الأربعاء 21 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

خيانة.. تحرش.. وامرأة مهزومة

خيانة.. تحرش.. وامرأة مهزومة
خيانة.. تحرش.. وامرأة مهزومة


يُعرض حاليًا مسلسل «أنا شهيرة» و«أنا الخائن» المأخوذ عن روايتين للكاتبة «نور عبدالمجيد» بنفس الاسم، و«نور» قامت بكتابة السيناريو والحوار للمرَّة الأولي– بعد ذيوع روايتها «أريد رجلًا» التي تحولت لمسلسل هي الأخري - لتقع أحداث المُسلسلين الجديدين في 60 حلقة.. وهُنا نستعرض للجُمهور أهم ما في أحداث الروايتين، والتى سنرى الكثير منهما في الحلقات القادمة.

>الجُزء الأول: «أنا شهيرة»
كما تعرفنا في الحلقات السابقة علي«شهيرة مدحت/ ياسمين رئيس»، الطالبة بكلية الصيدلة، وحيدة أبويها، وعائلتها التي تحلم باليوم الذي تتخرج فيه في الجامعة لإنشاء صيدلية خاصة، يعمل بها والدها «مدحت»، بعد تقاعده من مهنة التدريس، وتكون تلك الصيدلية أيضًا بمثابة «العوض» للأم «راوية»، والتي كانت ضحية سرقة ميراثها علي يد شقيقها.
ينقلب حال الأسرة الصغيرة عندما تقابل «شهيرة» – بالصُدفة البحتة - رجل الأعمال الوسيم «رؤوف عبدالجواد/ أحمد فهمى» - رئيس قسم الجودة بمصنع «الأحرار للأدوية»- وابن المليونير «توفيق / خالد زكي»، وتبدأ قصة حب في غاية الرومانسية بين «شهيرة» البسيطة  وابن المليونير «رؤوف».
يرفض المليونير «توفيق» هذه العلاقة غير المتكافئة اجتماعيّا واقتصاديّا، لكن الحب كان أقوى، فتتزوج «شهيرة» من «رؤوف»، ومن هنا تبدأ رحلة «شهيرة» مع عالم الطبقة الأرستقراطية، التي تخبئ بين أروقة قُصورها الكثير من الأسرار والزيف والكراهية.
«رؤوف» لا يترك حبيبته «شهيرة»، ويكون سندها أمام جبروت والده، واستهتار شقيقه «طاهر»، حتي اللحظة المشئومة التي يتحول فيها «رؤوف» من «الزوج الحبيب»إلي «العدو الخائن»!
في رواية «أنا شهيرة» تستهل الكاتبة «نور عبدالمجيد» بإهداء، ثم تساؤل: هل حقّا المعاني السامية لا تُقابل إلا بالجُحود والنكران؟.. هل يُعاقب كل من أحب وتفاني في صدقه وأغدق بالحنان علي محبوبه؟!.
أيضًا في الجزء الأول من المسلسل استعراض للعديد من قضايا المرأة العربية في مجتمعنا اليوم، مثل التفرقة بين الرجل والمرأة في قوانين الميراث، والسماح للرجل بنهب حقوق المرأة المادية بحجة العادات والتقاليد.
يتعرض المسلسل أيضًا إلي «التحرش»، فالمجتمع يغض الطرف عن التحرش اللفظي والبدني في قاعات الجامعة، والقبول به كأمر طبيعي!.. أيضًا يتعرض للازدواجية في التعامل مع الخيانة الزوجية كتُراث متأصل في المُجتمع الشرقى، فمأساة «شهيرة» أنها وُلِدتَ في مجتمع ذكورى، يُبرر للرجل الخيانة، بينما تُنصب للمرأة المشنقة إذا ما ارتكبت الفعل نفسه!.
>الجُزء الثانى: «أنا الخائن»
