الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الطوق والإسورة».. تحفة الجنوب فى حضن المسرح

«الطوق والإسورة»..  تحفة  الجنوب فى حضن المسرح
«الطوق والإسورة».. تحفة الجنوب فى حضن المسرح


تعتبر رواية «الطوق والإسورة» من أكثر أعمال «يحيى الطاهر عبد الله» الأدبية بروزًا وشهرة، حيث تلتقى داخل الرواية الأعراف والتقاليد، والضغائن العائلية، والعواطف والمشاعر الإنسانية، بالمعتقدات والموروثات البالية، لتعبر عن قطاع كبير من المجتمع، ولا سيما فى الصعيد حيث نشأ المؤلف، وقرر أن يكون مكانًا لأحداث روايته، لكن بلا شك تقديم الرواية فى السينما والمسرح له وقع مختلف، وتأثير مضاعف على قطاع أكبر من الجمهور، وهو ما جعل فيلم (الطوق والإسورة) لـ«خيرى بشارة».
 والذى تم تقديمه فى منتصف الثمانينيات من بطولة (عزت العلايلى، وشريهان، وفردوس عبدالحميد)، يحتل المركز رقم 20 فى قائمة أفضل 100 فيلم.
وهو ما دفع أيضًا المخرج «ناصر عبدالمنعم» لإعادة تقديم العرض المسرحى (الطوق والإسورة) هذه الأيام على مسرح البالون من إنتاج فرقة مسرح الطليعة التابعة للبيت الفنى للمسرح، بعد أكثر من 23 عامًا على حصول العرض ذاته على جائزة أفضل إخراج فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى فى الدورة الثامنة عام 1996، وفى نسخته الثانية، يمثل العرض مصر بمهرجان المسرح العربى فى دورته الحادية عشرة، والذى تستمر فعالياته حتى 16 يناير، ليكون العرض المصرى الوحيد ضمن عروض المسابقة الرسمية التى تنافس على جائزة الشيخ سلطان القاسمى.
>تحدٍّ كبير
أبطال العرض المسرحى هم مجموعة من نجوم البيت الفنى للمسرح، بالإضافة إلى مجموعة من الشباب الواعد، لكن جميعهم يواجهون تحديًا كبيرًا، لجعل النص الذى كتب من عشرات السنين مواكبا لروح العصر، بالإضافة إلى المقارنة الحتمية التى لا بد أن تنشأ فى ذهن المشاهد بين ما يراه حيًا على المسرح، وبين أحداث الفيلم المحفورة فى وجدانه، حيث تقدم «فاطمة محمد على» دور(حزينة) والذى قدمته من قبل «فردوس عبدالحميد» فى الفيلم، كما تقوم «مارتينا عادل» بدور (فهيمة) والذى يعد أحد أدوار «شريهان» المميزة أيضًا فى السينما، ويشاركهما البطولة (محمود الزيات، وأحمد طارق،  والمطرب النوبى كرم مراد)، والذى  تم توظيف الفواصل الغنائية التى يقوم بأدائها بشكل رائع خفّف من حدة الأحداث، لكن بجانب التميز فى الأداء التمثيلى لأبطال العرض، فإن ديكور القرية الذى صممه «محيى فهمى»، والأزياء الصعيدية التى اختارتها بعناية المصممة «نعيمة عجمى»، بالإضافة إلى الطريقة الإخراجية التى اعتمد عليها المخرج «ناصر عبدالمنعم»، والتى جاءت أقرب إلى السينما منها إلى المسرح جعلت الجمهور جزءًا من الحدث وليس مجرد مشاهد له.
>أبطال جدد
وعن سر إعادة العرض بأبطال جدد بعد مرور كل هذه السنوات يقول المخرج «ناصر عبدالمنعم»: «تعد مسرحية (أولاد الغضب والحب) التى قدمتها عام 2010 هى آخر أعمالى المسرحية، حيث شغلتنى المناصب الإدارية لفترة طويلة، وهو ما ساهم فى عدم قدرتى على تقديم أعمال جديدة، لكن إعادة تقديم (الطوق والإسورة) بعد أن قدمتها عام 96، وحصلت من خلالها جائزة أفضل إخراج فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى جاء بسبب اليوبيل الفضى للمهرجان العام الماضى، والذى قرر القائمون عليه  إعادة العروض المسرحية المهمة التى قدمت على مدار 25 عامًا، حيث تم عرضها فى الدورة الماضية من المهرجان، ومن حسن الحظ أنه قد تم اختيارها للمشاركة فى المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربى المقام فى القاهرة من 10 حتى 16 يناير الجارى».. وعن أبطال العمل يقول: «بقى معى من النسخة الأولى للمسرحية بطلان هما المطرب النوبى كرم مراد، والفنان أشرف شكرى، الذى يؤدى دور الشيخ العليمى، ودور أحد رجال القرية، وفيما عدا ذلك فقد تم اختيار أبطال جدد، حيث كان العرض الأول من بطولة محمود عبدالمغنى، وقد كان طالبًا فى السنة الأولى من معهد الفنون المسرحية، وعبير فوزى، وهى الآن أستاذة بالمعهد، كما أدت دور فهيمة الفنانة داليا إبراهيم، وقد كانت سنها لا تتجاوز السابعة عشرة حينها».. وأشار إلى أن اختياره للأبطال الجدد جاء بسبب ملاءمتهم للدور، ومشاهدته لهم فى العديد من الأعمال السابقة، بالإضافة إلى أن معظمهم أعضاء فى فرق البيت الفنى للمسرح.
