الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

..ويسألونك عن الفتوي ..قل: صاحبها غايب!

..ويسألونك عن الفتوي ..قل: صاحبها غايب!
..ويسألونك عن الفتوي ..قل: صاحبها غايب!


ربما كان من الجيد ــ قطعا ــ أن تتحرك «دار الإفتاء» المصرية؛ للحد من فوضى الفتاوى!.. أعلنت «الدار» فى وقت سابق أن بابها مفتوح 24 ساعة (ماعدا الجمعة)؛ لتلقى طلبات الفتوى، حتى لا يختلف الناس فى أمر دينهم!
الإعلان شىء، والواقع شىء آخر.. إذ ظلت المئات من طلبات الفتوى طوال 30 يوما (هى مدة شهر رمضان الكريم) مُعلقة من دون إجابة على الصفحة الخاصة بالدار على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»!
فضلا عن أنّ العديد من الفتاوى أثارت بدورها حالة من الجدل الساخن بين رواد الصفحة (يتابعها نحو 7 ملايين شخص).. وباتت الصفحة (التى من المفترض أنها تسيطر على فوضى الفتاوى) منبرًا جديدًا ـ فى كثير من الأحيان ـ لمزيد من الفوضى.. وهو ما استغله البعض لإثارة مزيد من الحيرة أمام رواد الصفحة.. وكان من أبرز تلك الأزمات:
>بخاخة الربو
«بخاخة الربو تفطر».. من الفتاوى التى أثارت جدلا كبيرا عبر صفحة دار الإفتاء على فيس بوك، بعدما كانت سابقا لا تفطر بفتوى عدد كبير من رجال الدين، وهو ما دفع إحدى متابعات الصفحة للتساؤل، قائلة: «دى بخاخة مختصة بالجهاز التنفسى، اسمها استنشاق بيدخل على مجرى التنفس مالوش علاقة بالمعدة ولا بيتبلع يبقى بتفطر إزاى؟ كبير الواحد أنه يتغرغر بشوية ميه، أنا واحدة باستعملها من أكتر من 30 سنة وعمر ماحد قال بتفطر».
ورد الكثيرون على ما ذكرته دار الإفتاء بأن البخاخة لا تفطر لأنها عبارة عن بخار لا ينزل للمعدة يتبخر فقط، مطالبين المسئولين عن الإفتاء بالتأكد من الفتوى قبل نشرها، وقال آخر: «شيوخ المسجد الحرام أفتوا بأنها لا تفطر برجاء مراجعة البوست على صفحتكم الموجهة للناس»، واستطرد متابعًا بأنه «يوجد تفسير للشيخ محمد متولى الشعراوى أن البخاخة لا تفطر وهو كان يستخدمها ولا أعتقد أن عالمًا بحجم الشيخ الشعراوى كان سيغامر بصومه وأنه تيقن تماما أنها لا تفطر» .
ونصح آخر المواطنين الذين وجهوا تساؤلاتهم لدار الإفتاء ولم يجدوا لها مجيبا بالتوجه إلى أحد المشايخ الثقة على حد وصفه قائلا: « ياجماعة ادخلوا على أى شيخ ثقة فى الفتوى على صفحته الرسمية ونسأل الله التوفيق للجميع»، رغم أن دار الإفتاء أنشات هذه الصفحة لمواجهة فوضى الفتاوى، وحتى لا يلجأ الناس لغير المتخصصين أو المتشددين.
