القمة «الصينية - العربية» تعزز التواجد الصينى فى الشرق الأوسط السفير الصينى بالقاهرة: تعاون شامل مع العالم العربى لتحقيق التنمية المشتركة

هدى المصرى
إن انعقاد القمة «الصينية - العربية» بالرياض، فى هذا التوقيت ومع تزايد التحديات الإقليمية والدولية، يمثل أهمية كبيرة فى الخروج بقرارات تعكس طموحات وتطلعات الشعوب العربية.
تنسيق المواقف بشكل أشمل فى تبنى نهج بشأن الاستقطابات وبناء الشراكات المتوازنة، ولا شك أن سياسة الحياد الإيجابى من شأنها أن تعظم الدور العربى وموقعه فى النظام الدولى الجديد متعدد القطبية الذى يتشكل حاليًا.
الأزمات العالمية خاصة الأزمة الروسية وما ترتب عليها من تداعيات سلبية خطيرة على العالم والمنطقة العربية خاصة فى مجال أمن الغذاء وأمن الطاقة إضافة إلى زيادة حدة الاستقطاب فى النظام الدولى بين القوى الكبرى، تفرض ضرورة تحقيق التقارب والتوافق «الصينى- العربى» من خلال استراتيجية واضحة الآليات والأهداف ترتكز على تعزيز المصالح المشتركة، وأن تركز مخرجات القمة على عدد محدود من القرارات والتوصيات الواقعية القابلة للتنفيذ بشأن التحديات والقضايا الملحة التى تتطلب التعامل معها.
أهم الملفات
يتوقع أن تتركز أجندة القمة حول الاستقرار والأمن فى المنطقة والعالم، وكيفية تعزيز التجارة والاستثمار بين الصين والدول العربية، وبالطبع فإن قضية المناخ الآن على رأس جدول الأعمال فيما يتعلق بالعلاقات الدولية.
بالنسبة لنا فى مصر فإن استغلال القمة «الصينية - العربية» لتقديم مشروعات تخدم الأمن الغذائى، سيجد قبولًا من جانب الصين والدول العربية المشاركة.
من جانبه قال السفير الصينى بالقاهرة لياو ليتشيانج إن القمة «الصينية - العربية» الأولى ستصبح معلمًا تاريخيًا فى مسيرة العلاقات «الصينية - العربية»، وترمز إلى دخول الصداقة «الصينية - العربية» مرحلة جديدة، وتفتح مجالًا أوسع لعلاقات الشراكة الاستراتيجية «الصينية - العربية»، وترشد الصين والدول العربية للسير بخطوات واسعة على طريق نحو إقامة المجتمع «الصينى - العربى» للمستقبل المشترك.
مؤكدًا أن بلاده تحرص على اغتنام فرصة القمة والعمل سويًا مع الدول العربية على تطوير الصداقة التقليدية «الصينية - العربية»، وإثراء وتعميق معادلة التعاون الصينى - العربى الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق، وإقامة المجتمع الصينى العربى للمستقبل المشترك فى العصر الجديد، بما يعود بالخير على شعوب الجانبين ويدفع التعاون والتضامن بين البلدان النامية، ويحافظ سويا على قضية السلام والتنمية فى العالم.
وأضاف: تنتمى الصين والدول العربية إلى البلدان النامية، وكلاهما قوى سياسية مهمة على الساحة الدولية، وظل التيار الرئيسى للتواصل بين الجانبين يكمن فى السلام والتعاون والانفتاح والشمول والاستفادة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. وظلت الصين تنظر إلى العلاقات «الصينية - العربية» بالنظرة الاستراتيجية، وتعتبر الدول العربية شريكًا مهمًا لها فى سلك طريق التنمية السلمية وتعزيز التضامن والتعاون مع البلدان النامية وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وفى العصر الجديد، حققت علاقات الشراكة الاستراتيجية «الصينية - العربية» تقدما جديدًا ومستمرًا، وارتفع مستوى التعاون فى بناء «الحزام والطريق» باطراد.
وأشار سفير الصين بالقاهرة إلى التقرير الذى أصدرته وزارة الخارجية الصينية فى الأيام الأخيرة، وهو «تقرير عن التعاون الصينى العربى فى العصر الجديد»، الذى استعرض تاريخ التواصل الودى بين الصين والدول العربية والممارسات الودية بين الجانبين بعد تأسيس الصين الجديدة وخاصة فى القرن الجديد والمرحلة الجديدة، كما استشرف الأفق والاتجاه لإقامة المجتمع الصينى - العربى للمستقبل المشترك.
وأكد لياو ليتشيانج عمق الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الصين والدول العربية وإقامة الجانبين علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة والمتجهة نحو المستقبل، قائلا: لقد تم إقامة 12 علاقة للشراكة ذات الطابع الاستراتيجى على المستوى الثنائى. بين نهاية عام 2010 ومطلع عام 2011، وذلك بعد أن شهدت بعض الدول العربية اضطرابات سياسية، كما دعمت الصين بكل ثبات الدول العربية لاستكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة. فى وجه التناقضات والنزاعات المتشابكة والمعقدة فى منطقة الشرق الأوسط، تلعب الصين دورًا إيجابيًا كدولة كبيرة مسئولة، وتعمل مع الجانب العربى على دفع الحل السياسى للقضايا الساخنة. فى المقابل، ظل الجانب العربى يدعم الصين بقوة وثبات فى القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الكبرى للصين، بما فيها تايوان وشينجيانغ وهونغ كونغ وحقوق الإنسان. فى أغسطس الماضى، بعد الزيارة الخاطفة لرئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى إلى تايوان، أكدت جميع الدول العربية الـ22 وجامعة الدول العربية مجددًا على الالتزام بمبدأ «الصين الواحدة».
