الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

انهيار إمبراطورية داعش الإلكترونية

انهيار إمبراطورية داعش الإلكترونية
انهيار إمبراطورية داعش الإلكترونية


لا تزل الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابى لم تضع أوزارها بعد، فرغم الهزائم المتتالية التى تعرض لها التنظيم فى كل من العراق وسوريا، ورغم التكتيكات الجديدة التى اعتمدها الأمن الأمريكى والأوروبى والتى نجحت فى مواجهة الذئاب المنفردة بصورة كبيرة - فإن عناصره تبحث عن مناطق آمنة تتواجد فيها لضمان استمرار التنظيم الإرهابى فى المشهد العالمى حتى يقوم بترتيب صفوفه، ومن ثم الظهور بشكل أكثر قوة وخطورة ودموية.
خلايا داعش الإرهابية استهدفت أراض ومساحات لم تكن مطروقة من قبل منها البرازيل والتى لم تكن يومًا مأوى للتنظيمات الإرهابية على مدار تاريخها، وقد وعى الأمن البرازيلى لمخططات داعش باستهداف بلاده وقام بتوجيه ضربات استباقية كثيرة للتنظيم حيث ألقى القبض على عدد من الخلايا التى تشكلت هناك قبل أن تنفذ أى من العمليات الإرهابية المكلفة بها، وقد اعترف تنظيم داعش الإرهابى بهذا الأمر فى العدد قبل الماضى من مجلته الرسمية الأسبوعية النبأ عندما أكد على محاكمة مجموعة من عناصره فى البرازيل بتهمة تشكيل خلايا تابعة للتنظيم الإرهابى.
كوبا أيضا لم تغب عن الاستهداف الداعشى داخل قارة أمريكا الجنوبية ولكن ليس بنفس القوة، وقد أعلن الأمن الكوبى منذ أيام القبض على خلية داعشية خططت لتنفيذ تفجيرات تستهدف السفارة الأمريكية وتغتال مسئولين أمريكيين بكوبا، وقد اعترفت تلك الخلية بتلقى تعليمات من تنظيم داعش الإرهابى.
رغم التشديدات الأمنية الصارمة فإن أوروبا لم تخرج من حسابات داعش، وتعتمد استراتيجية التنظيم على التمركز فى بلدان قريبة من كبرى البلاد الأوروبية وكان الاختيار على ألبانيا التى شهدت انتشارًا داعشيًا كبيرًا وصل إلى حد دخول أفكار داعش إلى السجون هناك، حيث تم تجنيد الكثيرين من السجناء الجنائيين، وما يؤكد هذا الأمر قيام مواقع مقربة من داعش بنشر صورة مسربة من داخل أحد السجون الألبانية لأحد السجناء وهو يقرأ مجلة النبأ الداعشية بعد ترجمتها لللغة الألبانية.
ومن أوروبا وأمريكا الجنوبية إلى آسيا حيث يسعى التنظيم الإرهابى لتأسيس نواة جديدة فى تركستان بهدف استهداف الصين بالعمليات الإرهابية، ويعتمد داعش فى تشكيل هذه الخلية على الاضطهاد الذى يعانيه المسلمون التركستان من الحكومة الصينية، كما يملك داعش فروعًا كثيرة فى آسيا أهمها ولايته التى أطلقها باسم «خراسان» داخل أفغانستان، هذا بجانب ولايته الأخرى فى ماراوى بالفلبين.
■ انهيار الخلافة الإلكترونية
وإذا كانت هزائم التنظيم على الأرض تتوالى فإن خلافته المزعومة فى الفضاء الإلكترونى أيضًا تتهاوى بشكل كبير، إذ استهدفت الوحدات الرقمية فى أجهزة الاستخبارات الأوروبية والكندية والأمريكية، مواقع التنظيم على الإنترنت بما فى ذلك وكالة أخبار «أعماق»، التى يُنظر إليها على أنها الناطق الرسمى باسم التنظيم. وقد نسقت يوروبول «ضربة متزامنة» لوسائل إعلام التنظيم واستولت على الأدلة والخوادم الرقمية لها، وأصبح من السهل الآن تحديد هوية عناصر التنظيم.
المتحدث باسم التحالف الدولى لمحاربة داعش كشف أن إنتاج «داعش» من المواد الدعائية تراجع إلى أدنى مستوياته خلال 6 أشهر، وانخفض بنسبة 75 % مقارنة بمتوسط إنتاجه الشهرى فى 2016.
فريق «بى بى سى مونيتورنج»، وهو أحد فرق الرَّصد والتحليل لوسائل الإعلام العامة البريطانية، أفاد بأن الإنتاج الإعلامى لداعش الآن ليس سوى طيفٍ لما سبق إنتاجه، فالتنظيم كان ينتج يوميًّا، قبل خسارة مدينة معاقله فى سوريا والعراق، (29) محتوى، أما الآن فلا يتعدى (10) منتجات.
وانخفض عدد الفيديوهات التى بثتها وكالة أعماق من (52) فيديو إلى (11) فيديو، كما انخفضت أيضًا أعداد البيانات الصادرة عن التنظيم من (138) إلى (52)، وكذلك الأمر بالنسبة لعدد الصور التى انخفضت من (175) إلى (81) صورة. وتشير المعطيات إلى أن 53% من المواد الدعائية التى أنتجها «داعش» فى عام 2015، ركزت على صور «للحياة الرغيدة» فى المناطق التى يسيطر عليها، مقابل 39 % دعت إلى الانضمام لـ«داعش» من أجل القتال، إلا أن هذه الصورة تغيرت عام 2017، حيث تناولت 80 % من أعمالهم الدعائية مسائل تحث على القتال فى صفوفه، مقابل 14 % اكتفت بتقديم صورة جميلة للعيش فى المناطق التى يسيطر عليها.
