الأربعاء 20 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أول سيدة تترأس الحكومة الفرنسية منذ 30 عامًا «إليزابيث بورن» تقود جيشًا من الوزيرات فى حكومة «ماكرون» الجديدة

ظاهرة كانت تُعَد نادرة الحدوث.. لأول مرّة منذ 30 عامًا تتولى سيدة منصب رئيس وزراء فرنسا التى كان يُنظر إليها باعتبارها أكثر الدول الأوروبية تخلفًا فى تعيين النساء فى المناصب العليا. اختيار «إليزابيث بورن» تبعه تعيين عدد كبير من النساء فى الحكومة الجديدة.



أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بعد شهر من انتخابه رئيسًا للبلاد، تنصيب إليزابيث بورن رئيسة وزراء للبلاد؛ لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ 30 سنة، بَعد إديث كريسون، التى كانت رئيسة للوزراء طيلة 12 شهرًا فى عهد الرئيس الاشتراكى فرانسوا ميتران.

 

وقد تدرّجت «بورن» قبل بلوغها هذا المنصب عدة حقائب وزارية على رأسها وزارة العمل لمدة 5 سنوات؛ ما يجعلها الاسم الأكثر جدلًا؛ لارتباطها بمشروع تعديل نظام التقاعد، والاحتجاجات العمالية التى تبعت سياساتها تلك.

ومن أهم أهداف «بورن» فى الوزارة هو أنها تريد أن تصبح مصدر إلهام للفتيات الصغيرات، وقالت فى خطاب تنصيبها: «أريد أن أكرّس ترشيحى للمنصب لجميع الفتيات الصغيرات وأقول لهن ابذلن ما فى وسعكن لتحقيق أحلامكن».

 مَن هى إليزابيث بورن؟

وُلدت إليزابيث بورن فى باريس فى العام 1961 وشغلت مناصب عديدة فى الإدارة العامة الفرنسية، وهى خريجة مدرسة متعددة التقنيات المرموقة، وبدأت حياتها السياسية فى العام 1987 عندما انضمت إلى وزارة النقل والتجهيز.

وفى التسعينيات من القرن الماضى، شغلت «بورن» عدة مناصب استشارية فى وزارة التربية سواء مع ليونال جوسبان أو جاك لانج.

كما شغلت أيضًا بين عامَى 2008 و2013 منصب المديرة العامة للتخطيط العمرانى قبل أن تغادر بعد ذلك العاصمة الفرنسية باتجاه منطقة «بواتو شارونت» لتتولى زمام هذه المنطقة التى تقع فى جنوب غرب فرنسا كمحافظة.

وخدمت «بورن» رئيسة مكتب ديوان وزيرة البيئة السابقة الاشتراكية سيغولان روايل سنتَى 2014 و2015، وقبلها عملت مديرة تقنية فى ديوان رئيس الوزراء الاشتراكى ليونال چوسبان خلال التسعينيات.

ودخلت حكومة ماكرون الأولى، تحت رئاسة إدوارد فيليب، بتوليها حقيبة العمل، وكلفت وزيرة للانتقال البيئى من يوليو 2019 حتى يوليو 2020، أى بعد استقالة فرانسوا روچى، وقبل تسمية باربارا بومبيلى.

كما عملت أيضًا «بورن» فى القطاع الخاص أو شبه الخاص؛ حيث كانت مديرة الاستراتيچية فى شركة السكك الحديدية الفرنسية وفى شركة « إيفاچ» للبناء ثم بعد ذلك فى شركة النقل والمواصلات بمنطقة إيل دو فرانس.

وتم تعيين «بورن» وزيرة للعمل فى صيف 2020 وكانت تتهيأ آنذاك لخوض معركة اجتماعية أخرى تتمثل فى إصلاح نظام التقاعد قبل أن يتم تأجيلها إلى أجل آخر بسبب انتشار جائحة فيروس «كورونا» فى العالم وفى فرنسا. لكن رُغْمَ ذلك نجحت فى إصلاح نظام التأمين ضد البطالة رُغم بعض المُظاهرات التى نظمت هنا وهناك فى فرنسا والمُعارضة التى أظهرتها نسبة من الفرنسيين.

وبالنظر إلى خلفية رئيسة وزراء فرنسا الجديدة، نجدها قادمة إلى المناصب الحكومية كواحدة من التكنوقراط، بعد تدرّجها فى عدد من المناصب السامية، كمنصب مديرة الاستراتيچية فى شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية، ومحافظة منطقة بواتو شارونت، كما كانت رئيسة إدارة نقل باريس، ومديرة التخطيط الحضرى فى بلدية باريس.

 خبرات متنوعة

تتمتع «بورن» بخبرة مفصلة فى القضايا الأساسية المتعلقة بالسياسات الاجتماعية وقضايا البيئة. وعملت فى السابق وزيرة نقل، ووزيرة للبيئة فى عهد ماكرون، الذى أعيد انتخابه الشهر الماضى.

ويُنظر إلى خبرتها باعتبارها مصدر قوة لماكرون، الذى يهدف إلى تحقيق إصلاحات سياسية اجتماعية مثيرة للجدل، وقدمت المشورة لقادة اليسار بشأن القضايا الاجتماعية فى الماضى. ويُعرف عنها تمتعها بسمعة طيبة فى العمل لساعات طويلة بوتيرة قوية. ووصف رئيس الوزراء المنتهية ولايته، چان كاستكس، بورن بـ«رئيسة الوزراء»- مستخدمًا صيغة المؤنث- للتأكيد على الأهمية التاريخية لتعيينها.

