الثلاثاء 25 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كمين «السبت الحزين».. انتقام «الكوماندوز المصرى» لملائكة «بحر البقر»

كمين «السبت الحزين».. انتقام «الكوماندوز المصرى» لملائكة «بحر البقر»
كمين «السبت الحزين».. انتقام «الكوماندوز المصرى» لملائكة «بحر البقر»




كانت الساعة فى حدود التاسعة وعشرين دقيقة من صباح «الأربعاء» 8 أبريل 1970م، عندما شن سلاح الطيران الإسرائيلى هجومه «الغادر» على مدرسة «بحر البقر» الابتدائية.. وأسفر هذا العدوان عن قتل 30 طفلا، وإصابة 50 آخرين.. حينها، كان أن قررت القيادة المصرية أن ترد الصاع صاعين إلى قوات الاحتلال.
 




أبي حاملاً سلاحه بعد المعركة
 
 .. وتزامن هذا الأمر مع وجود رغبة ملحة من «أجهزة المعلومات» للحصول على أسرى من جنود جيش الدفاع الإسرائيلى.. وتم التخطيط - بالفعل - للحصول على أسرى من كل القطاعات بالجبهة.. وركز الجيش الثانى الميدانى عمليات الرصد على المنطقة من شمال القنطرة حتى رأس العش، أو منطقة «رقبة الوزة»، حيث القوات المعادية منعزلة، ولا يوجد عمق للدفاع الإسرائيلى يحمى مواقعها.
 
 كانت قوافل الإمداد تتحرك تحت حماية جوية متواصلة وتحرسها المدرعات والعربات المصفحة.. وفى عودتها تعود بجنود الإجازات.. واستمرت عملية المراقبة لتحركات العدو مع دراسة الأرض «نهارا وليلا» لعدة أيام بدقة.. حتى اتضح الموقف وأسلوب تحرك مجموعات الإمداد الإسرائيلى وموعد عودتها وطريقة تحركها وأسلوب حراستها.
 
وفى نهاية مايو 1970 قررت القيادة المصرية تنفيذ العملية اعتمادا على عنصر المفاجأة، إذ تم رصد مجموعة إسرائيلية مكونة من 4 دبابات، و4 عربات مدرعة، وحافلتى ركاب إجازات، عند تحركها شمالا من القنطرة.
 
وتم التخطيط للعملية المطلوبة بدقة من قبل القوات المشتركة بها.. حيث تم تحديد منطقتى شمال القنطرة «على مسافة 30 كم» وجنوب رأس العش لـ «مسافة 14 كم» كنقطتين للهجوم.. وتم تخصيص كمين «رقم 1» للمنطقة الأولى، مكون من ثمانية أفراد من الكتيبة «83 صاعقة».. وخصص للمنطقة الثانية، كمين آخر، مكون من 21 فردا من لواء المشاة «رقم 135» بقطاع بورسعيد.
 
وحدثت اتصالات خاصة وتنسيق على أعلى مستوى قيادى، بين وحدة «الصاعقة» وقيادة اللواء 135 .. فضلا عن إجراء اتصالات بوحدات الجيش الأخرى المتواجدة فى هذا القطاع لتنظيم التعاون بين الجميع.
 
 وعبرت القوات فى ليلة « 29-30» من شهر مايو، واتخذت مواقعها مستفيدة من طبيعة الأرض والسواتر الترابية فى شرق القناة، وظلت القوات تكمن فى مواقعها فى صمت وترقب تام لوصول قوات العدو المتحركة.. ثم أفادت نقطة مراقبة فى شمال القنطرة غرب بتحرك مجموعة الإمداد الإسرائيلية المكونة من عدة دبابات وعربات نصف جنزير.
 
وبالطبع وصلت هذه المعلومات إلى قائد كتيبة الصاعقة 83 وقائد اللواء 135 مشاه.. وقرر قائد الكتيبة «83 صاعقة» عدم التدخل ضد قوات العدو المتحركة، وهى فى طريقها إلى الشمال، إلا إذا اكتشف أمره، مفضلا اشتباك قواتنا الخاصة «الكوماندوز» معهم حال العودة، إذ سيكون عنصر المفاجأة هنا أقوى.. فسبق أن عبروا على هذه المنطقة دون أن يكون هناك ما يهدد أمنهم، أو هكذا بدا لقوات الاحتلال فى حينه.
 
وبعد أن حدثت الاشتباكات مع الكمين رقم 2، التابع لـ «اللواء مشاه» عادت القوات الإسرائيلية مسرعة إلى حيث كانت.. فمرت بمنطقة «الكيلو30 »، حيث يتخندق الكمين الأول دون حراك.. ولم تشعر القوات المعادية بالأبطال الثمانية ينقضون عليهم دون هوادة.. وكان هول المفاجأة كبيرا، وأحدث ذعرا لا حدود له.. ولم ينج من هذا الكمين سوى فرد واحد فقط - يدعى «مائير».. أخذته المجموعة معها، وهى عائدة إلى الضفة الغربية من قناة السويس، إذ تم القضاء على 35 عنصرا من عناصر جيش الدفاع، التابعين لسلاح المظلات، الذى كان يمثل أعلى مستوى تدريبى بالجيش الإسرائيلى حينئذ.
 
.. لم يمهل القدر الزعيم الراحل «جمال عبدالناصر» للكشف عن تفاصيل العملية بالكامل، إلا أن خلفه «الرئيس الراحل أنور السادات فعل.. وقف السادات، بلهجته وعباراته المميزة، فى لقائه بعمال طنطا «يناير 1971» ليزف الخبر إلى الأهالى قائلا: «8 أولاد من أولادى بس، عبروا القناة، وادولهم درس عمرهم ما هينسوه».. وكان «أبى» - أطال الله عمره - أحد هؤلاء الأبطال، الذين صفعوا جيش الدفاع الإسرائيلى واحدة من أقوى الصفعات فى حينه.
وفور أن أنهى الرئيس السادات خطابه، كانت وكالات الأنباء العالمية والمحلية تتناقل تفاصيل المعركة، التى وصفتها الصحافة الإسرائيلية فى حينه بكمين «السبت الحزين»، للتدليل على حجم الخسارة الفادحة التى منيت بها قوات الاحتلال.
 
 وانفردت جريدة «الأخبار» المصرية، وقتئذ، بلقاء خاص مع أبطال «الصاعقة» الذين أرّقوا نوم «جولدا مائير».. مع صورة «حقيقية» للمجموعة.
 
.. ويبقى:
 
∎ إلى من حملوا أرواحهم فوق أيديهم لنعيش فى عزة: تقبيل الأرض بين أقدامكم لا يكفى.
 
∎ إلى (أبى) .. شكراً لأنك أبى.