بعض المترددين على الصفحة وضعوا تفسيرًا للفتوى بعيداً عن دار الإفتاء التى لم ترد على متابعيها، وقال أحد المتابعين – يدعى أنه رجل دين- : «بخاخة الربو آلةٌ يستخدمها مريضُ الربو بها دواءٌ سائلٌ مصحوبٌ بهواءٍ مضغوطٍ بغازٍ خامِلٍ يَدفَعُ الدواءَ مِن خلالِ جرعاتٍ هوائيةٍ يَجْذِبُهَا المريضُ عن طريق الفَمِ، فيَعْمَلُ كَمُوَسِّعٍ قَصَبِيٍّ تَعُودُ معه عمليةُ التنفسِ لِحالِها الطَّبَيعِيِّ، فاستعمالُها يُفسِدُ الصوم؛ لأنَّ السائلَ الذى على هيئةِ رَزازله جِرْمٌ مُؤَثِّرٌ إلى الجوف عن طريق مَنفَذٍ مُنْفَتِحٍ وهو الفَمُ، وليس صحيحًا ما يُقال مِن إنها مُجَرَّدُ هواءٍ؛ وإلَّا لَم تَكُن علاجًا أو ذات تأثيرٍ على الجسم؛ فإنَّ الهواءَ المُجَرَّدَ يَتَنَفَّسُهُ المريضُ وغيرُه، وعلى ذلك: فلِلمريض الذى لا يَستَغنِى عن استعمال البَخَّاخَةِ فى أثناء الصوم أنْ يُفْطِرَ شرعًا، بل إذا كان يَخشَى على نَفْسِهِ الهلاكَ إنْ لَم يَستخدمها طوال النهار، فإنَّ الفِطرَ واجبٌ عليه حتى لو طال ذلك أو اسْتَدَامَ معه، فإذا بَرِئَ مِن مَرَضِهِ وقدر على الصيام وَجَبَ عليه القضاء.
>قطرة العين
 ما حدث مع «بخاخة الربو»، حدث أيضا حول «قطرة العين» تفطر أولا تفطر، بعد أن رأت دار الإفتاء أنها لا تفطر، حيث قال المترددون على الصفحة : «خرجت العديد من الفتاوى التى تؤكد أنها تفطر يا جماعة.. متفطرش لو منزلتش الجوف ودا مبيحصلش أصلا دايما بتنزل»، وأجمع المترددون أن القطرة تفطر لأنها تنزل فى الجوف، وأنها من قبل وضعت بين المفطرات فى شهر رمضان، وطرحت التساؤلات لتفسير الأمر حتى الآن دون ردود من المسئولين عن دار الإفتاء.
>المكياج لا يفطر
واعترض متابعو الصفحة على فتوى «المكياج لا يفطر» ووجهت الإشارات للشيوخ للرد على الأمر، بعد تجاهل دار الإفتاء، حيث قال الشيخ على أحمد على أحد المترددين على الصفحة أن «هناك مصطلحات فقهية لا بد من التفريق بينها، فهناك فرق بين الصحيح والحرام والجائز والمباح  فقد يصلى المسلم صلاة صحيحة لكنها حرام كالإنسان الذى يصلى فى الثوب المسروق والمسجد المغصوب، وهكذا الصيام قد يكون صحيحا لكنه حرام كصيام الإنسان الذى تسحر بطعام مسروق أو أفطر عليه، ومعنى كونه صحيحا أى لا إعادة عليه لكن لا ثواب له فلا يعاقب على تركه للصيام وإنما يعاقب على ما ارتكبه من محرم  وكذلك الحال فى كل عبادة».
وأضاف: «أما بالنسبة للمكياج ، فالقاعدة كل مائع أو جامد يصل إلى المعدة من منفذ مفتوح فهو مفسد للصيام وكل مائع يصل للحلق مفسد ولو لم يصل للمعدة إن تعاطاه فى نهار رمضان ، وعلى ذلك فإن كان المكياج يصل شىء منه إلى الحلق فهو مفسد للصيام.
وإن لم يكن كذلك فالصيام صحيح ، أما كون المكياج تخرج به المرأة للشارع أو فى بيتها فهذا أمر آخر لا علاقة له بفساد الصيام أو صحته.. فالمكياج إن خرجت  المرأة به أمام الناس فهو محرم بلا شك وصيامها صحيح مع الحرمة شأنها شأن من صلى فى أرض مغصوبة ومن تسحر بطعام مسروق».
وأكد قائلا: «يا جماعة هناك فرق بين إن دى حاجة حرام وبين أنها تفطر، يعنى مثلا اللى مش بيصلى وصايم....صيامه صحيح لكن أكيد ربنا هيحاسبه على الصلاة،  اللى بتحط مكياج على فكرة هى ممكن تحط فى البيت ودا مش حرام ومش مفطر...ولو حطت بره حرام لكن مش مفطر.. لأنه مش متعلق بالصيام، دا متعلق بحكم تزيين المرأة، سبحان الله ربنا رحيم بالعباد فالعبادة التى تعملها صح كاملة لا يفسدها ذنب آخر، لكن المفروض قدر المستطاع نبعد عن كل المعاصى فى أيام رمضان عسى الله يهدينا بعده».
