الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحذيرات من وصول أسعار النفط إلى 300 دولار للبرميل الاجتماع الصعب لـ«أوبك +»..ضغوط دولية لزيادة الإنتاج

تتزايد الضغوط على منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، من أجل ضخ المزيد من النفط لتعويض النقص الشديد فى الإمدادات، بعد أن ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوى فى 14 عامًا، بالتزامن مع حظر الولايات المتحدة واردات النفط والغاز الروسية ردًا على غزوها لأوكرانيا. ومع اشتداد الأزمة الروسية الأوكرانية، تنامت الدعوات لمقاطعة النفط الروسى، وطلبت 465 منظمة فى 50 دولة من حكوماتها التوقف عن استخدام مصادر الطاقة الروسية.



من المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة فى مجموعة «أوبك +» الأسبوع المقبل لدراسة مستجدات السوق واستعراض تطورات العرض والطلب والمخزونات النفطية وتحديد مستويات الإمدادات الملائمة لشهر مايو المقبل، وسط أجواء شديدة التوتر نتيجة التأثير الواسع للعوامل الجيوسياسية فى الأسعار، بسبب وتيرة الحرب المتصاعدة فى أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المتشددة ضد صادرات الطاقة الروسية.

ويترقب العالم وسط ارتفاع أسعار النفط ووصولها لمستويات قياسية منذ عام 2008، الاجتماع الوزارى السابع والعشرين لمنظمة أوبك المقرر عقده فى 31 مارس الجارى.

انضمت ألمانيا إلى قائمة الدول التى تطالب أوبك بضخّ مزيد من الإنتاج لمواجهة الارتفاع الكبير فى أسعار النفط، الذى قفز إلى أعلى مستوياته فى 14 عامًا جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا والهند، وكذلك وكالة الطاقة الدولية، قد دعت منظمة الدول المصدّرة للنفط، لزيادة الإنتاج، وهو الأمر الذى تجاهلته أوبك، مؤكدة أن زيادة الأسعار خارجة عن إرادتها، وأن السبب الرئيس وراءها هو التوترات الجيوسياسية.

وأضاف وزير الاقتصاد الألمانى روبرت هابيك صوته إلى النداءات الغربية لأوبك لزيادة إنتاج النفط، وقال إن دول الخليج يجب ألّا تستفيد من العقوبات العالمية ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

وكرر هابيك اهتمام أوروبا بزيادة إنتاج أوبك، وهو ما طُرِح لمدة وجيزة فى اجتماع مع شركة النفط الإماراتية أدنوك، ومن المتوقع أن يُجرى الوفد الألمانى محادثات مع وزير الطاقة الإماراتى.

وفى أحدث الدعوات الموجهة إلى أوبك، طالب وزراء الطاقة فى مجموعة السبع المنظمة بـ«أداء دور رئيس» فى تعزيز إمدادات النفط إلى الأسواق الدولية، خاصة أن العديد من دول أوبك لا تضخ الإنتاج بكامل طاقتها.

ووجدت المجموعة، التى طالما دعّمت وقف الاستثمارات فى الوقود الأحفورى، نفسها أمام ضغوط كبيرة مع ارتفاع التضخم فى العديد من البلدان وتسجيله مستويات قياسية، بدعم من ارتفاع أسعار النفط.

وقاومت السعودية والإمارات، وفقا لرويترز، وهما دولتان ثقيلتان فى منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، الدعوات الغربية، بما فى ذلك من الولايات المتحدة، لاستخدام طاقتها الفائضة فى إنتاج النفط لترويض الأسعار التى ارتفعت مع إثارة الغزو مخاوف من تعطل الإمدادات.

تحذيرات

كرر نائب رئيس الوزراء الروسى، ألكسندر نوفاك، تحذيره من أن أسعار النفط قد تصل إلى 300 دولار للبرميل، إذا توقف الغرب عن شراء الخام الروسى.

وقال نوفاك، وهو المسئول عن ملف علاقات روسيا مع دول «أوبك»، إن من المتعذر على أوروبا أن تتفادى شراء النفط والغار الروسيين فى الوقت الحاضر، مضيفًا أن الدعوات الغربية لوقف المشتريات هى لفتات سياسية لاجتذاب الاهتمام.

وأضاف قائلًا :«فى الوقت الحاضر من المستحيل» على أوروبا أن ترفض النفط والغاز الروسيين، «سنرى كيف ستسير الأمور فى المستقبل».

وأشار نوفاك إلى أن روسيا تعمل للحفاظ على أحجام تصدير النفط بمعالجة مشاكل لوجستية وستواصل إنتاجها من النفط والغاز كما كان قبل العقوبات.

وقالت «فيتول»، أكبر شركة مستقلة لتجارة الطاقة فى العالم، اليوم الاثنين، إنها تتوقع أن يتجاوز الطلب على النفط فى 2022 مستويات ما قبل الجائحة لعام 2019 وإن من المرجح أن تبقى أسعار الخام مرتفعة لبعض الوقت.

وقال راسل هاردى، الرئيس التنفيذى للشركة، فى بيان بشأن نتائج المجموعة لعام 2021 «فى حين أننا نتوقع أن يهبط الطلب على النفط فى الأجل الطويل، إلا أنه من المرجح أن يواصل الطلب النمو للسنوات العشر المقبلة. بالنظر إلى محدودية الاستثمار فى الإنتاج، نتوقع أن تتسع فجوة فى الطلب على مدى السنوات القليلة المقبلة».

