: بلغ عدد مشروعات مياه الشرب 137 مشروعًا؛ منها 132 مد وتدعيم بنسب تنفيذ 96.7 %، و3 محطات تنقية، و2 خطوط ناقلة.
- فى مجال الصحة: بلغ عدد المشروعات فى المجال الطبى 218 مشروعًا؛ منها رفع كفاءة 44 وحدة صحية بنسبة تنفيذ 100 %، بالإضافة إلى إنشاء 110 وحدات صحية جديدة بنسبة تنفيذ 88.6 %، إلى جانب إنشاء 25 مركزًا طبيًا بنسبة تنفيذ 85.9 %، و35 نقطة إسعاف بنسبة تنفيذ 100 %؛ هذا إلى جانب إنشاء 4 مستشفيات مركزية.
- فى مجال التنمية المحلية: بلغ عدد المشروعات 30 مشروعًا، بنسبة تنفيذ 100 %؛ حيث تم إنشاء مجمع خدمات حكومية بكل وحدة محلية قروية.
- فى مجال الشباب والرياضة: تم إنشاء وتطوير 48 مركز شباب بقرى ومراكز محافظة سوهاج، بنسبة تنفيذ 100 %؛ حيث تم رفع كفاءة 19 مركز شباب، وإنشاء 29 مركز شباب جديدًا.
- فى المجال الزراعى: بلغ عدد المشروعات 30 مشروعًا بنسبة تنفيذ 100 %؛ شملت: مركز إرشاد زراعى، وجمعيات زراعية، ووحدة الطب البيطرى، ومركز تجميع الألبان.
- فى مجال الرى: بلغ عدد المشروعات 8 مشروعات، بنسبة تنفيذ 100 %.
- وفى مجال الكهرباء: بلغ عدد المشروعات 183 مشروعًا.
- فى مجال التضامن الاجتماعى: بلغ إجمالى المشروعات 24 مشروعًا، بنسبة تنفيذ 97.2 %،؛ منها: مركزا تأهيل اجتماعى على مستوى المركز، و14 مركز خدمات الأسرة والطفولة، و8 مراكز خدمات مجتمعية على مستوى القرية.
- فى مجال الطرق: بلغ إجمالى المشروعات 30 مشروعًا بإجمالى 115 كم.
ثانيًا: فى الوجه البحري- البحيرة نموذجًا:
زار الرئيس السيسى مؤخرًا محافظة البحيرة لافتتاح عدد من القرى النموذجية المنتهية من مشروعات حياة كريمة، وبشكل عام وصل إجمالى المشروعات فى المرحلة الأولى التى تُنفذ بمختلف قرى محافظة البحيرة، ضمن المبادرة الرئاسية حياة كريمة 8868 مشروعًا؛ حيث أُدرجت 6 مراكز بالمرحلة الأولى هى: (دمنهور – كفر الدوار – أبو حمص – حوش عيسى – أبو المطامير – وادى النطرون) بإجمالى 42 وحدة محلية تضم 236 قرية و3967 تابعًا، على مساحة 4569 كم.
وقد بلغ عدد المستفيدين من المبادرة فى مختلف القرى حوالى 3.5 ملايين من الخدمات والمشروعات المتنوعة التى تقدمها المبادرة فى كل المجالات من: البنية التحتية، والغاز الطبيعى، والصرف الصحى، ومشروعات التبطين، وبناء مدارس، وإعادة تأهيل منازل، ومشروعات المياه والكهرباء، ففى:
- فى مجال الصرف الصحى: بلغ عدد مشروعات الصرف الصحى بالمبادرة 120 مشروعًا: تشتمل على شبكات انحدار ومحطات رفع؛ وخطوط طرد، ومحطات معالجة. وقد تم انتهاء توصيل الصرف الصحى لـ 71 قرية، وجارٍ توصيل الصرف الصحى لـ 103 قرى بنسب تنفيذ تتراوح بين 60 - 95 %.
- فى مجال مياه الشرب: بلغ عدد مشروعات مياه الشرب 233 مشروعًا؛ منها مد وتدعيم محطات تنقية، وخطوط ناقلة، وإنشاء محطات تحلية.
- فى مجال الغاز الطبيعى: تم توصيل الغاز الطبيعى لـ 67 قرية، حيث تم الانتهاء من توصيل الغاز إلى 28 قرية، وجارٍ توصيله فى 39 قرية، بنسب تنفيذ تتراوح ما بين 40 - 99 %.
