دراسة فقه الدولة "8"
مصري المصري
بصورة مباشرة، عبرت الحلقة الماضية من الدراسة عن أن الفرضية الاجتهادية التى تتبناها تيارات الإسلام السياسى، حول المقام الدينى للخلافة.. لا يعبر فى حقيقته عن واجب دينى ملزم للاتِّباع. فتدبير الجيوش وعمارة المدن والثغور ونظام الدواوين لا شأن لها بالدين؛ إنما يرجع الأمر فيها - جميعًا - إلى العقل والتجريب.. كما أن الدين الإسلامى برىء من التصور السائد حول الخلافة.. فالخلافة ليست فى شىء من الخطط الدينية ولا القضاء.. ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة. وأوضحت الدراسة أنه بعد عهد الراشدين وقيام «الدولة الأموية» تملَّك القومَ شعورٌ بالسيادة والعظمَة والتعالى.. فنظروا إلى غيرهم نظرة السيد إلى المسود.. والمالك إلى العبيد.. فتأسَّس الحُكم على الاعتقاد الخطأ والمفهوم الفاسد! .. وهو ما أدى - فى النهاية - إلى كثير من الحروب والأزمات التاريخية. فالخلافة - إذن - لا الدين.. والإمارة لا الشريعة، هى التى فجرت الشعور القبلى بالعالم الإسلامى.. إذ تم تقسيم جماعة المؤمنين إلى قرشيين ومدنيين.. ثم إلى هاشميين وأمويين.. ثم إلى علويين وسُنَّة!
روزاليوسف
إنَّ الإطار القانونى والدستورى للدولة المدنية المصرية يجسد فى حد ذاته (قانونيًّا) مبادئ ومقاصد الشريعة الإسلامية.. إذ يبقى هذا الإطار محددًا، بعيدًا عن الإطار الكهنوتى (الذى يريده دعاة الدولة الدينية)، والنموذج الغربى الكامل (البعيد عن الطبيعة المصرية).. أى أنَّ «الدولة المدنية» ليست ضد الدين، بل ضد استخدام الدين. .. وعلى هذا تتصف الدولة المدنية بثلاث صفات أساسية:
(أ)- دولة المواطنة:
وتعنى العضوية الكاملة والمتساوية فى المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات لجميع أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادى أو الانتماء السياسى أو الموقف الفكرى، والمواطنة جوهرها التسامح واحترام الآخر والقبول بالتنوع، والمواطنة بهذا المعنى من المفاهيم التى أقام عليها الإسلام دولته كما تؤكد على ذلك وثيقة المدينة التى نظمت العلاقات بين أفراد وجماعات الدولة الوليدة وأعطتها صفة معرفة بحيث إنهم (أمة واحدة) متساوون فى الحقوق والواجبات، فكان الانتماء للدولة مقدمًا على الانتماء القبلى أو أى انتماء آخر، كما أقرت الوثيقة كذلك مفهوم الحرية الدينية وتعدد المعتقدات، وأعطت حق المواطنة للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، حيث أقرت المساواة فى الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين، كما بين الأفراد أنفسهم، ومما جاء فى الوثيقة كما ذكر ابن هشام فى سيرته (وأن يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم)، إذن المواطنة كمفهوم يؤسّس لقيمة المساواة مبدأً أساسيًّا من مبادئ الدولة الإسلامية.
(ب) - القانون:
لقد كان القانون كمفهوم يؤسس لقيمة العدل أحد المبادئ التى أكد عليها الإسلام من خلال النص والتطبيق، وكانت ملامح دولة القانون واضحة نتيجة بيعة العقبة الثانية، حيث هى عَقد سياسى عسكرى ينظم المسئولية المشتركة بين الحاكم والمحكوم، وقد حرص الطرفان على توثيقه، وذلك باعتماد أحد أشكال التوثيق الذى كان متبعًا ومقبولاً حينها، وهو التوثيق بالالتزام الشفهى، بمعنى أن يتم طرح المسألة من طرف والموافقة عليها من الطرف الآخر شفهيًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فأخذ البراء بن معرور وقال: «نعم والذى بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا - كناية عن أنفسهم ونسائهم - فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب».