كما تدخل عدد من المتشددين للتعليق على استفسارات المكياج، مؤكدين بأن المكياج حرام شرعا، حيث قال أحدهم: «تصلى على النبى كدا مكياج أى اللى مبيفطرش دا ربنا لعن المرأه المتبرجة».
>تقبيل الزوجة
 أثار الحديث عن «تقبيل الزوجة» ضمن إرشادات «لا يفطر» الجدل على صفحة دار الإفتاء فيس بوك، حيث جاءت التعليقات منها ما ذكره أحد المواطنين قائلا: «الكلام ده إزاى دار الافتاء تقوله وتسيب الناس تتخيل، فيه حاجة اسمها الفتوى تطابق الواقع يا مشايخ، يعنى لو الزوجان كبار فى السن أكيد القبلة لاتفطر لأن الشهوة تقريبا مش موجودة أما إذا كانوا شبابا فتفطر طبعا، أما بقى بشهوة أو من غير فمش هى دى القضية لأن الشهوة دى مش ممكن احنا نتحكم فيها ده حاجة بتيجى كده والله أعلم».
ورد عليه آخر «تقبيل الزوجة بغير شهوة لا يفطر لكن بشهوة يفطر»، وأضاف ثالث: «يا جماعة التقبيل قبلة عادية زى اللى بيرضى حد أو لسه شايف حد مش مصحوبة بأى فكر تانى خالص انتو لازم تفهموا زى ما عايزين.. تقبيل جبين مثلا بمعنى الرحمة والمودة بين الزوجين وهذا لا يفطر... إنما من لا يستطيع أن يملك نفسه ويقف أمام شهواته يبقى يقصر الشر أحسن وأعتقد أن هذا المقصود».
>الإفتاء ترفض الرد
«روزاليوسف» حاولت الحصول على رد من المختصين وأساتذة الفقه حول تفسير الفتوى وتغيير مسارها السابق البعض منها كان مفطرا أصبح غير مفطر والعكس، وكان التواصل الأول بالشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء، الذى طلب إرسال الأسئلة الخاصة بالفتاوى التى أثارت الجدل، وكانت الأسئلة حول بخاخة الربو والجدل حول أنها تفطر رغم أنها هواء أكسجين وكانت السنوات الماضية لا تفطر وهذا تسبب فى حالة من التخبط بين الناس بعد الفتوى بأنها من المفطرات  رجاء التوضيح؟، وفتوى تقبيل الزوجة.. هناك آراء علماء قالت إنه لابد من شرط أن تكون القبلة ليست بها شهوة فهل هذا صحيح وإذا كان صحيحا لماذا لم توضح عند بثها على أمام الناس على دار الافتاء؟، وماذا عن فتوى قطرة العين أنها لا تفطر والبعض يشعر بها فى حلقه وكانت هناك فتاوى تؤكد أنها تفطر؟، وفتوى المكياج ولماذا لا يتم تفسيرها والرد على زوار الصفحة على الفيس بوك؟
الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء اعتذر عن عدم الرد على الأسئلة، قائلا: «أتمنى لكم التوفيق»، وبسؤاله عن من نلجأ وهم أهل الرد لم يرد الشيخ المختص، ولم يبرر سبب عدم الرد.
تواصلنا مع الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الذى رفض تماماً الرد على تفسير الفتوى مطالباً دار الافتاء بالرد على ما يخصها حتى لا يتعرض لمشكلة معهم بسبب الرد وتفسير ما أعلنوه، وهو نفس الشىء الذى أكدته الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، قائلة: «أسالوا أهل الفقة، فدار الافتاء ترفض دخول أحد العزبة الخاصة بها والحديث عنهم فى تفسير مثل تلك الفتاوى حتى وإن كنا نعلمها، هم لا يردون على أحد ويرفضون الرد على الناس لذلك نبتعد عن الاشتباك معهم فيما يتحدثون فيه».!>