القبض على الـرئيس الـهـارب

ايمن غازى
الحكم التاريخى يحمل شقين.. الأول مخاطبة الإنتربول الدولى للقبض على «مجموعة حزب الله.. حماس».. الشق الثانى طلب موجه للنيابة العامة بإعادة التحقيق مع 34 إخوانيًا بتهمة الهروب من السجن على رأسهم «محمد مرسى».
المشهد الأول كما يقول سالم لنا: سير القضية تغير تمامًا عندما قدمنا طلباتنا للمحكمة التى تمثلت فى «استدعاء» مأمور سجن ملحق وادى النطرون وكذا رئيس المباحث الجنائية بالسجن الذى كان محبوسا به أعضاء الجماعة، ومنهم السجين الهارب «محمد مرسى عيسى العياط».. ورئيس قوة وكتيبة حراسة سجن وادى النطرون للتعرف منه على القوات التى هاجمت السجن والأسلحة والذخائر والمعدات التى تم اقتحام السجن بها ووقائع ما حدث من مقاومة وهروب.
كما أضفنا فى طلباتنا بالجلسة المذكورة طلب الاستماع لشهادة رئيسى جهاز المخابرات العامة والمخابرات الحربية وبصحبتهما التسجيلات التى ذكرها اللواء عمر سليمان فى تحقيقات النيابة العامة ثم سؤالهما عن رصدهما لدخول عناصر وقوات وأسلحة وذخائر من جهة غزة إلى داخل الأراضى المصرية واتفاقهم مع جماعات جهادية بسيناء لتنفيذ خطة اقتحام السجون وإطلاق رصاص من القناصة بميدان التحرير وأماكن أخرى داخل مصر وبصحبتهما التقرير الذى ذكر عمر سليمان فى شهادته، أنه قدمه لرئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية بشأن رصد دخول عناصر مسلحة بأسلحة وذخائر من الأنفاق إلى مصر وصورة هذا التقرير.
إضافة إلى طلب مهم مثل «نقطة الارتكاز» فى القضية التى صدر بشأنها الحكم وهو «طلبنا الاستماع إلى شهادة العياط» بصفته سجينا هاربًا قام باتصال استخباراتى من جهاز موبايل الثريا وليس بصفته رئيس الجمهورية الحالى.. استنادًا لقانون العقوبات.. باعتبار أن ما جرى من وقائع وشهادات الشهود والوثائق وترابط الأحداث يشكل قاعدة لأكبر عملية استخباراتية ويشكل وقائع تؤدى إلى أكبر جريمة خيانة وطنية تجاه مصر طبقا لقانون العقوبات المصرية والواردة بالباب الأول من الكتاب الثانى والخاصة بالجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج.. حيث تنقسم تلك الوقائع والأحداث فى قسمين القسم الأول: الاتصال بجهات أجنبية وطلب الاستعانة بها فى إحداث انقلاب فى الشئون الداخلية لمصر، وهاتان الجهتان تتمثلان فى منظمة حماس التى تحكم قطاع غزة ودولة قطر- كما تتمثل فى الاستعانة بقوات أجنبية تحمل الأسلحة والذخائر- التخطيط والترتيب والتدبير بالسعى لدى دولة أجنبية والتخابر معها لاقتحام الحدود المصرية للقيام بأعمال عدائية ضد مصر لحساب الإخوان وطبقًا للمادة 77 من قانون العقوبات.. وكذا المادة 77ب، وكذا المادة 77د وكذا المادة 78 والمادة 78ج يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً فعلاً يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها وكذلك كل من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال ضد مصر.. وبالأشغال الشاقة المؤقتة والمؤبدة كل من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الاقتصادى أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية.
