الجمعة 25 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القضـاة : النظــام فـاشــل .. ولــن نـركــع

القضـاة : النظــام فـاشــل .. ولــن نـركــع
القضـاة : النظــام فـاشــل .. ولــن نـركــع


 
 
إذا اختل القضاء.. اختل ميزان العدل فى الأرض فالاعتراض على أحكام القضاء وعدم احترامها من القاصى والدانى أصبحت سمة هذه الأيام ابتداء من أعلى مؤسسة فى الدولة وهى الرئاسة وانتهاء بالمواطن البسيط.
 
 المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق يرى أنه عندما تهتز الثقة فى القاضى فإنها تهتز أيضا فى حكمه، وبالتالى لا يطمئن المواطن المحكوم عليه إلى حكم القاضى، فإذا شعر المواطن أن القاضى لم يكن متمتعا بالشفافية المطلوبة أو أن هناك تسييسا لأحكام القضاء فمن شأن هذا أن يؤدى إلى قيام الثورات ضده والاعتراض على حكمه.
 
 وألمح رفعت إلى أن الشعب المصرى نشأ على احترام القضاء ولم يعترض على أحكامه لأن القضاء كان شفافا مستقلا، أما الآن فهناك ردة متمثلة فى تدخلات بين السلطة والقضاء ومحاولة لإخضاع القضاء عن طريق الإقالة التعسفية للنائب العام ورد القضاة على ذلك بالإضراب، كل هذه التصرفات يتابعها الشعب عن كثب وتترك لديه أثرا سيئا، كذلك عندما قام المحامون بالتعدى على القضاة دون سبب بعد تعديل قانون السلطة القضائية ومنعهم للقضاة من دخول المحاكم فى سابقة تعد الأولى من نوعها ولعل هذه السابقة من المحامين أدت بعد ذلك إلى محاصرة المحكمة الدستورية ومنع قضاتها من نظر القضايا المطروحة أمامهم.
 
 أما المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية فيرى أن الأحداث التى شهدتها مصر عقب الحكم فى مذبحة بورسعيد لا تؤثر فقط فى هيبة القضاء ولكنها تؤثر فى هيبة الدولة لأن أحكام القضاء تأتى نتاجا لما حوته الأوراق من أدلة ومستندات، ولا يمكن للقاضى أن يخرج عما يطمئن إليه ضميره أو يقضى بناء على مؤثرات خارجية سواء كانت الفضائيات أو المظاهرات.
 
 ويؤكد الخطيب أنه فى ضوء ما تمر به البلاد من انقسامات سياسية تلقى بظلالها على كل الأحداث الاجتماعية وتحاول توظيف كل أحكام القضاء لمصالحها الخاصة فضلا عن ضعف هيبة الدولة والأمن بما يشكل عاملا مساعدا على الاعتراض على الأحكام، وهى ظاهرة تتعارض مع هيبة القضاء التى تعد جزءا من هيبة الدولة ورمزا لسيادتها، كما لم تشهد مصر من قبل مثل هذه الأحداث التى تمر بها مؤسسة القضاء وكل مؤسسات الدولة وذلك بسبب عمليات التحول السياسى وضعف هيبة الدولة.
 
 ويتصور البعض أن ما يحدث من فقد هيبة القضاء يرجع لقيام ثورة 25 يناير إلا أن المستشار رفعت السيد ينفى ذلك تماما مؤكدا أن مصر شهدت ثورات أخرى من قبل مثل ثورة 52 وثورة التصحيح ولم يحدث أى نوع من المظاهرات أو إغلاق المحاكم أو منع القضاة من أداء عملهم، وما نراه الآن يحدث لأول مرة فى تاريخ مصر وهو مشهد يسىء إلى مصر وإلى سمعة القضاء المصرى ،ومن نتائج ذلك ما نراه الآن من لجوء أى أجنبى يعمل فى مصر إلى التحكيم الدولى وليس للقضاء المصرى بعد ما شاهده من ممارسات من المحامين والسلطة السياسية تجاه القضاء، خاصة أن القانون يعطيهم الحق فى اللجوء للتحكيم الدولى الذى تكون فيه المحكمة خارج مصر والقضاة غير مصريين، ولم يقتصر الأمر على الأجانب فقط، بل إن العديد من رجال الأعمال المصريين أصبحوا يضعون شرطا فى تعاقداتهم ينص على أن حل المشاكل بينهم يتم عن طريق التحكيم الدولى وليس القضاء المصرى، بل يسمون أيضا الدولة والقانون الذى سيحتكمون إليه وغالبا ما يستبعدون القانون المصرى.
 
