الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نوال السعداوى: توقعت وصول الإسلاميين» للحكم.. لأنهم محترفو «كبارى»!

نوال السعداوى: توقعت وصول الإسلاميين» للحكم.. لأنهم محترفو «كبارى»!
نوال السعداوى: توقعت وصول الإسلاميين» للحكم.. لأنهم محترفو «كبارى»!







د. نوال السعداوى، حالة خاصة.. لديها أفكار تؤمن بها وتطرحها دائما دون خوف، لديها مبادئ لا تتنازل عنها مهما كانت الضغوط، لديها نظرة موضوعية وواقعية عن كل المشاكل التى يعانى منها المجتمع المصرى.. دون أن تكترث بتداعيات ما تقول، مادام أرضى عقلها وضميرها.

نوال السعداوى لا تتوقف عن العمل والكتابة.. وحاليا تقوم بتأليف رواية جديدة.. سألناها عن مضمونها.. وهل لها علاقة بما يحدث فى مصر الآن فقالت:


روايتى الجديدة أكتبها بعيون طفلة تكبر دون أن تدرى كأنما فى النوم وتصبح شابة وكهلة وطفلة فى آن واحد، تعبر الرواية عن المرحلة الثورية التى نعيشها بنجاحاتها وإخفاقاتها منذ يناير 2011 وسقوط مبارك وبعض أعوانه.. كنت أحلم بهذه الثورة ضد النظام فى مصر منذ السابعة من عمرى، منذ طفولتى كنت أحس فساد النظام وازدواجيته وتناقضه واضطهاده الفقراء والنساء أحسست أن الثورة تأخرت سبعين عاما وأنا بين الشباب والشابات فى ميدان التحرير كلا خلال يناير وفبراير 2011تدور روايتى الجديدة ما بين مدينة القاهرة ومدينة نيويورك، ما بين مظاهرات الشعب فى ميدان التحرير بالقاهرة ضد النظام المصرى، ومظاهرات الشعب فى مدينة نيويورك ضد النظام الأمريكى، التى عرفت باسم حركة احتلوا وول ستريت أو حركة 99٪ الفقراء والنساء ضد 1٪ الذين يملكون كل شىء فى أمريكا.

∎ بالإضافة إلى الرواية هل هناك أى نشاطات أخرى تمارسينها فى الفترة الحالية؟

- لا فرق بين عملى الأدبى والسياسى والطبى والاجتماعى، حياتى سلسلة متصلة لتحرير عقلى، وعقل من يقرأنى من النساء والرجال، من سجن الموروثات السلبية والتبعية الفكرية المزمنة
∎ إلى أين وصل الاتحاد النسائى المصرى الذى كنت من أكثر المتحمسين لإقامته؟

- حاولت بناء حركة نسائية مصرية فكرية جديدة متطورة، تكشف النظام الطبقى الأبوى الدينى العنصرى البوليسى، وتحرر العقل لكن الحكومات المصرية المتعاقبة خلال نصف القرن الماضى وقفت بالمرصاد لكل جهودى لتنظيم قوى النساء والشباب، فكتبى ورواياتى كانت تعرى الفساد الذى ينخر فى عضد النظام، مما عرضها للمصادرة والمطاردة الدائمة، وعرضنى لجميع أشكال البطش أما الاتحاد النسائى المصرى، الذى حاولت تشكيله عدة مرات خلال الأربعين عاما الماضية كانت تضربه السلطة الحاكمة والسيدة الأولى، التى تصبح زعيمة الحركة النسائية المصرية لمجرد زواجها من الحاكم، وعلى الأخص زوجة الرئيس السابق مبارك فقد لعبت دورا كبيرا فى تفتيت الحركة النسائية المصرية وتحويلها إلى «بوتيكات» أو جمعيات صغيرة تجيد استخدام وسائل الإعلام للدعاية عن أنشطة لا وجود لها إلا على الورق اللامع المصقول الغالى.

∎ ما رأيك فى دور المرأة فى الاستفتاء الأخير والانتخابات المصرية عامة، هل تعتقدين أن وعى المرأة المصرية وأداءها السياسى أصبح أفضل من السنين السابقة؟

- السياسة لعبة مصالح قائمة على الخداع، طوابير الفقراء والنساء الطويلة فى الانتخابات، أو الاستفتاء الأخير لا تدل على عرس الديمقراطية، أو أن الفقراء والنساء قالوا نعم للدستور، إنها دعاية سياسية لمن استولوا على الحكم من التيارات الإسلامية وقفزوا على ثورة يناير 2011 الشعبية، أن الوعى بين المتعلمين قاصر وهابط بسبب التعليم الهابط القاصر، فما بال الوعى بين النساء والفقراء والفلاحين والعمال؟ لقد لعبت التيارات الإسلامية الصاعدة إلى الحكم دورا فى حشد طوابير نساء ورجال ليقولوا نعم لدستور لا يعرفون عنه شيئا.. المرأة المصرية المتعلمة تخضع لزوجها تحت ضغط التقاليد والدين والأخلاق، فما بال المرأة غير المتعلمة والمحجبة والمنتقبة التى تعتبر وجهها عورة، وأن طاعة زوجها من طاعة الله؟
 
الرأى العام المصرى غير واع ومضلل لأنه يتشكل بنخب مصرية تنمو فى حضن السلطة المستبدة وتعيش فى كنفها عن طريق النفاق، لا تتغير هذه النخب على مدى السنين وتعيش وتنمو فى ظل جميع العهود، وعلى الرغم من أن الوعى العام لدى الرجال والنساء زاد مع الثورة الشعبية منذ يناير 2011 لكن سرعان ما يرتد هذا الوعى إلى الخلف مع المحاولات المستمرة لإجهاض الثورة.