وكان القسم الثانى فى هذا الإطار مرتكزًا على أن ما تم يتمثل فى التخطيط مع دولة أجنبية وقوات أجنبية مسلحة فى خطة محكمة وترتيب سابق عن عمد وإصرار وقصد جنائى وتسهيل دخولهم للبلاد وقيامهم بتلك الأعمال.. اقتحام عدد من السجون المصرية وهدمها وتدميرها كمرافق عامة وقتل وإصابة الضباط والجنود الذين يقومون على حمايتها وحراستها.. بعد اقتحام وتدمير تلك السجون وتدمير قوة الدفاع الخاصة بها وتهريب آلاف السجناء بهدف إحداث فوضى عامة فى البلاد وترويع المواطنين المصريين لتمكين تنفيذ خطة الإخوان المسلمين مع قوات حماس المسلحة من السيطرة على البلاد.. تنفيذ خطة تهريب سجناء جماعة الإخوان المسلمين وعناصر حماس وحزب الله والقاعدة المحبوسين بسجون وادى النطرون وسجون منطقة أبو زعبل والمرج.. قتل سجناء مصريين داخل تلك السجون بطريقة عشوائية أثناء عمليات الاقتحام.. إطلاق رصاص من قناصة وقذائف نارية متنوعة على المتظاهرين الثوار فى ميادين وأماكن متعددة أثناء الثورة لإشعال الفتنة والثورة المضادة داخل ربوع مصر.. إخبار جهات غير معلومة من قبل السجين الهارب محمد مرسى عبر قناة الجزيرة القطرية فى وقت انقطاع جميع أنواع الاتصالات بأنحاء البلاد بإحداثيات وجود السجناء ومكان السجن.
المشهد الثانى وفقا لـ«سالم» كان فى جلسة التاسع عشر من شهر مايو بشأن الدعوى رقم 6302 لسنة 2012 جنح الإسماعيلية، والمستأنفة برقم 338 لسنة 2013 جنح مستأنف الإسماعيلية.. الذى تم فيه ضم القضية رقم 37212 لسنة 2011 جنايات مدينة نصر حصر كلى شرق القاهرة برقم 2730 لسنة 2011 والتى صدر فيها حكم نهائى بالسجن 3 سنوات ضد ماهر محمود محمد أبو مرزوق وهو شقيق موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحماس خالد مشعل حيث ضبط بحوزته فى 13 أكتوبر 2011 كميات ضخمة من الطلقات 762 وخرطوش ورصاص قناصة وطلقات آلية وبنادق خرطوش وبنادق قناصة ومسدسات بروننج وبنادق آلية سريعة الطلقات ومبالغ طائلة بعملات مختلفة مزيفة.. وضم أوراق القضية رقم 761 لسنة 2012 جنايات السيدة زينب والمحكوم فيها ضد أشرف محمد فرج محمد أحد العناصر الجهادية والهارب من سجن أبو زعبل يوم 12011,.29 وهى ذات الجلسة التى طلب فيها استدعاء العميد «سعيد الشوربجى» مدير مباحث أمن الدولة بالإسماعيلية خلال أحداث الثورة والذى يدخل فى اختصاصه متابعة حركة المرور والعبور من وإلى سيناء والإسماعيلية عبر قناة السويس.. شهادة رئيس هيئة الأمن القومى اللواء «مصطفى عبدالنبى» والذى بحوزته تقارير اقتحام الحدود.. اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق والمحبوس بسجن طرة على ذمة قضايا عدة للشهادة .. اللواء حسن رئيس مباحث أمن الدولة الأسبق والمحبوس بسجن طرة على ذمة قضايا عدة للشهادة.. اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية الأسبق للشهادة.. اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق للشهادة واللواء حامد عبدا لله رئيس جهاز الأمن الوطنى السابق للشهادة.. والاستماع إلى شهادة العقيد «خالد عكاشة» عقيد شرطة بمديرية أمن شمال سيناء وقت الأحداث.
المشهد الثالث فى هذه القضية التى أدت إلى صدور هذا الحكم التاريخى كما يرويه سالم لنا: نصوص كاملة من الأوراق السرية التى قدمت من جانب مديرية أمن شمال سيناء قطاع الأمن المركزى التى تمثلت فى قيام عشيرة «المنايعة» بقرية المهدية.. بتجميع 27 سيارة ثم توجهوا إلى طريق المهدية والجورة بحيث حملت كل سيارة 60 شخصا منهم وقاموا بقطع الطريق الدولى وتجمهر حوالى 800 شخص وحاولوا اقتحام وإلقاء حجارة على قسم الشيخ زويد.. وإطلاق نار كثيف على قوات الأمن.. وقيام عناصر البدو بإطلاق نار عشوائى فى الهواء على كمين السلام.. ثم قيام خمس وعشرين سيارة «بيك اب» من أنصار قبيلة المهدية أيضا باستخدام قذيفتين اربى جى ونار كثيف على قسم السلام، والشيخ زويد ومعهم شخص فلسطينى الجنسية اسمه «محمد جامع حسين معيوف».. إضافة إلى استهداف مبانى الدولة فى المنطقة الممتدة من رفح إلى الشيخ زويد واستخدام ألغام فى عمليات تفجير مقرات الأمن المركزى واقتحام سجن عموم العريش إضافة إلى استخدام أسلحة إسرائيلية الصنع.
