الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اللعب بأقدام الحسناوات

اللعب بأقدام الحسناوات
اللعب بأقدام الحسناوات


«فين فريق كرة القدم بتاع المرأة، مش مجاملة إذا كنا هنبدأ من الأول فى فريق المنتخب للرجال يبقى عندنا منتخب للمرأة ويلبسوا الشكل اللى عايزينه».. كانت هذه كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الأخير للشباب، الذى عُقد بالعاصمة الإدارية قبل أيام، وهو ما يؤكد حالة التجاهل الشديدة التى تعانى منها كرة القدم النسائية فى مصر، فرُغم مرور 30 عامًا على ظهور أول فريق نسائى فى مصر، وبالتحديد فى عام 1989، وحصد العديد من البطولات العربية، فلاتزال كرة القدم النسائية تعانى التجاهل وغياب الدعم المالى والإعلامى.

«راما جويلى»، مؤسسة أكاديمية «وان» لكرة القدم للبنات والمدير الفنى لفريق البطل الأوليمبى لكرة القدم النسائية، واحدة من الذين يحلمون بأن تجد كرة القدم النسائية مكانها على الخريطة الرياضية فى مصر، وتحظى بالاهتمام والدعم الذى يؤهلها لحصد العديد من البطولات.
بدأ شغف «راما»، وهى الحاصلة على ليسانس حقوق عام 2006،  بلعب كرة القدم منذ سِنّ صغيرة، وكانت تحب لعب الكرة فى الشارع مع الذكور، وفى سِنّ الرابعة عشرة انضمت لفريق نادى المعادن لكرة القدم النسائية، وكان هذا بداية احترافها للعب كرة القدم فى العديد من النوادى، حتى انضمت لفريق نادى وادى دجلة ضمن الفريق الأول للنادى والمنتخب، خلال لعبها مع النادى حصل الفريق على المركز الأول فى الدورى المصرى للكرة النسائية 9 مرّات، بالإضافة إلى حصوله على الكأس 4 مرّات.
حصلت «راما» على العديد من الدورات التدريبية الخاصة فى كرة القدم، ما أهّلها للعمل كمدربة لكرة القدم للناشئن فى نادى وادى دجلة خلال الفترة من 2008 لـ 2015، وبعد اعتزالها اللعب، افتتحت أكاديمية «وان» لكرة القدم، وفى بداية 2018، أسّسَت فريق البطل الأوليمبى لكرة القدم الذى يلعب بالدورى المصرى لكرة القدم النسائية، وأصبحت مديرة فنية معتمدة له من الاتحاد المصرى لكرة القدم.
الجهاز الفنى لفريق «راما» كلهن سيدات مارسن رياضة كرة القدم من قبل، وهو أول جهاز فنى  بمصر من السيدات فقط، يضم إلى جانب المدير الفنى راما جويلى، كلّا من: كابتن إنجى عطية مدربًا عامّا، والدكتورة نرمين سميح مدرب اللياقة البدنية، ومساعد مدرب كابتن شروق، والمدير الإدارى شجون.
تحرص أكاديمية «وان» على استقبال الفتيات من جميع الأعمار من سِنّ 10 لـ 32 عامًا، للانضمام للفريق «البطل الأوليمبى»، الذى يتكون من 30 لاعبة، أصغرهن 14 عامًا: «فى البداية كانت أغلب الفتيات يتقدمن للأكاديمية لممارسة كرة القدم كرياضة أو هواية، ومع الوقت أصبح لديهن دافع لاحتراف اللعبة، أصبحن يشاركن  فى التدريب مع اللاعبات المحترفات».
