الجمعة 25 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ثوار 25 يناير صناع 30 يونيو

ثوار 25 يناير صناع 30 يونيو
ثوار 25 يناير صناع 30 يونيو


 
كثير من المصريين كانوا يشعرون باليأس خاصة بعد وصول الإخوان للحكم العام الماضى، وأن روح ثورة يناير قد انتهت وانتهى معها أمل تحول مصر إلى دولة مدنية حُرة، وقليلون هُم من حافظوا على ما تبقى من الأمل فى كلماتهم وأحلامهم، هؤلاء القلة هم ثوار 25 يناير أو من شاركوا فى صنع ثورة يناير، وهؤلاء القلة هم من ظلوا على مبادئهم حتى فى ظل بطش الحكم العسكرى فى عامى 2011 و.2012
 
هؤلاء الثوار هم من سخروا أنفسهم لقيادة المعارضة ضد نظام الإخوان وهم من فضحوا كوارث الجماعة سواء فى إدارة البلاد أو فى الدستور المشوه، حشدوا الجماهير للمظاهرات فى أكثر من مناسبة كان أشهرها فى نهاية العام الماضى عند قصر الاتحادية، وهى المظاهرات التى أعقبها الاعتصام الذى اقتحمه أفراد الجماعة وأباحوا القتل والسحل لكل من كان فى محيط الاتحادية.. وظلوا على طريقهم حتى كَوَّنمجموعة منهم حركة «تمرد» التى جعلوها مركز التقاء الثوار وغير الثوار وحتى من كانوا يرفضون ثورة يناير، ومن خلال «تمرد» نشأت فكرة النزول إلى الشارع فى 30 يونيو الماضى للخلاص من حكم الجماعة، حيث أيد قطاع كبير من الجماهير فكرة نزول الجيش بجانب الشعب لضمان نجاح الخطوة، وهو ما حدث ونجحت مظاهرات 30 يونيو وأصبحت هناك مجموعة تعتبر هذه المظاهرات نهاية لثورة يناير وبداية لثورة جديدة، بينما الثوار يعتبرونها استكمالا لثورة يناير وهو ما يرفضه كثير من الناس!
 
ورغم كل محاولات التشويه التى تنال يوميًا من ثورة يناير يؤكد رئيس الجمهورية عدلى منصور فى آخر حواراته التليفزيونية، أن كل من يعتبر 30 يونيو نهاية لثورة يناير هو واهم، معتبرًا أن 30 يونيو هى استكمال لثورة يناير، وأهمية هذا التصريح فى كونه عن رئيس الجمهورية أى أن هذا هو رأى الدولة فى العلاقة بين 25 يناير و30 يونيو.
 
كثير منالذين ينكرون دور ثورة يناير الآن هم من الأساس كانوا من أشد أعدائها ربما لمصالح شخصية تعنيهم وحدهم ولا تعنى المواطن الفقير، فنجد على سبيل المثال المحامى مرتضى منصور يتحدث فى مداخلة تليفونية على قناة الحياة يوم 30 يونيو ويقول إن ثورة يناير ما هى إلا انقلاب على حُكم مبارك وأن ثورة 30 يونيو أسقطت هذا الانقلاب وجعلت من صناع 25 يناير يلتزمون منازلهم وأصبح الميدان للشرفاء فقط!
 
وفى نهاية الشهر الماضى قال منصور، إنه لا يوجد شىء يسمى ثورة 25 يناير وأن ما حدث يوم 28 يناير 2011 كان انتفاضة وانتهت، مؤكدا فى السياق ذاته أن شباب 6 أبريل هم «شوية عيال» وسيقضى عليهم.
 
ورغم تشويه منصور للثورة وثوارها نجده فى نفس الوقت يشيد بنشطاء حركة تمرد، الذين هم فى الأساس ثوار 25 يناير الذين يهاجمهم ويخونهم فى مضمون أحاديثه!
 
ويشارك مرتضى منصور نفس الرأى، صاحب قناة الفراعين المذيع توفيق عكاشة، والذى قال إن ثورة 30 يونيو هى أم الثورات وليست استكمالا لثورة 25 يناير، لأن 30 يونيو هى التى خرج فيها 33 مليون مصرى وليس 2 ونصف مليون.. وأعلنت قناة الفراعين أن توفيق عكاشة هو مُفجر ثورة 30 يونيو وزعيم الأمة!
 
أما أبرز ما كُتب ضد ثورة يناير خلال الأسابيع الماضية فكان المقال الذى كتبه محمود الكردوسى فى جريدة الوطن، بعنوان «مرتزقة 25 يناير» وهو المقال الذى أثار حفيظة الكثيرين خاصة الثوار الذين قامت على أيديهم الثورة وما تبعها من مظاهرات 30 يونيو، حيث افتتح الكردوسى مقاله قائًلا: «قلتها كثيراً، وأقولها مجدداً: ما حدث فى 25 يناير 2011 لم يكن «ثورة» على الإطلاق، كان انتفاضة شباب، لم يخلُ بعضهم من هوى موجّه، وممول».. واعتبر الكردوسى أن الإخوان هم من اخترعوا وصف 25 يناير بالثورة، وأن 30 يونيو هى ثورة من صنع الشرطة والجيش! واعتبر «مرتزقة 25 يناير» أعداء لـ 30 يونيو ويريدون الخلاص منها.
 