كما ظهرت تلك الملامح فى وثيقة المدينة أيضًا - حيث تم فيها تحديد المسئولية الشخصية للأفعال، وتجريم دعوات الثأر الجاهلية، وجرمت نصرة المحدث (المجرم) أو إيواءه، كما أكدت على وجوب الخضوع للقانون ورد الأمر إلى الدولة، وأكدت أن لا حرب ولا سلم إلا حرب الدولة وسلمها، فلا تحدث فرديًّا، وهناك الكثير من الشواهد التاريخية التى أكدت على تأصيل قيمتى العدل والمساواة، حيث عبّر تعامل الدولة مع قضية المرأة المخزومية التى سرقت، أو قضية الرجل القبطى مع ابن الوالى، عن تساوى أفراد المجتمع فى الكرامة الإنسانية بغض النظر عن الانتماء الدينى أو الطبقى، بالإضافة إلى تعبيره عن مبدأ سيادة القانون على الجميع.
(ج) - الديمقراطية كمفهوم يؤسّس لقيمة الحرية:
الإسلام لم يعرف الديمقراطية كمصطلح، بينما تجد قيمة هذا المفهوم فى الشورى التى قررها الإسلام كمبدأ دون أن يفرض كيفية محددة لتطبيقها، حيث ترك ذلك للعقل البشرى يبنى على المبدأ ما يناسب البيئة المكانية والزمانية، ويقول فى ذلك الدكتور محمد سليم العوا: (إن الأساس فى مبدأ الشورى هو ضمان الحرية التامة فى إبداء الرأى، وإذا كانت الديمقراطية المعاصرة تعنى بتأكيد سُلطة المجتمع ومراقبة الحكام ومحاسبتهم؛ فإن مبدأ الشورى قرر أيضًا سُلطة الأمّة وأكدها وأوصى بأن يكون كل فرد مشرفًا تمام الإشراف على تصرفات حكومته يقدم لها النصح والمعونة ويناقشها، إن الإسلام وضع قواعد عامة لإقامة نظام الحكم ولم يحدد طريقة معينة لا يمكن تجاوزها، حيث تترك الشورى للمجتمع الحرية فى اعتماد الطريقة المناسبة لاختيار الحاكم ومحاسبته وعزله، فكانت بذلك أساس الديمقراطية الحديثة).
1 - رقابة المحكمة الدستورية العليا على
مطابقة التشريع لمبادئ الشريعة الإسلامية:
تواترت أحكام المحكمة الدستورية العليا على أن أحكام الشريعة التى اعتبرها الدستور المصدر الرئيسى للتشريع بموجب نص المادة (2) منه هى تلك القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى لا تحتمل اجتهادًا، وليست كذلك الأحكام الظنية فى ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معًا، وهى التى تتسع لدائرة الاجتهاد فيها تنظيمًا لشئون العباد وحماية لمصالحهم، وعليه استقر قضاء المحكمة على أنه «لا يجوز لنص تشريعى أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، والتى يكون الاجتهاد فيها ممتنعًا لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلًا، ومن غير المتصور تبعًا لذلك أن يتغير مفهومها بتغير الزمان والمكان، إذ هى عصية على التعديل ولا يجوز الخروج عليها أو الالتواء بها عن معناها، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معًا، ومن هذا المنطلق ارتقت المحكمة الدستورية العليا بمبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها قطعية الثبوت والدلالة، فتكون - وفقًا لتعديل 1980 للمادة (2) من الدستور - قيدًا يجب على السُّلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه فى تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل، وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا على مراقبة التقيد بها وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها، ذلك أن المادة الثانية من الدستور تقدم على هذه أحكام الشريعة الإسلامية فى أصولها ومبادئها الكلية مما يحول دون إقرار أى قاعدة قانونية على خلافها، ولا ينطبق ذلك على الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معًا.
2 - مدنية الدولة فى الدستور:
لقد جاء دستور 2013 ليلغى نص المادة الرابعة من دستور 2012 التى كانت تنص على «يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية»، كما ألغى المادة (219) التى كانت تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السُّنة والجماعة»، وأعاد المادة (11) التى كان دستور 2012 قد ألغاها والتى تنص على: «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور..».
