الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

تقاليع «لمة رمضان»!

تقاليع «لمة رمضان»!
تقاليع «لمة رمضان»!


«يا محلى لمة رمضان».. التجمع على مائدة واحدة من أجمل ما يميز الشهر الكريم، حيث يحرص الجميع على تبادل الزيارات والعزومات خلال الشهر، وتكثر فيه صلة الرحم، والتكافل الاجتماعى،   بين المصريين، إلا أن شهر رمضان الجارى شهد عدة  مواقف  سجلتها عدسات الكاميرات، وكانت مثار حديث الناس فى مصر بل تناقلها العديد من  وكالات الأنباء، فى تجسيد للمة العيلة والجيران فى رمضان.

كان آخر المظاهر ما شهدته منطقة المطرية الأسبوع الماضى،  فى أكبر مائدة إفطار، حيث تجمع أهالى منطقة عزبة حمادة للعام السابع على التوالى،  فى مائدة كبيرة فى الشارع بمشاركة جميع الأهالى سواء بالطعام أو المشروبات أو الكراسى والطاولات.
المائدة التى بدأ تنظيمها منذ سبع سنوات من قبل شباب المنطقة، بحيث تجمع كل أفراد المنطقة، وكل عائلة تضع على المائدة ما قامت بإعداده خصيصًا لهذه المناسبة، كل على قدر استطاعته، ومع تزايد الأعداد فى الأعوام التالية بدأ الشباب بتوزيع الأدوار بينهم فى تجميع ما يلزم لإقامة المائدة وطهى الطعام، وكل شخص يعلم دوره جيدًا، وكلهم سعادة وفرح بتنظيم الاحتفال السنوى،  والذى زاد من أواصر الصداقة والمحبة بين العائلات، بعد أن وصل عدد المشاركين فى مائدة عزبة حمادة هذا العام أكثر من 2000 شخص.
طقوس «لمة رمضان»، تختلف من مكان إلى آخر، فمن المطرية، والتى كان احتفالها باللمة وسط الشارع بمشاركة الأهل والجيران، إلى الإسكندرية، حيث ضربت كلية الهندسة مثلًا فى أسلوبها المميز فى تجهيز إفطار رمضان على مدار 8 سنوات، يجمع آلاف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعمداء، فى شارع كهربا.
انطلقت الفكرة فى نسختها الأولى بحضور 300 فرد، وازدادت فى 2012 ليصل عدد الحاضرين لـ500 فرد، وفى عامى 2013- 2014 وصل لـ1500 شخص بطول الشارع، والبداية الحقيقية كانت عام 2015 بعد أن نقل اتحاد الطلاب مقر الإفطار من أرض الكلية إلى ملعبها، ليكون الحضور بالعام الأول من الإفطار الجماعى 250 طالبًا وطالبة، إضافة إلى أعضاء هيئة التدريس والمنظمين من شباب الكلية، وتزايدت الأعداد عامًا يلو الآخر.
ما  يميز  حفل إفطار هندسة الإسكندرية إنه  يتم تنظيمه على شكل رسمة معينة بعد نقل الإفطار لأرض ملعب هندسة الإسكندرية، حيث مساحة أكبر يمكن تشكيلها بشكل لافت بسهولة لإنتاج مشهد يسر الناظرين، حيث قام المنظمون بوضع الطاولات والكراسى بشكل غير تقليدى،  ليس مجرد اصطفاف مستهلك، ونُفذت الفكرة لأول مرة عام 2015، وكان تصميم الإفطار على شكل حرف الـE  كرمز لمعنى كلمة الهندسة فى اللغة الإنجليزية Engineering، ومن هنا استمرت الفكرة كل عام تزداد تحديًا جديدًا من حيث طبيعة الرسمة الجديدة، وجعلها متواكبة مع عدد الحضور المنتظر تزايده عامًا يلو الآخر.
فى عام 2016 كانت رسمة فانوس رمضان، وحضر حفل الإفطار 2000 طالب وطالبة إضافة لأعضاء الهيئة التدريس، وفى 2017 وقع الاختيار على رسمة تحتوى على مدفع رمضان بجانبه رقم 17 كرمز لترتيب الإفطار فى تعداد إفطارات هندسة الإسكندرية.
فور الإعلان عن الإفطار هذا العام، تهافت الطلاب على الحجز للمشاركة، ووصل عدد المشاركين لـ3500 مشارك، وشكل الاصطفاف المختلف للكراسى والطاولات وتشكيل الزينة ورصف الطعام، وأخذت الرسمة المُشكلة العام الماضى 2018 شكل مبنى إدارة الكلية بداخلها هلال كبير ومأذنة.
فكرة الرسمة تأتى من خلال اجتماع منظم لاتحاد الطلاب والقائمين على التنظيم كل عام، تعرض به مجموعة أفكار مختلفة حول اختيار المتطوعين وشكل الرسمة للعام الجديد، واستغرقت رسمة التنورة  الأشهر بين الإفطارات لهذا العام يومين لتصبح جاهزة للتنفيذ من حيث الأبعاد المطلوبة ليتمكن الجروب من تنفيذها على أرض الواقع بشكل صحيح.
فى البداية رسمت التنورة فى شكل خطوط مستقيمة من الرصاص نظرًا لصعوبة رسم الكيرفات على الأرض ثم تم تعديلها لظهور الشكل وجمالياته ،وكان التحدى الشكل النهائى الذى ظهرت به الرسمة وتم تعديل الرسمة عند تنفيذها على أرض الواقع مرارًا وتكرارًا حتى الوصول للشكل المطلوب دون الخلل بعدد الكراسى المطلوبة لاستيعاب المشاركين جميعًا والذى وصل عددهم هذا العام لـ4200 طالب وطالبة.
