الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نرصد أشهر 9 أسئلة حول رؤية هلال رمضان

مع استعداد المسلمين لاستقبال شهر رمضان تزداد فرحة الجميع بيوم استطلاع هلال شهر الصوم؛ حيث ينتظر الصغير والكبير سماع بيان المُفتى عن بدء شهر رمضان، لكن رؤية هلال رمضان يثار حولها العديد من الأسئلة والاستفسارات التى استطاعت دار الإفتاء أن تجيب عنها نظرًا لما عليها من اختلاف كبير.. «روزاليوسف» رصدت أشهَر تسعة أسئلة أجابت عنها دار الإفتاء حول رؤية هلال رمضان.



ولقد كان السؤال عن الحكمة الشرعية فى اعتبار شهر رمضان بالحساب القمرى لا الشمسى أول تلك الأسئلة المثارة حول رؤية هلال رمضان؛ حيث أجابت دار الإفتاء قائلة: نَص القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المشرفة على أن الشهر القمرى هو الأصل الذى تُبنَى عليه العبادات والأحكام المرتبطة بالأشهُر، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾، وقال عز وجل: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: 36]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم فى شأن هلال رمضان: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» متفق عليه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.

أضافت إن الحكمة من ذلك أن الشهر بالتقويم القمرى يمكن تحديد بدايته من خلال رؤية الهلال فى بداية كل شهر قمرى، بينما لا يمكن تحديد بداية للشهر فى التقويم الشمسى، فالتقويم الشمسى لا يُعتبر حسابًا للأشهُر بقدر ما هو حساب للفصول وتقسيمٌ للأشهُر على هذه الفصول؛ لأن قاعدته هى دوران الأرض حول الشمس، وهذا محدد للفصول؛ فلا يتغير شكل الشمس بزيادة ولا نقصان، ولا يعرف أولها ولا آخرها ولا تختلف رؤيتها، وكذلك أشهُرها لا يعرف أولها ولا آخرها إلا خواص الحُسَّاب، وليس لها مواقيت غير الفصول الأربعة.

وأوضحت إن التقويم القمرى أكثر دقة؛ لأنه يستعمل ظواهر فلكية واضحة أمام عموم الناس وخواصهم، والسَّنَة القمرية واضحة البداية والنهاية، وهى اللحظة الأولى من غروب شمس آخر يوم من شهر ذى الحجة، أمّا السَّنَة الشمسية فهى غير محددة البداية فى كل عام؛ حيث يبلغ طولها 365.24189814 يومًا أو 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و45.2 ثانية، ولذلك عَلّق الشرع الأحكام التعبدية على الأهلة؛ لظهور العدد المبنى عليها، وسهولة ويسر اليقين فيها. ومِن الحِكَم اللطيفة أن العبادات المؤقتة بشهر معين كالصوم والحج تدور فى الفصول المختلفة، ولو لم تكن كذلك لصام الناس أبدًا فى الصيف مثلًا.

وفى سؤال عن كيفية عمل التقويم الشمسى قالت الإفتاء: التقويم الشمسى يتخذ حركة الأرض حول الشمس أساسًا له فى حساب الشهور والسنين، فالسَّنة فى التقويم الشمسى هى المدة الزمنية التى تستغرقها الأرض فى دورانها دورة كاملة حول الشمس إلى أن تعود إلى نفس الموضع الذى كانت عليه فى السَّنة السابقة، وطول هذه الدورة 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية. وفى خلال هذه الفترة تكون الأرض قد دارت حول نفسها 365.2422 دورة، وتعرف كل دورة باليوم الشمسى أو اليوم الأرضى، وهو يمثل تعاقبًا واحدًا لليل والنهار. وعدد أيام الشهر الشمسى ثابتة؛ فيناير 31 يومًا وفبراير 28 يومًا يزيد يومًا كل أربع سنوات، ومارس 31 يومًا.. وهكذا مما هو معروف، فالشهر الشمسى قائم على العدد فقط.