∎ دائما تدافعين عن حقوق المرأة فما رأيك فى الدستور الحالى من خلال ما جاء به من مواد تخص المرأة وما هو الخطر الذى يواجه نساء مصر فى هذا الدستور، وكيفية الخروج من هذا المأزق؟

- الدستور الحالى باطل وقاصر، ولا يعبر عن مصالح أكبر قطاعات الشعب وهم النساء والفقراء، تم إقرار الدستور بالقوة الحاكمة عبر استفتاء مزيف، إنه دستور يجعل مصر دولة دينية خاضعة لتيار متعصب لرؤيته الضيقة للشريعة الإسلامية، حقوق النساء الزوجات والأمهات فى الدستور محكومة بهذا الإطار الضيق للشريعة المفروض أن الدستور يعبر عن الشعب كله ويعلو عن كل الشرائع والأحزاب والطبقات ويساوى بين الجميع بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو الطبقة أو غيرها، الخروج من المأزق سيتم عبر قوة فئات الشعب المنظمة الواعية، ومنها قوة النساء المنظمة الواعية، التى تنتزع حقوقها، فالحرية تنتزع بالقوة ولا تأتى منحة من الحكام.

∎ الدستور يعصف كذلك بحقوق الإبداع وحرية الرأى وأنت مبدعة وكاتبة وكذلك يتعرض المبدعون والكتاب والإعلاميون والفنانون الآن لحرب شرسة من التيارات الإسلامية من تشويه وتكفير وحصار ، ما رأيك فى ذلك؟

- قوة المبدعين المنظمة الواعية من الرجال والنساء هى التى تحقق لنا حرية الإبداع والفكر. لكن المأساة أن المبدعين جزء من النخبة المصرية التى تعانى التفكك والشللية والتبعية للسلطة الحاكمة والفكر الأحادى الاستبدادى، وقد يثور بعضهم أحيانا ضد السلطة إلا أنهم سرعان ما يهرولون إليها ويرقدون فى حضنها، المخرج من هذه الأزمة هو أن نقوم بثورة فكرية وتعليمية وثقافية إبداعية تصاحب الثورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى اليوم نحن ندور فى فلك السياسة ورجال الأحزاب ولم نقترب قيد أنملة من الثورة الفكرية، التى بدونها لن تنجح الثورة السياسية أو الاقتصادية.

∎ كنت موجودة طوال أيام الثورة بميدان التحرير.. هل كنت تتخيلين هذا السيناريو السياسى لمصر بعد ثورة 25 يناير وخاصة فيما يتعلق بوصول الإخوان للحكم؟

- نعم، تصورت وأنا فى ميدان التحرير بعد سقوط مبارك أن الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية سوف يقفزون إلى الحكم، بسبب تحركهم الواسع فى الشارع والقرى، وأموالهم الكثيرة، والكبارى التى ينشئونها بسرعة مع القوى الخارجية شرقا وغربا، ولأن الشعب المصرى لم يكتسب الوعى الضرورى لكشف أساليب التجارة بالدين فى لعبة السياسة، ولأن التيارات الليبرالية والمدنية واليسارية لم تتعلم من أخطائها المتكررة، وتميل إلى التنازلات الكبيرة لمكاسب سريعة، بدلا عن خوض المعارك طويلة النفس.


∎ قلت إن الهوس الدينى يواكب الهوس الرأسمالى، وكتبت أن التصاعد الدينى اشتد خاصة فى أمريكا، هل من الممكن أن توضحى لنا علاقة الرأسمالية بالتشدد الدينى، وهل هناك علاقة بين الإسلاميين فى مصر والنظام الرأسمالى المحلى والعربى والعالمى؟