التحضير للإفطار الجماعى بهندسة الإسكندرية يبدأ قبله بليلة كاملة، فتبدأ الفتيات بتجهيز أكياس التمور بينما ينشغل الشباب بتجهيز الزينة، ومن ثم يبدأ الطرفان فى تصميم الرسمة على الأرض بالتوازى فيتم  إصفاف الكراسى والطاولات حولها حتى الانتهاء منها، ليكن دور الفتيات فى اليوم التالى من الصباح الباكر تنظيف الطاولات المرصوصة ووضع المفارش وتوزيع الكئوس والتمور عليها، وصل عدد المنظمين بين الفتيات والشباب هذا العام لـ250، فالإفطار من تنظيم الطلاب بشكل خالص دون تدخل أى جهة تنظيمية مختصة أو أى من أعضاء هيئة التدريس.
«لمة رمضان».. تختلف من مكان لآخر ومن طريقة لأخرى، حيث اختار عدد من شباب كفر الدوار أن تكون لمتهم  فى  رمضان هذا العام مختلفة وتعبيرا عن الوفاء لأحد أصدقائهم الذى وافتهم المنية قبل 6 أشهر وكان حريصًا كل عام على تجهيز وجبات وشنط رمضان لغير القادرين.
شباب مدينة كفر الدوار، بالبحيرة، خلدوا ذكرى صديقهم بإعداد مجسم كبير، بحجم الجسم الكامل لصديقهم، تصدر مائدة الإفطار، التى أقيمت بأحد شوارع المدينة ليكون حاضرا معهم فى الإفطار كما كان فى السنوات الماضية .
أصدقاء «فؤاد السرايرى» كانوا يعلقون كل عام الزينات الرمضانية ويدعو أصدقاءه للإفطار، لكنه توفى من 6 أشهر، فقرروا تخليد ذكرى تواجده بينهم كل عام فذهبوا لأسرته وعرضوا عليهم الأمر الذى كان فى البداية وضع صورة على مقعد فرحبت أسرته بالفكرة، وتطورت الفكرة بالمجسم، وحرص الأصدقاء والأسرة على التقاط الصور مع المجسم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى تعبيرًا منهم عن أن صديقهم الطيب الذى كان يشاركهم فى الأفراح والأحزان لم يرحل رغم وفاته.
أهالى المنوفية كانت لهم طريقتهم للاحتفال بـ«لمة رمضان»، بـ«إفطار المسافرين» فيوزعون مياهًا وتمورًا وعصائر على السائقين، الذين لم تسعفهم ظروفهم على الإفطار وسط ذويهم وأهاليهم، وهو ما يحرص عليه شباب زاوية جروان بمركز الباجور بالمنوفية، والذين ينفذون مشروع «إفطار صائم» منذ عدة سنوات، فجهزوا مئات الوجبات الساخنة من ساندوتشات لحوم ودواجن وكبدة وأطباق أرز، وخصصوا جزءا منها لإفطار المسافرين على الطريق الدائرى الإقليمى.
حرص شباب الباجور على إفطار المسافرين على الطريق الإقليمى الذى يمر بـ5  محافظات «الجيزة، المنوفية، الغربية، الشرقية، والدقهلية»، ورمضان هذا العام يعتبر الأول له بعد تشغيله، لذا حرصوا على تجهيز أكبر عدد من الوجبات لتوزيعها على المسافرين على الطريق وقت الإفطار.
فى الطرق الصحراوية  وعلى امتداد القرى والمدن المطلة عليها، دومًا ما يتكرر مشهد  شباب الباجور، وهو ما حدث مع شباب قرية المراشدة على الطريق الصحراوى الغربى «قنا - سوهاج»، الذين يخرجون يوميًا حاملين فى أيديهم أكياس غذائية لإفطار الصائمين سواء السائقين أو الركاب.
ويبدوا أن أهالى الشرقية متخصصون فى عزومات القطار، فقبل رفع أذان الفجر بنصف ساعة فى عاشر أيام رمضان  تعطلت عجلات أحد القطارات فجأة بمحطة «أبو حماد» بالشرقية، ليكون موعدًا مع الصدفة ويتكرر شعار أهالى محافظة الشرقية: «الشراقوة عزموا القطر»، وكأنما التاريخ يعيد نفسه فهذا ما قد حدث فى رمضان عام 1917، حين تعطل قطار خط الشرق أمام قرية «أكياد» بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، ولكن  قبل أذان المغرب وليس الفجر، لتظهر شهامة أهل المحافظة، المعروف عنهم  صفات الكرم وحسن الضيافة، وتتحول ساحة محطة القطار فى القصتين إلى «عزومة» لجميع الركاب.
سرعان ما انتشر خبر تعطل قطار «أبو حماد» على الرصيف بين أصحاب المحلات القريبة من المحطة، وعلى الفور قرر صاحب أحد أشهر محلات «الفول والطعمية» أن يعزم كل ركاب القطر على وجبة السحور دون أى مقابل، ولم تقتصر شهامة أهل أبو حماد على «عزومة» السحور فقط، بل تسابق الشباب فى نطاق المحطة لشراء عصائر ومياه للركاب.>