الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مستعمرة الباعة الجائلين

مستعمرة الباعة الجائلين
مستعمرة الباعة الجائلين


كشفت وزارة الكهرباء مؤخرًا عن خسارة ما يعادل 8 مليارات جنيه سنويًا بسبب سرقة الكهرباء سواء عن طريق الباعة الجائلين أو عن الطرق غير القانونية فى الأحياء العشوائية مما يؤثر سلبًا علي كفاءة وأداء الشبكة الكهربائية، ويتسبب في انقطاع التغذية عن المشتركين في المحال التجارية والأحياء السكنية، «روزاليوسف» انتقلت إلي أماكن هؤلاء البائعين الذين أثاروا جدلاً بالفترة الأخيرة في مختلف المناطق والميادين المزدحمة منها «رمسيس- بولاق- إمبابة»،
 
وفي أثناء التجوال دخلنا عالمهم الملىء بالعجائب والغرائب المسيطرة علي الأرصفة من «فرش لبيع الأدوات الكهربائية والإلكترونية والمنزلية- عربات لبيع الخضروات والفاكهة- بالإضافة إلي «ستاندات» الملابس التي وصلت إلي نصف الطريق مما أدي لعرقلة حركة سير المواطنين والسيارات، وأن الشكل العام الذي وجدناه أمامنا هو سيطرة الباعة الجائلين داخل وخارج الشوارع والميادين ومحطات القطار، بالإضافة إلي وجود حالات سرقة الكهرباء من أعمدة الإنارة حتي تضيء العالم التجاري الذين استحوذوا عليه دون النظر إلي أي قواعد وقوانين حكومية.. قمنا بالحديث مع المسئولين من جانب، ومع الباعة الجائلين من جانب آخر حتي نصل إلي لب المشكلة وحلها.
 
 
الحاجة أم راضي بائعة خضار 45 سنة قالت: «أنا الحمد لله بسترزق من عرق جبيني» مؤكدة أنها لو امتلكت مال الدنيا يستحيل أن تترك هذه الفرشة لأنها تربت عليها منذ الصغر، بالإضافة إلي العشرة بينها وبين باقي البائعات، مشيرة إلى أن الكهرباء التي تأخذها من أعمدة الإنارة هى الحل الوحيد لمصدر رزقها.
 
 
وأكد أحمد حسن، بائع متجول 26 سنة، أن الأزمة الواقعة بين وزارة الكهرباء والباعة الجائلين ومباحث المرافق هي سرقة الوصلات من أعمدة النور، مضيفًا: «ليس لدينا حل بديل وكل بدائل الحكومة غير مناسبة للحالة الاجتماعية التي نعيش فيها، فليس لدينا القدرة علي سداد فواتير كهرباء أو دفع ضرائب.
 
 
كما التقينا بسيد محمود بائع متجول فقال: «أنا بدور علي لقمة عيش حلال.. أحسن ما أسرق وأكل عيالي من فلوس حرام»، وأضاف: «الناس فاكرة أن إحنا مش بندفع فلوس خالص لكن إحنا بندفع فلوس للبلطجية علشان يسيبونا نسترزق، كل شوية مباحث الكهرباء بتعملنا محاضر سرقة ويجبولنا مخالفات بالـ200 و300 جنيه «طب نعمل إيه ناكل ولا ندفع».
 
 
أما الحاج عبدالعظيم حجاج 70 عامًا صاحب فرشة شاي فقال: «أعمل بهذه المهنة من زمن بعيد بعد ما أصبحت مسئولا عن ثلاث بنات يحتجن إلي المال، مؤكدًا أن فرشة الشاي هي المصدر الوحيد للرزق مع أن البلدية قبل 25 يناير كانوا شديدى العنف معه، لكن الآن الوضع أصبح هادئا عن الفترة الماضية، مشيرًا إلى أنه من ضمن مؤيدي فكرة العمل علي تقنين الباعة الجائلين مطالبًا الحكومة بالعمل علي تنفيذها.
 
 
خالفه في الرأي عم عثمان صاحب عربة «التين الشوكي» قائلا: لم أشعر بمتعة العمل غير وأنا أتجول في الشارع، أما فكرة تخصيص أماكن لنا فلا أعتقد أن الحكومة ستنفذها.
 
 
أما محمد علاء 30 عامًا بائع ملابس علي أحد الأرصفة فقال: «أنا خريج جامعة عين شمس، وحاصل علي ليسانس حقوق لكني لم أجد فرصة عمل توفرها الحكومة، فاضطررت إلي شراء العديد من السلع والعمل بها، مؤكدًا أنه ومن حوله يقومون بأخذ إحدي الوصلات الكهربائية للعمل علي إضاءة الرصيف في الليل لأنهم ليس لديهم حلول أخري وأنه يتمني أن يستطيع العمل بحرية دون الخوف من الحكومة وهذا من خلال توفير المحافظة أماكن مخصصة لهم.
 
 
وجهة نظر المواطنين اختلفت قليلاً عن وجهة نظر الباعة الجائلين وبعضها وافقت آراءهم تقول أم إسلام ربة منزل: «إن الباعة الجائلين لا يسببون لنا أي ضرر لأن المصلحة بيننا وبينهم متبادلة، نحن نشتري احتياجاتنا الضرورية وهم يبيعون مشيرة إلى أنها تقف بجانبهم مش إحنا والحكومة عليهم».
 