3 - الأزهر الشريف فى الدستور:
لقد نصت المادة (7) من الدستور وفى باب المقومات الإسلامية للمجتمع على ما يلى: «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على جميع شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء».
.. ومقتضى هذا النص أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية دينية، ولكنها ليست من السُّلطات العامة فى الدولة مثل الهيئات الإدارية أو القضائية أو التشريعية، كما أن استقلاله وإن كان من شأنه حرمان السُّلطات العامة من التدخل فى هذه الشئون التى يختص بها دون غيره وفقًا لهذا النص، إلا أنه لا يملك بدوره التدخل فى شئون غيره من السُّلطات أو الهيئات العامة كأصل عام، ومن ثم لا يملك اتخاذ أعمال قانونية ملزمة للغير حتى ولو كان الأمر يتصل بنشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية سواء فى مصر أو على مستوى العالم من باب أولى، وتبعًا لذلك؛ فإن هيئة كبار العلماء فى الأزهر الشريف «هى أحد أجهزة الأزهر الشريف لا تعد بدورها من السُّلطات العامة لأنها لا تملك التعبير عن إرادتها فى صورة أى عمل قانونى ملزم كالقرارات الإدارية أو التشريعات أو الأحكام القضائية. إذ هى فقط جهة استشارية يؤخذ رأيها – وليس برأيها- فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وهذا الرأى وتلك الاستشارة ولئن كانت ملزمة من حيث ضرورة طلبها والحصول عليها فيما يتعلق بأصول أو شئون الشريعة الإسلامية، ومنها عرض وتحديد مبادئ الشريعة الإسلامية التى تحكم أو تتصل بموضوع التشريع الذى تتولى سُلطة التشريع إعداده وذلك قبل إقراره، إلا أن رأى الهيئة ومشورتها ليست ملزمة من حيث الأخذ بمضمونها أو اتباعها أو إعمال مقتضاها. ومن ناحية أخرى لا تحتكر هيئة كبار العلماء الاختصاص بإبداء الرأى فى هذا الصدد دون غيرها، إذ يمكن لسُلطة التشريع أخذ رأى جهات أخرى غيرها مثل دار الإفتاء، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أو قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أو أى هيئة أخرى لها صلة بموضوع التشريع، بل أى فرد أو أفراد بعينهم من الفقهاء وشراح الشريعة الإسلامية من المعنيين بموضوع التشريع».
4 - حظر الأحزاب الدينية فى الدستور المصرى:
نصت المادة (74) من الدستور على ما يلى: «للمواطن حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى، أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معادٍ لمبادئ الديمقراطية، أو سرى، أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى، ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائى».
إن إقرار هذه المادة بالدستور المصرى يأتى تعبيرًا صريحًا واضحًا على إصرار لجنة الخمسين القائمة على صياغته على تأكيد مدنية الدولة وحظر أى نشاط سياسى على أساس دينى طائفى، كما تأتى تلك المادة لتقنين وتأكيد دور الدولة فى المساواة بين المواطنين، كأحد أبرز مقومات الدولة المدنية، بل أهم مبادئ الشريعة الإسلامية، وإعمالاً لنص المادة (9) من الدستور ذاته التى تنص على «تلتزم الدولة تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، واتساقًا مع نص المادة (53) من الدستور التى تنص على (المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر، التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض)».
5 - المادة (227) من الدستور:
تنص على: «يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا، وكلاًّ لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة».