ويبدو أن الكردوسى هو الآخر قد نسى أن من خطط وصنع وشارك فى 30 يونيو هو نفسه من هتف وتظاهر فى 25 يناير وما أعقبها، فنجد أن المتحدث الإعلامى لحركة تمرد هو الصحفى حسن شاهين الذى صورته عدسات الكاميرات خلال أحداث فض اعتصام مجلس الوزارء وهو يحاول الدفاع عن «ست البنات» التى عرتها بيادات المجلس العسكرى قبل أن يتم تسليم السلطة للإخوان، وزميل شاهين هو محمود بدر وهو من أبرز ثوار 25 يناير وله مواقف عدة تؤكد ثبات مبادئه التى هى فى الأساس مبادئ ثورة يناير التى يحاول أن ينكرها البعض لأسباب غير منطقية، وزميلهم الثالث هو محمد عبد العزيز المتحدث الإعلامى السابق لحركة كفاية وكان من أبرز المشاركين فى الأحداث قبل وبعد 25 يناير.
 
من يرفضون اعتبار 25 يناير ثورة، يتحججون بأن الإخوان كانوا من المشاركين الفاعلين بها، ذلك رغم أن ثورة يناير كانت ولا تزال تسع الجميع ولم تكن مُقصية إلا فى ظروف معينة فرضت عليها مبدأ الإقصاء لإبعاد الخطر عن أهدافها، لكن المشككين يعتبرون أن الإخوان هم صناع 25 يناير، رغم أن الجميع يعلم أن الجماعة كانت قد أعلنت عدم المشاركة فى المظاهرات آنذاك، وأن الإخوان لم يكن مُرحبا بهم فى كثير من المناسبات خاصة بعد وصولهم للبرلمان بمساعدة القائمين على حكم البلاد فى ذلك الوقت، حتى وصل الأمر فى كثير من الأحيان أن يتم تخوين الثوار من قبل قيادات وأفراد الجماعة، واعتبار المظاهرات تعطيلا لمؤسسات الدولة وإهانة للجيش وتكديرا للشرطة! خاصة بعد وصول الجماعة للبرلمان ثم بعد ذلك إلى قصر الاتحادية ليصبح الفرق واضحًا بين الثوار وبين الإخوان الذين حاولوا تشويه 25 يناير مثلهم مثل باقى أعداء الثورة الذين كان ويظل من بينهم المحامى مرتضى منصور والمذيع توفيق عكاشة وغيرهما ممن ينادون بمحو 25 يناير واستبدالها بـ 30 يونيو.
 
والسؤال الذى يطرح نفسه وسط هذه المهاترات، هل كان لـ 30 يونيو أن يحدث إذا لم يتحرك ثوار يناير ويحشدون الجماهير للنزول ضد الرئيس المعزول، الإجابة قد تكون واضحة، حيث إن ما حدث فى 30 يونيو لم يكن مفاجأة، وإنما هو نتاج صراع عمره عامان بين الثوار ولصوص الإخوان، برز هذا الصراع فى ديسمبر 2012 عندما انطلقت المسيرات من جميع الاتجاهات لتصب فى محيط الاتحادية وسط تراجع لعنف الشرطة ضد المتظاهرين، وكأنها كانت تعطى الضوء الأخضر لجموع الشعب المصرى للخروج ضد حكم الجماعة، حتى يتحقق ذلك فى 30 يونيو بعد أن اطمأن قطاع كبير من الناس بأن الجيش سيقف بجانب مطالب الشعب وهذا الاطمئنان هو ما جعل أعداد المتظاهرين تتخطى أعداد من نزلوا فى 25 يناير بكثير، لأن من نزلوا فى 25 و28 يناير نزلوا على مسئوليتهم الشخصية ودون حماية من أحد، جاهلين بنتيجة هذه الخطوة وعواقبها، فمنهم من رجع إلى منزله مرة أخرى ومنهم من لا نعرف طريقه حتى هذه اللحظات، وبالتأكيد لولا 25 يناير وما أعقبها من أحداث ثورية لكانت الحياة فى مصر ظلت كما هى فى حالة الركود القاتل.
 
المقارنة بين 25 يناير و30 يونيو أمر طبيعى ليس بجديد على المصريين الذى قارنوا ثورة 1952 بثورة 1919 وأنكروا ثورة 1952 بعد ثورة يناير، فلكل ثورة أو حراك، سواء كان شعبيًا أو عسكريًا ظروف خاصة فى زمانه ورموز عصره، وهذا ما ينطبق على العلاقة بين 25 يناير ونصفها الآخر 30 يونيو.. ويقول الناشط السياسى، زياد العليمى فى إحدى حلقات الإعلامى محمود سعد، «أنا مش خايف على ثورة يناير، اللى يقدر دلوقتى ينقلب على ثورة يناير كان يقدر يخلى مبارك فى السلطة ساعتها، واللى يقول إن الإخوان همَّ اللى صنعوا ثورة يناير كانوا يقدروا يرجعوا مرسى السلطة، فى قطاعات كبيرة من الشباب ومن أعمار مختلفة تنتمى لطريقة مختلفة فى التفكير مُصرة على أن البلد دى تبقى وطن ديمقراطى محترم حديث ومش هيتنازلوا عن كدا».