- فى مجال الصحة: بلغ عدد المشروعات فى المجال الطبى 173 مشروعًا؛ منها رفع كفاءة 50 وحدة صحية بنسبة تنفيذ 100 %، بالإضافة إلى إنشاء 123 وحدة صحية جديدة، منها 65 مشروعًا تم الانتهاء منها، وجارٍ العمل بـ 108 مشاريع بنسب تنفيذ تتراوح بين 80 - 94 %. إلى جانب إنشاء 55 وحدة إسعاف؛ منها انشاء 38 وحدة جديدة، ورفع كفاءة 18 وحدة إسعاف. وقد تم الانتهاء من إنشاء ورفع كفاءة 49 وحدة، وجارٍ العمل على 5 وحدات بنسب تنفيذ تتراوح بين 60 - 89 %.
- فى مجال المجمعات الحكومية: بلغ عدد المجمعات الحكومية التى أُنشئت 42 مجمعًا، وقد تم الانتهاء منها جميعًا.
- فى المجال الزراعى: بلغ عدد المجمعات الزراعية التى تم إنشاؤها 43 مجمعًا زراعيًا، وقد تم الانتهاء منها جميعًا.
- فى مجال الشباب والرياضة: بلغ عدد مراكز الشباب 168 مركزًا؛ منها 119 مركزًا تم إنشاؤه، و4 مراكز تم رفع كفاءتها بنسب تنفيذ 100 %.
- فى مجال التضامن الاجتماعى: بلغ إجمالى المشروعات 24 مشروعًا، منها إنشاء 15 وحدة تضامن جديدة، ورفع كفاءة 9 وحدات. وقد تم الانتهاء من 18 وحدة، وجارٍ العمل فى 9 منشآت تضامن بنسب تنفيذ تتراوح بين 80 - 95 %.
- فى مجال الرى: بلغ عدد مشروعات كبارى الرى 53 مشروعًا؛ منها إحلال وتجديد 39 كوبرى، ورفع كفاءة 14 كوبرى، وتم الانتهاء منها جميعًا. وفى مجال تبطين الترع، تم تنفيذ 214.63 كم من أصل أطوال 375.46 كم بنسبة تنفيذ 57.17 %.
- فى مجال الإسكان: تم إنشاء 9 مشاريع سكنية؛ حيث تم الانتهاء من 3 عمارات سكنية فى قرى «بنى سلامة –كفر داود – الحمرا» بمركز وادى النطرون، وعمارات سكنية الكردود بمركز حوش عيسى، وعمارات سكنية الملقة بمركز كفر الدوار. وجارٍ العمل فى 4 قرى بالعمارات السكنية بنسب تنفيذ تتراوح من 80 – 95 %.
- فى مجال الكهرباء: بلغ عدد مشروعات شبكة الكهرباء 223 مشروعًا، تم الانتهاء من دخول شبكة الكهرباء لـ 19 قرية، وجارٍ العمل على 203 قرى بنسب تتراوح من 40 - 80 %.
- فى المجال التعليمى: بلغ عدد المشروعات 290 مدرسة، منها: إنشاء 173 مدرسة جديدة، وصيانة 117 مدرسة، وتم الانتهاء من تنفيذها جميعًا.
- فى المجال الشرطى: تم الانتهاء من إنشاء 26 نقطة شرطية.
- فى المجال الاتصالات: تم الانتهاء من عدد 147 برج محمول من إجمالى 267 برجًا.
- فى مجال مكاتب البريد: بلغ عدد مكاتب البريد 66 مكتبًا، تم الانتهاء من 47 مكتبًا منها.
- فى مجال السكك الحديدية: بلغ عدد المحطات 6، وتم الانتهاء من 4 محطات (كفر بنى هلال، ومنشأة الخزان، ومنشأة سعيد طوسون، والهوارية)، وجارٍ العمل فى محطتين (محطة سكة حديد مركز أبو حمص بنسبة تنفيذ 38 %، ومحطة سكة حديد مركز كفر الدوار بنسبة تنفيذ 10 %).
الدولة والمجتمع المدنى
انتبهت القيادة السياسية فى الجمهورية الجديدة لأهمية منظمات المجتمع المدنى فى صنع السياسات العامة المستنيرة؛ إذ إنها تلعب دورًا رئيسًا كوسيط بين المواطنين من جهة، من خلال الاتصال المستمر مع المواطنين بما فى ذلك الفئات المهمشة أو الضعيفة، ومنحهم دورًا رئيسًا فى الحوار المدنى وتمكين المواطنين البعيدين عن المشاركة من التعبير عن احتياجاتهم ومخاوفهم؛ والحكومة من جهة أخرى، من خلال الحوار المنظم ذى المغزى فى صنع القرار.
وذلك لأن القيادة السياسية تؤمن بالدور الحيوى للمجتمع المدنى فى تعزيز الحقوق والحريات، وتحث على تكوين الجمعيات من أجل مجتمع مدنى قوى نابض بالحياة، فنجد الدولة المصرية قد أعلنت عام 2022عام «المجتمع المدني» وتعكف على خلق ظروف مواتية لتعزيز المجتمع المدنى، فى ظل ظروف عالمية أثرت بشكل سلبى على مساحات المجتمع المدنى فى معظم أنحاء العالم.