 تحديات عديدة

تواجه «بورن» العديد من التحديات، ومنها إكمال مشروع «إصلاح نظام التقاعد»، الذى يسبب حالة من السخط بين الاتحادات العمالية، والذى من أجله خاضت إضرابًا واحتجاجات شلت البلاد نهاية 2019 وأول 2020، كما تواجه ملف التضخم وارتفاع الأسعار، الذى أصبح يؤرق المواطن الفرنسى وسيكون له كلمة الفصل خلال الانتخابات التشريعية.

وفى السياق نفسه قال زعيم فرنسا الأبية وتحالف الاتحاد الشعبى الجديد، چان لوك ميلانشون: «سيكون هناك دور ثلاثى (للانتخابات الرئاسية) خلال تشريعيات 12 و19 يونيو، إذن هناك فرصة أمام الشعب لرفض السيدة بورن واختيار خيار آخر؛ لأن وجودها على رأس الحكومة يشمل النقيض لما نقدمه (من سياسات شعبية) عبر برنامجنا». موجهًا دعوة لبورن إلى مناظرة عامّة قبيل خوض الانتخابات.

ويصف اليمين المتطرف بورن بأنها «تكنوقراط يسارية»، محذرًا المرشح الرئاسى السابق لليمين المتطرف، إيريك زمور، من أن خطوة تنصيب بورن «محاولة من ماكرون للهيمنة على كل الساحة السياسية؛ يمينًا ويسارًا».

فيما يرى اليسار الفرنسى، أن «بورن» لم تأتِ إلا لتنفيذ السياسات النيو ليبرالية للرئيس ماكرون، وهاجم مرشحه چان لوك ميلانشون، رئيسة الوزراء، موضحة: «لقد قلصت بورن دعم العاطلين عن العمل بـ17%، هذه الحقيقة التى يجب أن يعلمها الجميع».

ووفقًا لموقع «فرانس 24»؛ فإن ماكرون بتعيينه بورن فى ذلك المنصب «أراد اصطياد عصفورين بحجر واحد»، أى بتصوير نفسه لناخبى اليسار مهتمًا بالمشاكل الاجتماعية التى يعانى منها بعض الفرنسيين، ومحاولًا كبح جماح چان لوك ميلانشون، الذى يقود تحالفًا استثنائيًا يضم كل القوى اليسارية؛ للفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة شهر يونيو.

 وجوه نسائية أخرى

عيّن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وزيرة جديدة للخارجية فى الحكومة التى ترأسها إليزابيث بورن على أمل إحداث زخم إيجابى للحفاظ على أغلبية برلمانية فى الانتخابات التشريعية، واختار ماكرون سفيرة فرنسا فى لندن كاترين كولونا- 66 عامًا؛ لتكون وزيرة للخارجية، ما يجعلها ثانى امرأة تتولى هذا المنصب المرموق.

وتخلف «كولونا» چان إيف لودريان، الذى تولى الوزارة منذ عام 2017 وكان يعد أحد أعمدة إدارة ماكرون.

ومنذ عام 2019، شغلت كاثرين كولونا منصب سفيرة فرنسا لدى المملكة المتحدة، وكانت على وجه الخصوص فى خط المواجهة خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ثم خلال التوترات بين باريس ولندن بشأن تراخيص الصيد.

انضمت كاثرين كولونا إلى فريق الرئيس الفرنسى الأسبق چاك شيراك فى الإليزيه عندما تم انتخابه لأول مرّة فى عام 1995؛ لتصبح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية حتى عام 2004.

كما شغلت منصب مندوبة فرنسا الدائمة لدى اليونسكو، (2008-2010)، وسفيرة فرنسا لدى إيطاليا وسان مارينو (2014-2017) والممثل الدائم لفرنسا لدى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (2017-2019).

وقد تعهدت «كولونا» بأن تتحرك بفاعلية فى الملف الأوكرانى، فى حين عمل الرئيس إيمانويل ماكرون على إبقاء قناة دبلوماسية مفتوحة مع موسكو.

علاوة على ذلك تم تعيين عدد آخر من النساء؛ حيث شغلت ريما عبدالملك وزيرة للثقافة خلفًا لروزلين باشلو، وشغلت سيلفى ريتايو وزيرة للبحث والتعليم العالى والابتكار، وتم تعيين إيزابيل روما وزيرة منتدبة مسئولة عن المساواة بين المرأة والرجل والتنوع وتكافؤ الفرص، واختيار شارلوت كوبل، قاضية، الوزيرة المسئولة عن الأطفال، وتعيين كريسولا زاكاروبولو وزيرة دولة للتنمية والفرانكوفونية، وأوليفيا جريجوار متحدثة رسمية باسم الحكومة، ومن الإضافات الجديدة، وزيرة الرياضة إميلى أوديا كاستيرا، وزيرة الألعاب الأولمبية والبارالمبية، وهو لقب جديد قبل دورة الألعاب الصيفية لعام 2024 فى باريس.