جاءت فكرة إنشاء الأكاديمية، بعد أن وجدت «راما» أنّ هناك بعض الفتيات يُحرَمن مِن ممارسة الرياضة لعدم وجود فرص فى الأندية الرياضية؛ خصوصًا أن هناك 10 أندية فقط بها فِرَق نسائية لكرة القدم، هى (وداى دجلة، المؤسسة، المعادى، اليخت، الإعلاميين، الصيد، ميت عقبة، الترام، المصرى، القاهرة، والطيران)، وهى الأندية المشاركة فى الدورى الممتاز، بالإضافة إلى 25 ناديًا مشاركًا فى الدورى «ب» يتم توزيعها لـ5 مجموعات، كل مجموعة تتكون من 5 فِرَق: «من المؤسف أن الأندية الكبرى كناديَى الأهلى والزمالك ليس لديهما فريق كرة قدم نسائية، وهو ما أدى لضعف الدورى النسائى، بالتالى لعدم وجود منتخب السيدات لكرة القدم، ما جعل مصر تخرج من تصنيف «الفيفا» لكرة القدم للسيدات، رُغم أن كرة القدم النسائية فى مصر بدأت عام 1989، وشاركت فى تصفيات إفريقيا فى العام التالى، وحصدت عددًا من البطولات العربية والإفريقية».
تؤكد مؤسسة «وان» أن الأكاديمية لا تهدف للربح: «البعض يدفع رسومًا رمزية للاشتراك وأخريات لا يدفعن، نحن نساعد جميع الفتيات من مختلف الطبقات الاجتماعية، ممن لديهن مواهب فى كرة القدم لاحتراف اللعبة، ويصعب عليهن الالتحاق بفِرَق الأندية التى تتطلب العضوية أسعارًا مرتفعة».
نجحت «راما» فى مشاركة الفريق بالدورى الممتاز  «ب» ، بعد عام فقط من تأسيس الأكاديمية، ورُغم النتائج السيئة للفريق فى أول مشاركة؛ فإن أداء اللاعبات كان فى تحسُّن كبير،  وفى الدور الثانى للدورى، من المتوقع، تحقيق نتائج  جيدة، والصعود للدورى الممتاز «أ».  
ترى أن نظرة المجتمع والأسَر حول أن كرة القدم حِكرٌ فقط على الرجال تغيرت كثيرًا، فالكثير من الأهالى يتسابقون على الدفع ببناتهن لإخضاعهن لاختبارات الناشئات بالأندية التى يوجد بها فرق كرة القدم النسائية، لكن أزمة كرة القدم النسائية بمصر ضِعف الإمكانيات؛ خصوصًا مع رفع اتحاد كرة القدم دعمه عن كرة القدم النسائية، فضلًا عن الصعوبات التى تواجههن فى تأجير ملعب، ورفض بعض أصحاب  الملاعب التأجير لفريق نسائى، أو ارتفاع مبالغ تأجير الملاعب، ناهيك عن ضرورة اختيار الملعب بعناية حتى لا تتعرض الفتيات للمضايقات.
«آية عاشور»، فتاة فى العشرينيات من عمرها، حلمت أن تصبح لاعبة كرة القدم من الصغر، إلّا أن طبيعة البيئة التى نشأت فيها جعلتها تطوى صفحة احتراف كرة القدم، حتى تخرّجت فى كلية العلوم والتكنولوجيا، وعملت مصممة محتوى إلكترونى بإحدى الشركات الكبرى، ومنذ عامَين قررت تحقيق حلمها وبحثت عن  مكان يسمح لها ممارسة كرة القدم، بالفعل التحقت بأكاديمية فى مدينة نصر، وتعرّفت على كابتن «راما» التى كانت تعمل كمدربة للفريق فى ذلك الوقت، ورُغم  صعود الفريق الذى كانت تلعب به إلى الدورى الممتاز؛ فإن حرصها على التدريب تحت إشراف كابتن «راما»  جعلها تنسحب من الفريق، وتلعب لفريق «البطل الأوليمبى».
