الأربعاء 28 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

«كورونا»  يدمر السينما الصينية والأمريكية

عندما تراجعت إيرادات شباك التذاكر بأمريكا العام الماضى، بنسبة 4 % لتصل إلى 11.4 مليار دولار، بلغت الإيرادات في الصين 9.2 مليار دولار، وفقًا لموقع «هوليوود ريبورتر»؛ حيث تمثل الصين ثانى أكبر شباك التذاكر فى العالم، وكان من المتوقع أن تتفوق على الولايات المتحدة هذا العام. ولكن؛ نتيجة لانتشار فيروس «كورونا» القاتل، رجَّح الخبراء الغربيون أن هذه التوقعات قد تتبخر!!



وبينما يتصاعد الذّعر في الصين، والقلق فى جميع أنحاء العالم؛ بسبب انتشار الفيروس، تكثف استوديوهات هوليوود، وشركات الإنتاج الأمريكية جهودها، من أجل سرعة الاستجابة للتأثير البشرى والاقتصادى لهذا الوباء على صناعة السينما. ففى الوقت الذى يؤثر فيه «كورونا» على صانعى الأفلام فى هوليوود؛ فإنه صار مدمرًا لصناعة السينما المحلية فى بكين.

> انهيار شباك تذاكر «الصين»

تم إغلاق عدد كبير جدًّا من دُور العرض السينمائى داخل الصين، وتوقفت عمليات الإنتاج تمامًا، وانخفضت أسهُم شركات الإنتاج، وقد يواجه الكثيرون فى الصناعة البطالة، ومن المتوقع أيضًا أن تنهار شركات صناعة السينما الصينية، وقد تحتاج إلى الإنقاذ. إذ يقدّر الخبراء أن صناعة السينما الصينية قد خسرت بالفعل عائدات تتراوح ما بين 1 إلى 2 مليار دولار منذ بداية العام الجارى.

ومن جانبها، قالت «لى دان»، إحدى منظمات المهرجانات في بكين،  لمجلة «فارايتى»، إن: «تأثير المرض كان كبيرًا جدًّا خلال فترة قصيرة جدًّا،..وأصعب شىء هو أننا لا نعرف متى سيتوقف هذا الفيروس». كانت «لى» قد أجّلت مهرجان الصين السينمائى للمرأة فى هونج كونج، الذى كان من المقرر عقده فى مارس المقبل. واتفقت معها «جيانج وشينج»، الرئيسة التنفيذية لشركة «United Entertainment Partners»، التى اضطرت إلى تأجيل إصدار أربعة أفلام. وقد أضافت «إنه لا توجد طريقة للتنبؤ، أو تعديل جداول إصدار الأفلام الحالية، ما سيؤدى إلى تراكم كبير من الأفلام. وإذا تم تسريب الأفلام أو قرصنتها، فسيكون من الصعب أيضًا استرداد الخسائر».

وبالفعل، انهارت مبيعات التذاكر خلال عطلة «رأس السنة القمرية» الأخيرة، التى تُعرَف أيضًا بـ«رأس السنة الصينية»، أو «عيد الربيع»، وهو الأسبوع الأكثر ازدحامًا لشباك التذاكر الصينى،إذْ تجنى العديد من دُور السينما ما بين ربع أو نصف أرباحها السنوية خلال هذه العطلة. ولكن، هذا العام كانت السُّلطات الصينية أمرَت بإغلاق دُور العرض إلى أجَل غير مُسَمّى، أى إغلاق ما يقرب من 70 ألف شاشة عرض كبيرة. وارتفعت الخسائر إلى مليار دولار أمريكى خلال فترة الأعياد، وفقًا لموقع «ساوث تشاينا مورنينج بوست». > تأثير الفيروس على هوليوود

يُفترَض أن تظل العديد من دُور العرض الصينية مغلقة حتى نهاية شهر أبريل على الأقل، ما يخلق فجوة زمنية لمدة ثلاثة أشهُر فى جدول العرض، سواء للأفلام المحلية الصينية، أو الهوليوودية، وهو ما يُعد بمثابة ضربة للمنتجين الغربيين، فقد تم تأجيل عدد من الأفلام القوية، التى كانت تتم المراهنة عليها من حيث الربح هذا العام، مثل: فيلم «جيمس بوند» الجديد (No Time To Die)، الذى كان من المتوقع أن يكون أعلى فيلم - ربحيًّا- فى سلسلة أفلام «بوند»، ولكن يرى كُتّاب الرأى الغربيون أن هذه التوقعات صارت موضع شك بعد تأجيل العرض في الصين. كما سيتم تأجيل بعض أفلام «ديزنى»، وعلى رأسها فيلم الأسطورة الصينية (Mulan)، إذْ كانت الشركة تتوقع أن يكون الفيلم، أحد أكبر نجاحاتها العالمية لعام 2020م. كما كانت الصفعة القوية لفيلم (Sonic the Hedgehog)، الذى كان من المفترَض عرضه يوم الأربعاء الماضى، إذْ يراهن المنتجون الهوليوديون- دائمًا- على المُشاهد الصينى فى مَيله لمشاهدة الأفلام المقتبسة عن ألعاب الفيديو. فعلى سبيل المثال: كانت إيرادات فيلم (Warcraft) الذى عُرض عام 2016م، بلغت عالميّا 443 مليون دولار، كان منها 218 مليون دولار من الصين وحدها، أو فيلم (Resident Evil: The Final Chapter)، الذى بلغت إيراداته 312 مليون دولار، كان منها 159.5 مليون دولار من الصين. حتى فيلم (Tomb Rider) الذى عُرض منذ عامَين، وفشل فى إيراداته المحلية الأمريكية، التى بلغت حينها 56 مليون دولار، استطاع تحقيق مكسبه من الصين وصلت إلى 72 مليون دولار.

