الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القضية السكانية تتصدر اللجان الفرعية للمحور المجتمعى بـ«الحوار الوطنى» .. نيفين عبيد: الزيادة السكانية تلتهم موارد التنمية

كانت ولا تزال قضية الزيادة السكانية هى التحدى الأكبر أمام الدولة المصرية والإشكالية التى تقضى على ثمار أى إنجازات لخطط التنمية المستدامة أو جهود الدولة لتحسين حياة المواطنين؛ خصوصًا فى ظل الجمهورية الجديدة التى تستهدف تغيير واقع المصريين إلى الأفضل.. وذلك لتشعُّب أسبابها وارتباطها بعادات اجتماعية وقيم دينية مغلوطة راسخة فى عقول وأذهان الكثير من المصريين.



 

وتُشكل الزيادة السكانية بحجمها الحالى ضغطًا هائلاً على الميزانية العامة للدولة والتى ستتجه رُغْمًا عنها لتلبية احتياجات وخدمات المواطنين بدلاً من إنشاء المزيد من المشروعات الاقتصادية والتنموية التى توفر حياة كريمة للمواطنين، وتحسّن بدروها من مناخ الاستثمار وتسهم فى تحقيق تقدُّم الدولة المصرية ووضعها فى مصاف الدول المتقدمة.

ورُغْمَ الجهود المصرية التى قدمتها الدولة لحل ومعالجة قضية الزيادة السكانية منذ ثلاثينيات القرن الماضى؛ فإننا لا نزال نواجه تحديات كبيرة لمواجهة الزيادة السكانية الهائلة؛ بل نحتاج إلى وضع سياسات شاملة وخطط صارمة يتم تطبيقها بحَزم وتؤدى إلى خفض معدل الزيادة السكانية بما يتناسب مع موارد الدولة وجهود تحقيق خطط التنمية المستدامة؛ لذلك كانت القضية السكانية جزءًا من المحور المجتمعى للحوار الوطنى.

ولما تمثله القضية السكانية من خطورة كبيرة كان لنا هذا الحوار مع د. نيفين عبيد مقرّر لجنة القضية السكانية بالحوار الوطنى؛ لتحدّثنا عن أهم القضايا المتعلقة بملف السكان والمطروحة على أچندة الحوار الوطنى، الذى انطلقت فعالياته فى الثالث من مايو الجارى من أجل الوصول لمخرجات جديدة لحل الأزمات التى نجابهها.. وإليكم تفاصيل الحوار:

ما التحديات التى تواجه لجنة القضية السكانية فى جلسات الحوار الوطنى؟

  - هناك تحديات كثيرة تواجه الحوار، ولكن علينا أن نعمل أكثر على الجانب الاقتصادى للقضية السكانية، وما يتعلق بتمكين المرأة ومشاريعها، وعلى إعادة التوزيع الجغرافى للكثافة السكانية وتحدياته، مع التركيز على الفئات المختلفة، وتنمية الأسرة بجميع أفرادها.. نحن لم نتحدث حتى الآن عن تنمية الطفل، ولا عن الإعاقة.

 كيف تفسرين زيادة السكان بالتزامن مع ارتفاع معدلات الفقر؟ وهل المشكلة تقتصر على وعى المواطنين فحسب أَمْ أن الأمر متعلق بالسياسات الاقتصادية؟

- أنا دائمًا ما أصرّح بأن الزيادة السكانية ترتبط بالأوضاع الاقتصادية، فكلما ضعُف الوضع الاقتصادى والاجتماعى للأسرة المصرية؛ زاد الإنجاب. وإذا تحسنت الأوضاع الاقتصادية قَل عدد السكان وزاد وعى المواطنين (العلاقة عكسية).

فكلما زادت نسب الفقر يرى الناس أن الأولاد هم أملهم وهم الثروة التى ستعوّضهم.. وهناك اعتقاد سائد لدى كثير من الناس بأن الولد سيكون سَندهم، والبنت ستتزوج ويمكن التكسُّب من زواجها أو بيعها.

 ما الوثائق الوطنية التى تناولت الزيادة السكانية ويلتزم بها متخذو القرار؟ 

- لدينا العديد من الأمور المتعلقة بذلك، فعلى سبيل المثال: الاستراتيچية الوطنية للصحة الإنجابية، والاستراتيچية الوطنية للطفولة والشباب، واستراتيچية مناهضة العنف ضد المرأة، والاستراتيچية القومية لمناهضة ختان الإناث، واستراتيچية مناهضة الزواج المبكر، واستراتيچية تمكين المرأة المصرية 2030، والاستراتيچية القومية للسكان، والمشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية.. كل هذا من المفترض أنه يعمل على قضايا السكان بشكل مباشر ومتعمق.

من وجهة نظرك؛ كيف تتم السيطرة على معدل زيادة السكان وتغيير نمط معيشة المواطن الذى يميل إلى تعدد الإنجاب؟

- لا بُدّ من الاهتمام بقضايا التعليم والصحة أولًا، وتحديدًا التخلص من أمية المرأة، والتحسين من العمالة والتوظيف أو قضايا العمل بشكل عام، والأهم على الإطلاق هو العمل على التنمية الريفية.. طول ما الريف خارج خريطة التنمية وليس من أولويات الإنفاق والتخطيط؛ سيظل الأعلى فى الإنجاب عن المدن، وسيظل الصعيد الأعلى فى الإنجاب من الدلتا.

