بعد انفجار الوضع فى الخرطوم دعوات عربية ودولية لوقف نزيف الدم
مروة الوجيه
مع انفجار الوضع فى السودان الشقيق بين القوات النظامية وميليشيات الدعم السريع، تتدفق ردود الأفعال الدولية المطالبة بتهدئة الوضع والحفاظ على حياة المدنيين فى المناطق المنكوبة، خاصة أن تلك الاشتباكات انطلقت للمرة الأولى فى تاريخ السودان من العاصمة الخرطوم وذلك منذ إعلان استقلال البلاد، حيث تعد العاصمة وهى منطقة الحكم والسلطة، أكثر المناطق استقرارًا داخل السودان.
قلق عالمى
كانت مصر أولى الدول التى أصدرت بيانًا، تدعو للتهدئة وتحث على وقف إطلاق النار فى السودان.
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا، السبت، قالت فيه: «تتابع مصر بقلق بالغ تطورات الوضع فى السودان على إثر الاشتباكات الدائرة هناك».، وطالبت الخارجية المصرية جميع الأطراف السودانية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس حماية لأرواح ومقدرات الشعب السودانى الشقيق، وإعلاءً للمصالح العليا للوطن.
كما أكد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى أن مصر مستعدة للعب دور وساطة، بهدف إنهاء الاقتتال الذى يشهده السودان حاليًا.
وأوضح السيسى خلال اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء الإثنين، أنه أبلغ نظيره فى جنوب السودان سيلفا كير باستعداد القاهرة وجوبا للعب دور وساطة مع الأشقاء فى السودان وصولًا إلى الهدنة والتفاوض.
وتابع الرئيس المصرى: «نحن نجرى اتصالات مستمرة بالجيش السودانى وقوات الدعم السريع، من أجل حثهما وتشجيعهما على وقف النار وحقن دماء السودانيين، وصولًا إلى تفاوض يؤدى إلى استعادة الاستقرار».
كما أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا أوضحت فيه عن صدمتها وشجبها للجوء إلى استخدام السلاح والقتال بين «الأخوة بهذا الشكل» وأكد الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط على ضرورة وقف التصعيد وحقن الدماء بشكل فورى، مشيرًا إلى استعداد الأمانة العامة للجامعة، للتدخل مع الأطراف المتصارعة لتحقيق ذلك.
كما دعت الرياض المكون العسكرى وجميع القيادات السياسية فى السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف بما يسهم فى استكمال ما تم إحرازه من توافق ومن ذلك الاتفاق الإطارى.
ضرورة الوقف الفورى للقتال
كما أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية فى السودان، فولكر بيرتس، بشدة اندلاع القتال.
وقد تواصل الممثل الخاص بيرتس مع كلا الطرفين، داعيًا إلى وقف فورى للقتال من أجل ضمان سلامة الشعب السودانى وتجنيب البلاد مزيدًا من العنف.
وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية من أن الوضع فى السودان «هش».
وقال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، إنه قد تكون هناك جهات فاعلة أخرى تضغط ضد التقدم الذى تم إحرازه فى السودان نحو تشكيل حكومة مدنية.
ودعت روسيا إلى «إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار» فى السودان إثر اندلاع الاشتباكات.
وقالت وزارة الخارجية الروسية فى بيان إن «الأحداث المؤسفة الجارية فى السودان تثير قلقًا عميقًا فى موسكو. ندعو أطراف الصراع إلى إظهار إرادة سياسية وضبط النفس واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار».
كما حثت الصين طرفى الصراع السودانى على تنفيذ وقف إطلاق النار، ودفع الانتقال السياسى إلى الأمام.
وأضاف بيان الخارجية الصينية، أنه يجب على دول معينة الامتناع عن التدخل المفرط فى الشؤون الداخلية للسودان، مما يزيد من تصعيد الصراع.
كذلك قال مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، جوزيف بوريل، إن سفير الاتحاد لدى الخرطوم تعرض لـ«اعتداء»، بينما تشهد البلاد حالة من الفوضى، من جراء الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وصرح بوريل «قبل بضع ساعات، تعرض سفير الاتحاد الأوروبى فى السودان للاعتداء فى مقر إقامته»، مضيفًا أن «هذا يشكل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية فيينا».
وشدد المسئول الأوروبى على أن أمن المبانى الدبلوماسية والموظفين هى المسئولية الرئيسية للسلطات السودانية والالتزام بموجب القانون الدولى.
