الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النزعة القومية للفنون ما بعد التهديد

هل ستعود فى مصر عملية مؤسسية ورؤية جماعية لمسألة النزعة القومية فى إنتاج الثقافة والفنون؟



 

ليصبح السؤال ما هى العلاقة بين الثقافة والفنون والقومية المصرية؟

 

ومصر تواجه سؤال الهوية الثقافية بشكل متكرر عبر تاريخها الحديث والمعاصر.

 

بل إن الهوية الثقافية كانت هى جوهر السؤال الأساسى فى العملية السياسية وإعادة بناء الدولة المصرية الآن.

 

 

ولكن سؤال الثقافة والفنون يطرح نفسه من زاوية جديدة صادمة ومفاجئة تطرح الصراعات الدولية حول امتلاك براءة اختراع علاج لفيروس كورونا وإغلاق الحدود ومنع حرية السفر والانتقال، وظهور نبرة الألم لدى قوميات مهددة بالوباء من تركها وحيدة والتخلى عنها رغم وجودها فى أحلاف كبرى مثل الاتحاد الأوروبى وتراجع دور مؤسسات المجتمع الدولى المعنية بالأمر عن تنسيق جهودً دولية منظمة مثل الأمم المتحدة، بل ظهور متواتر للاستخدام السياسى للأزمة رغم تهديدها للبشرية كلها أسئلة جديدة عن العولمة وعودة النزعة القومية يدفع النقد الثقافى لتأمل السؤال الخافت المتكرر عن العولمة وقوة النظام العالمى المعاصر فى مواجهة هذا الفيروس العالمى الانتشار.

 

والسؤال هو: ماذا سيكون شكل النظام الاقتصادى العالمى بعد انحسار وباء كورونا؟

 

هل ستعيد الدول بناء أنظمتها الاقتصادية على أساس القومية والاستقلال، كما واجهت كل دولة الأمر الجديد الخطر الداهم كل على حدة وبشكل قومى مستقل على وجه التقريب؟

 

ولذلك فالسؤال الكبير عن تأثير الأزمة الوبائية على النظام العالمى على الصعيد السياسى والاقتصادى هو سؤال علينا تأمله على صعيد النقد الثقافى أيضا على وجه مهم، إذ يمكن ملاحظة تعزيز العناصر الثقافية المشتركة، إذ إن الأديان الكبرى مثل الإسلام والمسيحية صلوا صلوات مشتركة مثل غناء ودعاء بأسماء الله الحسنى فى كنيسة كبرى فى نيوزيلندا، ومثل ساحة الصلاة المفتوحة فى روما التى صلى المسيحيون فيها مع المسلمين فالإيمان المشترك بالسماء قد صار أكثر متانة الآن.

 

كما أدرك البشر وفقا لضرورة العزل الجماعى أهمية التواصل الإنسانى فى عالم كان الآلاف من البشر يتجاورون فيه يوميا فى الشوارع والمواصلات العامة والمطارات ومحطات المترو وفى الحافلات وهم يشكون الزحام والضجيج وينشدون الحرية الشخصية والاستقلال الذاتى عن الجماعة الضاغطة على حرية الإرادة الفردية، وقد أضحى البشر الآن ينشدون التواصل بالغناء من شرفات المنازل كما يحدث فى روما وألمانيا بشكل فنى مثير.

 

أما الظاهرة الثالثة ثقافيًا فهى تعاظم دور التواصل عن بعد وازدياد أهمية المنصات الإلكترونية فى طرح الأفلام عبر المشاهدة مدفوعة الأجر، بل إن عددًا من مهرجانات ومسابقات فنية أنجزت أعمالها عبر المنصات الإلكترونية ليصبح التفاعل الثقافى عبر الواقع الافتراضى ومنصات المشاهدة الإلكترونية أكثر حضورًا فى دائرة الثقافة والفنون، مثلما ظهر وتأكد بوضوح فى مسألة التعليم عن بعد.

 

تلك العناصر الإيجابية التى يرصدها النقد الثقافى لعالم معاصر يحاول البحث عن مشتركات ثقافية لعل أهمها دعوات الكتاب والمفكرين لأهمية فصل الجانب السياسى والاقتصادى للنظام العالمى عن الجانب العلمى والإنسانى لمساعدة ودعم وإنقاذ البشر دون معرفة الاسم واللون والاعتقاد والبلد والطبقة الاجتماعية ولذلك يبقى السؤال عن حجم إنفاق النظام العالمى على السيطرة على الفضاء والردع النووى أكثر من الإنفاق على الطعام الصحى العادل والتعليم وسلامة الإنسان وصحته وقدرته على مواجهة الأمراض والأوبئة، مما يعزز ويؤكد أهمية الأسئلة عن المشترك الإنسانى الثقافى فى النظام العالمى الجديد، وعن أهميتها وقدرتها على حفظ الإنسان ومستقبله. وهنا علينا أن نطرح السؤال الأهم لنا فى مصر الآن عن العلاقة بين القوة السياسية والهوية الثقافية وهو السؤال المطروح على كل قوميات العالم فى ظل تنامى العولمة والنظام العالمى الجديد، إذ سألت الكثير من الأمم خلال السنوات الماضية عن مدى قدرتها على تعزيز القيم الثقافية الوطنية وعدم ذوبانها فى القيم المركزية الثقافية للنظام الغربى، بل إن مراكز قوية من الدوائر الغربية تطرح هذا السؤال بشكل متواتر مثل الأمة الفرنسية. بل واتخذت فرنسا إجراءات مشددة للحفاظ على هويتها الثقافية وذائقتها الفنية.

 

بعض من دول الشرق عززت من ملامحها الثقافية فى تعظيم رعاية فنونها التقليدية مثل الصين واليابان.

 

بل إن اليابان هى صاحبة تجربة محلية العولمة، بمعنى إدماج عناصر الثقافة الوافدة وإعادة الاستفادة منها بطابع قومى محلي.

 

إلا أن سؤال الهوية الثقافية القومية فى ضوء الاختبار الأكبر الوبائى الذى يمر به العالم الآن سيكون مطروحا بقوة عقب انتهاء الأزمة.

 

وبالتالى سيتم السؤال عن المشترك الإنسانى القادر على التعاون الحقيقى لتؤكد الأزمة أنه هو المشتركات الثقافية الإنسانية التى أثبتت ظهورها الحى الآن.

 

ورغم ذلك فمسألة النزعة القومية فى إطار إعادة طرح سؤال القوميات السياسية القادم فى ظل ضعف التحالفات السياسية الكبرى فى مواجهة الوباء، سيطرح نفسه بقوة فى كل مكان، ولعل سؤال الثقافة القومية وسؤال الهوية الثقافية سيعاد طرحه بقوة فى العالم فى المركز وفى الأطراف، وهو السؤال الذى سيبقى الأكثر أهمية فى مصر عن الهوية الثقافية وقدرتها على تعظيم القوة السياسية. 