الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فـتـنـة المـنـابـر!

فـتـنـة المـنـابـر!
فـتـنـة المـنـابـر!


الحقيقة التى لا مراء فيها أن الأغلبية المعارضة لحكم «مرسى- إخوان» لم يسجل لها حالة صعود إمام واحد على منبر أى مسجد يروج لمعارضته أو يطالب المصلين برفض نظام الحكم، فيما الثابت أن من استولوا على كراسى الحكم الآن هم من يستغلون أئمة المساجد ومنابرها لخداع المصلين بأكاذيب يرفضها المصلون أنفسهم.. الإمام فرد واحد.. والمصلون مئات.. وينتهى الأمر بطرد الإمام أو مصادمات بين المؤيدين والمعارضين تحت المنابر، ولكم فى موقعة جامع الشربتلى التى خرج فيها مرسى من الباب الخلفى الدليل الأكبر.. ثم يحدثك الإخوان عن حكم الأغلبية، وموافقة الأغلبية، وخروج الأقلية!


خطبة التحرير هاجمت مرسي والمرشد والإخوان بشدة
 
فى هذا السياق انطلقت حملة «نزله من على المنبر» من على الفيس بوك منذ أيام ونشرت الفكرة حتى قبل أن يصبح لها صفحة مستقلة، فصفحة الحملة خرجت على عجل ليلة جمعة أمس منعا لاستغلال الإخوان والتيارات الإسلامية لمنابر المساجد وتضليل المصلين وتأليبهم على الثوار المنتشرين فى ميادين مصر كلها من بورسعيد إلى أسيوط، وبرغم ذلك إلا أنها استطاعت جمع مئات اللايكات فور إطلاق الصفحة.
 
كما يتضح من اسمها، فإن الحملة تطالب المصلين بالتصدى للأئمة الذين يخلطون الدين بالسياسة ويستغلون بيوت الله سواء للدعوة لتأييد الإسلامبوللية وحكم الإخوان أو حتى إسقاطه، وهى فكرة لقيت ترحيبا كبيرا فى أوساط الشباب، وربما يمكن أن نقول دون تجاوز كبير إن الشعب المصرى البسيط نفذها من تلقاء نفسه ودون توصيات فى عدة وقائع مخجلة ومؤسفة جرت على امتداد الأسابيع الماضية، تضمنت تجاوزات واشتباكات وألفاظا لايصح تداولها فى بيوت الله وأقدس أماكن عبادته، إلا أن التمادى الإسلامبوللى ونعرة الخطابة الجاهلية التحريضية وحملات الكراهية التى يروج لها بعض الأئمة المنتمين للفكر الوهابى ومساندى حكم مرسى- إخوان تُخرج المصلين عن شعورهم لاسيما فى ظل إصرارهم على اعتلاء المنبر وخطف الصلاة لصالح الصراع على السلطة بغض النظر عن رأى إجماع المصلين.
 
وكان المصلون قد فوجئوا بتجاوز إمام مسجد الشربتلى لموضوع الخطبة، وقيامه بالدعوة صراحة إلى اتباع الحاكم الشرعى الرئيس الإخوانى الذى شبهه بالرسول صلى الله عليه وسلم مما أثار ثائرة جموع المصلين، وهتف أكثرهم بسقوط مرسى، وحدثت مشادة بينهم وبينه تطاول فيها البعض، حتى وصل الأمر للاشتباك بالأيدى بعد أن أصر المصلون على إنزاله من فوق المنبر، فى الوقت الذى صرح فيه مسئولو الأوقاف بأن مسجد الشربتلى غير خاضع لإشراف الوزارة وبالتالى لا يمكنهم التحقيق مع الإمام المسىء.
 

 
أحمد ترك

 
 
مسئولو الأوقاف استدعوا إمام مسجد الشهدا بسيدى جابر للتحقيق معه بعد أن نزل عن المنبر طواعية مستقيلا من الوزارة مؤكدا أن ضميره لا يسمح أن يلقى خطبة مورست عليه ضغوط حكومية بشأنها من أجل أن يلقيها متضمنة تأييدا لسياسة الرئيس الموصوف بـ«الشرعى»، حيث أعرب الشيخ عن أسفه تجاه ما يحدث من توجيه للآئمة على هذا النحو السافر لمنافقة الحكام، وأنه لم يكن يتمنى تكرار أخطاء النظام السابق، ورفض الإمام حسن عبدالبصير الاستمرار على المنبر فى بيت الله فيما تراق دماء المسلمين وتنتهك حرماتهم فى صراع رخيص على السلطة، وجاءت استقالته على مشهد من القيادات الإخوانية التى حضرت صلاة الجمعة قبل الماضية وأذهلها تصرف الإمام فى واحد من أهم معاقلهم، حيث يمثل المسجد لهم قيمة كبرى ليس لأنه بيت الله ولكن لأنه المسجد الذى زاره مرسى وصلى فيه أثناء زيارته للإسكندرية منذ نحو شهرين، وتجمع أنصار مرسى حول الإمام وحاولوا الفتك به، ومن جانبها نفت الأوقاف أن تكون قد تبنت سياسة تحرض الأئمة لا على تأييد أو رفض معسكر سياسى بعينه، وأن الأوقاف تؤكد على الأئمة التابعين لها ألا يتدخلوا فى أمور السياسة لا مع ولا ضد بحسب تصريحات الوزارة.
 
