الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

على طاولة المناقشات فى الأسبوع الثانى من «الحوار الوطنى» ضمن المحور المجتمعى: الزيادة السكانية هى التحدى الأكبر أمام الدولة المصرية

لا يخفى فى مصر كم المَخاطر والتداعيات التى يسببها الانفجارُ السُّكانى؛ حيث تزداد أعدادُ المواليد كالنار فى الهشيم. وكونها تمثل عائقًا لجهود التنمية فى مصر؛ لذا طُرحت تلك المشكلة على طاولة المناقشات فى الأسبوع الثانى من الحوار الوطنى.. «روزاليوسف» تستعرض مع خبراء ومتخصّصين أهم أسباب وتحديات تلك المشكلة الضاغطة بشكل كبير على الميزانية العامة للدولة، والتى ترتبط بعادات اجتماعية وقيم دينية مغلوطة راسخة فى العقول، مع معرفة الحوافز الإيجابية التى أقرّتها الحكومة مؤخرًا ضمن المحاولات للحد من الزيادة السكانية.. وإليكم التفاصيل..



 قلة الوعى بوسائل تنظيم الأسرة

تؤدى الزيادة السكانية إلى انخفاض المستوى المعيشى للأسَر فى ظل ثبات الدخول. هذا ما أكده لنا أ.د.مجدى خالد، خبير الصحة الإنجابية والمدير الأسبق لصندوق الأمم المتحدة للسكان، قائلاً إن مصر بحاجة إلى الوصول إلى مرحلة استقرار سكانى لفترة زمنية يتم فيها توزيع عوائد التنمية المتزايدة على عدد ثابت من السكان؛ فيشعر المواطن بفوائد التنمية، «علشان ده يتم.. مطلوب إن متوسط عدد الأطفال لكل أسرة لا يزيد على طفلين، وأن نسبة السيدات المستخدمات لوسائل منع الحَمْل الحديثة وطويلة المفعول يفوق الـ70 %».

وقال «من المهم إننا نبدأ نبث رسائل ترشد السيدات إلى أماكن تقديم الخدمة وأسعارها وأنواع الوسائل وجودتها وآثارها على الحَمل، سواء كانت وسائل قصيرة المدى مثل الحقن والبرشام، أو وسائل طويلة المدى مثل اللولب.. اللى المفروض نشجع الناس على استخدامه؛ لأن الدراسات أكدت أن الاستخدام السليم للولب لأكبر فترة ممكن يقلل من معدلات الإنجاب فى مصر بشكل كبير»- وفق الشيتانى.

 القضية السكانية على جلسات الحوار الوطنى

ويؤكد د.عاطف الشيتانى الأهمية الكبيرة لمناقشة قضية الزيادة السكانية على طاولة جلسات «الحوار الوطنى»، موضحًا أن تلك القضية دائمًا ما تشغل العالم وتكون على جدول أولويات الدول، ودائمًا ما كانت مصر تطرح هذه القضية للنقاش عبر الأجهزة الإعلامية. وطرح هذا الملف يساعد على إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، بالاستعانة بالمتخصّصين أصحاب الرؤى الواضحة.

ويتفق معه د. مجدى خالد قائلاً: بالتأكيد إن مناقشة مشكلة الزيادة السكانية فى «الحوار الوطنى» مهمة جدًا، ويجب أن تستعين بخبراء فى مجال السكان؛ لتوجيه النقاش تجاه الوصول إلى توصيات مؤثرة قابلة للتنفيذ. ولقد بذلت الدولة جهودًا كبيرة فى مبادرة نشر خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة على جميع المستويات الصحية من القرَى والوحدات الريفية حتى المستشفيات المركزية الجامعية ولكن بنقطة دمج القطاع الخاص فى هذه المبادرة؛ لضمان تغطية جميع شرائح المجتمع، وتشمل رفع الوعى بأهمية الاستفادة من حزمة الخدمات المقدمة، وزيادة المستخدمات لوسائل تنظيم الأسرة، وذلك سوف ينعكس إيجابًا على صحة النساء الإنجابية والبدنية.

وفى أكتوبر من العام 2022، سجّل عدد سكان مصر 104 ملايين نسمة بالداخل، لتكون فى المرتبة الأولى عربيًّا. وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المصرى، سجّلت مصر الربع مليون نسمة الأول بعد الـ 104 ملايين بالداخل فى نوفمبر من العام الماضى، أى خلال 56 يومًا، وتعد محافظة القاهرة على رأس قائمة أعلى 10 محافظات من حيث عدد السكان.

