مصر تبحث عن شاهين وشادى.. تونس خائفة.. وفلسطين تحلق فى السماء: السينما العربية .. «الحائرة»!
مئة وخمسون فيلمًا، من ثلاث وستين دولة حول العالم، تمثل وجبة سينمائية دسمة، ومتنوعة، ينتظرها بعد أيام جمهور مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، لكن هذه الدورة تحديدًا أولت اهتمامًا خاصّا بالأفلام العربية، ولعل قرار إدارة المهرجان بالتوسُّع فى مسابقة (آفاق السينما العربية) بزيادة عدد الأفلام بها إلى اثنى عشر فيلمًا بدلًا من ثمانية كما فى الدورات السابقة، هو الدليل الأكثر وضوحًا على اهتمام المهرجان بعرض أحدث إنتاجات السينما العربية التى أصبحت مؤخرًا تتميز بالتنوع والثراء.
خصوصًا بعد التواجد المكثف لها فى المهرجانات الكبرى مثل (كان، وفينيسيا، وتورونتو)، بالإضافة إلى الجماهيرية الكبيرة التى حظيت بها فى الدورات السابقة من المهرجان، وقد استتبع قرار زيادة عدد أفلام المسابقة قرارٌ آخر بإضافة جائزتين جديدتين، تُمنح الأولى لأفضل فيلم غير روائى، والثانية لأفضل أداء تمثيلى، ليصل إجمالى الجوائز التى تقدمها المسابقة إلى أربع جوائز؛ حيث إن المسابقة كانت تقدم فى الدورات السابقة جائزتين فقط هما؛ سعد الدين وهبة لأحسن فيلم عربى، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة التى تحمل اسم صلاح أبوسيف، لكن التواجد العربى فى هذه الدورة لا يقتصر فقط على (آفاق السينما العربية)؛ حيث ستَعرض ثلاثة أفلام فى المسابقة الدولية، وفيلمين فى مسابقة أسبوع النقاد، وفيلم فى القسْم الرسمى خارج المسابقة الرسمية، بالإضافة إلى عشرة أفلام قصيرة من أصل عشرين فيلمًا ستُعرَض فى مسابقة سينما الغد، أمّا فى قسم العروض الخاصة فسيعرض فيلم (عرايس الخوف) للمخرج التونسى الكبير «نورى بوزيد»، الذى فاز بالجائزة الخاصة لحقوق الإنسان فى الدورة السادسة والسبعين لمهرجان فينيسيا، كما كان فيلم الافتتاح للدورة الماضية من مهرجان (أيام قرطاج)، وفى السطور التالية نلقى مزيدًا من الضوء على المشاركة العربية بالمهرجان...
المسابقة الدولية
سبعة أفلام مصرية تشارك فى أقسام المهرجان المختلفة، تتنوع ما بين أفلام روائية، ووثائقية، وتحريك، لكن ربما تكون مشاركة فيلم مصرى وثائقى فى المسابقة الدولية للمهرجان واقعة لم تحدث من قبل، لكنها ستتحقق هذه الدورة من خلال فيلم (احكيلى) للمنتجة والمخرجة «ماريان خورى»، الذى يُعد هو الممثل الوحيد لمصر من بين خمسة عشر فيلمًا فى المسابقة الرسمية للمهرجان، لتعود به «ماريان» إلى الإخراج بعد غياب تسع سنوات، بعد فيلمها الوثائقى (ظلال) الذى أخرجته وأنتجته عام 2010م، وتتطرق «ماريان» فى (احكيلى) الذى تبلغ مدته 95 دقيقة، إلى موضوعات عن الأمومة والهوية والأصل من خلال محادثات تجريها مع ابنتها «سارة»، تستكشفان من خلالها مسار أربعة أجيال من نساء أسرتهما، ويضم الفيلم مادة أرشيفية ضخمة لعائلة «يوسف شاهين» يمتد لأكثر من مئة سنة، بالإضافة إلى فيديوهات وتسجيلات مع والدة المخرجة وجدتها وخالها المخرج الراحل «يوسف شاهين»، وتسجيلات أخرى لـ«شاهين» مع والدته قام بتسجيلها بنفسه، ما يجعله عملًا فنيّا أبطاله هم أسرة «شاهين الحقيقية»، وتتنقل أحداثه بين المدن التى ارتبطت بها العائلة، وهى الإسكندرية والقاهرة، وحتى باريس ولندن وهافانا، ويشارك أيضًا فى المسابقة الرسمية من مهرجان أمستردام الدولى للأفلام الوثائقية (إدفا)، فى نسخته الـ32، الذى تتزامن فعالياته مع مهرجان القاهرة السينمائى.