وفى دراسة أجريت لصالح جامعة كينجز كولدج فى لندن صادرة فى 10 يناير 2018 يقول الباحث «تشارلى وينتر»، إنه فى عام 2015 عندما كان يخضع لإمرة التنظيم حوالى (7 ملايين) شخص فى العراق وسوريا، أصدر دعائيو التنظيم «محتوى من 38 مكتبًا إعلاميًا مختلفًا من غرب أفريقيا إلى أفغانستان، بينما فى ديسمبر 2017 كان أكثر من (75 %) هذه المكاتب تقريباً فى حالة سيئة».
تراجع داعش وانحسارها إلكترونيًا يعد نقطة انطلاق لوضع استراتيجية مضادة لدعاية التنظيم حول العالم.. مراكز وحملات عربية، عملت على مواجهة داعش عبر صفحات التواصل الاجتماعى بهدف حدث الشباب والفتيات والأطفال حتى لا يكونوا فريسة لذلك التنظيم الذى استخدم صفحات التواصل الاجتماعى كأداة تجنيد شباب والفتيات والأطفال.
■ «صواب» يحذر تجنيد الأطفال
منذ انطلاق مركز «صواب» فى يوليو 2015 كمبادرة إماراتية – أمريكية للتصدى لأنشطة «داعش» على الإنترنت وهو يعمل على تشجيع الحكومات والمجتمعات والأفراد على المشاركة بفاعلية للتصدى للتطرف عبر الإنترنت، خلال يونيو الحالى دشن المركز حملة جديدة شعارها «عن _ أب» تتزامن مع الاحتفال بيوم الأب وتركز على أهمية الآباء كنماذج يحتذى بها فى نشر القيم الإيجابية.
ركز «صواب» على التوعية بكيفية حماية الأطفال من أكاذيب التنظيم الإرهابى وقدم 6 خطوات لذلك من أهمها: مراقبة سلوك الابن وأفكاره عن طريق الحوار اليومى وتقديم القدوة الصالحة، والمساعدة على فهم الفرق بين التعاليم الدينية الصحيحة والفهم المغلوط.
أطلق «صواب»، فى مارس الماضى،  حملة عبر هاشتاج «لها نغرد» باللغتين العربية والإنجليزية، بعد أن رصد مراكز أساليب الخداع التى يتبعها التنظيم باستدراج الفتيات عبر مواقع الزواج، إذ أن «داعش» يعِد الفتيات الملتحقات به من جميع الجنسيات بالزواج وبناء حياة جديدة، وينتهى بهن الأمر إلى إنهاء حياتهن أو قتلهن على يد أتباع الضلال.
■ حملة السكينة
حملة «سكينة» هى حملة إلكترونية تطوّعية مستقلة انطلقت فى المملكة العربية السعودية وأسهمت فى تصحيح أفكار 1.500 من أصل 3.250 تمت محاورتهم، (50 %) منهم فى منطقة الخليج و(30 % من الدول العربية المجاورة) و(20 %) من أوروبا وأمريكا، و(40 %) من المتراجعين تراجعوا تراجعًا تامًا عن كل أو أغلب الأفكار المنحرفة المتطرف، و(60 %) تراجعوا عن أخطر الأفكار الإرهابية وأكثرها ضررًا، وجميع الحوارات والمراجعات موثقة ضمن مشروع (وثائقى السكينة) لفائدة الباحثين والمختصين، مع ملاحظة اختلاف نسبة التصحيح والتراجع لدى المُستهدفين.
من جانبه اعتبر دكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة المراكز والحملات العربية المناهضة للأفكار المتطرفة بمثابة رأس الحربة لكشف أساليب التجنيد أو نشر الأفكار المتطرفة.
وأضاف علم الدين إن تحركات الدول العربية لمناهضة الفكر المتطرفة تنظيمات الإرهابية أخذت أبعادًا متطورة من خلال تأسيس ثلاثة مراكز بالمنطقة وهي مركز صواب الإماراتى الأمريكى والمركز الدولى لمكافحة الإرهاب السعودى،  ومركز الأزهر لمكافحة التطرف، التابع للمشيخة الأزهر والذى يعمل على متابعة لكل دعاية تنظيم داعش، والتصدى لها من خلال نشر المفهوم الصحيح للدين، وقد أخذ مركر الأزهر، اهتمامًا عالميًا واسعًا ،حيث تأتى وفود دولية ورسمية، للاستفادة من خطة مشيخة الأزهر لمناهضة الأفكار المتطرفة.
وطالب علم الدين بوجود تعاون وتبادل معلومات وخبرات بين الثلاثة مراكز العربية، وتأسيس فروع للمراكز الثلاثة فى باقى الدول حول العالم.
وقال أحمد بان الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية: إن المراكز العربية استطاعت أن تلعب دورًا بارزًا فى مناهضة الأفكار المتطرفة عبر صفحات التواصل الاجتماعى،  من خلال والرد على تلك الأكاذيب والادعاءات التى لا علاقة لها بصحيح الإسلام.
ويشير «بان» إلى أن القضاء على الفكر المتطرف من جذوره لا يكون إلا بالعمل الفورى على تجديد الخطب الدينى، بالإضافة لدور كل من مصر والمملكة السعودية، وتصحيح المناهج التعليمية بالمؤسسات الدينية، على أن يتم إنتاج فقه يناسب العصر وقطع الطريق على مدونات الفقه القديمة التى تستمد منها تلك الجماعات الإرهابية، الأفكار المتطرفة.