الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«نخنوخ».. كلمة السر لإعادة «الطوارئ»

«نخنوخ».. كلمة السر لإعادة «الطوارئ»
«نخنوخ».. كلمة السر لإعادة «الطوارئ»


 
«الطرف التالت».. تلك الإشكالية المستفزة التى خنقتنا منذ بداية الثورة وحتى الآن، لاتزال بلا حل إلى هذه اللحظة، ومن يتصور أن تمثيلية إلقاء القبض على «صبرى نخنوخ» ستنهى هذه الضبابية المتعمدة، بالتأكيد هو ساذج!
 
فحتى لو «نخنوخ» هذا متورط فى جرائم بلطجة وخلافه، بل وراع لفظائع النظام السابق، التى لا حصر لها، فإن الواقع يؤكد أن كل ما كان يحدث من أيام تهريب المساجين وحرق الأقسام وقتل المتظاهرين وحتى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وأخيرا مع ظهور البلطجية فى مظاهرات 42 أغسطس.. أكبر بكثير من مجرد مجرم ولا حتى عصابة كبيرة أو ميليشيات منظمة، فالأمر بحاجة إلى كيان نظامى وبنية تحتية محترفة حتى يستطيع هذا «الطرف التالت» الاستمرارية والنجاح فى كل الأحوال وفى أى وقت، وبالطبع لن نغيب المساعدات الخارجية.
 
 
فأرجوكم.. لا تعتبروننا سذجاً إلى هذا الحد، الذى تصدرون لنا فيه «نخنوخ» وأسوده وكلابه وعلاقاته وحكاويه، لتقدموه على أنه قائد الجناح العسكرى للطرف التالت، والسؤال الأهم الآن بعيدا عن محاولات إشغالنا بل إعمائنا عن الحقيقة بلقاءات نخنوخ التى فاقت مرسى المحب أساسا لكاميرات الفضائيات، لماذا تتكاتف كل القوى لإغفال أو كتمان حقيقة الطرف التالت التى تجاوزت سر نكسة 76 المجهول حتى الآن أو حقيقة اغتيال عبدالناصر أو مقتله وغيرها من الأسرار التى تؤرقنا إلى هذه اللحظة.
 
ووصل الأمر إلى أن حاول قيادى إخوانى التهرب من السؤال لمجرد أننا طرحناه عليه، بل واتهم المخابرات بأنها السبب فى عدم تقديم الطرف التالت للرأى العام، وأزاد فى ذلك التصور، ليقول إن هذا التقصير كان سببا من أسباب استبعاد اللواء مراد موافى.
 
حدوتة «نخنوخ» التى تشبه «اشتغالات» النظام السابق مثل «عزت حنفى»، أثارت الكثير من التساؤلات حول ظهورها، خاصة أنها تتزامن مع الغموض المثير جدا حول عمليات الجيش فى سيناء، والتى لم تتضح لها معالم حتى الآن رغم مرور الشهر عليها، وتزامنت أيضا مع مظاهرات 42 أغسطس وبداية الخروج على الإخوان، وتزامنت أيضا مع اقتراب مهلة المئة يوم من نهايتها، حتى ننشغل عن مثل هذه الملفات الحيوية بأمور تافهة مثل حكاوى نخنوخ، وما أشبه اليوم بالبارحة.
 
لكنهم لا يدركون حتى الآن أن الشعب المصرى تغير وأصبح أكثر وعيا بصورة ما اختلفنا أو اتفقنا عليها، وتوقف كثيرا أمام «نخنوخ» خاصة أن صراعات الأجنحة فى الجماعة الحاكمة من جانب وتناحر الفضائيات على سبق الالتقاء بنخنوخ ودخول قصره من جانب آخر، تغذى بشكل كبير فكرة أن «نخنوخ» ليس هو الهدف الحقيقى بل ولا حتى جزءاً منه.
تورط الدكتور محمد البلتاجى القيادى البارز فى الإخوان، والذى رشحته الشائعات حتى آخر لحظة ليكون فى الفريق الرئاسى لمرسى، فى حدوتة «نخنوخ» أعطاها بُعداً أكثر تعقيدا، خاصة بعد اضطراره للدخول فى تلاسن مع هذا الرجل المحاصر بقائمة طويلة من التهم المثيرة.
 
 وكان البلتاجى قد أشار على «حسابه الشخصى على فيس بوك» إلى أن النظام السابق يلفظ أنفاسه الأخيرة وأنه لن يرد على تهديدات واتهامات مورد البلطجية «فى إشارة لنخنوخ» الذى شهد على نفسه أنه كان أداة من أدوات النظام السابق فى معركته ضد الخصوم السياسيين.. وروى البلتاجى أنه منذ عدة أشهر أثناء الأحداث حول وزارة الداخلية تحدث عن الفوضى المنظمة والبلطجة المخططة وسأل قيادات وزارة الداخلية وقتها مباشرة وعبر وسائل الإعلام: ماذا تعلمون عن صبرى نخنوخ فقالوا «مورد بلطجية على مستوى القطر.. هارب لا نعرف له مكانا».
 