وأفاد: لقد ازدهر التعاون العملى بين الجانبين. حيث وقعت الصين وثائق التعاون بشأن بناء «الحزام والطريق» مع 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية. ونفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون كبير فى مجالات كثيرة مثل الطاقة والبنية التحتية، وتفيد نتائج التعاون أبناء شعوب الجانبين البالغين مليارى نسمة. ففى هذا السياق، تقدمت مشاريع التعاون بين الجانبين فى ظل جائحة كورونا وحققت تقدمًا مهمًا، بما فيها مشروع السكة الحديدية بمدينة العاشر من رمضان ومنطقة تيدا للتعاون الاقتصادى والتجارى بالسويس والمنطقة النموذجية الصينية - الإماراتية للتعاون فى مجال القوة الإنتاجية، والاستاد الرئيسى لكأس العالم بقطر ومشروع الفوسفات شرق الجزائر. كما تتقدم المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة «الصينية - الخليجية» باستمرار. وحقق التعاون بين الجانبين تطورًا سريعًا فى مجالات التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة، مثل الجيل الخامس للاتصالات والذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية. وحتى أكتوبر الماضى، قد أعربت 17 دولة عربية عن دعمها مبادرة التنمية العالمية التى طرحتها الصين، وانضمت 12 دولة عربية إلى «فريق أصدقاء مبادرة التنمية العالمية». وفى عام 2021، بلغ الاستثمار المتبادل المباشر المتراكم 27 مليار دولار، بزيادة 2.6 ضعفا بالمقارنة مع ما كان عليه قبل 10 سنوات؛ وبلغ حجم التجارة بين الجانبين 330.3 مليار دولار، بزيادة 1.5 ضعفا بالمقارنة مع ما كان عليه قبل 10 سنوات؛ فى الأربع الثلاثة الأولى لهذا العام، بلغ حجم التجارة بين الجانبين 319 مليار و295 مليون دولار، بزيادة 35.28% على أساس سنوى،ويقارب الرقم لعام 2021 كله.
ولفت السفير الصينى إلى التضامن والتعاون بين الجانبين الصينى والعربى فى مكافحة الجائحة. قائلا: بعد اندلاع جائحة كورونا، أجرى الجانبان التعاون الفعال فى تطوير واستخدام اللقاح والوقاية والسيطرة المشتركة للجائحة وتقاسم الخبرات والأدوية، بما أصبح نموذجا يحتذى به فى التعاون العالمى لمكافحة الجائحة، وصورة حية للمستقبل المشترك للجانبين الصينى والعربى. ففى هذا السياق، أرسلت الصين ما يقارب 100 خبير طبى والفرق الطبية إلى الدول العربية، وأجرت مع الإمارات والبحرين أول تجربة سريرية للمرحلة الثالثة للقاحات المعطلة، وتعاونت مع مصر فى بناء أول خط الإنتاج المشترك للقاح كورونا فى إفريقيا. وحتى أكتوبر الماضى، قدمت الصين ما يزيد على 340 مليون جرعة من اللقاح إلى الدول العربية.
وأكد سفيرالصين تنوع التواصل الشعبى. منذ عام 2013، حيث قامت الصين بتدريب 25 ألف كفء من مختلف التخصصات للدول العربية، وقدمت لها 11 ألف منحة دراسية حكومية، وأرسلت 80 فريقا طبيا يشمل 1700 عضو. وحتى أكتوبر الماضى، قد أعلنت 4 دول عربية إدراج مادة اللغة الصينية إلى مناهجها التعليمية الوطنية، وفتحت 15 دولة عربية كليات أو معاهد للغة الصينية، وتمت إقامة 20 معهد كونفوشيوس وفصليْ كونفوشيوس مستقلين فى 13 دولة عربية. منذ عام 2013، أقام الجانبان 24 آلية منتظمة للتواصل الشعبى فى إطار منتدى التعاون الصينى العربى.
واستطرد قائلًا: يمر العالم حاليًا بتغيرات غير مسبوقة منذ مائة عام، حيث تواجه الصين والدول العربية الفرص والتحديات نفسها. ظلت الصين تعتبر الدول العربية شريكًا استراتيجيًا فى سلك طريق التنمية السلمية وتعزيز التعاون مع البلدان النامية وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وسوف تواصل الصين جهودها المشتركة مع الدول العربية فى تطوير الصداقة التقليدية وتعميق التعاون فى جميع المجالات وتعزيز التواصل بين الحضارتين، وإقامة المجتمع «الصينى - العربى» للمستقبل المشترك فى العصر الجديد، بما يعود بالخير على شعوب الجانبين ويدفع التضامن والتعاون بين البلدان النامية ويعزز السلام والتنمية فى العالم.