الطوارئ.. الأزمة الأخطر فى وجه «يونيو»!
وفاء شعيرة
فى الوقت الذى نترقب فيه نهاية عصر طويل جدا من الطوارئ فى 14 نوفمبر الجارى، يزيد الجدل حول قانونى التظاهر ومكافحة الإرهاب من أسماء وطنية تهتم بالحريات حتى غير المسئولة منها التى يستغلها المخربون والإرهابيون، ومن أبواق تعمل لحساب دول وتنظيمات معادية لمصر، والحكومة لاتزال مترددة فى اختيار بديل الطوارئ التي شددت على إلغائها وعدم مدها إلا باستفتاء شعبى، لكننا نترقب بين الحين والآخر إقرار رئاسة الجمهورية قانون التظاهر المعدل بعد تصديق الحكومة عليه فى أعقاب التعديلات المريحة التى أجراها مجلس الدولة «قاضى الحريات»، رغم وجود بعض التحفظات على المدة التى تسبق الإخطار بالمظاهرة والمسافة التى تبعد عن المنشأة المستهدفة!
كل هذا الجدل يتزامن وبخطورة مع ذكرى أحداث محمد محمود التى تعلق عليها الجماعة المحظورة وتنظيمها الدولى آمالا كبيرة فى إشعال وتأليب الشارع ضد الجيش والسيسى وثورة يونيو، والعودة مرة أخرى للساحة بقوة القيادة لا التناحر فقط رغم أن البعض تناسى أن الإخوان الحاكمين فى تونس التى تترقب التمرد بين الحين والآخر جددوا الطوارئ التى يرفضونها فى مصر دون أى اعتراض واضح من الثوار حتى الآن!
المستشار «مجدى العجاتى» نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس قسم التشريع أكد أن التعديلات التى قام بها القسم على قانون التظاهر وازنت بين حق المواطنين فى ممارستهم لحق التظاهر باعتباره أحد صور التعبير عن الرأى المكفول دستوريا وبين الحفاظ على أمن المجتمع ومكتسباته بعد ثورتى يناير ويونيو من أجل صالح الوطن والمواطنين، وجاءت التعديلات بتخصيص الاجتماعات العامة المتعلقة بالانتخابات بضمانات حق الاجتماع حتى لا تترك لسلطة الجهة الإدارية «الحكومة» الأمر، كما حفظت حق المرأة التى ترتدي النقاب فى التظاهر دون قيد مادامت لم تتعمد من ارتدائه ارتكاب جرائم فيما منعت التعديلات ارتداء الأقنعة فى المظاهرة، وجعلت الإخطار لتنظيم المظاهرة قبل ثلاثة أيام منها ويجوز لجهة الإدارة «الحكومة» إلغاؤه على أن تعلن منظمى التظاهرة بهذا الرفض قبل التظاهر بـ 24 ساعة، فى حالة وجود معلومات بأن هذه المظاهرات يتم فيها ما يهدد الأمن والسلم الاجتماعى، ويجوز لمن ألغى له التظاهر التظلم أمام النيابة العامة واللجوء إلى محكمة القضاء الإدارى.
كما أباحت التعديلات فض المظاهرات بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والأدوات المتعارف عليها فى نظم الدول الأخرى، بعد التنبيه على المتظاهرين أكثر من مرة بفض الاعتصام والقيام بفتح طريق آخر لخروج المتظاهرين الموافقين على فض الاعتصام.
ومع أن قانون التظاهر يوازن بين حقوق المواطن وحقوق الدولة كما قال رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة، فإن هناك المعترضين عليه وهناك أيضا المعترضون على إصدار قانون مكافحة الإرهاب الذى قامت وزارة العدل بمراجعته، وهو القانون الذى عرف العمل الإرهابى بأنه هو كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع بهدف الإخلال الجسيم بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أومصالحه أو أمنه للخطر، ومتى كان من شأن هذا الاستخدام إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبنية أو بالموارد الطبيعية أو بالأموال أو الآثار أو بالمبانى أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع عرقلة السلطات العامة أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية فى مصر من ممارسة كل أو بعض أوجه نشاطها، أو منع أو عرقلة قيام دور العبادة أو مؤسسات معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق أى من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح.
وكذلك كل سلوك من شأنه الإضرار بالاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية أو بالاقتصاد الوطنى أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمنى من السلع والمواد الغذائية والمياه أو بسلامتها أو بالخدمات الطبيعية فى الكوارث والأزمات، إذا ارتكب بقصد تحقيق أحد الأهداف المبينة فى هذا القانون.
وتنص المادة 10 من القانون على أن يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار منظمة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها فيما نصت المادة 11 على أن يعاقب بالسجن كل من انضم إلى منظمة إرهابية أو شارك فيها بأى صورة من علمه بأغراضها.
الخبير الأمنى اللواء حسين حمودة قال لنا: مصر ليست فى حاجة الآن لقانون طوارئ بقدر حاجتها إلى منظومة قانونية توفر للدولة ضمانات الحفاظ على الأمن العام والأمن القومى من خلال تشريعات واقعية وناجزة، وهى أولا قانون مكافحة الإرهاب، وثانيا قانون تنظيم التظاهر، وثالثا إجراء تعديلات على قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية بهدف تحقيق منظومة عدالة جنائية فعالة فى مصر بالتوازى مع حماية حريات المواطنين.