خلال شهادته لـ«روزاليوسف» قال لنا أمير سالم: الحكم الذى صدر عن محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية أصبح كاشفًا لكل الحقائق.. على رأسها أن هناك رئيسا هاربا.. يحكم وفقا لرؤية جماعته.. لا ينفذ سوى سياسات جماعته.. والحكم التاريخى الصادر عن محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية معناه من الناحية القانونية أن النيابة العامة أصبحت ملزمة.
«تمرد» من حقها
خلع الرئيس ما بين التربص والترصد وبين الجدل السياسى والتراشق اللفظى يزداد المشهد السياسى ارتباكًا وغموضًا. فها هم خرجوا بنا عن حدود الزمن الراهن فربطوا بين الطاعة والاستخفاف بعد أن استبدلونا بقوم فرعون السذج. أزمات متلاحقة تعلقت بالحاجات الأساسية للشعب ومع تزايد حلقات الاحتقان والتمرد ولدت الفكرة التى تحولت إلى حركة منظمة لاقت ترحيبًا على سطح الأرض بل تحمس لها الشارع السياسى على نحو غير متوقع .
أود أن أتعرض لما يردده أتباع النظام الحالى متعلقًا بأن الدستور لا يعترف بالانتخابات الرئاسية المبكرة، حيث أشار الوزير بجاتو بعدد روزاليوسف الصادر بتاريخ 12/6/3102 أن هناك ثلاث حالات فقط يترك فيها الرئيس منصبه، تمثلت فى الخيانة العظمى والثانية حالة إذا استغنى الشعب عن حل مجلس النواب وتم رفض ذلك والثالثة أن يترك منصبه بإرادته.
والحقيقة أنه ليس صحيحًا ما ذكره الوزير بجاتو بهذا الشأن ذلك أن حالات خلو منصب الرئيس قد نص عليها دستور 1791 بنص المادة 48 منه والتى يقابلها نص المادة 351 من الدستور الحالى.. وقبل أن نعرض لمتون هاتين المادتين وأحكامهما يجدر أن نشير إلى عدة عناصر موضوعية حاكمة بهذا الشأن حتى يتسنى لنا توصيل المعنى المراد باستجلاء مقدماتها وصولاً إلى نتائجها غاية ذلك.
ومرادنا هنا لا يتعلق بالفقرات الثلاث واضحة المعنى والدلالة فى الإشارة إلى هذه الحالات التى تمثلت فى الاستقالة والعجز عن العمل والوفاة.. وإنما يتعلق هذا المراد بالفقرة الأخيرة التى فتحت الباب لأى سبب آخر فقد صارت حالات خلو هذا المنصب بغير حصر أو تحديد.
ومن حيث إنه لا اجتهاد مع صريح النص.. وكان نص المادة 47 من ذات القانون ينص على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ونص المادة الخامسة منه قد أكدت على أن السيادة للشعب وهو مصدر السلطات.
وكان إعمال النص الدستورى بهذا المقتضى يمنح «لتمرد» شرعية الاحتجاج القانونى بما جمعته من توقيعات الجمعية العمومية لجماعة الناخبين المقيدين بقاعدة البيانات الانتخابية وأنه بمقتضى هذه الشرعية وهذا الاحتجاج فإنه يحق معه اللجوء لمجلس الدولة للمطالبة بالحكم باعتبار المنصب شاغرًا وإسناد السلطة مؤقتًا لرئيس الشورى وانتخاب رئيس جديد للجمهورية فى خلال تسعين يومًا نزولاً على ما يقضى به هذا النص الدستورى المعمول به حاليًا مع ملاحظة أن المحكمة الإدارية العليا قد أرست مبدأ قانونيا يتعلق بمفهوم إعمال السيادة التى كانت محصنة عن الرقابة القضائية فاستبعدت منها قرار دعوة الناخبين للتوجه لصناديق الاقتراع، وبالتالى فلم يعد هناك ما يحول دون إعمال مقتضى تلك النصوص وفقًا للآليات القضائية المختصة والمعروفة.
رئيس محكمة جنايات الإسماعيلية