كما أصدرت الهيئة الحكومية للتنمية «إيقاد» الإقليمية فى شرقى إفريقيا، والتى تضم 8 دول من بينها السودان بيانًا تعليقًا على الأحداث، وجاء فيه: «يشعر الأمين العام وركنيه جيبيهو بقلق بالغ إزاء التقارير التى تفيد بالقتال فى أجزاء مختلفة من الخرطوم بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ويتابع الوضع عن كثب».
وحث البيان كلا الجانبين على التوقف فورًا عن القتال، وتهدئة الوضع، وحل خلافاتهما من خلال الحوار.
وأحرزت الأحزاب السودانية وأصحاب المصلحة بما فى ذلك القوات المسلحة السودانية ومراسلون بلا حدود تقدمًا جديرًا بالثناء فى الأشهر القليلة الماضية نحو توقيع اتفاق سياسى نهائى وتشكيل حكومة انتقالية يقودها المدنيون.
لن تسبب تقارير القتال هذه نكسة فحسب، بل ستسبب أيضًا انعدام الأمن وعدم استقرار خطيرين للسودان والمنطقة ككل.
كذلك حث الأمين التنفيذى كلا الجانبين على إعطاء الحوار فرصة، ووقف الأعمال العدائية، والسماح للشعب السودانى بمواصلة صيام رمضان فى سلام.
ودعا وزير الخارجية البريطانى جيمس كليفرلى القيادة السودانية لكبح جماح قواتها ووقف التصعيد، وقال كليفرلى عبر منصة تويتر: «العنف الدائر فى أنحاء السودان يجب أن يتوقف فورًا... المملكة المتحدة تدعو القيادة السودانية لبذل قصارى جهدها لكبح جماح قواتها ووقف التصعيد لمنع سفك المزيد من الدماء». وأضاف «الإجراء العسكرى لن يؤدى إلى حل هذا الموقف».
من جانبه، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بشدة اندلاع القتال بين ميليشيات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية فى السودان.
ودعا الأمين العام قادة الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية إلى الوقف الفورى للأعمال العدائية واستعادة الهدوء وبدء حوار لحل الأزمة الحالية، وان أى تصعيد إضافى فى القتال سيكون له تأثير مدمر على المدنيين ويزيد من تفاقم الوضع الإنسانى غير المستقر بالفعل فى البلاد.
الصحافة الدولية تنذر بتفاقم الأوضاع
كما اهتمت الصحف الدولية بما يجرى فى السودان. وقالت الصنداى تايمز إن اندلاع العنف بين ميليشيات الدعم السريع، شبه العسكرية، والجيش السودانى خلّف قتلى من المدنيين وأشعل المخاوف من اضطراب واسع النطاق. ووصفت الصحيفة محاولة «الدعم السريع» السيطرة على القصر الرئاسى وثلاثة مطارات على الأقل بأنها محاولة انقلاب.
ولفتت إلى أن قادة الطرفين المتنازعين يتقاسمان السلطة فى السودان فى غير ارتياح منذ 2021، لكن التوترات احتدت مؤخرًا إزاء مفاوضات على تسليم السلطة للمدنيين.
وفى الشأن نفسه، كتبت صحيفة «ميل أون صنداى» تقول إن قتالًا ضاريًا مستعرًا فى السودان بين الجيش والدعم السريع بعد أشهر من التوتر بين الجانبين انتهت إلى محاولة انقلاب يوم السبت.
ولفتت إلى أن الخلاف بين حميدتى والبرهان تسبب مرتين فى تأجيل إبرام اتفاق مع قوى مدنية من شأنه أن يرسم خارطة طريق لاستئناف مسار الانتقال الديمقراطى بعد أن وقفت فى أحداث 2021.
كما نشرت صحيفة «التايمز» تقريرًا تقول فيه إن المدنيين فى السودان يختبئون بعد انفجار الوضع فى السودان ووفاة مئات الضحايا.
وذكرت الصحيفة أن الاشتباكات انتشرت فى العديد من مناطق البلاد، بسبب صراع بين القائد العسكرى فى البلاد، عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتى الذى يقود ميليشيات الدعم السريع. وهذا أول نزاع بين الطرفين منذ أن تحالفا للإطاحة بنظام رئيس السودان الأسبق عمر البشير فى 2019، ولكن الخلاف معروف بين البرهان وحمدتى بشأن الطريقة التى تحكم بها البلاد، وأدى الخلاف إلى نشوب حرب مفتوحة صباح السبت، وفى المساء كان جنود يصارعون من أجل السيطرة على المطار، ومناطق أخرى.
كما قالت صحيفة «الجارديان» أن العنف يتصاعد فى السودان مع رفض الفصائل المتناحرة دعوات وقف إطلاق النار.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أن الطرفين لا يظهران أى استعداد للاستجابة لنداءات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقى والدول العربية حيث يقترب عدد القتلى من 200.