وبالتالى وفقا لكلام البلتاجى هناك أطراف أخرى غير «نخنوخ»، وحتى لو كان هذا المورد للبلطجية طرفاً، سيكون الأضعف، ونحن نريد الأطراف الأخرى الأكبر إلا لو كانت هناك جهات مصممة على بقاء هذه الأطراف فى الخفاء.
 
لا نوجه الاتهام لأحد، ولن نردد ما يردده البعض بأن وزارة الداخلية تقف وراء «الطرف التالت».. ولن نقول أيضا ما يقوله آخرون من أن المجلس العسكرى ليس بعيدا عنه، بل ولن نشير أيضا إلى الاتهامات التى وجهت إلى الإخوان بأنهم يقفون وراء «الطرف التالت» منذ البداية وحتى إلى الآن، ولن نغيب اتهامات الفلول.. لكن واضح أن «الطرف التالت» ليس تابعاً لجهة واحدة، بل العديد من الجهات تستخدم هذا اللهو الخفى لخدمة مصالحها، الكل متورط إما بالترتيب أو السكوت أو حتى الموالسة.
 
وظهور البلطجية فى مظاهرات 42 أغسطس وخاصة فى اشتباكات ميدان التحرير والمنطقة الشمالية بالإسكندرية، زاد الأمر تعقيدا، رغم أن ذلك تزامن مع احتفال الصحف والفضائيات التى تمت أخونتها بسقوط قائد ميليشيات الطرف التالت «نخنوخ».. حتى جن جنون البعض!
 
وبالطبع من حق الكثيرين، أن يتساءلوا عن النفوذ الإعلامى لنخنوخ، بل والتساؤل الأكبر ما رأى المحققين فى المكالمات التى تصل من مشاهير تؤكد أنه «رجل محترم»!؟
 
بعيدا عن تعقيدات المشهد الذى زاده ظهور «نخنوخ» والتلاسن المتبادل مع البلتاجى الذى كشف عن معرفة سابقة به وظهور بلطجية ولو كانوا بلحى هذه المرة، فإن الخطورة تنبع من تدبير هذه القصص لتحويل الأنظار عما هو أفظع، ومنها على سبيل المثال تهيئة الساحة إلى إعادة «الطوارئ»!
 
وأكيد لن نجد كلمات تعبر عن دهشة غالبية المصريين من تحول رموز كبيرة كانت تهتف ضد الطوارئ مهما كان سببها أو كانت صياغتها وتقود مظاهرات كانت مبشرة بالثورة من أجل استقلال القضاء، مثل وزير العدل المستشار أحمد مكى، الذى يقود الآن تيارا قويا لإعادة الطوارئ بحجج واهية منها الانفلات، وكأن الانفلات حدث جديد، ولم يكن موجوداً وقت إلغاء الطوارئ، ولو راجعتم مواقف الإخوان وحلفائهم وقتها ستجدهم يشنون حرباً شعواء ضد كل من يحاول أن يجد مبرراً للمجلس العسكرى الذى كان يقود البلاد وقتها للإبقاء عليها.
 
ولمن لا يعرف قانون الطوارئ الجديد الذى يعكف عليه «مكى» فهو يعطى الرئيس صلاحيات قضائية ويقمع أى احتجاجات ويفض إضرابات العمال ويحيل المدنيين للقضاء العسكرى، والمادة 5 تلغى جميع حقوق المواطنين القانونية وقانون الإجراءات الجنائية بمجرد الاشتباه، وللرئيس حق زيادة القيود على المواطنين فى ظل الطوارئ والتوسع فى حظر التجول والاعتقال بموافقة البرلمان، ولم يحدد النص جهة إصدار أوامر اعتقال وتفتيش المواطنين رغم أنهم «مشتبه فيهم» ولم يصدر بحقهم حكم قضائى، ويوجب القانون العقوبة القصوى لأى معتقل تم الإفراج عنه ثم أدين فى جريمة حتى لو ثبت أن الاعتقال كان تعسفياً، بل ويمكن للرئيس تجاهل الاستفتاء عبر قرار بـ«تجديد الطوارئ» بموافقة 15٪ من البرلمان دون الرجوع للشعب، وفى الحرب يجوز للرئيس مصادرة الصحف وعزل المناطق والاستيلاء على العقارات والمنقولات وتكليف أى شخص بأى عمل.
 
لو صح هذا التصور أو أخطأ.. فإننا سنكون شعباً «انقيادياً»، إذا أعيدت «الطوارئ» مهما كانت حججها، خاصة أن هذا يلقى بظلال كثيرة حول استمرار الأداء المزرى للشرطة، وهل هو متعمد أم لا، حتى يدفعوا الناس إلى المطالبة بإعادة الطوارئ، وبهذا السلاح الذى كان يستخدمه مبارك ضدهم يسحلون معارضيهم، وكأن الثورة قامت ليصعد طغاة آخرون يخربون فى مصر كما فعل سابقوهم، ولكن بوجوه أخرى.
 
واكتمل المشهد الصعب الذى تعيشه مصر باعتراف نائب المرشد «خيرت الشاطر» والملقب بالرئيس الحقيقى لمصر بأنه ليس هناك مشروع حقيقى للنهضة، وما يردده الإخوان فى هذا الإطار فهمه الإعلام خطأ!؟.. لك الله يامصر. ∎