الأربعاء 21 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

التفكير داخل «الصندوق»!

التفكير داخل «الصندوق»!
التفكير داخل «الصندوق»!


تسعى الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة المالية، للاتفاق مع صندوق النقد الدولى على إبرام اتفاقية جديدة، سواء بتمويل أو بغير تمويل عبر المفاوضات غير الرسمية التى تجرى بين الجانبين منذ شهور .
ويبدو أن الحكومة المصرية تريد أن توقع الاتفاق الجديد هذا الشهر قبل انتهاء الاتفاقية القديمة التى حصلت مصر بموجبها على 12 مليار دولار من الصندوق، مقابل القيام ببرنامج الإصلاح الاقتصادى.
من خلال رؤية الحكومة نرصد ملامح هذا الاتفاق الجديد فى حال إبرامه، وما هى الشروط المتوقع أن يفرضها الصندوق، إضافة للبحث فى كيفية استفادة مصر من اتفاق غير مالى مع صندوق النقد الدولى.

رؤية الحكومة
تكشف تصريحات وزير المالية ومحافظ البنك المركزى فى الفترة الأخيرة رغبة الحكومة المصرية فى التعاون مرة أخرى مع الصندوق، إذ قال وزير المالية، الدكتور محمد معيط إن مصر تأمل فى الاتفاق على حزمة تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولى بنهاية مارس المقبل.
وأضاف معيط إن هناك محادثات غير رسمية بين الطرفين، وقد أبلغت مصر صندوق النقد الدولى بأنها ترغب فى مواصلة مشاركتها مع الصندوق بعد انتهاء برنامج الصندوق بقيمة 12 مليار دولار فى 27 نوفمبر الجارى.
بينما أشار وزير المالية فى الكثير من تصريحاته إلى المضى قدما فى بيع أو خصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة، وأنها تسير على الطريق الصحيح لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، كما تهدف الحكومة إلى إكمال من خمس إلى ست عمليات اكتتاب أولى بحلول 30 يونيو من العام المقبل فى قطاعات مختلفة.
تصريحات معيط بشأن الاستمرار فى خصخصة الشركات المملوكة للدولة تتماس بشكل واضح مع إمكانية إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولى،إذ أكد لوكالة بلومبرج أن العلاقة مستمرة مع صندوق النقد، سواء اتخذت شكل المراقبة المكملة للبرنامج المنتهى أو برنامج آخر من خلال إبرام اتفاق مستقبلى،لافتًا إلى أن مصر تحتاج لتحقيق معدلات نمو اقتصادية مستدامة بنسبة 8 % حتى يمكنها خلق فرص عمل لنحو 2.5 مليون شخص يدخلون سوق العمل كل عام.
وهو ما أكدته أيضًا تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزى بشأن مناقشة مصر تعاونا محتملا مع صندوق النقد الدولى فى الفترة القادمة لمساعدتها فى تنفيذ إصلاحات هيكلية عندما ينتهى برنامجها الحالى مع الصندوق الشهر القادم.
ملامح الاتفاق
عن ملامح الاتفاق الذى يمكن أن تتمخض عنه المفاوضات بين الجانبين، يشير الخبراء إلى أن هذا الاتفاق من المرجح أن يتعلق فقط بتقديم الاستشارات المالية، إذ تتوقع الدكتورة يمن الحماقى،الخبيرة الاقتصادية، أن يكون الاتفاق الجديد اتفاقا غير مالى، مشيرة إلى أنه سيكون على الأرجح اتفاق استشارات، لافتة لأن ذلك سيكون مهمًا للغاية لما يعنيه من اعتراف الصندوق بنهضة الطاقات الاقتصادية فى مصر.
وتابعت «الحماقى»: إن الاستشارات ستكون حول كيفية ترجمة هذه الطاقات الاقتصادية إلى استثمارات وفرص عمل، لزيادة الطاقة الإنتاجية لافتة لأن الاتفاق يجب أن تكون عناصره مبنية على أساس أن الصندوق لديه علم بالمشاكل والتحديات والأهداف الخاصة بالاقتصاد المصرى.
وأضافت: هذه الاستشارات تشبه تماما ما كان يتم أثناء الاتفاق السابق حيث إن الصندوق كان يصدر كل 6 أشهر تقرير مراجعة لأداء الاقتصاد المصرى قبل صرف الشريحة المالية التى كانت تبلغ 2 مليار دولار، كما أننا نحتاج هذه الاستشارات، بشرط ألا تكون ملزمة.
وعن نصيحة رئيسة صندوق النقد الدولى الجديدة لمصر بضرورة تحجيم دور القطاع العام فى مصر، أشارت الحماقى إلى أن هذا التصريح يأتى على خلفية المؤشرات التى أكدت تراجع دور القطاع الخاص خلال العامين الماضيين، لافتة إلى أن هذا التصريح يفيد أن لدينا مشاكل فى توفير بيئة عمل للمشروعات الصغيرة والمتناهية بجانب التقصير فى ملف التمكين الاقتصادى للمرأة، وهو ما نلمسه بالفعل.
