السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ننفرد بالتفاصيل: قائمة المشروعات المشتركة بين القاهرة والخرطوم

ننفرد بالتفاصيل: قائمة المشروعات المشتركة بين القاهرة والخرطوم
ننفرد بالتفاصيل: قائمة المشروعات المشتركة بين القاهرة والخرطوم


لا صداقة دائمة ولا عداء دائم، وإنما هناك «مصالح مشتركة»، هكذا تقضى قواعد اللعبة السياسية، التى تدركها القاهرة جيدًا عند تعاملها مع ملفات العلاقات الخارجية، وعندما يتعلق الأمر بالعلاقة مع السودان يصبح البحث عن المصلحة المشتركة أكثر إلزاما، ليس من باب العلاقات التاريخية بين البلدين فحسب وإنما لضرورات الأمن القومى.

مرت العلاقة بين القاهرة والخرطوم خلال الشهرين الماضيين بحالة من التوتر بسبب المحاولات التركية والقطرية لتعكير صفو هذه العلاقة، غير أن القاهرة سرعان ما أنهت التوتر وأزالت اللبس الحاصل، ومثل مجيء الرئيس السودانى عمر البشير لمصر فى أول زيارة له منذ أكتوبر 2016 دفعة للعلاقات الثنائية بين البلدين والتى من المتوقع أن تشهد زخما إيجابيا خلال الفترة المقبلة.
قمة السيسى - البشير، جاءت فى وقت دقيق بالنسبة للطرفين، فقد سبقت الانتخابات الرئاسية المصرية وأعقبت ظروفا اقتصادية صعبة يمر بها السودان.
شهدت القمة اتفاقا على عدد من المشروعات الكبرى بين البلدين فى مجالات الربط الكهربائى، والسكك الحديدية، والربط النهرى، والبحرى، إلى جانب تفعيل آليات الثقافة والشباب والرياضة بين البلدين، كما تطرقت المباحثات بين الرئيسين إلى سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية وتعظيم التعاون فى مجالات الزراعة والإنتاج الحيوانى والنقل والبنية التحتية، فضلًا عن إقامة مشروعات حيوية بين البلدين تندرج تحت مفهوم الشراكة الإستراتيجية بينهما.
مصادر دبلوماسية كشفت لروزاليوسف عن خريطة المشروعات التى تم الحديث بشأنها خلال الزيارة، وفى مقدمتها الإسراع فى تنفيذ مشروع الربط الكهربائى وهو من أهم وأكبر المشروعات الواعدة بين الدولتين ولن يكون مقصورا على مصر والسودان فقط وإنما سيمتد بطبيعة الحال إلى باقى دول حوض النيل، ويركز الرئيس السيسى على المشروع باعتباره مقدمة لمشروعات الربط الكهربائى الإفريقى الشامل.
هناك تفاهمات بشأن إنشاء خط سكك حديدية وطرق برية بين البلدين، ويأتى مشروع إنشاء خط سكك حديدية مع مشروع الربط الكهربائى ضمن المشروعات الحيوية التى تندرج تحت مفهوم الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وسوف تعمل تلك المشروعات على تشجيع إقامة مشروعات جديدة فى دول حوض النيل.
النوع الثالث من المشروعات التى تم الاتفاق عليها خلال القمة واجتماعات الوزراء المعنيين تشمل تعاونا بريا لوجيستيا وخطوط نقل واتصالات ونظما إقليمية بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأن هذه المشروعات لن تقتصر على وسائل النقل التقليدى ولكن سيكون هناك تنسيق إقليمى على أعلى مستوى بين الدول الثلاث لتبادل المعلومات والتعاون الاقتصادى.
وبخلاف تلك المشروعات الرئيسية لفتت المصادر إلى أن هناك مشروعات أخرى تضم دول حوض النيل الأخرى فى نطاق التوزيع الإقليمى، مؤكدة على أن أغلبية هذه المشروعات تم طرحها فى فترات سابقة فى إطار ما يسمى بمبادرة حوض النيل والتى تهدف إلى بناء الثقة وتتصل بمشروعات ذات منافع مشتركة وتشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائى بالإضافة إلى تطوير الإدارة المبكرة للفيضانات والجفاف، حيث كانت مصر والسودان ركيزة هذا التعاون.