وقالت «فيتول» إن إيراداتها قفزت إلى 279 مليار دولار فى 2021 من 140 مليار دولار فى 2020، وإنها سلمت 7.6 مليون برميل يوميًا من النفط الخام ومشتقاته العام الماضى مقارنة مع 7.1 مليون برميل يوميًا فى 2020.

وقال هاردى إن تزايد الطلب على النفط مصحوبًا بنمو مكبوح فى الإنتاج تسببا فى هبوط مخزونات الخام  بمقدار  مليونى برميل يوميًا إلى أدنى مستوياتها فى عدة أعوام، مضيفًا أن شحًا فى المعروض فى أسواق الطاقة كان موجودًا بالفعل قبل تفجر الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف أن أسواق الغاز والكهرباء عانت تقلبات لم يسبق لها مثيل فى أوائل الخريف فى أوروبا، وفى ديسمبر بسبب مخاوف من نقص فى المعروض.

رفع الإنتاج يخفض الأسعار

يرى المحللون أن رفع الإنتاج هو السبيل الوحيد لخفض أسعار النفط، وبحسب تقرير دوتشيه فيله، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هما المنتجان الوحيدان للنفط اللذان يمكنهما زيادة الإنتاج الفائض بسهولة نسبيًا.

وقالت كارين يونج المدير المؤسس لبرنامج الاقتصاد والطاقة فى معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، إنه على الرغم من صعوبة إعادة توجيه أسواق النفط بسهولة، وإن زيادة إنتاج النفط الخليجى لا تعنى زيادة الصادرات بشكل مباشر إلى أوروبا، إلا أن زيادة إنتاج النفط الخليجى سيحدث فرقًا كبيرًا لخفض الأسعار فى السوق العالمية.

ومن جانب آخر، رأى المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن، أن منظمة أوبك لديها سياسة تتمثل فى عدم تغيير الإنتاج أو العرض على أساس الأحداث الجيوسياسية، إنما تتغير فقط استجابة للتغيرات فى أساسيات السوق.

وأوضح التقرير أن الرد العالمى ضد الحرب الروسية على أوكرانيا، بما فى ذلك ما يسمى باستراتيجيات العقوبات الذاتية، حيث رفض عمال الموانئ فى جميع أنحاء العالم تفريغ النفط الروسى، فى حين أن الممولين الخائفين من العقوبات يرفضون تقديم الائتمان أو طرق الدفع لصفقات النفط الروسية، وجميع هذه الأحداث قد يكون لها تأثير على استعداد المملكة العربية السعودية لتغيير سياسة الإنتاج.

وأشار تقرير آخر نشرته مجلة نيكى آسيا اليابانية، إلى أن المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة فقط من بين العديد من الدول المنتجة للنفط يمكنها زيادة الإنتاج، ويرجع ذلك لأن العديد من الدول لديها طاقة فائضة قليلة بسبب نقص الاستثمار فى إنتاج النفط وزيادة الإنتاج.

ويرى تاكاشى هاياشيدا الرئيس التنفيذى لـ«أليمينتس كابيتال»، أن الزيادة فى الإنتاج قد لا تغطى بالكامل الزيادة فى الطلب.

ووفقًا لتقرير لبنك «جولدنمان ساكس» قد يكون خفض الطلب هو الخيار الوحيد للحد من ارتفاع أسعار الطاقة، وأوضح التقرير أيضًا أن استمرار الأسعار المرتفعة قد تؤدى بشكل مباشر على تقليل الاستهلاك أو تباطؤ اقتصادى شامل يؤدى فى النهاية إلى انخفاض الطلب.

ووفق وكالة الطاقة الدولية، فإن السعودية تمتلك 1.2 مليون برميل يوميًا من الطاقة الإنتاجية الفائضة، يمكن استدعاؤها سريعًا لتعويض نقص الإمدادات، بينما تمتلك الإمارات طاقة فائضة قدرها 0.6 مليون برميل يوميًا.

وهذا يعنى أن كلا منتجى أوبك -السعودية والإمارات- لديهما نحو 1.8 مليون برميل يوميًا من الطاقة الإنتاجية الفائضة، أى ما يعادل 2% تقريبًا من الطلب العالمى، وغالبية الطاقة الفائضة فى العالم والبالغة 2.2 مليون برميل يوميًا.

ومن المتوقع تراجع إنتاج النفط الروسى 3 ملايين برميل يوميًا بداية من أبريل المقبل، نتيجة العقوبات المفروضة على موسكو، بحسب الوكالة الدولية، التى أشارت إلى أن السعودية والإمارات لديهما القدرة على منع حدوث عجز فى سوق النفط.

فى المقابل، ترى شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجى أن السعودية والإمارات والعراق والكويت تمتلك مجتمعة 4 ملايين برميل يوميَا من الطاقة الإنتاجية الفائضة، وهى الطاقة التى يمكن طرحها فى السوق فى غضون مدّة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر.

ويقول المحلل فى ريستاد إنرجى، لويز ديكسون: «تتمتع معظم هذه الدول بقدرات تخزين برية هائلة يمكن استغلالها؛ ما يعنى أنه يمكن طرح بضعة ملايين برميل من النفط للتصدير فى غضون أسابيع، إن لم يكن خلال أيام».

بالنسبة إلى تقديرات ريستاد إنرجى، فحتى إذا أضافت إيران 1.3 مليون برميل يوميًا حال تحريرها من العقوبات، كما تقول وكالة الطاقة، فإن هذه الكميات غير كافية لتعويض إنتاج النفط الروسى حال انقطاعه تمامًا.