الأربعاء 21 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

فيليكس.. طائر النهضة الحقيقى!

فيليكس.. طائر النهضة الحقيقى!
فيليكس.. طائر النهضة الحقيقى!


أحيانا علينا أن نصعد إلى أعلى مكان لندرك كم نحن صغار.. جملة فى غاية التعقيد توصل لمدى الفكر غير التقليدى الذى يتميز به المغامر النمساوى «فيليكس باومجارتز» الذى ضرب كل الأرقام القياسية هو والنظريات العلمية بقفزته من خارج الغلاف الجوى، لتكشف لنا كم نحن صغار.. هذا الحدث الاستثنائى أثار جدلا غير معتاد بين المصريين بعد عقد مقارنات بين الوضع المصرى والوضع النمساوى حتى حصل «فيليكس» على لقب مهم جدا من رواد الفيس بوك والتويتر المصريين هو «طائر النهضة الحقيقى»!
 
 

 
الغريب أن هذا المغامر الذى يؤكد كم نحن أقزام، لم يتوقف عند ذلك وسيحاول مجددا أن يكون الرجل الأول الذى يخرق حاجز الصوت، بالسقوط الحر رغم توقعات وفاته، والأكثر إثارة أن راعى هذه المغامرة الحقيقية التى تمثل المعنى الواقعى لفكر النهضة ترعاها شركة نمساوية.. أى أن النهضة والتطوير برعاية أصحابها!
 
«فيليكس» الذى وصل الأرض من الغلاف الجوى الخارجى فى 9 دقائق فقط، وأغلب المصريين يعانون فى المرور أكثر من ساعتين حتى يذهبوا لعملهم أو يعودوا لبيوتهم تحتفظ أسرته بـ«اسكتشات» رسمها بخط يده منذ أن كان فى الخامسة من عمره، صور فيها نفسه هابطا من السماء بباراشوت ضخم بينما تقف أسرته تشاهده منبهرة على الأرض بعيدة جداً عن الشمس المشرقة.. الصورة أعادتها له والدته بعد نجاحه فى قفزته لتشاركه الفرحة، وكشهادة على قدرته على تحقيق حلم العمر.
 
كثير من الأبطال الذين حققوا إنجازات خطرة فى شبابهم، كالقفز بالمظلات، وصعود أعالى القمم الجبلية عبروا عن مشاريع نهضتهم منذ كانوا أطفالاً صغارا منهم «توم ديلى» بطل الغطس الذى مثل بريطانيا فى آخر دورتين أوليمبيتين حيث رسم نفسه فى سن التاسعة يحقق هذا الإنجاز بالضبط تحديداً.
 
كرس فيلكس عمره كله من أجل هذه القفزة حتى أن كل أرقامه القياسية السابقة لم تكن أكثر من محاولات تدريبية عليها، ففى 1999 كان قد توجه إلى ماليزيا بالفعل لأداء حركة قفز مظلى من فوق برجى «بتروناس»، أعلى بناءين على سطح الأرض آنذاك، وفى 2003 كان أول من قفز فوق القنال الإنجليزى باستخدام حبل صنع له خصيصاً من ألياف الكربون، بخلاف رقمه القياسى فى القفز من أقل ارتفاع «29م» من على يد تمثال المسيح المخلص فى ريو دى جانيرو، وقفزات تجمع بين الـ«سكاى دايف» أو السباحة الهوائية والقفز المظلى من أعلى مبانى السويد وتايوان فى عامى 2006 و.2007
 
هذا التاريخ والمجهود المستمر من القفز الخطر كان بمثابة قوة الدفع الحقيقية لمشروع «النطة» التى يخطط لها فيلكس منذ زمن، لكنه تعاون بشأنها مع فريق من العلماء والمتخصصين لتحليل أبعاد «النطة» المثيرة.
 
المثير للدهشة أن الحدث الأهم والذى ربما من شأنه أن يغير عدة مفاهيم علمية وعسكرية واقتصادية لم تنقله قنوات الإعلام العالمى، بالدرجة الأولى كانت التغطية والبث الحى والمتابعة اللحظية له عبر شبكة الإنترنت، حدثا إنترنتيا بالغ الأهمية حظى بآلاف التشييرات واللايكات والكومنتات على مواقع التواصل الاجتماعى بمجرد الثوانى الأولى لبثه، دشن فيليكس عهدا إعلاميا فضائيا جديدا له منظور مغاير تماما حطم كل ثوابت القرون الماضية، الغريب أن فيليكس انتابته حالة من رهاب الأماكن المغلقة بسبب تصميم البدلة الفضائية التى قفز مرتدوها، لكنه استعان بخبير نفسى رياضى ليعينه على التأقلم على الحالة من أجل إنجاح القفزة.
 
من بين ما قاله فيليكس بعد هبوطه على الأرض أنه لم يشعر بالدقائق الأولى منها، وانحصر كل ما شعر به فى التخبط الدوامى العنيف جراء السقطة والذى ظل طوال الوقت يطمئن نفسه بأنه سينجو منه برغم كل شىء، لكنه لم يستمتع بفكرة القفز من فوق قمة الكون نفسها لأن البدلة العازلة والخوذة منعت عنه الإحساس تماما.
 
لم تكن التجربة مضمونة النجاح على الإطلاق برغم كل الاستعدادات لها، لكن فور أن فعلها فيليكس بدأ الإعلام الغربى يلقى الضوء بقوة على الأدوات التى استخدمها والملابس وكيفية تصنيعها لأن أكثرها كان تجريبيا مصنعا خصيصا للقفزة من أجل التعامل مع الضغط والحرارة والاحتكاك.
 
نجاح قفزة فيليكس جعلته تلقائيا يفكر فى الخطوة التالية لمشروع النهضة الخاص به، حيث أعلن أنه بصدد إجازة يقضيها مع صديقته للاستجمام قليلا بعد فترة الضغط والتوتر المرعبة الماضية ويستعدان للزواج.
 
مشروع النطة الخاص بفيليكس يبدو أن ثمة محاولات لصنع فيلم عنه، إنه الخيال العلمى الذى يسبق السينما هذه المرة، ولأن مشروع نطة فيليكس كله تم توثيقه إعلاميا عبر الإنترنت فقد انبرت المواقع الفنية من أجل توثيقة سينمائية تحدد فيها عبر استفتاءات ضخمة هوية النجم السينمائى الذى يحصل على أكبر عدد أصوات كى يلعب بطولة العمل، وقد رشحت بعض وسائل الإعلام عبر مواقعها الإليكترونية نجوما مثل تشاننج تاتوم وإليكس بيتافير ومايكل بيت وجوناثان رى فاذرز وسام روكويل ورايان رينولدز، حيث ينتظر أن يتلقى الفائز كورسات فى اللهجة النمساوية حتى يجيدها مثل فيلكس.
 
الغريب أنه فى الوقت الذى لا نزال نناقش فيه وضع المرأة ونبحث فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان كان فيليكس يسبر أغوار الفضاء كمكوك فضائى بشرى فيما يشبه إعلان مكلف ضخم عن المشروب المعلب صاحب الطاقة معلنا عن مشروع نهضة حقيقى متكامل.. النكتة توغلت فى السخرية من الأوضاع الحالية وتقول أن فيلكس النمساوى طلع الفضاء أصلا بحثا عن طائر النهضة الإخوانى!