الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«مخالطو كورونا».. تجارب فى مواجهة العزلة

خلال الأيام القليلة الماضية لم تعد أخبار فيروس كورونا مقصورة على شاشات التلفاز فقط.. فمع تزايد عدد الإصابات.. كان فى كل شارع أو مدينة على الأقل مصاب.. سواء من الأقرباء أو الجيران.. حالات نعرفها وجها لوجه وليست أرقاما نتابعها.. تبع ذلك بالضرورة وجود عدد كبير من المخالطين ممن بدأوا فى قضاء عزلتهم المنزلية لحين التأكد من سلامتهم.. يترقبون المجهول، بين شك فى إصابتهم وخوف على ذويهم فى الحجر الصحي. 



 

 

والمخالط- بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية- هو: الشخص الذى اتصل وجهًًا لوجه مع حالة محتملة أو مؤكدة على بعد متر واحد ولمدة تزيد على ١٥ دقيقة، من دون استخدام معدات الحماية الشخصية المناسبة، أو شخص تعرض للبيئات المغلقة مثل: الفصول الدراسية، أماكن العبادة، غرف انتظار فى المستشفيات، والنقل المشترك، ويمكن أن تظهر أعراض المرض على الفئات المخالطة، وبنسبة كبيرة لا تظهر، إلا أن عددًًا منهم قد يكون حاملًًا للمرض دون عِلمه، وفى كلتا الحالتين، لا تتوقف نوبات الذعر بداخل المخالطين لمدة 14 يومًا، ويمكن أن تتجاوز المدة نفسها فى كثير من الأحيان.. فى السطور التالية نرصد عددًًا من حكايات المخالطين خلال قضاء فترة العزل المنزلى. 

 



فى بداية إبريل الماضى، استقبل «محمد.ر» العامل بمحطة السكة الحديد، شقيقه العائد من السعودية، بعد غُربة طالت لـ5 سنوات، لم تكن أسرة عامل القطار مرحبة بفكرة الذهاب لرؤية الشقيق العائد، نظرًًا لكثرة الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد فى بلدته (دمياط) لكنه أصر على الذهاب لاستقبال أخيه.. يقول «محمود» نجل عامل السكة الحديد: «طلبت من والدى عدم الذهاب إلى دمياط، فالأمر غير مطمئن، والحالات تزداد يومًا وراء الآخر، والشارع الذى يمكث فيه جدى وأبناؤه ظهرت فيه قرابة الـ10 حالات، لكن مع اشتياقه لأخيه، إضافة لحكم العادات والتقاليد، قرر الذهاب وقال مش هيحصل حاجة يومين وهرجع على طول، لكن تلك الزيارة كانت سببًًا فى إصابة أبى». 

 

بعد أسبوع تقريبًا من عودة «محمد. ر» إلى منزله فى حى السيدة زينب بالقاهرة القديمة، ظهرت عليه أعراض الإصابة بالفيروس التاجى: «حاولنا فى البداية تجاهل الأمر، لأن عمى لم تظهر عليه أعراض المرض، فكيف سيصاب أبي، فلم نكن مدركين أنه ذهب إلى بؤرة مُصابة، يمكن أن تنتقل له العدوى من أى فرد هناك وليس عمى فقط».

 

خلال 4 أيام، تمكنت أسرة عامل السكة الحديد من العثور على سرير فى مستشفى حُميات إمبابة،  وظلوا بمفردهم يواجهون «وسواس انتقال العدوى» ويقول محمود: «عندما علم الجيران بموقف أبى وإصابته المؤكدة، بدأوا فى الاتصال بنا، أرادوا منا تكذيب الخبر فقط ليطمئنوا على أنفسهم، ولا ألومهم فى ذلك بالمناسبة.. حين تأكد الخبر المتداول، طلب منا الكثيرين عدم مغادرة المنزل رفقًا بهم، حتى لا يُصاب أحد آخر حولنا».

 

حاولت الأسرة المخالطة الاتصال بوزارة الصحة أو المستشفيات المجاورة، لعمل مسحة والتأكد من الإصابة أو عدمها، خاصة وأن الأعراض لم تظهر على أى منهم لكنهم غير قادرين على الحركة بسهولة: «أصبحنا منبوذين من جيراننا تمامًا، ولا نستطيع الخروج، حتى الطعام أصدقاؤنا جلبوه لنا، ووضعوه على باب المنزل شفقة على حالنا».