 وأضاف: كل هذا من نتائج الاعتداء على السلطة القضائية ومحاولة السيطرة على القضاء المصرى ومن يراقب المشهد يرى أن الأمور تجرى فى عكس الاتجاه،  فالكل مخطئ لا أقول السلطة وحدها مخطئة، لكن القضاة أيضا مخطئون عندما قاموا بحشد القضاة فى الجمعيات العمومية وطرح مشاكلهم على الرأى العام ومطالبتهم القوى السياسية والوطنية المختلفة المساهمة لدعمهم فى الدفاع عن حقوقهم وهذا غير مقبول، مما أعطى لرجال السلطة فرصة للنعى على ما يفعله القضاة علما بأن هدف القضاة  كان محاولة الدفاع عن أنفسهم وهو هدف مقبول ومنشود، لكن الوسيلة إلى تحقيقه لم تكن سليمة ولا متوافقة مع الهدف المنشود.
 
 
 المستشار أحمد الخطيب يضيف سببا آخر لما أصاب القضاة ألا وهو أن ثورة 25 يناير لم يكن لها رأس أو قائد يوجهها، مما أدخلنا فى عملية من المزج بين الشرعية الثورية والشرعية القانونية، وهما فى الأصل عنصران متعارضان تماما لأنه إما أن تحكم الثورة بقوانينها الاستثنائية فى تلك الظروف الخاصة أو أن يحكم القضاء بقواعده الطبيعية التى يحكم بها فى الظروف العادية إلا أن اللجوء إلى القضاء العادى بقواعده التقليدية فى فترات التحول الثورى والسياسى سيؤدى حتما إلى نتائج لا ترقى إلى طموحات المواطنين لأن القانون العادى لا يعترف بالثورات، بل يمكن أن يحاكم من قاموا بها إن فشلت الثورة، وبالتالى فإن تصدير القضاء فى مواجهة المشهد السياسى ووضعه على خط النار فى مواجهة الجماهير بقوانينه التقليدية أدى إلى نتائج لم ترتضها الجماهير، وكان ذلك رغما عن القضاء لأنه يطبق نصوص القانون.
 
 
 ولكن كيف يسترد القضاء هيبته والثقة فيه مرة أخرى؟ يرى المستشار أحمد الخطيب أنه بعيدا عن الشعارات الزائفة ودعوة المواطنين إلى احترام هيبة القضاء لأنه غالبا ما يكون المواطن صاحب مصلحة فى الاعتراض على أحكام القضاء، لذلك فإن الحل الأمثل هو أن تتوقف القوى السياسية المتصارعة عن دعم تلك الاعتراضات أو التأييد للأحكام سواء بصورة صريحة أو ضمنية لأن من شأن ذلك أن يعطى الدعم الكافى للمواطنين فى القبول أو الرفض أو الضغط على القضاء.. فضلا عن تقوية هيبة الدولة ومؤسسة الأمن لأن احترام القضاء نابع من احترام الدولة، خاصة فى المجتمعات الديمقراطية التى يتسيدها القانون وتعتبر أحكام القضاء فيها عنوان الحقيقة ورمزا للهيبة.. واستعادة لأمن هى عامل أساسى لتفعيل القوانين الخاصة بحماية هيبة القضاء.