أكدت الحماقى أن الحديث عن الخصخصة ونصائح الصندوق فى هذا الشأن، لا بد وأن تقابل بالشك فى المجتمع المصرى مشيرة إلى أن ذلك يرجع لفشل برنامج الخصخصة تنفيذها بشكل خاطئ.
وأوضحت أنه من الأفضل تبنى فكرة الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، بغض النظر عن شروط الصندوق، إذ يتلخص الأمر فى قدرة كل دولة على الاستفادة من الصندوق، مشيرة إلى أن مصر رفضت شروطًا كثيرة خلال الاتفاقية الأخيرة، لذلك فعلى الحكومة أن تصنع سياسة اقتصادية تكون هى من تقودها وتتحكم فيها.
شروط الصندوق
تتضمن شروط صندوق النقد الدولى تنفيذ خطوات محددة من جانب الحكومة المصرية، للموافقة على عقد اتفاق جديد مع مصر بحسب تصريحات مسئولى الصندوق خلال الاجتماعات السنوية مع البنك الدولى بواشنطن منتصف الشهر الماضى،إذ تركزت أهم مطالب الصندوق من مصر فى القضاء على الإجراءات الروتينية لعمل القطاع الخاص بجانب تقليص دور الشركات التابعة للدولة، لتشجيع الاستثمار وتعزيز وخلق فرص عمل أكبر.
عن استمرار التعاون بين الحكومة والصندوق، قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط ووسط آسيا بصندوق النقد الدولى: إن الصندوق ومصر يجريان محادثات بشأن جولة جديدة من الإصلاحات الأساسية التى تستهدف تعزيز النمو واستكشاف طرق لمواصلة التعاون بمجرد أن تنهى الدولة برنامج الإصلاح فى نوفمبر الجارى والممتد منذ 3 سنوات.
وأوضح أن الحكومة أعربت عن اهتمامها بالترتيبات الجديدة ومناقشة الإصلاحات الرئيسية التى قامت بها مع الصندوق، لافتًا إلى أن الإصلاحات يجب أن تستهدف النمو الشمولى بمعنى مراجعة مدى انخراط الدولة فى الاقتصاد وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، ومعالجة العقبات أمام الاستثمار الخاص، والاستثمار فى التعليم وتحسين المواهب.
أهمية الاتفاق
يجمع خبراء الاقتصاد على أهمية الاتفاق من جديد مع صندوق النقد، نظرًا للمكاسب التى يمكن أن يثمر عنها، والتى تتمثل فى ضمان تنفيذ الإصلاحات، والحفاظ على الثقة فى الاقتصاد المصرى باعتباره أحد أكثر الأسواق الناشئة نموا وقدرة على جذب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.
استمرار التعاون مع صندوق النقد الدولى يبعث رسالة للمستثمرين بأن الدولة مستمرة فى تنفيذ الإصلاحات بجدية، ما يعطى ثقة فى أن الدولة لديها إصرار على استمرار تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وأوضح الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادى، أن الدولة لم يكن أمامها بديل عن برنامج الإصلاح الاقتصادى مع الصندوق، لافتًا لأنه لا يمكن مقارنة الظروف الآن بالخمسينيات إذ كانت هناك كتلة اشتراكية وكتلة رأسمالية من الممكن المفاضلة بينهما، أما اليوم فالعالم تحكمه أسس ومعايير مالية واحدة.
وتابع: برنامج الإصلاح المصرى كان متفقًا فى مجمله مع ما يتبناه صندوق النقد، فأرادت مصر أن تستفيد من التعاون مع الصندوق خاصة أن مصر عضو فى الصندوق بحصة تصل إلى 2.7 ملياردولار، وهو ما يمكن مصر من الحصول على قرض من الصندوق يعادل 6 أمثال تلك الحصة.
وأضح جاب الله: اللجوء إلى الصندوق يأتى لكونه يقدم قروضًا مدعمة بفائدة ضئيلة أقل من أى جهة تمويل أخرى، مشيرا إلى أن الدول التى لا تقترض من الصندوق تقوم بعمل نوع من التعاون غير المالى على المدى البعيد بحيث إن خبراء الصندوق عندما يزورون الدولة المتعاون معها ويرونها تسير بشكل صحيح فى الإصلاحات يقدمون تقارير تكون بمثابة الاعتماد لدى كل مؤسسات التصنيفات والمؤسسات المالية العالمية، بما يؤدى إلى تحسن الأداء الاقتصادى للدولة .
وأضاف: الصندوق لديه قناعة الآن أن مصر ليست بحاجة إلى قرض جديد إضافة لأنه من المرجح أن ترفض مصر أى اتفاق يتضمن شروطًا مجحفة تنال من الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل، وهو ما يؤكده تدخل الرئيس لإعادة المستبعدين من بطاقات التموين قبل شهر.