 



 

«عانيت من الوحدة فى صغرى، حتى أصبحت شابا، لدى أصدقاء فى كل مكان، لكننى كنت أشعر بالوحدة دائمًا حين أصل منزلى، فلا يهون الوقت سوى ضحكة والدى البشوشة، وكلمات أمي، وحرمنى الفيروس اللعين من هذا أيضًا». بهذه الكلمات، وصف أحمد جبريل، مهندس الاتصالات، حكايته مع الوحدة، بعد إصابة والديه بكورونا.

 

فى منتصف مايو الماضى، أُصيب والد «أحمد» بفيروس كورونا، نتيجة اختلاطه بأحد المصابين أثناء العمل دون علمه، ومنه إلى الأم، ويقول: «أصبح المنزل كله موبوءا، ولدى اشتباه فى المرض بسبب والداىَّ، لكننا لم نذهب إلى أى مستشفى وقررنا أن نُعالج بالعزل المنزلي، تجنبنا الجميع لكننا لم نلتفت، حتى ازداد الأمر سوءا بتدهور حالة والدتى ووالدى من بعدها، وجاءت الإسعاف لأخذهما، طلبت عمل مسحة للتأكد من إصابتى لأننى مختلط بحالتين مؤكدتين لكن المستشفى رفض لأن الأعراض كانت اختفت تقريبًا فترة العزل المنزلى، ظللت وحيدا فى المنزل، معزولا عن الجميع، وشعرت للمرة الأولى بوحدة حقيقية».

 



 

«إذا قلت إننى سعيد بما حدث أكثر من كونى حزينا وقلقا لن يصدقنى أحد، لكننى وبكل صراحة سعيد بعزلتى صُحبة أمى» بداية القصة كانت بعد اختلاط «عمر» بأحد المصابين بفيروس كورونا بحكم عمله فى شركة أجنبية، وحين تأكدت إصابة هذا الشخص، طلب المدير من الفريق عزل أنفسهم فى المنزل مدة 14 يوما، رفقة الأسرة، ليتأكدوا من أن الجميع بخير، على عكس المتوقع كان ذلك خبرًا سعيدًا له لأنه ولأول مرة منذ 6 شهور سيقضى إجازة طويلة رفقة والدته.

 

يقول عمر: «حقيقي، لم أفكر إذا كنت مصابا أو لا، كنت أخشى فقط على أمى وهى لا تستحق ذلك، وقررت استغلال العزلة لقضاء وقت ممتع، بدأت ذلك بالحفاظ على الوجبات الصحية لى ولأمى تحسبًا للإصابة إذا وجدت، إضافة للمسلسلات والأفلام الجديدة، وقضينا الآن 11 يوما سويًا دون أعراض، ونأمل أن نتم 14 يوما بصحة جيدة».

 



 

أقرت منظمة الصحة العالمية، بعض التعليمات لمتابعة المخالطين للمصابين بمرض كورونا المستجد، التى يجب تتبعها لحماية المختلط، وحماية من حولهم أيضًا، ومساعدتهم للحصول على الرعاية والعلاج ومنع استمرار انتقال الفيروس. 

 

وتتضمن عملية الرصد تتبع مخالطى المرضى عددًا من المراحل الأساسية كالآتى تبدأ بتحديد مخالطى المرضى، بعد أن تؤكد إصابة شخص بالعدوى بفيروس، ويحدَّد مخالطو المريض من خلال الاستفسار عن أنشطته وأنشطة الأشخاص المحيطين به وأدوارهم منذ بدء ظهور مرضه. 

 

يلى ذلك إعداد قائمة بمخالطى المرضى، حيث ينبغى أن يُدرج جميع الأشخاص الذين يُرى أنهم خالطوا الشخص المصاب بالعدوى فى قائمة مخالطى المرضى وأن تُبذل الجهود لتحديد جميع المخالطين المدرجين فى القائمة وإطلاعهم على وضعهم ومعنى ذلك والإجراءات التالية وأهمية الحصول على الرعاية المبكرة إذا ظهرت عليهم أعراض المرض، وتزويد المخالطين بالمعلومات عن الوقاية، وفى بعض الحالات، تكون تدابير الحجر الصحى أو العزل فى المنزل أو فى المستشفى ضرورية بالنسبة إلى المخالطين شديدى التعرض لخطر الإصابة بالمرض.. بالإضافة لضرورة متابعة جميع المخالطين بانتظام لرصد ظهور الأعراض وتحرى علامات الإصابة بالعدوى. 