جديرٌ بالذِّكر؛ أنه ضمن الأفلام القوية التى تم تأجيل عرضها أيضًا، كل من: (Jojo Rabbit)، و(Little Women)، و(1917)، و(Marriage Story)،.. وغيرها الكثير.  

كما أوضحت مجلة «فارايتى»، أن أحد كبار مسئولى استوديو الأفلام فى الولايات المتحدة، الذين وافقوا على التحدُّث بشرط عدم الكشف عن هويته، قال إن عائدات الاستوديو تُعَد أقل المشاكل النابعة من أزمة الصين، فإذا استمر هذا الفيروس حتى الصيف، وظلت السينمات لا تعمل؛ فإنه سيكون شكلًا من أشكال الشلل الاقتصادى، وهى مشكلة أكبر من مجرد إيرادات الأفلام.

وبالفعل، فالمشكلة ليست فى عائدات الأفلام الهوليوودية فحسب، بل فى إنتاجها، وصناعها الذين تباطأوا خلال الأيام الماضية، نتيجة للتدابير الوقائية من الفيروس. فمنذ أيام قامت شركة «Sony Pictures Entertainment» بإصدار مذكرة من قِبَل موظفى الموارد البشرية، أطلعوا فيها موظفى الاستوديو اليابانى على قيود السَّفر، وممارسات منظمة الصحة العالمية، ومركز السيطرة على الأمراض. وقد حصلت مجلة «فارايتى» على نسخة منها، كتب فيها: «لايزال تفشى فيروس كورونا يؤثر على السكان فى جميع أنحاء العالم، والأخبار تتغير بسرعة كل يوم.. يتعين تأجيل سَفر رجال الأعمال إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أو منها، أو داخلها. يجب على الموظفين أن يبحثوا عن بدائل للاجتماعات، مثل مؤتمرات الفيديو، أو أى بدائل أخرى بشكل مؤقت».

كما قامت استوديوهات أخرى، بما فى ذلك: «Paramount Pictures»،«Universal Pictures» بمراقبة تطورات تأثير الفيروس بشكل عام، وكيفية تأثيره على موظفيها بشكل خاص.. ففى «Universal»، نُصح الموظفون بعدم السفر إلى الصين. وقال مصدر مُقرب من الشركة، إن الحالات التجارية الحرجة، هى وحدها المسموح بها بموافقة مسبقة من الإدارة. والشىء نفسه بالنسبة لشركة «Paramount»، التى تتلقى إرشادات من منظمة الصحة العالمية، ومركز السيطرة على الأمراض، ووزارة الخارجية الأمريكية. أمّا «IMAX»، التى تدير أكثر من 680 دار عرض داخل «الصين»، فصارت- وفقًا لوصف كُتّاب الرأى- تترنح فى السوق، كما يعمل موظفوها الصينيون من المنازل، ويعقدون اجتماعاتهم اتصاليًّا مع الموظفين في نيويورك.

ولم يتوقف الأمْرُ عند هذا الحد، بل وصل الأمْرُ إلى إعلان شركة «Paramount» يوم الأربعاء الماضى تأجيل تصوير فيلم (Mission: Impossible 7) داخل مدينة البندقية نتيجة لبدء انتشار فيروس «كورونا» داخل إيطاليا، وهو ما أدى أيضًا إلى انخفاض مبيعات شباك التذاكر بنسبة 44 % خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضى. ووفقًا لموقع «هوليوود ريبورتر»، فقد تم إغلاق ما يُقدَّر بـ850 دار عرض، و1830 شاشة،أى ما يمثل 48 % من إجمالى دُور السينما وشاشات العرض هناك. كما تم تأجيل العديد من عروض الأفلام التى كان من المقرر عرضها فى نهاية الأسبوع الجارى.

بشكل عام، يعتقد الخبراء الغربيون أنه نتيجة للخوف من انتشار المرض؛ فإنه من المحتمل أن يؤدى هذا إلى انخفاض إيرادات شباك التذاكر لعام 2020م بما يتراوح بين مليار ومليارَى دولار على أقل تقدير.

 > هل تنتهز المنصات الإلكترونية الفرصة؟

فى ظل تراجُع سوق السينما، والحذر من المستقبل القريب، بدأ البعض يتحدث عن بث الأفلام على مواقع الإنترنت كحَل بديل.

إذْ قالت كاتبة السيناريو والمنتجة «لين تشى-آن» لمجلة «فارايتى»، إنه: «حتى لو مرّت ذروة الوباء؛ فإن الناس سيفكرون بأنهم من الأفضل أن يشاهدوا الأفلام على الإنترنت؛ حيث إنها مجانية، أو بمبلغ 3 يوان صينى (0.40 دولار). وسوف يتساءلون: لماذا يذهبون إلى السينما، ويدفعوا 70 يوان صينى (10 دولارات)، ويصابون أيضًا بفيروس كورونا؟».

ومن جانبه، أوضح موقع «ديجيتال تريندس» أنه مع الأخبار الأخيرة عن النمو الهائل فى (Disney+)، واستمرار قوة (Netflix)، يمكن أن تكون المنصات الإلكترونية فرصة قابلة للتطبيق خلال هذا الوقت لتوزيع الأفلام، رُغم عدم توافرها فى الصين. ولكن، إذا كانت الشركات والاستوديوهات يمكن أن تتفق على موعد إصدار الأفلام على المواقع؛ فإنه يمكن للناس حول العالم مشاهدتها من منازلهم، وربما يمكن استرداد بعض الخسائر الناتجة عن إغلاق دُور العرض.>