الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حكايات 1900 (3): إيطاليا تحتل مصر بقصرين في الزمالك و 500 مليون ليرة!

حكايات 1900 (3): إيطاليا تحتل مصر بقصرين في الزمالك و 500 مليون ليرة!

 خلال الحرب العالمية الثانية، ومع انشغال بريطانيا فى دعم قوات الحلفاء، كانت إيطاليا تستعد للمشاركة فى الحرب، لاسيما بعد استسلام فرنسا وضعف موقف بريطانيا.. كان تعزيز التواجد فى الشرق الأوسط هو أبرز دوافع إيطاليا لدخول الحرب أثناء اشتعالها.. ونستطيع أن نقول إن الهدف الرئيسى من تلك الخطوة هو احتلال مصر!



فى ذلك الوقت، تعرّض كثير من الإيطاليين الذين كانوا يعيشون فى مصر لمضايقات مع بداية الحرب، لذلك كان نبأ مشاركة بلدهم فى الحرب سعيدًا بالنسبة إليهم، خصوصًا أن ذلك تزامن مع انتشار معلومات تشير إلى قدرة إيطاليا على احتلال القاهرة.

 

كانت إيطاليا قد بدأت استعداداتها لاحتلال مصر، حتى من قبل دخولها المعركة.. والدليل هو مذكرات الصحفى اللبنانى حبيب جاماتى الذى عمل فى مصر حتى وفاته فى ستينيات القرن الماضي، وهى المذكرات التى احتوى جزء منها على كواليس استعداد إيطاليا لاحتلال القاهرة، ونشرها فى مقال بمجلة الإثنين والدنيا عام 1948.

قال جاماتي، إنه مع نجاح الألمان فى السيطرة على أمور الحرب، بدأت إيطاليا تستعد لمشاركة هتلر فى المكاسب، وأعلنت دخولها الحرب.. فى ذلك الوقت كان رجال إيطاليا فى القاهرة يبحثون على مقرّات تصلح لإدارة مصر بعد احتلالها!

 موسولينى أراد تأميم قصر «ماريوت»

قبل دخول إيطاليا الحرب بأيام قليلة، استقبل جاماتى فى مكتبه بالقاهرة، مهندسًا إيطاليًا على علاقة بالحكومة الإيطالية، وطلب المهندس من الصحفى التعاون فى أن يكون وسيطا فى مهمة البحث عن مقرّات للمسئولين الإيطاليين الذين سيتولون إدارة مصر بعد رحيل بريطانيا.

وعد المهندس الإيطالى أن تحترم حكومة بلاده قصور الملك فاروق، ودواوين الحكومة أثناء وجودهم فى مصر، لكنهم بحاجة إلى عدد من القصور الفاخرة، بالإضافة لبعض المبانى التى من شأنها أن تكون مبانى رسمية للمسئولين الإيطاليين.

أول القصور التى طمع بها الإيطاليون، قصر الجزيرة فى الزمالك، والذى شيّده الخديو إسماعيل فى القرن الـ19 استعدادًا لاستقبال ضيوف حفل افتتاح قناة السويس، وهو القصر الذى كان وقت الحرب العالمية ملكًا لعائلة لطف الله اللبنانية، قبل تأميمه فى الستينيات، وقبل أن يصبح فندق ماريوت حاليًا.. كان يريد الإيطاليون أن يكون مقر حاكم مصر المفوّض من موسوليني.

أما القصر الثاني، هو قصر على فهمي، والمعروف حاليًا باسم قصر عائشة فهمي، وهو القصر المواجه لفندق ماريوت على النيل فى الزمالك.. وكان مُحددًا له من قبل إيطاليا بأن يكون مقر حاكم القاهرة.. ومن الواضح أن منطقة الزمالك كانت مُخططا لها تكون «كومباوند» للإيطاليين فى مصر بعد احتلالها، باعتبارها أرقى أحياء القاهرة فى تلك الحقبة.

عندما سأل الصحفى اللبنانى المهندس الإيطالي، عما سيفعلونه إذا رفض أصحاب تلك القصور التخلى عنها، أجاب بأن إيطاليا ستكون مضطرة فى هذه الحالة إلى تأميمها، ووقتها نستطيع نزعها بالقوة ودون دفع أى مبالغ مالية.

 الليرة بدلًا من الجنيه!

نجحت القوات الإيطالية بعد دخولها الحرب بأسابيع فى احتلال جزء من الحدود المصرية مع ليبيا، وهو ما جعلها تشعر بأنها باتت قادرة على استكمال الطريق نحو قناة السويس، ومن ثم إعلان السيطرة على مصر وتكون الاحتلال الجديد.. لكن الجيش المصرى استطاع استعادة الأرض المحتلة، وأجبر قوات إيطاليا على العودة إلى داخل الأراضى الليبية.

لم تستسلم إيطاليا، وفى عام 1942 شعرت أن بريطانيا اقتربت من الهزيمة، وسيكون ذلك مفتاح احتلال مصر.. وسرعان ما صدرت أوامر من الحكومة الإيطالية بطبع عملة جديدة لمصر، تكون بديلة عن الجنيه المصرى.. وهى الليرة المصرية.. كان ذلك ضمن مشروع تأسيس صندوق البحر المتوسط والذى كان مُقررًا له أن يكون بديلًا عن البنك المركزي.

طبعت إيطاليا نحو 500 مليون ليرة مصرية، وتم تخزينهما فى ليبيا أثناء معركة العلمين.. لكن أحلام إيطاليا تبخرت بمجرد هزيمتها فى المعركة، واضطرت بسرعة إلى إعدام الليرة التى طبعتها لمصر.

فى هذا الصدد، تقول مصادر إن بعض الجنود الإيطاليين الذين كانوا مُكلفين بإعدام هذه العملة، احتفظوا بكمية منها فى ملابسهم، وقد بيعت بعض الأوراق منها فى مزادات عالمية بمبالغ كبيرة، وتعتبر حاليًا من أندر العملات المصرية.