وأكدت «آية» أنه لا يوجد فَرق بين لاعبات كرة القدم النسائية  واللاعبين الرجال، فدائمًا المقارنة تظلم المرأة، فاتحاد كرة القدم  والأندية لا تهتم بكرة القدم النسائية، على عكس كرة القدم الرجالية التى يلتحق بها الأطفال وأعمارهم 5 سنوات، ناهيك عن الدعم الذى تقدمه الأندية الكبرى لفرق كرة القدم الرجالية، أمّا نحن فندفع للنادى مبالغ مادية تبدأ من 10 آلاف جينه مقابل اللعب تحت اسم النادى، وأندية أخرى لا تتحمل أى تكلفة حتى الملابس.
«آية» كانت تحرص على متابعة الدورى المصرى للرجال حتى مذبحة بورسعيد، ومَثَلها الأعلى «عماد متعب»؛ خصوصًا أنها تلعب فى نفس مركزه بخط الهجوم، تقول: «نحن نلعب  كرة القدم حُبّا فى كرة القدم، فجميعنا لديه أعمال أخرى، بالفريق يوجد الطبيب والمهندسة والمحاسبة وأخريات يعملن فى شركات كبرى،  بالإضافة لطالبات ما بين الثانوية والجامعة،  ونمارس اللعبة دون مقابل مادى، كما أن اللاعبات هن مَن يتحملهن تكاليف الانتقالات لملعب التمارين  والمباريات».  
«ناريمان صبرى»، احترفت الكرة القدم، منذ كان عمرها 11 عامًا، بنادى وادى دجلة، وكانت تستعد للالتحاق بالفريق الأول، إلّا أن الإصابة أبعدتها عن الملاعب، لتعود من جديد منذ عام بالمشاركة فى أكاديمية «وان»، بعد أن أنهت دراستها بالجامعة الألمانية: «طموحى احتراف كرة القدم بالخارج، لكن بالوقت الحالى الصعود للدورى الممتاز».
تأمل « ناريمان»  تشكيل منتخب قومى لكرة القدم النسائية، حتى تستطيع المشاركة فى المسابقات الدولية، فهناك أجيال كثيرة ظُلمت، لعدم وجود منتخب للنساء. مؤكدة ثقتها فى تشكل منتخب قومى لكرة القدم النسائية بعد تصريح الرئيس السيسى.
وكشفت أنها لا تفضل مشاهدة الدورى المصرى، لكن ترى أن حارس مرمى الأهلى  محمد الشناوى أفضل اللاعبين المصريين  من حيث الأداء والإرادة والهدف، وأنه بعد جيل محمد بركات وأبو تريكة لا توجد كرة قدم للرجال فى مصر.. لكنها تحرص على مشاهدة الدورى الأوروبى؛ بالأخص الإنجليزى، ومَثلها الأعلى سيرجيو أجويرو، مهاجم مانشستر سيتى، وفى كرة القدم النسائية اللاعبة الأمريكية أليكس مورجان.
كابتن الفريق «ديانا محمود»، بدأت الالتحاق بكرة القدم منذ عامَين فقط، بعد التحاقها بالأكاديمية، وهو الحلم الذى كان يراودها منذ صغرها إلّا أنها قوبلت برفض الأسرة،  خوفًا عليها من الإصابة، ما دفعها للعب التنس، حتى تخرجت فى كلية التجارة، وتعمل حاليًا فى أحد البنوك، وعندما علمت أن هناك أكاديمية تعليم كرة القدم النسائية، لم تتردد فى تحقيق حلمها الأول، ونجحت فى اجتياز الاختبارات،  وتبين للمدربات أنها خامة لاعبة جيدة، رُغم التحاقها بكرة القدم منذ عامَين فقط.
«ديانا» أصبحت كابتن الفريق ليست؛ لأنها الأكبر سِنّا فقط، فلقب «الكابتن» له متطلبات كثيرة، منها تحمُّل المسئولية واحترام الجميع، قائلة: «لن أعتزل  كرة القدم مادمت أشعر أننى قادرة على العطاء»، مُرجعة ضعف الدورى النسائى لعدم مشاركة الأندية الكبرى  به، وعدم تقديم الدعم من قِبَل الاتحاد.