السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رعاة الإرهاب في ليبيا!

رعاة الإرهاب في ليبيا!
رعاة الإرهاب في ليبيا!


حالة تلبّس فاضحة وجريمة مكتملة الأركان ضبطتها السلطات الليبية مساء يوم الاثنين الماضى 7 يناير، عندما ضبط جهاز الجمارك بميناء مصراتة البحرى، شحنة من الأسلحة كانت على متن باخرة قادمة من تركيا، محملة بعشرين ألف مسدس تركى الصنع (من عيار 8 ملم)، تم توضيبها بـ556 صندوق سلاح.. قبل ذلك التاريخ بنحو 20 يومًا فقط وبالتحديد يوم 17 ديسمبر الماضى تمكنت السلطات الليبية فى ميناء «الخمس البحرى» غرب ليبيا من ضبط شحنتى أسلحة ضخمتين وذخائر قادمة من تركيا  تضم  4,2 مليون رصاصة، بما يكفى لقتل قرابة 80% من الشعب الليبى،  إضافة إلى الآلاف من المسدسات والبنادق الآلية.

وهكذا تتوالى «سفن الموت» التى تبحر من تركيا لإغراق ليبيا بالسلاح لتغذية الصراع واستمراره على الأراضى الليبية، علاوة على إيواء تركيا، مع  قطر، أكبر عدد من المتطرفين الليبيين الفارين من جرائم ارتكبوها فى بلادهم، وليستمر السعى التركى لإحياء الهيمنة العثمانية واستعادة مجد زائل، حتى لو جاء ذلك عن طريق إعادة احتلال المنطقة العربية عن بعد، عبر وكلاء وميليشيات من الإرهابيين والمرتزقة الذين يدينون بالولاء لكبيرهم الذى علمهم الإرهاب.. رجب طيب أردوغان.
بالتزامن مع ذلك جاءت تصريحات وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره المغربى، ناصر بوريطة، بالقاهرة الثلاثاء الماضى،  والتى أكد خلالها أن تركيا وقطر تدعمان التنظيمات المتطرفة فى ليبيا وأن ذلك يؤثر على أمن واستقرار دول الجوار وفى مقدمتها مصر، كما أن دعم الميليشيات المسلحة يعيق أى تحركات لإنجاز تسوية سياسية فى البلاد. موضحا أن القاهرة ترصد كافة المحاولات الرامية لزعزعة استقرار ليبيا ودعم الميليشيات المسلحة والتنظيمات المتطرفة.
وأشار وزير الخارجية إلى نجاح شركاء أوروبيين (يقصد اليونان) فى وقف تهريب شحنات أسلحة تركية ضخمة إلى ليبيا، مؤكدا أن سياسة تركيا تؤثر على استقرار وأمن دول المنطقة، متهما قطر بانتهاج سياسة تركيا بدعم الميليشيات المسلحة، داعيا المجتمع الدولى إلى مواجهة داعمى وممولى التنظيمات المتطرفة وكل من يوفر لها الدعم لتوظيف ذلك لأغراض سياسية.
قادة الإرهاب
من جانبه حمل المتحدث الرسمى باسم الجيش الوطنى الليبى العميد أحمد المسمارى تركيا، مسئولية الفوضى التى تغرق فيها بلاده، مؤكدا أن هناك خيارات عدة لمحاسبة أنقرة على تدخلها فى الشأن الليبى. وقال المسمارى تعليقا على ضبط باخرة تركية محملة بالأسلحة فى ميناء مصراتة غربى البلاد: «نحمل تركيا مسئولية تدمير قواعد الأمن والسلم فى ليبيا، وعمليات الاغتيالات فى صفوف الأمن والجيش والمحامين، هذا إلى جانب ضلوعها فى العديد من العمليات الإرهابية». مشددًا على أن أنقرة تخرق قرارات مجلس الأمن التى تحظر تزويد الإرهابيين بالسلاح؛ فضلا عن خرق القرار الخاص بحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وأضاف المسمارى أن «تركيا هى القائد الرسمى للإرهاب فى المنطقة وليس فى ليبيا فقط، ونحن نحارب الأتراك منذ انطلاق عملية الكرامة، ووصل الأمر بها إلى حد نقل المسلحين الإرهابيين المصابين من ليبيا إلى أراضيها؛ فضلا عن نقل مئات الليبيين للقتال فى سوريا إلى جانب التنظيمات الإرهابية عبر تركيا».
ولمعرفة حقيقة الدور التركى يجب الوقوف على شكل الخريطة السياسية فى ليبيا التى تنقسم بين حكومتين.. الوفاق الوطنى،  ويرأسها فايز السراج فى طرابلس، وتسيطر عليها جماعة الإخوان وبعض الميليشيات الإرهابية مثل أنصار الشريعة وفجر ليبيا. وحكومة طبرق، المشكلة من مجلس النواب المنتخب فى العام 2014، وتتعاون مع الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر.