يقول د./ شوقى علام مفتى الجمهورية فى حواره للمصرى اليوم (المنشور فى 13 يناير 2014).. يقول: «إن مرجعية الأزهر الشريف التى نعنيها هى مرجعية علمية بالأساس وليست سُلطة دينية كما فى الفاتيكان، وهذه السُّلطة لا وجود لها فى الإسلام، إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتهت بانتقاله إلى الرفيق الأعلى، وأصبح المروى من الكتاب والسُّنة هو المصدر الوحيد للتشريع من خلال عملية الاجتهاد التى أفرزت المذاهب الفقهية الثمانية، الأربعة السنية (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) والجعفرية والزيدية والأباضية والظاهرية، وتعد مصر من خلال الأزهر الشريف أول دولة اعترفت بالمذاهب الثمانية، وقامت بدراستها واعتمادها، وبالتالى فقد أصبح الأزهر قادرًا على تقديم النصيحة العلمية التى ينبغى أن تصل إلى حد الإلزام لبيان صحيح الإسلام، وللقيام بدور التحكيم، ولحل مشكلات المسلمين، ولتقديم اقتراحات للدول والحكومات، ولتصحيح مناهج التعليم، أو الاشتراك فى وضعها عندما تتعلق بالمسلمين».
كما يشير مفتى الجمهورية فى الحوار نفسه إلى المادة (227) التى لم توضع فى أى دستور مصرى من قبل باعتبارها ضمانة أساسية لإعمال المادة الثانية من الدستور.
6 - الهوية الثقافية المصرية فى الدستور:
لقد ألزمت مواد الدستور الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، وجاءت المادة (47) ونصها كالتالى: «تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة».
وجاءت المادة بالفصل الثالث المعنون (المقومات الثقافية)، بالباب الثانى وعنوانه (المقومات الأساسية للجتمع)، لقد اعتبر الدستور الهوية الثقافية المصرية ضمن المقومات الأساسية للمجتمع المصرى.. ثم عاد ليؤكد فى المادة (5) على تلك الهوية مضيفًا عبارة «تولى الدولة اهتمامًا خاصًّا بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر»، إن التعددية الثقافية فى مصر الواردة بنصوص الدستور هى إحدى أهم ركائز مدنية الدولة المصرية؛ خصوصًا أن مصر بلد استثنائى فيما يتعلق بالثقافة فى مجالات الطباعة والنشر، وتأسيس الصحف، وصناعة السينما والمسرح، وإصدارات الأدب.
7 - المواطنة فى الدستور المصرى:
نصت المادة (3) من الدستور المصرى على ما يلى: «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».
جاءت المادة لتضع إطارًا قانونيًّا يستند إليه المصريون المسيحيون واليهود لتنظيم شئونهم وأحوالهم الشخصية وفقًا لمبادئ شرائعهم السماوية، تأكيدًا على حقوق المواطنة باعتبارها أهم ركائز الدولة المدنية.
8 - التعددية :
تنص المادة (5) من الدستور على ما يلى: «يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحرية والتداول السلمى للسُّلطة، والفصل بين السُّلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السُّلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته، على الوجه المبين فى الدستور».. إن المادة ترصد كل مقومات الدولة المدنية وتؤكد قيام الدولة على التعددية، وتنص صراحة على التداول السلمى للسُّلطة، لتضع إطارًا محددًا ودستوريًّا لهوية الدولة المصرية المدنية.
9 - السُّلطة القضائية:
فى الفصل الثالث من الدستور المنظم لشئون السُّلطة القضائية تنص المادة (184) على ما يلى: «السُّلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقًا للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل فى شئون العدالة أو القضاء جريمة لا تسقط بالتقادم».
كما تنص المادة (186) على: «القضاة مستقلون غير قابلين للعزل...».
المادتان تنصفان استقلال القضاء باعتباره الضمانة الرئيسية لدولة سيادة القانون التى تعد أهم ركائز الدولة المدنية.
10 - محاسبة السُّلطة:
نصت المادة (159) من الدستور على ما يلى: «يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أى جناية أخرى، بناءً على طلب موقَّع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام....».
المادة تقر بإحدى أهم ركائز الدولة المدنية لتضع آلية دستورية وقانونية لمحاسبة السُّلطة المتمثلة فى منصب رئيس الجمهورية، من خلال آلية محددة يمارسها البرلمان المنتخب. المصادر:
- د. قيس الرشيدى، «مدنية الدولة فى الإسلام».
- الدستور المصرى.
- د. أسامة جلال الدين «الشريعة الإسلامية ومدى التزام سُلطة التشريع باتباع مبادئها»
(دراسة - كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية).