الواعظات يبدأن تعلم لغة الإشارة للتوسع فى لقاءات التوعية الدينية للصم والبكم لقاءات دينية للصم تقودها واعظات الأزهر
صبحى مجاهد
لا يختلف اثنان على أن فئة الصم والبكم لها العديد من الاحتياجات والحقوق والتى من بينها الفهم الدينى، ومعرفة أحكام الشريعة بصورة صحيحة، وانطلاقًا من دور الأزهر ومسئوليته فى قيادة العمل الدينى والدعوى لتحقيق هذه المعرفة بدأ الأزهر خطوة مهمة من خلال مجمع البحوث الإسلامية بعمل لقاء دعوى أسبوعى للصم بلغة الإشارة، حيث يعكف الأزهر حاليًا على التوسع فى تلك اللقاءات.
فمن جانبه يوضح الدكتور نظير عيّاد الأمين العام لمجع البحوث الإسلامية، أن عناية الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب – شيخ الأزهر بالوعى المجتمعى يستدعى العناية بكل فئات هذا المجتمع دون استثناء وهو ما يقوم به مجمع البحوث من خلال ما ينفذه من برامج توعية يشارك فيها وُعّاظه وواعظاته فى مختلف قرى ومدن ومحافظات الجمهورية.
أضاف الأمين العام أن الخطاب المباشر مع الجمهور يحتاج إلى أن يكون مناسبًا لكل فئة من فئاته، وإذا كان الأمر كذلك فإن الفئات من ذوى الاحتياجات الخاصة كالصم والبكم هم أولى بذلك لما لديهم من ظروف تحول دون وصولهم إلى الجانب المعرفى المتعلق بالقضايا المجتمعية المهمة، وهو ما فطن إليه المجمع فقرر تدريب بعض دعاته ومنهن الواعظات على لغة الإشارة لتيسير الأمر على هذه الفئة المهمة فى المجتمع.
أوضح عيّاد أن الأمر لا يقتصر على تدريب الواعظات على التحدث بلغة الإشارة فقط لأن هذا الأمر قد يطول، ولكن نلجأ أحيانًا إلى الاستعانة بمن يجيدون هذه اللغة ليكونوا بمثابة مترجمين للوعاظ والواعظات فى إيصال المعلومة إلى هذه الفئة المجتمعية، وهى جهود طيبة ومباركة نسأل الله أن يعيننا على القيام بها وأداء تلك الرسالة التى تمثل واجبًا علينا أمام الله وأمام الوطن.
ولفت الأمين العام إلى أن هذا البرنامج يأتى ضمن مجموعة من البرامج التوعوية الأخرى التى تحقق استراتيجية المجمع ورؤيته فى جانب الوعى المجتمعى والتى تتميز بالتنوع والسعى للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور.
تدريب الواعظات
وقد بدأ مجمع البحوث الإسلامية بتكليف الواعظة منى عاشور بعمل لقاء دعوى أسبوعى للصم بلغة الإشارة بمقر لجنة الفتوى بمركز العياط فى معهد العياط الإعدادى بنين يوم الأربعاء من كل أسبوع الساعة العاشرة والنصف صباحًا حيث إن مقر اللجنة يجاور مدرسة الأمل للصم.
وأوضحت د.إلهام شاهين الأمين العام المساعد لشئون الواعظات أنه سيكون هناك أيضًا درس للصم من مجموعة من الواعظات بالتوجه إلى مدارس الصم مع توفير مترجم من قبل المدرسة أو الجمعية.. ثم دروس بالجامع الأزهر يجرى التنسيق والإعداد لها الآن.
واستطردت قائلة: «قمنا بعمل تدريب للواعظات على لغة الصم منذ عام 2021، وقمنا بنشر تهنئة للصم فى الأعياء مثل نصر أكتوبر وعيد الأضحى وعيد الفطر، وفى اليوم للعالمى للصم، إضافة إلى الفيديوهات الخاصة التى توضح فيها الواعظة منى عاشور المتخصصة فى لغة الإشارة، والمتخصصة فى الشريعة المناسبة الخاصة التى نتحدث عنها وتشرح لهم أحكامًا دينية وشرعية.
أضافت أن الواعظات ما زلن فى حالة تدريب على لغة الإشارة لإتقانها بصورة كبيرة، ولذلك سنعمل فى اللقاءات مع الصم بطريقتين الطريقة الأولى الدرس المباشر من الواعظة المتقنة للغة الإشارة بحيث تستطيع أن تعبر بصورة صحيحة عن الأحكام الشرعية، والردود على الأسئلة بلغة الإشارة، ونتفق الآن مع الجامع الأزهر أن يكون هناك درس للواعظة منى عاشور للصم يحضر إليه الصم من أى مكان لأنه ميسر الوصول إليه.