يحكي «رؤوف» قصته مُنذ صغرهِ، ومُعاناتهِ من سيطرة والده المليونير قاسي القلب، وقصة حبه الأول التي باءت بالفشل، حتي لقائه بـ«شهيرة»، وكيف توالت الأحداث سريعًا للوصول إلي محطة «الخيانة»، حيث الخسارة والندم هما نهاية المطاف لكل أطراف الحكاية.
نري أيضًا «توفيق» و«منصور» و«طاهر» – والد وجد وشقيق «رؤوف» –وكلُُ اكتوى بنار الخيانة من أقرب النساء، كما نتفاعل مع وِحدة «مدحت» – والد «شهيرة» - بعد وفاة زوجته «راوية»، ونتعرف علي «زِياد» - زميل «شهيرة»  في الصيدلية - الذي يكتم حبه لها بداخله، ثم يتزوج من «عزة»، التي تصبح لاحقًا صديقة «شهيرة» المُقرَّبة، وتشكو لها برود «زياد» تجاهها .
يتميز  «أنا الخائن» بالإسهاب في تفاصيل نشأة «رؤوف»، وعلاقته مع عائلته، ولا تغفل الكاتبة أن تتعرض لقضايا الساعة من انتشار فساد الذِمم، وانعدام الضمير بالمُتاجرة في الدواء المغشوش، وسيطرة أدوات الرأي العام من صحافة وتليفزيون علي قناعات المُواطن البسيط، وتصوير الباطل في صورة الحق، وقلب الموازين لمصلحة من يدفع أكثر.
رُغْمَ التطرّف في لهجة الكاتبة «نور عبدالمجيد»، وكراهيتها للحلول الوسط؛ فإنها في أحداث الروايتين تتعاطف مع  الضعف البشري في الرجل والمرأة، حيث لا وجود للكمال، ولكل قيمة سامية وجه آخر قاتم، مُظلم، يُعذب من يقترب منها .
>النِهاية:
اعتادت الكاتبة «نور عبدالمجيد» في ختام كُتبها أن تنحاز لقيم الحق والفضيلة والخير .. ولكن في كتابيّ «أنا شهيرة» و«أنا الخائن» تُصبح النهاية السعيدة، وحياة «التبات والنبات» غير منطقية وغير واقعية، فالقضية أعقد وأصعب من أن تكون لها نهاية أو حل يُرضي جميع الأطراف، وفي الكتابين نري باقي الشخصيات التي تدور في فَلك «شهيرة» و«رؤوف»، حيث وراء كل  باب العديد من الحكايات والمآسي.
بعد قراءة الكتابين من الصعب علي القارئ أن ينحاز لـ«شهيرة» أو «رؤوف» علي حساب الآخر، إذ إن كليهما مذنب وبريء.. والعلاقة بين الرجل والمرأة هنا لا تخضع للثوابت، وقوانين المنطق، والفعل ورد الفعل، ولكن رسالة الكاتبة واضحة عندما تدعونا كقُراء - وكمُشاهدين - أن نتفكر في أحوال البَشَر وفي الحياة كي نأخذ معاني من تجارب بَعضِنا البعض.
الكتابان وجهان لحكاية واحدة، تتم روايتها من وجهة نظر طرفيّ الصراع «شهيرة» و«رؤوف»، يلعب بهما القَدَر كيفما شاء، وإن كان الوفاء لمن رحلوا عاملًا قويّا ومؤثرًا في تصرفاتهما اليومية.. وفي الكتابين لا تُصدر أحكام بالإعدام أو تجريم للشخصيات، حيث لا خير مُطلقًا ولا شر مُطلقًا، بل تبحث الكاتبة في نفوس الشخصيات ودوافع تصرفاتهم، وإن كان معروفًا عن الكاتبة تحيزها لقضايا المرأة، فالمرأة في الروايتين تؤثر علي مصير باقي الشخصيات، مثل والدة «رؤوف» التي كانت سببًا في موت جَدِّه وكراهية والده لها، و«منى» - زوجة شقيق «رؤوف» - الأنانية، التي تركت زوجها في أكثر لحظات ضعفه.>