وأعلن البرلمان الأوروبى فى مارس 2022 تقلص مساحة المجتمع المدنى فى أوروبا بشكل متزايد، وقدم ملاحظات حول الانكماش العام لمجال المجتمع المدنى فى بعض دول الاتحاد الأوروبى، وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا لسيادة القانون والديمقراطية والحقوق الأساسية. وقد وجدت وكالة الاتحاد الأوروبى للحقوق الأساسية فى عام 2020، أن 57 ٪ من منظمات المجتمع المدنى الوطنية والمحلية فى الاتحاد الأوروبى قالت: «إن الوضع تدهور، أو تدهور بشكل كبير»، مقارنة بالسنوات السابقة، لا سيما فى سياق جائحة فيروس كورونا.
وعلى جانب معاكس، نجد الدولة المصرية تسعى إلى تعزيز مساحات المجتمع المدنى فى مصر؛ حيث تأمل الإدارة المصرية فى وجود مجتمع مدنى قوى يعمل على حماية الحقوق والحريات، وتوفير الخدمات الأساسية للأغلبية، ويكون حاضنًا للمشكلات التى لم تتمكن الدولة من الوصول إليها، حيث يمتاز المجتمع المدنى باللامركزية، مما يساعد الدولة على تحقيق رفع جودة الحياة للمواطنين فى جميع أرجاء الجمهورية.. فضلًا عن وجود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أُطلقت فى سبتمبر 2022، والتى تستهدف زيادة التنسيق والتكامل بين شركاء التنمية «الحكومة – المجتمع المدني- القطاع الخاص»، إضافة إلى تعزيز وتنمية القدرات الموسمية للجمعيات الأهلية، وعقد الشراكات مع المجتمع المدنى فى أكثر من مجال حقوقى. وفيما يلى نوضح بعض أوجه التعاون:
مظلة العمل الأهلى:
سعيًا لدعم مبادئ الديمقراطية بالتنمية عن طريق توحيد الجهود والتنسيق والتعاون المستمر بين المؤسسات والجمعيات الأهلية، بعد معاناة المجتمع المدنى من العشوائية، وغياب الرؤية والتخطيط الاستراتيجي؛ تم توقيع ميثاق التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، فى 13 مارس 2022، من خلال التعاون بين مؤسسات المجتمع المدنى ومؤسسة حياة كريمة.. ويضم التحالف أكثر من 30 مؤسسة وجمعية أهلية وكيانًا خدميًا وتنمويًا، وفى مقدمتها مؤسسة حياة كريمة والاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية. وتعمل هذه الجمعيات فى مختلف مجالات التنمية على تنوعها من: خدمية، وصحية، وتوعوية، وتعليمية، وعمرانية، وغيرها. حيث وضعت المؤسسات والجمعيات الأهلية مجتمعة اللبنة الأولى للتحالف، وما زالت ترحب بانضمام العديد من المؤسسات والهيئات بعد توفيق أوضاعها لتوحيد الجهود؛ بحيث يتم تكوين قاعدة بيانات موحدة تعمل عليها جميع المؤسسات فى التحالف؛ لضمان عدم تكرار المساعدات ووصولها لمستحقيها، فى ظل وجود مشروعات قومية فى الدولة وعلى رأسها المشروع القومى التنموى «حياة كريمة» الذى وحد جهود التنمية تحت مظلته.. ويستهدف التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى: زيادة عدد الأسر المستهدف إخراجها من دائرة الفقر إلى الحال المتيسر بشكل نهائى ومستدام، واستكمال الجهود التنموية لتأمين مظلة حماية اجتماعية تسع الأكثر استحقاقًا بدون استثناء فى السنوات المقبلة، وزيادة أنشطة وبرامج التحالف خلال الـ 5 سنوات القادمة لتحقيق الثلاثة أهداف الأساسية برأس مال يتجاوز الـ 200 مليار جنيه.
تشجيع العمل التطوعى:
شجعت مبادرة «حياة كبيرة» على زيادة أعداد المتطوعين؛ حيث بلغ إجمالى عدد المتطوعين داخل مؤسسات التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى نحو 76 ألف متطوع، وإجمالى عدد المتطوعين المسجلين داخل قاعدة بيانات مؤسسات التحالف 251 ألف متطوع مشارك موزعين على 27 محافظة بمتوسط عدد 3 ساعات تطوعية أسبوعيًا، وبإجمالى عدد ساعات 39.200.000 ساعة تطوع سنويًا.