وتستطرد: لا أُحَمِّل المواطن وحده حل هذه المشكلة؛ لكن الدولة بقوتها تستطيع طرح سياسات من شأنها أن تُغير نمط المعيشة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن.

 هذا يأخذنا إلى دور الرائدات الريفيات.. فكيف تجدين تأثيرهن ودورهن فى نشر الوعى بين المواطنين؟

- احنا محتاجين بشكل كبير إننا نعمل على برنامج مُوسع للرائدات الريفيات.. وممكن تكون الناس دى مش دى قناعاتهم، فلازم نركز معاهم، ونعيد تأهيل مَن يحتاج منهم، لأن دورهم كبير ولا يُستهان به.. مع ضرورة التعامل مع القضية السكانية كقضية رأى عام.

 وهل تستطيع لجان الحوار الوطنى الخروج بمخرجات عملية لحل هذه المشكلة.. مع الأخذ فى الاعتبار عدم وجود تناغم بين اللجان كما صرحتِ من قبل؟

- مَن يريد أن يخرج بوصفة جيدة للمرحلة الحرجة التى تمر بها مصر، فيجب أن تتعاون اللجان مع بعضها البعض أولًا، وتتشارك العقول، ويتم تنظيمهم فى مبادرات وأحزاب.. ويهتموا بالقضايا العامة ويكونوا جزءًا من خطط التنمية، وهذا هو صلب العمل السياسى، لذلك القضية السكانية هى قضية اقتصادية اجتماعية كما ذكرت فى بداية حديثنا.. وأكرّر لا توجد لجنة بالحوار الوطنى ستحقق أهدافها دون إتاحة المناقشة بين الجميع.

 لماذا نجحت تجارب دولية أخرى فى الحد من الزيادة السكانية مثل إندونيسيا وتونس؟ 

- هم بالفعل استطاعوا أن يُحجموا من الزيادات السكانية.. وجزء كبير من نجاحاتهم كان مرتبطًا بعدد من القرارات، بالإضافة إلى العمل على قانون السكان بأن يتم تقليل الدعم والغطاء الاجتماعى بعد الطفل الثالث، وعلى إتاحة وسائل تنظيم الأسرة، وخاطبوا رجال الدين، مع الاهتمام بتمكين المرأة وتغيير أوضاعها فى المجتمع.. وعملوا على المستشفيات اللا مركزية، والمستشفيات العامة فى المناطق الأعلى إنجابًا؛ كى يشجعوا الناس على اللجوء إلى الطب.

 وكيف نقاوم رفض الناس لتحديد النسل من منظور دينى؟

- هو موضوع حرج جدًا وليس سهلًا أبدًا، وفيه مقاومة عقائدية مستندة على بعض التفسيرات أو بعض الأقوال.. لكن الأهم فى هذه المسألة هو دور رجال الدين، والعمل كدولة قوية لمناهضة جميع الأفكار التى تزيد من سوء الأوضاع الاقتصادية.. كما أن التوصيات بها رؤية جديدة فى بعض الأطروحات التى سيتم تقديمها بالحوار الوطنى.

 عند مطالعة الدساتير المختلفة نجد أن تايلاند كانت من أوائل الدول بالعالم التى خصصت مادة بالدستور عام 1974 وتنص على تبنّى الدولة سياسة سكانية تتماشى مع حجم الموارد الطبيعية مما أثر إيجابًا عليها.. فهل نحن بصدد افتقار إلى مادة كهذه أَمْ أن الأمر يتعلق بآلية التطبيق؟

- لا، فالدستور المصرى توجد به مادة رقم (41) وتنص على أن «تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة».. فالمادة بتقول إننا نعمل برنامج سكانى، وحتى الآن ليس لدينا برنامج سكانى شامل، فالمشكلة فى التنفيذ فعلًا.. وإننا عندنا مؤسّسات لكن مش قادرين نشتغل بكفاءة عالية، ونُطلق استراتيچيات كثيرة دون النظر إلى مَن المعنىّ بتنفيذها، ودون التقييم والمتابعة والموازنات المخصصة للإنفاق.

 وكيف انخفض تعداد السكان فى التسعينيات أو عدم حدوث تلك الطفرة فى الزيادة السكانية وقتها؟

- لأن هذه الأچندة كانت موجودة على مائدة الاهتمام لدى الرئاسة بشكل كبير، واتعمل شغل واهتمام كبير على المجلس القومى للسكان، وكان هناك تنسيق واضح مع المجتمع المدنى.. يعنى فيه أشياء كتير أوى وقتها ساعدت على هذا، وطبعًا المؤتمر الدولى للسكان والتنمية (ICPD) الذى عُقد فى المدة من 5 إلى 13 سبتمبر 1994 تحت رعاية الأمم المتحدة.. فكان فيه اهتمام شديد وقتئذٍ من الدولة فى إنها تحد من هذه الأزمات.