 رؤية الهلال 

وحول كيفية معرفة بداية الشهر العربى قالت دار الإفتاء: تثبت بداية الشهر العربى برؤية الهلال، ويُستطلع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من الشهر السابق، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ الشهر، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال الشهر السابق ثلاثين يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فى خصوص شهر رمضان: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» متفق عليه. والاعتماد على الرؤية البصرية هو الأصل شرعًا مع الاستئناس بالحساب الفلكى؛ إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكى ينفى ولا يُثبت، فيؤخذ به فى نفى إمكانية طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه استقلالاً فى الإثبات؛ حيث يؤخذ فى إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكى.

وفى سؤال عن هل القمر يختلف عن الهلال، أمْ هما شىء واحد؟ قالت الإفتاء: القمر هو أقرب الأجرام السماوية إلينا، وهو الجسم السماوى الأكثر وضوحًا والأكبر حجمًا ليلًا، وهو تابع للأرض ويدور حولها دورة كاملة كل شهر، ونحن نراه خلال هذه الدورة على أطوار تتكرّر كل شهر، وتعتمد هذه الأطوار على الزاوية المقاسة عند الأرض بين الشمس والقمر، فنتيجة لسقوط ضوء الشمس على القمر بصفة مستمرة فإننا نجد أن نصف القمر المواجه للشمس يكون مضيئًا، والنصف الذى فى الجهة الأخرى يكون مظلمًا، ونشاهد على الأرض أجزاء مختلفة من النصف المضىء وأجزاء من النصف المظلم.

وأوضحت أنه بدوران القمر حول الأرض تتغير المساحات التى نشاهدها من النصفين بصفة مستمرة، وهى ما تسمى بالأطوار. فعندما تكون الشمس والقمر فى جانبين متضادين بالنسبة للأرض عند وضع الاستقبال، نرى النصف المضىء للقمر بكامله ويسمى بدرًا، وجميع من يكونون على نصف الكرة الأرضية المواجه للقمر فى هذه الحالة يمكنهم رؤية القمر كبدر. وفى وضع الاقتران تكون الشمس والقمر فى جهة واحدة من الأرض، ويكون نصف القمر المواجه للأرض مظلمًا بكامله؛ لذلك لا يمكن رؤية القمر ويسمى هذا الطور بالمحاق، وبعده يبدأ بزوغ الهلال؛ حيث نرى من القمر أقل من نصف الوجه المضىء، ثم فى الأيام التالية بعد بداية الشهر نرى نصف وجه القمر المواجه للأرض مضيئًا، ثم أكثر من النصف، حتى نراه بدرًا، ثم يبدأ فى التناقص، حتى يصير هلالًا متناقصًا، وهو هلال نهاية الشهر، ثم محاقًا، فبزوغ هلال الشهر الجديد.

واستطردت إنه من هنا نعرف أن القمر يسمى هلالًا لمدة يومين أو ثلاثة أيام من أول الشهر العربى القمرى حين يُرى أقل من نصف الوجه المضىء، وكذلك من آخره، وعند الاستقبال يسمى بدرًا، وعند الاجتماع أو الاقتران يسمى محاقًا، وفيما بين هذه الأحوال يسمى قمرًا.

وحول هل رؤية الهلال فى مكان ما بالعالم صالحة لكل العالم؟ أفتت دار الإفتاء بأن هلال الشهر إنما يثبت لكل بلد برؤية أهله البصرية؛ خصوصًا إذا كان أهل البلد يستطيعون رؤية الهلال بوضوح، أو رؤيته فى أقرب البلاد إليهم، أو بتحقق رؤيته فى أى بلد إسلامى قريب من بلادهم، وذلك إذا قطع علماء الفلك بأن هذا آخر يوم من الشهر ويمكن رؤية الهلال؛ فإن قطع الحساب الفلكى بعدم طلوع الهلال أو باستحالة رؤيته فلا عبرة بالرؤية البصرية. هذا باستثناء هلال ذى الحجة؛ فإن رؤيته تثبت وفقًا لما تقرره المملكة العربية السعودية وهى صالحة لكل العالم؛ إذ جميع المناسك الخاصة بالحج تقام على أرضها وليس معقولاً أن يخالفها بلد إسلامى فيما تقرره فى هذا الشأن.

