أشرف فهمى.. واختيار الاندماج

صفاء الليثى
«أشرف فهمى»، أعرفه مخرجًا لفيلم (ليل وقضبان) العمل الكبير عام 1974م. قبلها أخرج القصة الثانية من فيلم (قصص ممنوعة) تجربة المؤسّسة العامّة للسينما، التى سمحت من خلالها لخريجى المعهد بالتعبير والمشاركة فى صناعة السينما. فكان الجزء الثانى من الفيلم بعنوان (كان)، يُعد بمخرج يقدم سينما جديدة، ملتزمة بالقطاع العريض من الناس، قدَّم فيه تحية لفن السينما باختياره الموضوع ومشهده الفائق عن تصوير فيلم بكل تفاصيل العمل الذى انبهر به ونجح فى مشاركتنا معه لهذا الانبهار.
(كان) يبدأ بالتترات على رسوم شعبية، وسيارة تصوير فيلم عليها مجسم للنجمة «سناء» التى كانت «سَنية»، «السيد راضى» يقول دعابة ظريفة، «مساعد مخرج نَخُمُّه، ولما يبقى مخرج نخاف منه». النجمة تزور حيها القديم وتصور مشهدًا، تقوم بتعديل السيناريو ليطابق واقع ما حدث فى طفولتها، يقدم المخرج مشهدًا رائعًا فى حمّام بلدى. مزج بين ماضى «سَنية» و«حسونة» الذى أصبح نجارًا تتم الاستعانة به فى أعمال التصوير، هناك حالة من الفرجة. «سَنية» تتعرف على «حسونة» وتمنحه نقودًا، يشعر بإهانة، «على الشريف» يؤنبها، «نربيك وانت صغيرة، تهزأينا وانت كبيرة!».
«رأفت الميهى» وسيناريو محكم وحوار مُحمَّل بالمعانى عن قصة «محمد صدقى». عبر 23 دقيقة فقط، حقق المخرج الأكاديمى الدارس عملًا فنيّا بديعًا فى الصورة والمضمون. فيه نقد مغلف بالعتاب لمن ينسى أصله وناسه.
للتليفزيون أخرج عملًا فى 30 دقيقة أُنتج عام 1973م عن قصة لـ«نجيب محفوظ» بعنوان (الصدى). نجح فى تحويلها لفيلم قصير يحمل قيمة تعبيرية ودرامية. تبدأ القصة بجملة قصيرة «اعتمد على عصاه وانتظر»، ويبدأ الفيلم بخطوات رجل مستندًا على عصاه، قدم «فهمى» مع السيناريست «رءوف توفيق» تصورًا سينمائيّا لجملة قصيرة جدّا، ونجحا فى صياغة معادل بصرى يفوق الجملة ويعطيها معنى محددًا.
قام «محمود مرسى» بالدور، متجهمًا، قاسيًا، يطلب المغفرة من والدته، يتحدث كثيرًا بينما هى جالسة تُقلب حبّات المسبحة بنظرة جامدة، يخفى المخرج عنّا أنها عمياء فنفاجأ مع البطل بفقدها السمع والبصر، لينتهى أمل الابن فى الحصول على صَفحها ويعود إليه صدى أفعاله ويتأكد أنه لن ينجح فى التخفيف من أثقاله، عبّرت الصورة جيدًا عن «جئت تتخفف من أثقالك فضاعفتها أضعافًا مضاعفة». الفيلم مقدم فى جو صعيدى عن هذا الخط- الشقى- الذى يجلب الشقاء لنفسه ولكل من حوله.
أمّا عمله الطويل الأول (القتلة) فقد تم إخراجه بنية الاندماج فى حقل صناعة السينما وليس بنية تغيير مضمونها أو شكلها، فيلم يمتزج فيه التشويق بالرومانسية، برز فيه «عادل أدهم» فى دور شرير معاصر، سيستعين به «أشرف فهمى» فى أعمال أخرى نجحت تجاريّا. أمّا «صلاح ذو الفقار» فيقدمه فى دور بلا ملامح ومع «ناهد شريف» يقدمهما فى مشهد يقول عنه المصريون فى دعابة وبصيغة النداء «منى.. أحمد» حبيبان يجريان على شاطئ ثم يلتقيان.
فى (القتلة) التزامٌ بتراث السينما المصرية والأمريكية دون رؤية إخراجية خاصة كالتى ظهرت فى عمليْه القصيريْن (كان) و(الصدى).
أرجح أن «أشرف فهمى» اختار بوعى التواجد فى الحقل دون طموح لعمل أفلام جديدة أو فنية للخاصة، براعته الأولى فى قيادة الممثل ومنحه مساحة لإظهار براعته، نجده اختار «عادل أدهم» وأبرزه فى أداء مختلف، فكان شرير السبعينيات بقيادة «أشرف فهمى».
يتأسّس جيل مخرجى السبعينيات من خريجى المعهد العالى للسينما، تساندهم المؤسّسة العامة للسينما، فانطلقوا بأعمال بعضها تفوَّق على سينما الكبار وبعضها صار على نهجهم دون ثورة أو تغيير.
هو خريج الدفعة الأولى لمعهد السينما 1963م، درس الإخراج بجامعة كاليفورنيا من 1964م حتى 1967م، عمل مخرجًا فى المركز القومى للسينما التسجيلية وأخرج فيلم (حياة جديدة)، وحصل عنه على جائزة من مهرجان «ليبزج» الألمانى، ثم عمل مساعدًا للمخرجين «فطين عبدالوهاب» و«عبدالرحمن الخميسى» و«يوسف شاهين»، ثم أخرج أول أفلامه (القتلة) 1971م. قدّم خمسين فيلمًا أضيفت إلى حصيلة السينما المصرية من أفلام جيدة فى مجموعها، ولكنها ليست فارقة عن التيار السائد.>