الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأعمال المجهولة لـ«سمير سيف»..كنوز مهدرة

ميراث كبير خلفه المخرج «سمير سيف» قبل رحيله، قوامه 26 فيلمًا، ومثلها أو أقل قليلا فى التليفزيون، ليخلد من خلالها اسمه ضمن قائمة طويلة من المبدعين الذين مروا على هذا الوطن، لكن مرورهم لم يكن مجرد مرور كرام، فقد تأثروا بمحيطهم، وأثروا فى وجدان أجيال تربت على فنهم، أو تتلمذت على إيديهم، كما فى حالة «سمير سيف» الذى لم يبخل بعلمه على أى طالب سينما، أو مخرج مبتدئ، سواء داخل معهد السينما حيث ظل يلقى محاضراته طوال أربعة عقود دون كلل أو ملل، أو خارجها فى الورش، واللقاءات التى لا يزال جدوله ممتلئًا بها حتى بعد رحيله.



 حيث كان من المقرر أن يبدأ ورشة لتعليم تكنيك الإخراج السينمائى نهاية الشهر الجارى فى قصر السينما بجاردن سيتي، ومع ذلك فإن رحيل الجسد لا يعنى توقف العطاء، حيث ستظل أفلامه ومسلسلاته شاهدًا على تفرده وتميزه، وحبه للتجريب تمامًا مثل فيلمه التونسى الجزائرى الفرنسى المشترك (أوغسطينوس ابن دموعها) الذى شاء القدر أن يكون آخر أعماله الفنية حيث حصل عنه على جائزة أفضل إنجاز فنى من مهرجان الإسكندرية السينمائى، كما حصل أيضًا على جائزة الجمهور فى مهرجان وهران السينمائى بالجزائر، وإذا كان وجود فيلم بهذه المواصفات فى قائمة أعمال المخرج الراحل يحمل مفاجأة، فإن المفاجأة الأكبر هي أن عددًا كبيرًا من أعماله القديمة لا يعرض، ولا يعرف مصيرها، وفى السطور التالية نلقى الضوء على بعض منها.

> عصر الذئاب ولهيب الانتقام

يمكن وصف علاقة «سمير سيف» بـ«نور الشريف» بـ(التوأمة الفنية) فقد شكل الثنائى حالة خاصة جدًا من التعاون المثمر والذى كان من نتائجه 10 أفلام سينمائية هامة، ليصبح «نور الشريف» هو الفنان الأكثر تعاونًا مع الراحل «سمير سيف»، منذ أن التقيا فى فيلم (دائرة الانتقام) حتى آخر فيلم قدماه سويا (عيش الغراب) والذى كان من تأليف «سمير سيف» أيضًا، وإذا كانت رحلة الثنائى الممتدة عبر سنوات بها الكثير من الأفلام التى تشكل علامات سينمائية فارقة، مثل (غريب فى بيتى، وآخر الرجال المحترمين) فإنها تحوى أيضًا أفلامًا قد يجهل وجودها الكثيرون نظرًا لندرة عرضها، منها على سبيل المثال (عصر الذئاب) بطولة «عادل أدهم، وليلى علوى، وسمير صبرى»، وهو واحد من أفلام الثمانينيات التى كتب لها السيناريو والحوار «إبراهيم مسعود» صاحب رائعة (إعدام ميت) ويحكى قصة «حنان»، (ليلى علوى)، الفتاة البسيطة التى تعمل سكرتيرة لدى رجل أعمال يقوم بالإتجار فى السلاح، والتى لم تتمكن من التخلص من سطوته، خاصة بعد سفر خطيبها «أحمد»، (نور الشريف)، ليعمل فى إحدى الدول العربية، والوضع نفسه يسرى على فيلم (لهيب الانتقام) المقتبس من الفيلم الأمريكي (Death Wish 4: The Crackdown) بطولة «تشارلس برونسن» وإخراج «ج. لي تومبسون» وقد كتب له السيناريو والحوار «سمير سيف» أيضًا، من بطولة «لبلبة، وصلاح ذو الفقار»، ويحكى قصة ضابط الشرطة «مدحت شوقي» الذى أقبل على الاستقالة من سلك الشرطة بعد تلفيق تهمة إتجار مخدرات له، ويستغل الحاج «عبدالفضيل» هذا، ويطلب منه تأدية مهمة تصفية ثلاثة من كبار تجار المخدرات، حيث يبلغه أن هؤلاء التجار هم السبب في موت ابنته، ويستعين باثنين آخرين لتنفيذ المهمة، لكنه يكتشف أن اﻷمر ليس كما يبدو من البداية، وأن «عبد الفضيل» ما هو إلا تاجر مخدرات مستتر أراد التخلص من منافسيه.