وفى سؤال مشابه يقول هل هناك اعتبار لاختلاف المطالع؟ قالت الإفتاء: انه اختلفت كلمة فقهاء المسلمين فيما إذا كان اختلاف مطالع القمر مؤثرًا فى ثبوت ظهوره، وبالتالى مؤثرًا فى الأحكام المتعلقة بالأهلة كالصوم والإفطار والحج والأضحية، أو غير مؤثر فلا عبرة باختلاف المطالع. بمعنى أنه إذا ثبتت رؤية الهلال فى أى بلد إسلامى ثبتت فى حق جميع المسلمين على اختلاف أقطارهم على ظهر أرض الله متى بلغهم ثبوته بطريق صحيح، أو أن اختلاف المطلع يعتبر فيلتزم أهل كل بلد مطلعه؛ فعند الجمهور لا عبرة باختلاف المطالع فمتى ثبتت رؤية الهلال فى بلد بالمشرق مثلًا لزم ذلك سائر البلاد شرقًا وغربًا.

أضافت إنه ذهب آخرون إلى اعتبار اختلاف المطالع، وفى المسألة قول ثالث وهو أنه يعتبر اختلاف المطالع بالنسبة للبلاد البعيدة جدًّا عن بعضها البعض. والذى قرره مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة فى مؤتمره الثالث المنعقد فى المدة من 30 سبتمبر إلى 27 أكتوبر سنة 1966م بشأن تحديد أوائل الشهور القمرية أنه لا عبرة باختلاف المطالع، وإن تباعدت الأقاليم متى كانت مشتركة فى جزء من ليلة الرؤية، وإن قل، ويكون اختلاف المطالع معتبرًا بين الأقاليم التى لا تشترك فى جزء من هذه الليلة.. وتأكد هذا أيضًا فى قراره رقم (42) وفى جلسته الثامنة والعشرين التى عقدت بتاريخ 23 ربيع الآخر لسنة 1412هـ، الموافق 31 من أكتوبر لسنة 1991م بشأن رؤية الهلال، ونصه: إنه إذا تعذر دخول الشهر القمرى، وثبتت رؤيته فى بلد آخر يشترك مع المنطقة فى جزء من الليل، وقال الحسابيون الفلكيون: إنه يمكث لمدة عشر دقائق فأكثر بعد الغروب، فإن دخول الشهر القمرى يثبت.

وعن الحكم فى الحسابات الفلكية التى تحدد بدايات الشهور العربية مقدمًا لسنين أكدت الإفتاء أن الحسابات الفلكية التى تحدد بدايات الشهور العربية مقدمًا لسنين يجوز الاستئناس بها، ولكن بداية الشهر لا تتحقق شرعًا إلا بالرؤية الشرعية.

وحول الفرق بين الحساب والرؤية الشرعية أوضحت فتوى الإفتاء أن الحساب الرياضى أو الفلكى هو حساب سير القمر فى منازله لإثبات وقت اجتماعه بالشمس ومفارقته إياها، ووقت إمكانية الرؤية واستحالتها، والبعد بين كل من الشمس والقمر، ووقت بقاء الهلال فى الأفق ونحو ذلك مما يعرف من خلاله بداية الشهر القمرى. ويكون ذلك باستخدام عدة معادلات لحساب زمن غروب الشمس، وزمن غروب القمر فى التاسع والعشرين من كل شهر عربى.

واستطردت: أمّا الرؤية البصرية للهلال؛ فهى الوسيلة التى قررها الشارع لإثبات دخول الشهر، وما يرتبط به من أحكام كإيجاب الصيام ونهاية العدة ونحو ذلك. فالفرق بينهما أن الأول يعتمد على المعادلات الرياضية، والثانى يعتمد على الحس البصرى، والحساب الرياضى لا يتنافى مع الرؤية الشرعية؛ فإن الحساب الرياضى ينفى إمكانية الرؤية لأنه قطعى، ولكنه لا يثبت دخول الشهر الشرعى، فإن دخوله إنما يكون بالرؤية الشرعية، فالحساب الفلكى بذلك أداة للتثبت من صحة الرؤية الشرعية.

وعن مدى صحة الاكتفاء بالرؤية البصرية المجردة فى إثبات دخول الشهر العربى أجازت الإفتاء الاكتفاء إلا أن ينفيها الحساب الفلكى.