«بيستوريوس»..مبتور الساقين يسابق الريح!

مرفت الحطيم
أصبح الجنوب أفريقى «أوسكار بيستوريوس» أول رياضى معاق مبتور الساقين يشارك فى الألعاب الأوليمبية من خلال مشاركته فى تصفيات سباق 400م ضمن رياضة ألعاب القوى السبت الماضى فى أوليمبياد لندن .2012
ويستعيض بيستوريوس عن ساقيه بلوحتين من الكربون القاسى يثبتهما عند الركبتين، وقد سبق أن شارك فى ألعاب ذوى الاحتياجات الخاصة «بارالمبية» فى أوليمبياد أثينا 2004 وبكين .2008
«بيستوريوس»، البالغ 25 عاما، بترت ساقاه عندما كان عمره 11 شهراً تأهل إلى نصف نهائى سباق 400م بحلوله الثانى فى المجموعة الأولى قاطعا المسافة بزمن قدره 44,45 ثانية، وينوى بيستوريوس أيضا المشاركة فى الألعاب البارالمبية التى ستقام فى لندن من 29 أغسطس إلى 9 سبتمبر.
صحيفة «الفاينانشيال تايمز» كشفت أن الطموحات لدى «أوسكار بيستوريوس» لاتقف عند حدود معينة، كما أنه لا يعرف الاستسلام أبدا. ويزعم أن تلك الثقة مصدرها والدته التى علمته كيف يؤمن ويثق بنفسه، فها هو قد خاض معارك شرسة من أجل بلوغ حلمه فى الاشتراك فى أوليمبياد لندن للأصحاء بعد أن شارك من قبل فى أوليمبياد المعاقين فى بكين لعام .2008
لم يكن بيستوريوس بالتأكيد أول شخص يستخدم الأطراف الاصطناعية التى تركب بالجزء الخلفى من تجويف الساق، والتى صممت لتحاكى خصائص الركض لدى الفهد، بل إنها استخدمت من قبل الرياضيين المعاقين منذ أواخر التسعينيات، لكنه أصبح اليوم الأسرع بفضل إرادته القوية التى مكنته من استغلال قدراته التى يقول إنها هبة من الله.
بيستوريوس إنسان لطيف، له شخصية قوية جدا. وفى غضون دقائق من الحديث معه تدرك لماذا أصبح ظاهرة رياضية، ويقول إنه يريد أن يكون كل شىء بوضعه الصحيح فى التدريب وفى المضمار من أجل إنتاج سباق مثالى. كما أنه يتوق لتحقيق الكمال، وهى الكلمة التى يكررها مرارا. ويقول: يمكنك أن تتقدم وتتطور مع أنك الحلقة الأضعف فى التدريب، أما إذا بخلت بالعطاء فإنك ستخسر. وبالنسبة لى إنها عقلية ونمط تفكير. فلو كان يجب أن أفعل شيئا، فلابد من القيام به بشكل صحيح.
بيستوريوس ولد فى ساندتون، جوهانسبرج، من عائلة من الطبقة المتوسطة: كانت والدته مستشارة فى مدرسة ببنما، أدار والده مختلف الأعمال التجارية، كان أوسكار طفلهما الثانى، بعد أخيه الأكبر وقبل أخته، ولد من دون عظمتى الشظية الفيبولا، وهما العظمتان الرفيعتان اللتان توازيان القصبة التيبيا بين الركبة والكعبين وقد نصح والداه بأنه يجب أن يتخلص من ساقيه قبل أن يكبر ويتعود على الحياة معهما، وفعلا أخضع لعملية بتر الساقين.
ونتيجة لذلك، أصبح بيستوريوس بدون ساقين قبل عيد ميلاده الأول، بحيث لا يتذكر أنه كان بساقين، وعندما يسترجع طفولته يتذكر أوقاتا سعيدة، فيها المرح والألعاب ولكن الكثير من الرياضة ويقول: حصلت على كأس المصارعة الرومانية عندما كنت فى السادسة، وأتذكر أننى مارست الملاكمة عندما كان عمرى حوالى 9 سنوات، ولم أشعر بأى قيود تكبلنى، علماً بأن كثيرا من الناس يعتقدون أن نجاحه فيما بعد يرجع جزء مهم منه إلى حقيقة تعوده على الأرجل الاصطناعية منذ سن مبكرة.
وكرس بيستوريوس نفسه لحياة المدرسة بعد وفاة والدته وتمتع بممارسة جميع الألعاب الرياضية المتاحة، ومن ثم نصح بممارسة الجرى ودخل فى سباقات المدرسة، وقطع المائة متر بـ 72,11 ثانية. وعندما بدأ والده برعايته فى هذا الوقت لاحظ أن ابنه الذى عمره 17 عاما كان رقمه أسرع من الرقم القياسى المسجل للمعاقين.
وتحدث والده لمدرب المدرسة، والذى أشار على بيستوريوس بالذهاب إلى ناد لألعاب القوى، وبعد ستة أشهر فقط من التدريب كعداء، فاز بذهبية أولمبياد أثينا فى سباق 200 متر، محطماً الرقم القياسى العالمى، لكن ذلك لم يكن كافياً. وأراد بيستوريوس الذى اعتاد منافسة العدائين الأصحاء مواصلة مشواره، وفى مارس 2005 فى بطولة جنوب أفريقيا، أحرز المركز السادس فى السباق النهائى لمسافة 400 متر. ومن ثم ذهب إلى الفوز بالميداليات الذهبية فى سباقات 100 و200 متر و400 متر فى أولمبياد المعاقين فى بكين لعام 2008 وكان أول عداء يحقق هذا الإنجاز. وفى العام الماضى فى كوريا الجنوبية، أصبح أول لاعب بارالمبى يفوز بميدالية الأصحاء - فضية - فى بطولة العالم لألعاب القوى.
ويركض بيستوريوس بأطراف صناعية مصنوعة من ألياف الكربون تعرف بقدم الفهود المرنة، وهى على شكل حرف «J» ورغم صعوبة السير بها - لعدم تحقيق التوازن - فإنه وجد أنه هذه الأطراف فعالة للغاية فى الركض. ويستخدم السيقان الصناعية البلاستيكية التقليدية للحياة اليومية. ويبدو أن السبب فى عمل الأطراف الصناعية بشكل جيد يعود لرشاقتها الكبيرة. ويلحق الطرفان بالجزء الخلفى من تجويف ساق العداء، ولقد تم تصميمها لتحاكى خصائص الركض لدى الفهد. وتعتبر استنساخا للطريقة التى تعمل بها ساق القط الخلفية، وهى الطريقة التى تمتد بها القدم وتصل إلى «مخلب الأرض» فى حين أن عضلات الفخد تسحب الجسم إلى الأمام. ويذكر أن أصحاب السيقان المبتورة يركضون بطريقة الفهود منذ أواخر التسعينيات، لذلك فإن بيستوريوس بالتأكيد لم يكن الأول، لكنه الأسرع.