وانطلق الموقف التركى من الأزمة الليبية فى البداية من الحرص على المصالح التركية فى ليبيا، حيث يوجد ما يقرب من 25 ألف مواطن تركى فى ليبيا، وتقدر الاستثمارات التركية فيها بنحو 15 مليار دولار، كما تشكل السوق الليبية السوق الثانية للمتعاقدين الأتراك فى الخارج بعد روسيا، ويوجد فى ليبيا نحو 120 شركة تركية، ووصل التبادل التجارى بين الدولتين فى عام 2010 إلى 9,8 مليارات دولار.
ومع سقوط نظام «معمر القذافى» فى عام 2011 اتجهت أنقرة إلى تقديم كافة أوجه الدعم للتنظيمات الإرهابية، الممثلة فى «حزب العدالة والبناء» وهو الذراع السياسية لتنظيم الإخوان الإرهابى وميليشيات مدينة مصراتة أكبر داعم للإرهابيين بالغرب الليبى.
 كما قدمت أنقرة دعمًا لتحالف «فجر ليبيا» فى مواجهة «عملية الكرامة» التى أطلقها الجيش الليبى فى عام 2014 بقيادة «خليفة حفتر»، وفى المقابل وجه قائد الجيش الليبى اتهامات لتركيا بدعم «الإرهاب» فى ليبيا، وأصدرت حكومة الشرق الليبى قرارًا بإيقاف التعامل مع كافة الشركات التركية فى ليبيا ردًا على سياساتها الداعمة لتحالف «فجر ليبيا»، وبعد ذلك خرج رجب طيب أردوغان بتصريحات يرفض فيها الاعتراف بشرعية برلمان طبرق المنتخب فى أغسطس 2014.
تاريخ أسود
للتاريخ الأسود لأنقرة فى دعم الإرهاب على الأراضى الليبية باع طويل، ففى ديسمبر 2013، عثرت مصر على 4 حاويات أسلحة مهربة على متن سفينة قادمة من تركيا إلى ليبيا، واكتشف الجيش الليبى 3 محاولات مماثلة فى العام التالى،  بدأت بسفينة أسلحة تركية  قرب ميناء درنة، معقل تنظيم «أنصار الشريعة» الإرهابى.
وفى نوفمبر 2014، عثرت اليونان على شحنة أسلحة تركية الصنع على متن سفينة قادمة من أوكرانيا فى طريقها إلى ليبيا، وفى الشهر التالى مباشرة ضبطت السلطات الليبية سفينة كورية تحمل شحنة أسلحة تركية الصنع فى ميناء مصراتة.
كما تتولى أنقرة علاج مصابى الجماعات الإرهابية، وفى يناير 2017 أعلنت «أنصار الشريعة» وفاة زعيمها محمد الزهاوى داخل مستشفى تركى متأثرًا بجراحه أثناء إحدى المعارك مع قوات الجيش الوطنى الليبى. بينما حاولت التستر  على فضيحة علاج الإرهابيين، وأرسلت جثمان الزهاوى سرًا إلى طرابلس، حيث تكتمت الجماعة الإرهابية على الأمر، وعندما أصدر المدعى العام الليبى أوامر باعتقال 826 إرهابيًا فى سبتمبر 2018 فروا جميعهم إلى تركيا، وفى مؤتمر باليرمو الدولى حول الأزمة الليبية نوفمبر الماضى،  تم طرد وفد تركيا برئاسة فؤاد أقطاى نائب أردوغان بناء على طلب من قائد الجيش الليبى خليفة حفتر، وبعد انتهاء المؤتمر، التقى وفد حكومة الوفاق أردوغان فى العاصمة أنقرة للتشاور، وبعد بضعة أسابيع بدأ ضبط سفن الأسلحة التركية تباعا فى موانئ ليبيا.
الدور القطرى المكمل
من القاهرة وفى مؤتمر صحفى شهير فى العام قبل الماضى فضح المتحدث العسكرى باسم القوات المسلحة الليبية العقيد أحمد المسمارى حقيقة الدور القطرى فى ليبيا، وكشف أن الجيش الليبى يمتلك دلائل تؤكد دعم قطر للجماعات الإرهابية فى سوق «الحوت ببنغازى» موضحًا أن الدوحة تنقل أسلحة من قطر إلى «معيتيقة» أو «الجفرة» لإرسال الأسلحة للإرهابيين، مشيرًا إلى أن قطر تحاول التبرؤ من جرائمها بالادعاء بأنها تدعم الليبيين.
لكن يظل الدور القطرى فى الحقيقة هو عنصر مكمل للدور التركى الذى يسعى بالأساس لتفتيت الجيش الوطنى الليبى عبر إرسال الأسلحة إلى التيارات المتشددة فى ليبيا لتشكيل رؤية مضادة للرؤية المصرية، الخاصة بضرورة إنهاء وجود التنظيمات المتطرفة والإرهابية فى ليبيا.