فبالنسبة لقانون مكافحة الإرهاب كما قال «حمودة» يجب أن يضع نصا أن المنظمات الإرهابية التى تقوم بأعمال تخريبية وتعطيل مصالح المواطنين والحكومة لابد أن تقوم بتعويض المتضررين من أعمالها الإرهابية من المواطنين والدولة ماديا من أموال هذا التنظيم مثل جماعة الإخوان أو أى منظمة.
التعويض يدفع من أموال المنظمة وأموال أسرة وعائلة من قام بأعمال إرهابية وتخريبية، وهذا ليس غريبا، أو شاذا على الشريعة الإسلامية، حيث كانت تدفع دية القتيل فى الشريعة الإسلامية من أسرة وعائلة القاتل.
أما قانون تنظيم التظاهر- كما يقول اللواء حمودة- فيجب تنقية هذا القانون، عقوبة تغريم المتظاهر 300 ألف جنيه غرامة لأنه كيف تكون هذه الغرامة على متظاهر غالبا ما يكون مطالبا بتحسين حالته الاقتصادية ويجب أن تلغى المادة الخاصة بمنع التظاهر فى أقل من 300 متر من أقرب منشأة حيوية.
أما التعديل فى قانون العقوبات كما يقول اللواء حمودة فيما يتعلق بتعذيب مأمور الضبط القضائى للمتهم لإجبار من قبض عليه على الاعتراف، وقانون الإجراءات يجب أن تعدل المادة الخاصة بالمواعيد التى تلزم مأمور الضبط القضائى فى عرض المتهمين على النيابة العامة فى 12 ساعة أم 24 أم 48 ساعة فى قانون 2012 كانت 12 ساعة وأنا أرى - والكلام لحمودة - يجب أن تكون 48 ساعة للتغلب على أيام الإجازات وحتى نعطى فرصة أمام مأمور الضبط لجمع الأدلة.
عصام الإسلامبولى الفقيه الدستورى والناشط الحقوقى قال لنا: التظاهر حق أصيل لأى مواطن ولولا التظاهر ما قامت ثورتا يناير ويونيو، فالتظاهر حق من الحقوق الأصيلة والمباشرة للمواطن المصرى، لكن هذا الحق لابد أن ينظم فى قانون يضع الضوابط والمعايير المنظمة للتظاهرة خاصة أنه مع إلغاء حالة الطوارئ.
وهذان القانونان كما قال الإسلامبولى متخلفان جدا وصدرت بعدهما دساتير مصرية كثيرة ووقعت مصر على العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية.
وأكد الإسلامبولى أن قانون التظاهر الذى قام مجلس الدولة بتعديله جيد جدا وإن كنت معترضا على الإخطار قبل التظاهر بثلاثة أيام يجب أن تكون قبلها بـ 24 ساعة فقط، وإذا قتضت الضرورة يكون 12 ساعة وخاصة هناك حالات ضرورية مثل التظاهر ضد اعتداء على دولة عربية، وأكد الإسلامبولى أيضا أن الرافضين لإصدار قانون التظاهر يخدمون توجهات بعض الدول العربية.
وعن قانون مكافحة الإرهاب قال: لسنا فى حاجة إليه لأن لدينا القانون 97 لسنة 1992 الخاص بالإرهاب وأضيف إلى قانون العقوبات وتم تعديله فى أعوام ,2003 و,2006 و2008 وهو كاف والمشكلة إذا ما أقر قانون لمكافحة الإرهاب والدولة تريد من خلاله تشديد العقوبات فمن الممكن أن يتم الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية لعدم دستوريته لأنه بالتأكيد سيضع قيودا شديدة على المواطنين مثل قانون الطوارئ وقد تحكم المحكمة الدستورية بإلغائه، ولهذا أنا أرى والكلام مازال للإسلامبولى إذا كنا نريد تشديد العقوبات لمكافحة الإرهاب يمكن أن يعدل القانون الحالى 97 لسنة .1992
المستشار «غبريال عبدالملاك» رئيس مجلس الدولة السابق علق بقوله: المفروض أن يصدر قانون التظاهر فورا ولا أعرف ما السبب فى تعطيله خاصة مع انتهاء حالة الطوارئ.
وأكد المستشار عبدالملاك أن إصدار قانون التظاهر لا يعنى أننا نقيد الحريات وحرية التعبير فهل الحرية أن نخدش حياء الآخرين بالكلام ونتلف الأماكن العامة أو نرسم رسوما مسيئة؟ أين حقوق الدولة وحقوق المواطنين؟ ففى الدول الأوروبية وأمريكا تقام فيها المظاهرات بالقانون وأن تكون سلمية ولها وقت محدد وإذا تعدت المظاهرة ذلك يستخدم كل شىء لفضها بما فيها إطلاق النار على المتظاهرين.
ولكن للأسف أمريكا وأوروبا تريد لنا الفوضى فى مصر، تحت شعار «حقوق الإنسان» ومن خلال بعض المنظمات فى مصر لتعطيل إصدار قانون التظاهر، وأكد المستشار غبريال أننا حاليا لسنا فى حاجة إلى قانون مكافحة الإرهاب بقدر حاجتنا إلى قانون التظاهر لأن قانون مكافحة الإرهاب الحالى كافٍ.