وأضافت المصادر أن المشروعات التى تم التأكيد على تفعيلها بين القاهرة والخرطوم كالربط البرى والبحرى والكهربائى هى مشروعات مدروسة، وتم إعداد دراسات جدوى لها، وبالإضافة إلى المشروعات الثنائية هناك مشروعات فى مجالات أخرى كالتعاون البيئى مثل مواجهة الأخطار فى البيئة الإفريقية ومشروعات لمواجهة التصحر والجفاف، إلى جانب الاتفاق على إقامة مراكز لدراسة الأزمات المشتركة مثل أزمة سد النهضة بمعنى أنه عندما تحدث أزمة فى المجتمع الأفريقى تتدخل الدول لمعالجتها والتعاون فى حلها.
وتستعرض روزاليوسف تفاصيل المشروعات التى تم الاتفاق عليها بين الرئيسين المصرى والسودانى والتى تمثل خريطة طريق جديدة، تحمى العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة والخرطوم.
مشروعات الربط الكهربائى
كانت فكرة مشروع الربط الكهربائى قائمة خلال فترة السبعينيات من القرن الماضى، ثم فى مرحلة «ميثاق الإخاء» ضمن مشاريع ما يسمى بـ«الإندوجو» والتى تعنى «الإخاء» حيث‏ دعت مصر فى عام 1983 لتكوين منظمة الإندوجو‏ «‏الإخاء‏»‏ لكى تضم دول حوض النيل فى تكوين يهدف للتعاون السياسي‏‏ والاقتصادي‏ والاجتماعى والثقافى ويعد المشروع بمثابة إحياء للفكرة القديمة.
يأتى المشروع ضمن المشروعات الحيوية التى تندرج تحت مفهوم الشراكة الإستراتيجية بين القاهرة والخرطوم ويعمل على تشجيع إقامة مشروعات جديدة فى دول حوض النيل، بل سيسهم فى انتظام عدد من المشروعات التنموية فى تلك المنطقة.
ويسهم المشروع فى تأمين الطاقة فى ظل تنامى الطلب المتزايد على الكهرباء حيث من المتوقع أن يحقق الربط مع السودان تبادل قدرات إنتاجية تقدر بأكثر  من 1500 ميجاوات، ويساعد بشكل كبير فى تواصل مشروعات التنمية ويحقق عائدات مالية كبيرة للجانبين.
يصب المشروع فى خدمة اتجاه الحكومة المصرية لجعل مصر مركزًا محوريًا للربط الكهربائى بين ثلاث قارات من خلال الاتفاقيات بمشاريع الربط الكهربائى الإقليمى، ومنها مشروع الربط الكهربائى مع المملكة السعودية ومنها مع الأردن شرقًا بقدرة 450 ميجا وات وإلى سوريا والعراق ثم الاتجاه للربط الكهربائى جنوبًا إلى القارة الإفريقية للاستفادة من الإمكانات الهائلة للطاقة المائية فى أفريقيا، وذلك بعد فترة وجيزة من توقيع مذكرة تفاهم للربط الكهربائى شمالًا مع قبرص واليونان فى قارة أوروبا، من خلال كابل بحرى بقدرة 2000 ميجا وات كى تكون بوابة إلى أوروبا.
وبالفعل قامت الحكومة بدراسة تفعيل مشروع الربط الكهربائى مع كل من السودان وإثيوبيا، عبر مد خطوط ربط من 4 دوائر كهربائية على جهد 500 كيلوفولت وبطول 1600 كيلومتر.
وبعد وضع وزارة الكهرباء المصرية دراسة تتضمن التكلفة الإجمالية للمشروع قبل عرضه على الجهات والمؤسسات التمويلية وطرح ثلاث شركات مصرية اقتراحات بتدشين محطات طاقة جديدة ومتجددة لدعم الشراكة الاقتصادية بين مصر والسودان وإثيوبيا، توقف المشروع لفترة بسبب التوتر الذى شهدته العلاقات المصرية مع كل من إثيوبيا والسودان، إلا أنه وفى إطار الانفراجة التى تشهدها العلاقات مع كلا البلدين تم الاتفاق على تفعيل المشروع.