>موسيقى الأداء
دور (حزينة) الذى أدته باقتدار «فاطمة محمد على» له العديد من الأبعاد النفسية، التى لا تتطلب قدرات تمثيلية فقط، بل يتطلب أيضًا قدرات صوتية، حيث العديد والنواح على فقدان الزوج، ورحيل الابن جزء أصيل من النص، لكن كونها مطربة بالأساس، بالإضافة إلى أنها عاشت طفولتها فى الصعيد وتعرف جيدًا ما ينتاب المرأة من مشاعر هناك جعلها تؤدى الدور باقتدار، وعن ذلك تقول: «أنا من الأقصر، وتحديدًا من نفس القرية التى اختارها الروائى يحيى الطاهر عبدالله ليقدمها فى الرواية، وأمى سيدة من الصعيد تشبه كثيرًا (حزينة) فى تصرفاتها وانفعالاتها، لذلك لم أجد أى صعوبة فى تقديم الدور، ولم أخش المقارنة مع فردوس عبدالحميد خاصة أنها لم تقدم اللهجة الصعيدية كما ينبغى فى الفيلم، فكل قرية على خط الصعيد لها لهجة، وموسيقى فى الأداء، ومفردات لا يتقنها بشكل حقيقى إلا من عايشها بنفسه، وقد ساعدنى كونى مطربة فى إتقان الدور، لأنى استخدمت قدراتى الصوتية فى تقديم النواح والعديد الذى هو جزء من شخصية (حزينة)، وهو ما اعتبرته تحديًا جديدًا من تحديات المسرح التى أعشق تقديمها من آنٍ إلى آخر، فعلى سبيل المثال قدمت فى العرض المسرحى (حدث فى بلاد السعادة) الغناء المباشر كل ليلة، وهو أمر صعب ومرهق، كما غنيت باللغة الإنجليزية فى عرض آخر، وفى كل مرة أقف على المسرح يكون شغلى الشاغل ألا يتعرف علىّ الجمهور بسهولة».
وعن اختيارها لدور (حزينة) تقول: «أنا من اخترت الدور، فعندما علمت بنية المخرج ناصر عبدالمنعم إعادة عرض المسرحية، وتأكدت أن الدكتورة عبير اعتذرت عن دورها اتصلت به، وطلبت منه أن أقوم بأداء شخصية حزينة، لأن لدى مخزونًا وموروثًا كبيرًا يناسبها، وقد ساعدنى فى ذلك العلاقة القوية التى تربطنى به، فقد عملت معه منذ عام 93 فى مسرحية (رجل القلعة) كما قدمت معه (لص بغداد) عام 2007».
>روح العمل
أدوار عديدة قدمتها «مارتينا عادل» على المسرح منذ بدايتها، أهّلتها للقيام بدور (فهيمة) ولكن كونها خريجة المعهد العالى للفنون المسرحية لم يجعل أدوارها تقتصر على المسرح فقط، فقد شاركت فى مسلسل (الأب الروحى) الذى عرض العام الماضى، كما لها فيلم بدأ عرضه فى السينما منذ أيام يحمل اسم (عمر خريستو) وعن ذلك تقول: «كان الاتفاق بينى وبين المخرج ناصر عبدالمنعم على عرض مسرحى آخر، لكنه توقف، حيث قرر إعادة (الطوق والإسورة) ومنحنى دور (فهيمة) وقمنا بعمل بروفات على المسرحية منذ شهر سبتمبر الماضى».. وعن المقارنة بينها وبين «شريهان» تقول: «لم أخش أن يعقد الجمهور المقارنات، رغم إيمانى الكبير بالموهبة الكبيرة التى تحظى بها شريهان، لكن كل فنان يأخذ من روح العمل، ويعطيه أيضًا من روحه، لذلك لا يمكن أن يشعر الجمهور بأى تشابه بيننا أو استنساخ، حتى وإن قمنا بأداء النص نفسه، فضلاً عن أن تناولنا للنص ذاته على المسرح مختلف تمامًا عما تم تناوله فى السينما».. وعن تصنيفها كممثلة مسرح تقول: «لا أفضل مثل تلك التصنيفات، وأعتقد أن الممثل الجيد يؤدى دوره عبر أى وسيلة، طالما تعلم التكنيك الخاص بها».>