- نعم كتبت عدة مقالات عن العلاقة بين النظم الرأسمالية الحديثة وما بعد الحديثة وتصاعد التيارات الدينية الأصولية المتشددة فى كل الأديان ومنها الإسلام والمسيحية واليهودية، وكتبت أن «جورج بوش» و«أسامة بن لادن» توأم، وقد أصبح واضحا الدور الذى لعبه فى «الخفاء» الدولار الأمريكى مع الريال السعودى فى تدريب وتمويل جماعات الجهاد الإسلامى والطالبان والقاعدة، الذين استخدمتهم الحكومة الأمريكية فى حربها ضد الاتحاد السوفيتى، وأصبحت تريد التخلص منهم اليوم. السياسة الأمريكية الرأسمالية الأبوية تقوم على البراجماتية وتبديل الأعداء والأصدقاء حسب مصالحها، وقد تعاونت مع شاه إيران والسادات ومبارك وأمثالهم. ثم تخلت عنهم بعد سقوطهم، وهى تتعاون اليوم مع الإخوان المسلمين فى مصر وسوف تلقى بهم فور سقوطهم. وتلعب بلاد النفط فى الخليج العربى وعلى رأسها السعودية دورا مساندا للحكومة الأمريكية والبريطانية ضد مصالح الشعوب العربية، رغم تشدق هذه الدول بالإسلام، مع تمسكها بالفكر الوهابى المتشدد الذى يصدر الأحزاب السلفية إلى الخارج، وفى رأيى لم يعد هناك فاصل بين المحلى والعربى والعالمى لأننا نعيش فى عالم واحد محكوم بقلة قليلة تملك المال والسلاح والإعلام.

∎ نشر مؤخرا على بعض المواقع الإسلامية نقلا من كتاب بعنوان «عرفت الإخوان» لدكتور محمود جامع ص 130 مايلى : وكان معنا فى نفس الدفعة: الدكتورة نوال السعداوى، التى نجحنا فى ضمها للإخوان، وتحجبت فى ملبسها، وغطت شعرها، وكانت ملابسها على الطريقة الشرعية! ونجحت فى أن تنشئ قسما للأخوات المسلمات من طالبات الكلية.. ما تعليقك على هذا الأمر؟

- كان والدى من علماء دار العلوم لكنه لم يكن شيخا يرتدى العمامة، كما قال هذا الطبيب «جامع» صديق السادات، كان أبى أستاذا فى اللغة والأدب والتعليم وكان يمكن أن يكون وزير المعارف لولا أنه كان معارضا للملك والإنجليز، وإذا كان المتكلم مجنونا فإن المستمع عاقل، كيف لطالبة طب عمرها عشرون عاما «نوال السعداوى حينئذ» أن تبنى جامعا وتؤم الطالبات للصلاة؟ شىء مضحك لايقبله عقل.. إن هذه الشائعات التى تروج عنى كلها ملفقة مغلوطة، يطلقها بعض الإخوان لإيهام الناس أننى كنت منهم، أو يطلقها بعض الشيوعيين ويقولون إننى كنت منهم، والحقيقة أننى لم أنضم فى حياتى لأى حزب سياسى أو دينى، ولم أكن من أتباع ماركس أو عبدالناصر أو سيمون دى بوفوار، ومن المعروف عنى الاستقلال فى التفكير، وعدم التبعية لأى فرد أو شلة من الشلل الأدبية السائدة. أما الإلحاد والإباحية والعمالة للغرب فهى صفات تلصقها الأنظمة المصرية وأتباعها فى الطبقة الحاكمة لكل رجل أو امرأة حرة مستقلة الرأى تسعى لتحرير النساء.


∎ دائما ما تطرحين أفكارك بشكل صادم وجرىء، هل تعتقدين أن هذا الأسلوب هو الأفضل لمخاطبة المجتمع المصرى، ولماذا؟!

- أنا لا أطرح أفكارى بشكل جرىء صادم، وأنا طبيبة نفسية لا أومن بالصدمات الكهربية كعلاج، لكننى أعبر عن عقلى بشجاعة وصدق كما عودنى أبى وأمى منذ طفولتى، وهناك فرق كبير بين الشجاعة الأدبية والجرأة الصادمة التى تجرح مشاعر الناس وتخدش حياءهم، لكن الصدق البسيط فى عالم كاذب يبدو صادما متوحشا.

∎ تشعرين دائما أنك غير مقدرة فى بلدك، وأن العالم قدر نوال السعداوى أكثـر من مصر؟ هل كانت الأنظمة السياسية على مدار سنين هى السبب فى ذلك، أم إن المصريين غير قادرين على مواجهة أفكارك  والتجاوب معها؟

- لايحصل على جوائز الدولة التقديرية إلا من ترضى عنهم الدولة بطبيعة الحال، وأعظم الأدباء والأديبات لم ينالوا التقدير فى بلادهم إلا بعدم موتهم بسنين أو قرون لهذا لا أفكر كثيرا فى الحصول على تقدير فى حياتى أو جائزة الدولة فى مصر، وقد حصلت على جوائز قيمة فى العالم، إلا أن أكبر جائزة لى هى كل قارئ أو قارئة تقول لى «قرأت كتابك وتغيرت حياتى» ومن الشائعات الكاذبة عنى أن المصريين غير قادرين على مواجهة أفكارى والتجاوب معها، تأكدت من تجاوب الناس مع أفكارى حين نزلت إلى ميدان التحرير فى يناير وفبراير 2011 تجمع الشباب والشابات من حولى وسمعتهم يقولون «كتبك غيرت حياتنا» اندهشت ولم أندهش، كانت رسائلهم الإلكترونية تأتينى كل يوم، وكان منهم أيضا شباب الإخوان الذين قالوا لى: قد نختلف معك فى بعض كتبك لكننا نحبك ونحترمك لأنك لم تناقض أحدا.