مشروعات الرى والنقل
خلصت الاجتماعات الأخيرة بين وزراء الرى إلى تنسيق مصرى سودانى لتنفيذ مشروعات مياه بالسودان، إلى جانب المشروعات الخدمية التى ينفذها الرى المصرى بمنطقة الشجرة بالخرطوم لخدمة المواطن السودانى، ومساهمة مصر فى مشروع «زيرو عطش» بحفر الآبار الجوفية والسدود الترابية الصغيرة ووضع برامج لمقاومة الحشائش فى بحيرة «خزان جبل الأولياء».. تم الاتفاق على استكمال مشروعات التكامل المصرى السودانى بولاية النيل الأزرق وتطهير مداخل الطلمبات بالنيل الأزرق والنيل الرئيسى مع الاتفاق على توفير القاهرة للكوادر الفنية المصرية القادرة على التعاون مع الجانب السودانى فى تلك المشروعات.
والاتفاق أيضا على دعم وتطوير الأبحاث العلمية التى تساعد على تطوير وتنمية عملية إدارة الموارد المائية للبلدين، خاصة وأن هناك ما يزيد على 1600 مليار متر مكعب تصل مياه النيل كل عام، لا يصل لدولتى المصب «مصر والسودان» منها سوى 84 مليار متر مكعب، أى ما يعادل 5%، فى حين أن الـ95 % الباقية، إما تستخدم فى باقى دول الحوض، وإما تضيع أجزاء كبيرة منها فى عمليات البخر.
مشروعات الربط النهرى
كان تنشيط هيئة وادى النيل للملاحة النهرية من ضمن البنود الـ 11 للاجتماع الرباعى الذى عقد بالقاهرة بين وزراء خارجية ومخابرات البلدين، ولذلك تم الاتفاق بين وزيرى النقل الدكتور هشام عرفات ونظيره السودانى مكاوى محمد عوض مؤخرا، على خطة لتشغيل الهيئة ومقترحات لتطويرها، بما يشمل تحديث وتطوير أسطول النقل النهرى للهيئة «الركاب البضائع وغيرهما».
وتضمنت الاجتماعات الأخيرة أفكارا مقترحة بعرض الفرص المتاحة للاستثمار بهيئة وادى النيل للملاحة النهرية، ودعوة المستثمرين للاستثمار فى مشروعات النقل النهرى الدولى لدعم الاقتصاد الوطنى لكل من مصر والسودان من خلال تطوير منظومة النقل النهرى.
الجدير بالذكر أن هيئة وادى النيل للملاحة النهرية، هيئة مصرية سودانية مشتركة أنشئت عام ١٩٧٥ تعمل فى مجال النقل النهرى الدولى ببحيرة ناصر والنوبة، وتمتلك باخرتين إضافة إلى 22 وحدة نهرية، تساهم فى نقل ما يزيد على 600 راكب فى الرحلة الواحدة بين مصر والسودان، ونقلت خلال الفترة الماضية 200 ألف رأس ماشية من السودان إلى مصر، بالإضافة للركاب والبضائع.
مشروع الربط البرى
بالتوازى مع ميناء آرقين البرى على الحدود المصرية السودانية، والذى افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يناير 2017 لزيادة حركة التبادل التجارى بين مصر والسودان والدول الأفريقية، تسعى وزارة النقل لتنفيذ مشروع إنشاء خط سكة حديد بضائع وركاب يربط خط السكة الحديد المصرى بالخط السودانى، وقد تم عرض فكرة المشروع على بنك ABRD البريطانى لعمل دراسة جدوى اقتصادية كاملة مدققة للمشروع، ويتضمن المشروع إنشاء خط سكة حديد يمتد من مدينة السادس من أكتوبر إلى حدود السودان بسرعة 300 كيلو متر فى الساعة.
ومن المقرر أن يتقابل خط السكة الحديد مع الخط العرضى من العين السخنة إلى برج العرب، ليتقاطعا فى مدينة 6 أكتوبر بمحطة تبادلية من الصحراء الغربية حتى حدود السودان والخرطوم وأديس أبابا.
وتم البدء مع البنك الأوروبى لتمويل دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا الخط، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة خط السكك الحديدية الذى سيمر فى الأراضى المصرية من 6 أكتوبر وحتى حدود السودان ما بين 6 و7 مليارات دولار.
وأشارت المصادر إلى أن المشروع سيمتد لأقصى الجنوب، ليشمل دولا أخرى فمن مصر والسودان إلى أقصى دولة جنوب السودان مرورا بدول أخرى فى منطقة حوض النيل مثل كينيا وأوغندا وغيرهما. 