من ينقذ جبهة الإنقاذ؟

عادل جرجس
كأرخبيل من جزر معزولة: هكذا أصبح حال القوى السياسية فى مصر، الجميع يدعى أن بيده مفاتيح الخلاص ويطرح نفسه على أنه يختلف عن الآخر، ولكن إذا أمعنا النظر جيداً بان لنا أن الجميع واحد. ولكن بتجليات سياسية مختلفة الشكل وحيدة المضمون ليس لديها إلا الخطاب الحنجورى، فلا برامج ولا خطط ولا آليات تنفيذ، ولكن الجميع يلعب على وجدان المواطن المصرى المثقل كاهله بالكثير والكثير من الأحمال والأثقال هكذا كان حال الجبهة الوطنية للإنقاذ على لسان أحد قيادييها الدكتور أحمد البرعى الذى حمل جعبة من المهلهلات السياسية وجاء بها إلى بلدنا بورسعيد ليطرح خطة الجبهة فى إنقاذ مصر مما تعانيه من ترد وهرول نحو الرجل جميع المنتمين إلى التيار المدنى فى المدينة وجاءوا ليستمعوا له أملاً فى التوحد وتكلم الرجل وليته ما تكلم!
∎ الوجه الآخر للإخوان
لن أسهب فى فاعليات اللقاء كثيرا ولكنى سوف أتوقف عند أهم المحطات التى جاءت على لسان البرعى والتى كانت صادمة للجميع واعترض عليها الكثيرون، فالرجل ليس لديه أى برنامج يطرحه أو خطط جاء لتفعيلها وأقر ذلك صراحة، متعللا بأن الجبهة فى طريقها لطرح تلك البرامج فى الأيام القادمة فهو جاء إذن يريد أن يوقع له الجميع (على بياض) لا لشىء سوى أنه أطلق بعض العبارات المعادية للإخوان وعلى الرغم من هذا العداء الظاهرى إلا أنه ينتهج نفس نهج الإخوان فى تصدير الوهم!
∎ الحوار مع الجماعة
(الحوار) أهم محطات البرعى التى حفلت بالتناقضات، فعلى الرغم من أنه أقر بأن الجبهة تحاورت مع الرئيس حول الدستور وضرب الرئيس بكل مقترحات الجبهة عرض الحائط وفعل ما أراد إلا أن الدكتور البرعى يرى أنه يجب التحاور مع الإخوان (كحزب ونظام ) ويرفض التحاور مع (الجماعة) لأنها غير قانونية وهنا علينا أن نتوقف أمام بعض الطلاسم ونطرحها أمام البرعى وجبهته لعلنا نجد لديهم حلا لتلك الطلاسم وهى:
ــ كيف تتحاور الجبهة مع النظام وهو من استخف بهم وخالف وعده معهم؟
ــ ما الضمانات التى تضمن التزام الرئاسة وحزب الحرية والعدالة بما يمكن أن يسفر عنه الحوار مع الجبهة وهم الذين يحنثون بوعودهم دائماً وتراجع الرئيس عن قراراته ليس ببعيد؟
ــ هل تتوهم الجبهة أن الحزب والنظام يعملان بمعزل عن الجماعة على الرغم من أن كل مواطن على أرض هذا البلد يدرك أن الدولة الآن تدار من مكتب الإرشاد فى المقطم؟ هل الجبهة فى غيبوبة سياسية أم أنه تم اختراقها لتبييض وجه النظام وحزبه وجماعته فى ظل صفقة نتحدث عنها لاحقاً؟
ــ أخيرا ما وسائل الضغط التى تملكها الجبهة لتجبر محاوريها على الالتزام بما يسفر عنه الحوار وقد تجردت الجبهة من كل تلك الوسائل حتى الضغط الشعبى لا تملكه الجبهة، حيث أعلن البرعى أن الجبهة لا تواجد لها إلا فى القاهرة وتبحث تكوين كيانات لها فى الأقاليم؟!
∎ خراب الجبهة الاقتصادى
أعلن البرعى ضمن ما أعلن أن هناك مخططاً لدى الجبهة لحل المشكلة الاقتصادية فى مصر وهنا أصغت كل الآذان للرجل وانتظرت أن يلقى بعصا موسى، ولكن هيهات أحبط الرجل الجميع حين أعلن أن الجبهة لديها خطة للإصلاح الاقتصادى تستغرق ثلاثين عاما؟! يا الله ثلاثون عاماً إذن فمشروع مرسى النهضاوى أفضل بكثير فهو ينتهى فى العام 2023 فأمامنا إذن عشرون عاما فقط فهل حقا الجبهة لديها خطة للإنقاذ أم أنها تحتاج إلى من ينقذها من غفوتها وسباتها؟
∎ إنقاذ الحكومة
يرى البرعى أنه لا سبيل أمامنا لإنقاذ الوطن مما يحيق به من تردٍ وانفلات سوى طريق واحد ألا وهو دعم حكومة قنديل ومساعدتها على النهوض، وكانت تلك هى الفقرة الكوميدية فى خطاب البرعى فعن أى حكومة يتحدث، وقد كبل تلك الحكومة العجز فى التعامل مع كل ملفات وأزمات الوطن؟ هل لا يدرك البرعى إن الإخوان أنفسهم غير راضين عن أداء تلك الحكومة وأنه بات مؤكدا رحيلها وكيف ندعم حكومة لوثت يديها بالدماء فى الكثير من الحوادث والأحداث؟
∎ تفريغ الفعل الثورى
كان المجتمعون مع البرعى قد جاءوا وهم يتلهفون عن خطة الجبهة ليوم 25 يناير القادم، ولكن الرجل مر مرور الكرام على الموضوع بضحكة ساخرة قائلا: ( ها ننزل لنحتفل) ليضرب الجميع أخماسا فى أسداس حول هذا الاحتفال الذى ليس له أى مبرر ليهرب الرجل من الحديث عن أى فاعليات ثورية أو دعم للثوار!
∎ الصفقة وتغيير الأدوار
بدا للجميع مبكرا أن الرجل يروج لكل ما هو إخوانى من حوار مع النظام والحزب ودعم الحكومة ولتتكشف الحقائق رويدا رويدا، فالرجل جاء فى مستهل حملته الانتخابية فهو على ما بدا للجميع أن الجبهة انتوت الدفع به فى الانتخابات القادمة وهو ما ظهر واضحا من إعلان البرعى بأنه يتشرف بالترشح فى الانتخابات القادمة وأخذ يلقى بمهترئات انتخابية فى أوجه الجميع ورحل الرجل عن المدينة وبعدها بأيام طرحت الجبهة الحوار مع القوى اليمينية المتطرفة والذى تم أول لقاءاته فى منزل الشيخ محمد حسين يعقوب لتتبدل الأدوار، فالصفقات هى هى، ولكن ما كانت تفعله جماعة الإخوان مع الحزب الوطنى تفعله الآن جبهة الإنقاذ مع جماعة الإخوان فالجبهة ذهبت لتبرم صفقة حول كوتة لها فى الانتخابات القادمة لعلها تنقذ نفسها ورموزها من غياهب الحياة السياسية وتلعب دورا من جديد.