الشيخ أحمد ترك - إمام مسجد مصطفى محمود فوجئ بقرار نقله منذ أيام لمسجد آخر بالعجوزة، وأكد أن ذلك مرجعه إلى مجاهرته برفضه لإعلان مرسى الدستورى، وقال «ترك» الذى كان إماما لمسجد النور بالعباسية منذ سنوات إنه لا يكره الإخوان ولا يحبهم وأنه كان ممن انتخبوا مرسى، إلا أن له رأيا يخالف قراره السياسى الأخير ولا يصح ولا يعقل أن يعاقب بسبب رأيه، وأضاف ترك أنه كان على صواب عندما رفض الإعلان الدستورى وتأكد أنه على صواب حين تم نقله على هذا النحو.
 
الوضع فى السويس لم يكن أحسن حالا، فإذا كانت المواجهات والصدامات قد بلغت حدا دمويا كما فى سائر محافظات مصر، فإن صراعات المنابر كذلك لم تكن أقل حدة وخشونة، حيث فوجئ الشيخ إبراهيم سيد إبراهيم - إمام مسجد الطمبولى - بقرار الأوقاف نقله على خلفية تهديد الجماعات السلفية له بمنعه من اعتلاء المنبر بالقوة مدعين أنه قام بسب الرئيس فى إحدى خطبه، الأمر الذى نفاه الشيخ مطلقا مؤكدا أنه لم يكن ليسب فى بيت الله ومعتليا منبره، فيما ذكر شهود أن عددا من السلفيين والإسلامبوللية قد تحرشوا بالشيخ وطالبوه بالنزول عن المنبر محاولين إلقاء الخطبة، وهو ما أكده الشيخ مشيرا إلى أنه تلقى عدة تهديدات باستخدام العنف ضده، لكن ما فاجأه - على حد قوله - هو موقف الوزارة التى كان يتوقع منها أن تحميه وتحفظ حقوقه، إلا أنها تعسفت معه وأصدرت قرارا بنقله.
 
ويبدو أن التيار الإسلامبوللى قد نقل جدله إلى مساجد أمريكا، حيث كتب الإمام فيصل عبد الرءوف - إمام مسجد11سبتمبر - فى مقال له نشرته إحدى الصحف المحلية على موقعها الإلكترونى قائلا: إن مرسى فقد الشرعية بقراراته الأخيرة، وأن المسيرات التى خرجت ضده تعنى أنه لم يعد له شعبية على الأرض، ولا يمكن التغطية على ذلك ببضعة حشود مؤيدة - حسبما أشار الإمام عبد الرؤوف وهو من أصل مصرى.
 
ولذلك وحقنا لدماء التشاحن على المنابر، وضحت حملة «نزله من على المنبر» المعايير التى ينبغى أن يلتزم بها الإمام حتى لا يتسبب فى صب المزيد من الزيت على النار، ومنها أن يتجنب الحديث فى السياسة، وتوحيد المجتمع حول ثوابت الأمة الأساسية، وبث روح المواطنة.
 
اشتباكات المساجد وخناقات المنابر لم تعد جديدة على الشارع المصرى المحتقن إلى حد الغليان والواقع تحت تأثير الاستقطاب العنيف الذى تغذيه القيادة السياسية الحالية، فقد بدأت فور تولى الإخوان الحكم وبدأ تحرش مناصريهم بعموم المواطنين، ولعلنا نذكر الفيديو الذى انتشر بشكل مكثف للإمام البورسعيدى الذى ضربه الإسلامبوللية واعتدى عليه السلفيون حتى أسالوا الدماء من رأسه، وظل الإمام يصرخ فيهم إنه الإمام المكلف الذى يؤدى عمله وإن كف دماء المسلمين أحق من إقامة الصلاة، فيما تكتلت تجمعاتهم مقيمين لصلاة يعلم الله وحده حكمها.