الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صناعة الرموز الإبداعية الجديدة

صناعة الرموز الإبداعية الجديدة
صناعة الرموز الإبداعية الجديدة


هل صناعة الرموز  والقمم الإبداعية الكبرى يمكن إدخالها داخل قائمة الصناعات الإبداعية والثقافية؟
بالتأكيد هى أحد أهم المكونات الرئيسية لتلك الصناعة فى إطار تطور مفهوم الاقتصاد، فى عالم أصبح فيه اقتصاد المعرفة مكونًا مهمًا من مكونات الاقتصاد الوطنى.
إذن يجب من حيث المبدأ ومصر تبحث عن رموزها الجديدة فى الثقافة والفن تغيير النظرة للإنتاج الثقافى والفنى من مصدر يتم إنفاق أموال كبيرة فيه من أجل الحصول على عوائد معنوية، إلى مصدر مهم للحصول على عوائد ملموسة.
سواء على صعيد نشر ثقافة المشاركة الإيجابية وهى كلمة السر التى تفتح أبواب التنمية الثقافية ذات التأثير المهم فى التنمية الشاملة، أو العوائد المالية المباشرة التى هى أرباح متوقعة وفقًا لدراسات الجدوى الاقتصادية للإنتاج الثقافى والفنى المرتبط بصناعة النجوم الجدد.
جدير بالذكر أن الجدد من رموز الإبداع وفقا لتجارب مجتمعات معاصرة يمكن أن يكونوا من الماضى ولكن إعادة إنتاجهم تجعلهم نجومًا لامعة كأفراد وكرموز وكتراث مادى ومعنوى، ففى إنجلترا تقترب قيمة شكسبير الكاتب المسرحى من أن تصبح علامة على البلد وشارة وعلامة تجارية تدر أرباحًا من حقوق الملكية الفكرية ومن القادمين من خارج البلاد لزيارة مسقط رأسه ولمشاهدة أعماله على مسارح لندن التى لا ترى ليلة طوال العام تخلو من هواجس وأحلام وأفكار وليم شكسبير، فهو يضىء مسارح وطنه طوال العام مثله مثل طاقة النور التى تضىء الليل وطاقة التدفئة التى تبهج البيوت.
مثله مثل موليير فى فرنسا وكذلك تراث مسارح (النو والكابوكى) التاريخى المعدل بصيغ معاصرة فى طوكيو وكيوتو باليابان.
وكذلك يبقى تراث الموسيقى العربية وأم كلثوم وصحبتها من الرموز قابلاً لأن يصبح مصنعًا للنجوم ومصدرًا للدخل الاقتصادى فى القاهرة.
ومن المؤكد أن نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم يتماثلان فى ذلك مع يوجين أونيل وتينسى وليامز فى نيويورك، فقط القدرة على إعادة إنتاج هذه الرموز وتسويقها فى صورة معاصرة، ولا يمكن حدوث ذلك على نطاق إقليمى أو دولى إلا بحدوثه أولًا على الصعيد الوطنى، فقيمة أعمال محمود مختار النحتية الصغيرة التى خرجت من مصر كمقتنيات خاصة وبيعت مؤخرًا فى مزاد علنى بمبالغ كبيرة جاءت من الاعتراف الداخلى به، والمتمثل فى اكتتاب المصريين لإنتاج تمثاله الشهير نهضة مصر والذى أصبح إحدى العلامات والإشارات العالمية الدالة عليها فى كل أنحاء المعمورة.
ولهذا فالرموز الجديدة فى الإبداع والثقافة يجب أن تكون عملية صناعتها امتدادًا للرموز الراسخة كما يجب حمايتها من الاندفاع نحو استهلاك طاقتها فى إطار الفنون المفرطة فى أهدافها التجارية البحتة، وبالنظر فى الماضى القريب يمكن تأمل مسألة إنتاج النجوم الجدد، وعلى سبيل المثال يمكن فهم الأمر فى مجال الغناء على سبيل الاسترشاد فى الفنون الأخرى، مواهب مذهلة كانت بدايتها من مصدر الإبداع المضىء تم بيعها ببعض الأوراق النقدية كى يتم احتكارها لتعمل بتفكير وإرادة من يدفع لها المال لا عبر إرادتها الحرة، أو إطلاقها فى مسيرة الغناء المصور الراقص الغريب كى تتحول إلى مصدر إضافى للضوضاء الفنية التى هى تيار عام لا تعرف له بداية من نهاية، له علامات تجارية تجر خلفها أذيالًا كثيرة تنتج فى معظمها إنتاجًا فنيًا يتم استهلاكه لينتهى وجوده مثله مثل استهلاك زجاجات المياه الغازية.
وعلى أصعدة أخرى قد تجد تيارات فى صناعة النجوم الجدد مثل روايات الغرائبيات ذات الطابع التشويقى التى لا تتحدث عن أى شىء يشير لإطار موضوعى ما خارج عالمها الافتراضى، أو تيار المسرح التجريبى الذى هو تيار جمالى وفنى، لكنه لم ينتج رموزًا داخله على مستوى النخبة أو الجمهور العام، أو مثل الإبداع وورش الهواة، بل أقسام الفنون الأكاديمية التى تقدم نجومًا لامعة ومواهب أصيلة تسير فى ذات المسارات التجارية للإنتاج الفنى والثقافى وتعيد تكرار السائد والسهل وتضيع فى الزحام أو تذهب لعالم الصمت. إن معرفية اقتصاد الإنتاج الثقافى والفنى فى مصر وجدية مساراته واختصاصيتها ضرورة لخلق البيئة الحاضنة للإبداع، والتى هى المدخل الرئيس لصناعة وإنتاج الرموز والنجوم  الجديدة فى الثقافة والفنون.