ويشير خبير الصحة الإنجابية- فى هذا السياق- إلى أن تحديات الزيادة السكانية أمر يشغل العالم بأكمله، ومصر جزء من العالم وتشهد زيادة سكانية غير منضبطة، فعندنا الآن أكبر عدد سكان على المستوى العربى والثالث على المستوى الإفريقى، والـ 14 على المستوى العالمى. بالإضافة إلى أن تداعيات الزيادة السكانية تؤثر بدورها على المُناخ والأمن الغذائى ووفرة المياه وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية وعلى كل نواحى التنمية.

 السكان ثروة بشرية.. ولكن

هناك فجوة بشكل ملحوظ بين عدد المواليد والوفيات فى الدولة، لذا يقول الدكتور عمرو حسن، مقرّر المجلس القومى للسكان السابق وأستاذ مساعد النساء والتوليد بجامعة القاهرة، إن تلك المشكلة هزمت كل التنبؤات والتقديرات، كما أنه من المتوقع أن يقفز ترتيب مصر على مستوى العالم من حيث عدد السكان من المركز الـ14 إلى المركز الـ11.

وتابع المستشار الحالى لوزير الصحة لشئون السكان وتنمية الأسرة: لا شك أن الدولة تنظر إلى السكان فى مصر باعتبارهم ثروة بشرية وقوة هائلة؛ ولكن هذا المبدأ مشروط بألا تؤثر معدلات الزيادة السكانية على متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية، وأن تتناسب مع قدرة اقتصاد الدولة فى تحقيق مستوى مرتفع من التنمية البشرية، والتقليل فى معدلات البطالة.

ويضيف: تتم تلك السيطرة على المواليد، من خلال الوصول إلى الأزواج فى المجتمع عن طريق وسائل الاتصال المباشر أو غير المباشر.. «احنا كان عندنا معدل الإنجاب 3.5 مولود لكل سيدة عام 2014.. وده معناه إن كل 10 سيدات فى مصر ينجبون 35 طفلًا، والهدف الآن هو الوصول لـ 20 طفلاً لكل 10 سيدات، ومن الأمور المبشرة إن بيانات جهاز الإحصاء أظهرت تراجُع أعداد المواليد خلال آخر 5 سنوات، والمسح الصحى للأسرة المصرية الأخير أوضح أن المعدل انخفض ليصل لـ 2.8 مولود.. وهذه كلها نتائج ملموسة».

 المرأة هى المحور القائم عليه كل الاستراتيچيات

 مما سبق؛ يتضح أن قضية الزيادة السكانية تحتاج إلى مزيد من الصبر؛ حيث إن معدلات انخفاض الزيادة السكانية بطيئة مما لا يتلاءم مع احتياجات الدولة والمجتمع.

ونظرًا لأهمية دور المرأة، وأن عدم تمكينها يعتبر أحد أسباب الزيادة السكانية، كما ذكرت من قبل الدكتورة نيفين عبيد، مقرّر لجنة القضية السكانية بالحوار الوطنى، وكثير من المَعنيين بملف السكان أيضًا.. فبخصوص ذلك قال مجلس رئاسة الوزراء المصرى يوم 14 مارس 2023 فى بيان إن الدولة ستدخر مبلغ 1000 جنيه مصرى سنويًّا لكل امرأة متزوجة لديها طفلان بحد أقصى، ويتم تحصيل المبلغ المتراكم مع بلوغ المرأة 45 عامًا؛ لتحقيق أهداف المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية من خلال تحفيز النساء بين سن 21 و45 عامًا للحد من الزيادة السكانية.

مقترح مشروع قانون لتنظيم النسل

نظرًا لأن كثرة الإنجاب تقلل من فرص حصول الأبناء على تعليم جيد، حتى إنه تناولت السينما ذلك فى العديد من الأعمال؛ خصوصًا ما يتعلق بتحديد النسل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أفلام (الحفيد، وأفواه وأرانب، والصبر فى الملاحات، ولا تسألنى من أنا).

تقدمت رانيا الجزايرلى، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بمقترح مشروع قانون لتنظيم النسل، ولفتت إلى أهمية إعداد القانون وإقراره فى أقرب وقت ممكن؛ للحد من الزيادة السكانية. وأنه من الأفضل فى الوقت الحالى استغلال هذه القوة البشرية الضخمة عبر توزيعها على المساحات الجغرافية الممتدة فى أنحاء البلاد، مع استمرار العمل على التوعية بأهمية تحديد النسل وتحفيز السيدات.