وتضم المسابقة الدولية أيضًا فيلم (بين الجنة والأرض) فى عرض عالمى أول للمخرجة الفلسطينية «نجوى نجار»، التى سبق لها أن شاركت فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة عام 2014م بفيلمها (عيون الحرامية) الذى حصل بطله على جائزة أحسن ممثل، كما تضم أيضًا الفيلم اللبنانى (جدار الصوت) من إخراج «أحمد غصين»، فى أولى تجاربه الروائية، وقد حصل الفيلم على ثلاث جوائز دفعة واحدة، خلال عرضه ضمن مسابقة أسبوع النقاد، فى الدورة الماضية من مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى؛ حيث فاز الفيلم بالجائزة الكبرى كأحسن فيلم، وجائزة الجمهور، بالاضافة إلى جائزة أفضل مساهمة فنية، وقد تَعرَّض الفيلم ومخرجه لانتقادات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى بسبب تصويره مشاهد فى سوريا وتوظيفها، بصريّا، فى الحرب التى شنتها إسرائيل على جنوب لبنان.
خارج المسابقة
(إن شئت كما فى السماء) هو الفيلم العربى الوحيد فى القسم الرسمى خارج المسابقة للمخرج الفلسطينى «إيليا سليمان»، الذى يُعد أحد أهم المخرجين العرب المؤمنين بأهمية استمرار النضال والتعريف بقضية وطنه فلسطين، وقد حصل الفيلم على جائزة النقاد، وتنويه خاص من مهرجان (كان)، كما أنه مرشح لتمثيل فلسطين فى الأوسكار، وهى المرّة الثانية التى يُرَشَّح فيها فيلم له للأوسكار بعد فيلمه السابق (يد إلهية).
آفاق السينما العربية
تفتتح المسابقة بعرض الفيلم الروائى التونسى (بيك نعيش) إخراج «مهدى البرصاوى»، الذى فاز بطله «سامى بوعجيلة» بجائزة أحسن ممثل فى قسم «آفاق» بالدورة 76 لمهرجان فينيسيا السينمائى، وكان الفيلم قد تم اختياره ضمن 14 مشروعًا للمشاركة فى النسخة الرابعة لملتقى القاهرة السينمائى فى الدورة 38، وتدور أحداثه بعد ثورة الياسمين فى تونس، حول أسرة تتحول عطلتها الأسبوعية إلى جحيم بعد إصابة الابن بطلق نارى فى حادث إرهابى، وفيما يتطلب علاجه زراعة كبد جديد تظهر خلافات عائلية مفاجئة تهدد حياة هذا الطفل.
وبخلاف الأفلام الروائية التى تشملها المسابقة من العراق، وسوريا، والمغرب، والسعودية، تضم هذه المسابقة أيضًا أربعة أفلام وثائقية، وهى اللبنانى (بيروت المحطة الأخيرة)، والسودانى (أوفسايد الخرطوم)، والتونسى (ع البار)، والمصرى (نوم الديك فى الحبل).
أسبوع النقاد
7 أفلام من 5 قارات مختلفة، تشارك فى مسابقة (أسبوع النقاد الدولى)، المخصصة للأعمال الأولى أو الثانية لمخرجيها، من بينها فيلمان أحدهما من الجزائر بعنوان (أبو ليلى) والآخر هو التونسى (قبل ما يفوت الفوت) من إخراج «مجدى الأخضر»، ويشارك فى بطولته «مجد مستورة»، الفائز بجائزة أحسن ممثل من مهرجان برلين عام 2016م، و«رؤوف بن عمر»، الذى حصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائى عام 2017م، وقد عرض الفيلم فى قسم العروض الخاصة ضمن الاختيار الرسمى خارج المسابقة لأيام قرطاج السينمائية.
سينما الغد
من ضمن عشرين فيلمًا قصيرًا توجد تسعة أفلام عربية تستحوذ مصر على نصيب الأسد منها بواقع خمسة أعمال، من ضمنها فيلمان يمثلان عرضًا عالميّا أول، وهما (صورة لكل سرينة غارة) و(أمين) للمخرج «أحمد أبوالفضل»، الذى تدور قصته حول سعى البطل للحصول على نسخة نادرة لفيلم غير مكتمل للمخرج الكبير «شادى عبدالسلام»، ويشارك أيضًا فى المسابقة فيلم التحريك (بحر من الرمال) للمخرجة «نسمة رشدى»، والتسجيلى القصير (البحث عن غزالة) إخراج «بسام مرتضى»، بالإضافة إلى الروائى القصير (فخ) للمخرجة «ندى رياض»، وهو الفيلم الذى شارك فى النسخة الـ58 من أسبوع النقاد الموازى لفعاليات مهرجان كان السينمائى، فى دورته الأخيرة، وتدور أحداث الفيلم حول شاب وفتاة غير متزوجين يرغبان فى قضاء يوم معًا فى منتجع ساحلى مهجور، ويجرى اختبار العلاقة بينهما عندما تكشف الفتاة عن رغبتها فى الانفصال عنه.. كما يشارك فى المسابقة الفيلم الفلسطينى (أمبيانس) إخراج «وسام الجعفرى»، الذى حصل على المركز الثالث مناصفة، فى مسابقة أفلام الطلاب، بالدورة السابقة من مهرجان كان السينمائى، واللبنانى (تماس) والسورى (لم أر شيئًا رأيت كل شىء) والتونسى (فاطوم) والسعودى (الدنيا حفلة).