 
وقالت مرڤت رضوان- موظفة: يجب علي الحكومة القضاء علي ظاهرة الباعة الجائلين لأنهم تسببوا في مصادر إزعاج وازدحام كثيرة بالإضافة إلي عدم الإحساس بالأمان تحت شعار «فينك يا حكومة».
فيما جاء رأي محمد جمال موظف: «أنا مع نقطة الحياد ليس مع الحكومة ولا الباعة الجائلين لأن كلا منهما له أسبابه الخاصة في عدم وجود حل لهذه المشكلة، لأن المحافظة يتطلب منها أن تقوم بأعمال تخفيف من حدة الازدحام وإزالة المخالفات والقضاء علي الظواهر العشوائية لكنها تقوم علي تنفيذ الأعمال التي لا تنجح مع فكر البائع الجائل الطالب للرزق «لا حول له ولا قوة» لذلك اختتم بسؤال «الحل في يد مين؟ مش عارف»!!
 
 
كما التقينا أثناء الجولة بفاطمة أحمد طالبة جامعية قالت: علي محافظة القاهرة أو جهاز الشرطة القيام بحل جذري للقضاء علي هذه المشكلة سواء عن طريق تخصيص مكان لهم مستقل أو العمل علي بناء أكشاك علي الأرصفة بطريقة قانونية حتي نتجنب السرقة والازدحام.
 
 
وتؤكد حنان سالم طالبة جامعية «أن أحوال الباعة الجائلين ازدادت سوءًا بعد أحداث ثورة 25 يناير من غياب الأمن ومن غفلة المحافظة عن كل أحداث العنف التي يقومون بها، مؤكدة أن العنصر الوحيد المتضرر هو المواطن البسيط.
 
 
أما عن رد المسئولين علي شكاوي المواطنين المتضررين من هذه الظاهرة فقال لنا اللواء محمد أيمن- نائب محافظ القاهرة- إن أزمة الباعة الجائلين موجودة منذ القرن العشرين ولم يضع أي محافظ حلاً جذريًا للقضاء علي هذه المشكلة، مضيفًا أن المحافظة تقوم بتنفيذ خطة علي مرحلتين، المرحلة الأولي: هى نقل الباعة من الشوارع الرئيسية إلي الشوارع الجانبية حتي نقوم بغلق مداخل ومخارج الشوارع، ونكون بذلك قضينا علي الازدحام المروري في الشوارع.
 
 
وأشار نائب محافظ القاهرة إلى أنه في المرحلة الثانية من الخطة سيتم إنشاء أسواق صغيرة في الجانب الغربي من المحافظة حتي نقوم بحل مشكلة الزحام في 9 أحياء منها «الموسكي- باب الشعرية- الوايلي وغيرها» وسنمنح لهم التراخيص المناسبة، مضيفًا أن الباعة الجائلين سيسعون إلي ذلك نظرًا لأن المحافظة لم تمنحهم من قبل تراخيص لإقامة أكشاك، وأوضح أن هذه الخطة ستعطي الفرصة الكاملة للمستثمرين لإنشاء المولات الكافية.
 
 
كما قال الدكتور علي عبدالرحمن- محافظ الجيزة إن المحافظة قامت بوضع لجان ثلاثية لمكافحة سرقة التيار الكهربي وهي «لجنة المرافق ولجنة المحليات ولجنة شركات توزيع الكهرباء» حتي يتقدموا بمحاضر لمعرفة الوصلات غير القانونية.
 
 
مضيفًا أن مباحث الكهرباء تقوم بمساعدة المحافظة في تنفيذ حملات لجميع الباعة الجائلين، مؤكدًا أن فكرة تقنين الباعة الجائلين غير مجدية لأن من يقومون بالتعاقد معهم يكونون من أصحاب المحلات وليسوا الباعة.
 
 
لذلك أكد الدكتور أكثم أبو العلا المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أن عملية التقليل من سرقة الكهرباء صعبة للغاية وذلك لتنوع السرقات التي تصيب المواطن منها في المنازل وفي المحلات والشوارع.
 
 
 وأضاف الدكتور أكثم أن سرقة الكهرباء من الباعة الجائلين لا تؤثر بطريقة كبيرة علي الكهرباء الموجودة بالمنازل وذلك لأن الباعة الجائلين يسرقون من أعمدة الإنارة الموجودة في الشارع، وبذلك تؤثر علي الإضاءة في الشوارع.
 
 
وأشار المتحدث الرسمي باسم الوزارة إلى أن نسبة الكهرباء المهدرة بمصر تتراوح ما بين 12٪ إلي 15٪ يوجد منها 11٪ نسبة لا تتعدي الـ6٪ أعمال فنية والبقية سرقة كهرباء فإذا توافرت تلك النسبة لا تنقطع الكهرباء في المنازل.
 
 
وأوضح د.أكثم أن وزارة الكهرباء تخسر سنويًا 3 مليارات جنيه بسبب سرقة الكهرباء ولا يمكن القضاء علي سرقة الكهرباء إلا عن طريق عودة الأمن، وذلك لأن شرطة الكهرباء وحدها لا تكفي.