إجراءات حمائية لدعم المرأة
عملت حياة كريمة على تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية للمرأة الريفية بصفة عامة، والمعيلة منها بصفة خاصة؛ حيث تشير التقديرات إلى وجود 3 ملايين أسرة تنفق عليها النساء، حيث تتمثل المرأة المعيلة ضمن الفئات المستهدف تحسين دخلها وأوضاعها المعيشية فى آليات اختيار القرى وترتيب الأولويات، تحقيقًا لرؤية القيادة السياسية بالتنسيق مع الوزارات المعنية باعتبار التنمية الاقتصادية هى حجر الزاوية لإحداث التغيير المطلوب فى حياة المواطنين بالقرى، فدائمًا ما يحث الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة بالتحرك بشكل كبير من أجل دعم المرأة المصرية فى جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة.
وترجم هذا الدعم الرئاسى للمرأة عن طريق «مبادرة مستورة» والتى تعد من أنجح المبادرات المصرية التى استهدفت المرأة المعيلة ضمن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، والتى وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بإطلاقها؛ بهدف تغيير الأوضاع المعيشية، وإحداث نقلة فى تحسين جودة الحياة والعمل على التمكين الاقتصادى للأسر الأولى بالرعاية والفئات الأكثر احتياجًا وخاصة المرأة.
وأسهمت مبادرة «حياة كريمة» فى ارتفاع عدد الأسر المستفيدة من برنامج «تكافل وكرامة» إلى ما يزيد على 20 مليون فرد، بتكلفة أكثر من 22 مليار جنيه، وتمثل السيدات 76 % من إجمالى المستفيدين، منهن 18 % من السيدات المعيلات بتكلفة 3.4 مليارات جنيه سنويًا. إضافةً إلى تقديم مبادرة حياة كريمة قروضًا بفائدة بسيطة عبر برنامج «مشروعك» وصندوق التنمية المحلية، لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر هدفها توفير فرص عمل للشباب والمرأة والمزارعين فى القرى المستهدفة.
إشادات دولية
حظيت مبادرة حياة كريمة بإشادات دولية عديدة؛ فقد أشار مكتب الأمم المتحدة للتنمية المستدامة إلى أن مبادرة «حياة كريمة» فى مصر أسهمت فى التخفيف من الآثار السلبية لفيروس كورونا وتحسين مستويات المعيشة للفئات الأكثر احتياجًا فى البلاد. وتعمل المبادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ونجحت فى توفير فرص عمل من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
فى حين وافقت الأمانة العامة للأمم المتحدة على إدراج المبادرة ضمن سجل منصة «الشراكات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة» التابعة للمنظمة، وهذا دليل استيفاء المبادرة للمعايير الذكية للمنصة بكونها: محددة الأهداف، وقابلة للقياس، وقابلة للإنجاز، وقائمة على أساس الموارد المتاحة، ومحددة زمنيًا، وأنها أيضًا تقود إلى تنفيذ خطة التنمية لعام 2030، هذا بالإضافة إلى سعى المبادرة إلى توطين أهداف التنمية المستدامة فى جميع خطواتها.
وكذلك أشادت منسقة الأمم المتحدة فى مصر «إلينا بانوفا» بتجارب مصر التنموية القوية جدًا، وعلى الرأس منها مبادرة «حياة كريمة»، قائلة إن: «مصر من بين 10 دول فى العالم التى نجحت فى تقديم تقرير مجتمعي»، من خلال مبادرة حياة كريمة التى تركز على القرى الأكثر فقرًا وتقدم لهم البنية التحتية وتمكين المرأة اقتصاديًا.
مجمل القول، يغير المشروع التنموى الأكبر فى العالم «حياة كريمة» حياة أكثر من 58 مليون مواطن فى الريف المصرى إلى الأفضل؛ إذ سيحدث نهضة شاملة للبنية التحتية، والمؤسسات الخدمية والترفيهية. ومن وعى الإدارة المصرية بأن الاضطراب النفسى على المستوى الفردى يرتبط بالفقر على مستوى المجتمع، كان ضمن أولويات مبادرة حياة كريمة «القضاء على الفقر» عن طريق بناء المشروعات التنموية التى توفر فرص عمل لائقة، بجانب فرص العمل التى توفرها المشروعات القومية الأخرى، وأيضًا برامج الحماية الاجتماعية التى سعت الدولة إلى توفيرها لمحدودى الدخل.
وتواكَب مع المبادرة مسارٌ تنويرى يسعى إلى تطوير الوعى المجتمعى من خلال أنشطة فكرية ومعرفية وترفيهية، إلى جانب اهتمام مبادرة «حياة كريمة» بمراكز الصحة النفسية وعلاج الإدمان. وبهذا تلعب الخدمات المجتمعية دورًا حاسمًا فى تحسين جودة الحياة، وتعزيز الوعى بالصحة النفسية، ودعم التعافى والاندماج الاجتماعى، والوقاية من الاضطرابات النفسية.