> إبليس فى المدينة

يعرف عن «سمير سيف» أنه المخرج الذى عمل مع غالبية نجوم عصره، وقدم لهم أعمالًا ناجحة فى السينما والتليفزيون، وبخلاف «نور الشريف»، فقد صنع «سمير سيف» 8 أفلام مهمة مع «عادل إمام» مثل (المشبوه، الغول، الهلفوت، النمر والأنثى، وشمس الزناتى) كما قدم لـ«محمود عبد العزيز» فيلم (المتوحشة) الذى لعبت بطولته «سعاد حسنى»، قبل أن يقدم له مسلسل (البشاير) ثم فيلم (سوق المتعة) بالإضافة إلى (معالى الوزير) فيلمه الوحيد مع «أحمد زكى»، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أنه قدم فيلمًا من بطولة «محمود ياسين» فى نهاية الثمانينيات بعنوان (إبليس فى المدينة) الذي كتب له السيناريو «محمود دياب» عن رواية (الأب الخالد) لـ«بلزاك»، وقد حصل الفيلم على جائزة «جمال عبد الناصر» للقيم العائلية عام 1979، حيث شاركه البطولة «فريد شوقى، ومرفت أمين، وعادل أدهم»، وتدور قصته حول نصاب يتحايل على الوافدين الجدد إلى القاهرة، ليقنعهم أن يشاركوه جرائمه، حيث يقع فى طريقه الشاب الخجول «شريف»، (محمود ياسين)، الذى يعيش فى أحد الفنادق الذى يملكه أحد الأثرياء، حيث يحاول أن يقنعه بقتل صاحبه بحثًا عن ثروة كبيرة، على أن يقتسما الثروة فيما بينهما.

> الجوارح وقلوب عطشى

فى الدراما أيضًا يمتلك «سمير سيف» محطات مهمة قد يجهلها الكثيرون ومنها على سبيل المثال مسلسل (الجوارح) الذى تم تقديمه عام 1986، من تأليف «وحيد حامد»، وبطولة «صفاء أبو السعود، ويوسف شعبان، وصلاح السعدنى»، فالمسلسل يتوافر منه بعض الحلقات على اليوتيوب، ويحكى عن قصة سيدة تعمل كمدرسة فى مدرسة ابتدائية فى إحدى المناطق الريفية، طلقت مرتين بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، فقررت أن تنصرف عن الزواج، وتتفرغ للتصدى لمشاكل طلاب وطالبات المدرسة، حتى يحدث ما يغير نظرتها للحياة، حيث تصطحب التلاميذ فى رحلة إلى حديقة الحيوان لكنها تفقد طفلة أثناء انشغال المشرفين عنها لتحتفظ بها امرأة كابنة لها بعد فقدانها لابنتها وهى قصة تشبه فيلم «آخر الرجال المحترمين» الذى أخرجه سمير سيف وهو من تأليف الكاتب وحيد حامد أيضًا.

 وفى التسعينيات، قدمت الدراما السورية مسلسلًا يحمل نفس الاسم (الجوارح) نال شهرة كبيرة جدًا حينها رغم طابعه التاريخى.

إذا كان فيلم (أوغسطنيوس..ابن دموعها) الذى اختتم به المخرج الراحل حياته يحكى عن قصة حياة قديس يحمل نفس الاسم، فإن الأعمال الدرامية التى تعلى من القيم الدينية المسيحية ليست أمرًا غريبًا على «سمير سيف»، وتاريخه الطويل يزخر بعدد منها، ومنها على سبيل المثال مسلسل (قلوب عطشى.. بيت العلالى) الذى لعبت بطولته الفنانة القديرة «سناء جميل، ويوسف داوود، وماجد الكدوانى».

> مشوار

إلى جانب الخط الأكاديمى، قضى «سمير سيف» سنواته الأولى بعد التخرج كمساعد مخرج لكبار المخرجين، أمثال «شادى عبدالسلام، ويوسف شاهين، وحسن الإمام»، حتى قرر أن يكون مخرجًا مستقلًا، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن فيلم (دائرة الانتقام) لـ«نور الشريف» الذى يعد الفيلم الروائى الأول لـ«سيف» قد سبقه فيلم روائى قصير بعنوان (مشوار) عن قصة لـ«يوسف إدريس» تحمل نفس الاسم، لكن مشوار «سمير سيف» الحافل لم يقتصر على السينما والتليفزيون فقط، فما لا يعرفه الكثيرون أنه أخرج المسرحية الشهيرة (الحب فى التخشيبة) من بطولة «جورج سيدهم، ودلال عبد العزيز»، كما قام بالإخراج التليفزيونى لمسرحية (727) التى لعب بطولتها «محمود عبدالعزيز، وهالة صدقى»، وأخرجها للمسرح «كرم مطاوع».>