ولفتت إلى أنه سيكون هناك درس أيضًا لعالم فى الجامع الأزهر ويكون معه مترجم للغة الإشارة، ويتم التفكير إلى أن يكون هناك درس للصم فى أكثر من يوم فى الأسبوع حسب احتياج فئة الصم.
تجربة واعظة
وحول مضمون اللقاءات أوضحت الواعظة منى عاشور.. والمتخصصة فى الشريعة والحاصلة على ماجستير تخصص الفقه، ودبلومة فى لغة الإشارة باعتماد جامعة عين شمس ووزارة الخارجية ووزارة التربية والتعليم، وأول واعظة قامت بعمل لقاء دينى مباشر مع الصم: «نختار أكثر الموضوعات التى تشغلهم عامة.. مثل أجر الصبر على الإعاقة.. والسبب الذى اختارهم الله تعالى صما.. وكيف يتعايشون مع هذا الوضع.. وأن المجتمع بأسره فى خدمتهم..وكيف أن الدولة قدمت لهم العديد من المزايا والخدمات.. إلخ ثم بعد ذلك يكون التحدث مع كل فئة حسب المقام فالفتيات فيما يشغلهن، والشباب والمتزوجون كل فئة حسب ما يشغلهم.
ولقتت إلى وجود درس أسبوعى لجميع الصم وأيضا من يتعامل معهم فى مقر لجنة الفتوى يأتون لجنة الفتوى بالأزهر الشريف يحضرون الندوة بلغة الإشارة ويستفتون فى أمور دينهم مباشرة، وأيضًا يمكن حضور الأشخاص الذين يتعاملون مع الصم لتعليمهم لغة الإشارة ونشر ثقافة التعامل معهم ودمجهم بالمجتمع.
وعن رد فعل الصم قالت الواعظة منى: «إنه بمجرد ما نشر المجمع فيديو للواعظات بلغة الإشارة وجدنا حفاوة غير مسبوقة وانهالت علينا رسائل من الصم ومن الأشخاص الذين يتعاملون معهم يطلبون منا المزيد والتعاون.
أضافت: إنه بالرغم من أن لغة الإشارة تختلف من دولة لأخرى بل فى البلد الواحد تختلف فى كثير من المصطلحات إلا أنى وجدت كثيرًا ممن لا يتحدثون اللغة العربية من الصم، ومع أنهم لا يفقهون ما أقوله بلغة الإشارة لأنى أتحدث بلغة الإشارة العربية إلا أنهم يقومون بالإعجاب ومشاركة المقطع على صفحاتهم ويعلقون بالشكر والثناء ويراسلوننا للتواصل معنا.. وأيضًا بالنسبة للمدرسة التى أذهب إليها مدرسة الأمل للصم.
واستطردت: «وجدت فى أعين الصم حفاوة كبيرة باللقاء وينتظرونه بشوق ويتواصلون معى فى البيت عن طريق الماسينجر وأيضًا عبروا عن كامل سعادتهم عند علمهم بوجود مكان لهم ولذويهم فى لجنة الفتوى..كما أن مجموعة من الصم والمترجمين قاموا بعمل فيديو يشكرون شيخ الأزهر الشريف على هذه المبادرة الطيبة.
وعن أهمية وجود دعاة للصم يجيدون التحدث بلغة الإشارة قالت الواعظة منى عاشور: «عدد الصم كبير جدًا فقد أظهرت إحصائية عام 2018 أن عددهم 80 مليون أصم فى العالم وفى مصر كان عددهم 7.2 مليون نسمة، والدعوة لهم فرض، ولا يعد مقبولًا أن نترك هذا القطاع الكبير من الخلق وإلا نكون قصرنا معهم.
ولفتت إلى أن الصم لا يستطيعون فهم المكتوب بشكل صحيح، وعليه فلغة الإشارة هى لسانهم الناطق وأعينهم هى أذنهم ولا مجال للكتب الدعوية لإيصال المعلومة لهم، ولذلك فدور مترجم الإشاة فى حياة الصم خاصة مهم جدًا فى جميع المجالات، فهو لسانهم الناطق وهم بمثابة النور الذى يضيء لهم التعامل مع باقى الناس فجزاهم الله تعالى خير الجزاء.
أضافت أن فكرة وجود داعية أو شيخ ووجود مترجم له بلغة الإشارة ما هى إلا مسكن ينفع ويضر وليس هو الأصل، وذلك لعدة أسباب أهمها أن الترجمة تكون عن طريق المعنى وليس النص، فالمترجم ينقل للأصم ما فهمه فيشرح ويختصر ويضيف من الكلام ويحذف بناء على فهمه، فلو لم يكن دارسًا للفن الذى ينقله فربما نقل معنى مختلفًا، بل قد يكون عكس المعنى المراد خاصة ما يتعلق بالأمور الدينية العقيدة وتفسير القرآن الكريم.. إلخ وهذا يحدث بالفعل.. وأحيانًا توجد أسئلة خاصة لا يريد الأصم أن يعلمها غير الشيخ.